خالد محمد باطرفي :كثرت في الفترة الأخيرة الكتابات حول جنسيات معينة من الوافدين، وبدا وكأننا نحملهم كل مشكلاتنا وأمراضنا الاجتماعية من البطالة إلى الجريمة إلى الزحام المروري. واستوقفتني مقالة من هذا النوع نشرها زميل أعرفه، يصف فيها أبناء جنسية آسيوية بأنهم "جميعا" مجرمون بالفطرة ومصابون بلوثة العنف والتحايل والخيانة، فاتصلت عليه.دافع بالطبع عن موقفه، مستشهدا بمواقف شخصية، وتجارب مرت على بعض من يعرفهم، و"تقارير رسمية".لم أسأله عن التجربة الشخصية والقصص الفردية، لأنني افترضت صدقها، ولأنها حالات فردية لا يمكن تعميمها في كل الأحوال. ولو شئنا التقصي ففي كل جنسية في الدنيا، بما فيها نحن، حالات يمكن الاستشهاد بها لتعميم الأحكام، وهذا بالضبط ما تفعله الصحافة الفرنسية تجاه عرب شمال أفريقيا، والصحافة الغربية عموما تجاه العرب والسعوديين من إلصاق تهم بهم تبدأ بالتخلف وسوء معاملة المرأة والخدم وتنتهي بالتطرف والإرهاب. وكما نرفض ذلك التعميم علينا، فعلينا ألا نمارسه تجاه غيرنا. ثم إن هناك نسبة وتناسباً، فالتعداد العالي لجنسية ما يعني رقماً أعلى لأخطائها. ولكنني توقفت عند استشهاده بـ "التقارير الرسمية"، فسألته عنها. في البداية حاول التمويه بالإشارة إلى أنها تقارير منشورة "والكل شافها"، ثم انتقل إلى أسلوب "هذا شيء معروف والكل يدركه"، وفي نهاية الأمر أقر بأنها قناعة شخصية مدعمة بتجارب له ولغيره، معترفا بغياب المنهج العلمي في حكمه.شكرت له إقراره، وذكرته بأننا أمة محكومة لا بعواطفها وانطباعاتها الفردية، ولكن بحكم الله وشرعته. فكيف نتألى على الله بادعائنا أن شعبا مسلما يتألف من عشرات الملايين من البشر خلقوا جميعا على فطرة غير سوية؟ وكيف نسمح لأنفسنا أن نشمل بحكمنا الصالحين والأخيار في أمة خرج منها العلماء والفقهاء والدعاة، وقد عرفت بعضهم في أمريكا وبريطانيا، ممن هدى الله بهم خلقا كثيرا في شتى بقاع الأرض؟ أضف إلى ذلك كله أننا دعوناهم، ولم يأتوا متسللين، وتعاقدنا معهم ليخدمونا ويسهموا معنا في بناء البلاد، وتوفير الخبرات والكفاءات التي نفتقدها، فهل يليق بنا كعرب ومسلمين أن ندعو الناس ثم إذا لبوا الدعوة شتمناهم وجرمناهم واستغربنا وجودهم، جملة وتفصيلا؟لنتق الله في ضيوفنا، لنتق الله في إخوتنا، لنتق الله في أنفسنا. وإذا كنا اليوم في مقام المنّة، فقد جاء أمس، وقد يأتي غد، نحتاج فيه لمن احتاجنا، وننزل فيه ضيوفا على من كان ضيفنا. فالأيام تداول، والدنيا دول، والفلك "دوار"! [c1]* نقلا عن جريدة "الوطن" السعودية[/c]
الحملة (العنصرية) على الوافدين
أخبار متعلقة