القاهرة /متابعات : الأزهر أول جامع أسس وبُني في مدينة القاهرة، وأقدم وأول آثار الدولة الفاطمية، شيّده القائد جوهر الصقلي بأمر المعز لدين الله الفاطمي، وبُدئ في بنائه عام 970 ميلادية، وانتهى منه بعد عامين في 972 ميلادية لتقام فيه أول صلاة جمعة في السابع من رمضان عام 361 هجرية.وتم بناء الأزهر ليكون مسجداً في العاصمة الجديدة القاهرة، كما اختلفت الآراء حول سبب تسمية الجامع بهذا الاسم، ويرجح الكثيرون نسبته الى فاطمة الزهراء ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقال إن كلمة الازهر تحمل عدة معاني منها يوم الجمعة او القمر او المشرق الوجه.وكان أحد أهداف تشييد هذا الجامع أن يصبح معهداً لفئة معينة من الطلاب لتعلم الفقه الشيعي، وهو مذهب الفاطميين، وكان أول درس ألقي بالجامع الازهر عام 975 ميلادية في فقه الشيعة.ومع سقوط الدولة الفاطمية أفل نجم الازهر، إذ وجّه ملك مصر صلاح الدين الايوبي همته الى محاربة الشيعة ومؤازرة المذهب الشافعي، فأبطلت الخطبة من الجامع الازهر، عملاً بالمذهب الشافعي، وهو امتناع إقامة خطبتين للجمعة في بلد واحد، وظلت معطلة في الازهر لمائة عام الى ان أعيدت اليه في العصر المملوكي عام 1266 ميلادية في عهد السلطان الظاهر بيبرس البندقداري، حيث تبارى ملوك وأمراء المماليك في إصلاح وزيادة مساحة الازهر وتحول الجامع لتعليم ونشر المذهب السني، وبهذا تحول الازهر إلى جامع سنّي وفتح لكل الدارسين من شتى اقطار العالم الاسلامي.وتحوي جنبات الأزهر زخارف ونقوشاً إسلامية بديعة، وينفرد كذلك من بين المساجد المصرية بجمعه لطُرز وأساليب فنية من كل العصور الاسلامية التي مرّت على حكم مصر، ولهذا فلا يمكن دراسته معمارياً في إطار التسلسل التاريخي.وتقع المدرسة الطيبرسية على يمين الداخل الى الجامع، وقد انشأها الامير علاء الدين طيبرس الخازنداري، وهو نقيب الجيوش في دولة الناصر محمد بن قلاوون.وتقع على يسار الداخل من باب المزينين مدرسة مملوكية أخرى هي المدرسة الاقبغاوية، وكانت هذه المدرسة مخصصة للمذهبين وملحق بها قبة دُفن بها الامير اقبغا، وتعد من النماذج الرائعة للقباب. وعلى نفس محور باب المزينين نجد باب السلطان قايتباي، أحد أشهر سلاطين المماليك المراكسية، حيث أمر بهدم باب الجامع القديم.ونظام الاعمدة والتدريس في جامع الازهر كان نظام الحلقات العلمية التي كانت تستوعب اكثر من 3000 طالب، ومن هنا جاء مصطلح شيخ العامود او استاذ الكرسي، حيث يجلس الشيخ ويلتف حوله طلبة العلم، وهو النظام الاكاديمي الذي أخذته اوروبا عن الحضاره الاسلامية، وكان الطلبة يدرسون ويقيمون بالمجان ويفدون من شتى أقطار العالم الاسلامي، ويقدم لهم السكن من ريع أوقاف الازهر.وهنا جاء دور الازهر في الحفاظ على التراث الاسلامي بعد سقوط الخلافة العباسية في بغداد، وكانت حلقات العلم تضم العلوم الشرعية واللغوية وعلم الهيئة والفلك والرياضيات كالحساب والجبر والهندسة، وبلغ عدد الدارسين في القرن الثامن عشر نحو 15 ألف دارس، وكانت الاروقة مخصصة لكل الاجناس والاقطار، مثل رواق المغاربة والشوام والصعايدة، ويبلغ عدد الدارسين الآن نحو 35 الف طالب من 104 دول. وتخرج وتتلمذ في الازهر نخبة من أكبر وأهم علماء الاسلام على مدى تاريخه، أمثال ابن خلدون والمقريزي والسيوطي وعمر مكرم وغيرهم، وفي العصر الحديث الشيخ المراغي والشيخ متولي الشعراوي ود. طه حسين. ولم يقتصر دور الأزهر على تخريج العلماء والمشايخ ونشر العلوم الفقهية والحفاظ على تراث اللغة العربية فحسب، لكن دور الازهر السياسي كان له أكبر الاثر في مقاومة المحتل وردّ المظالم منذ عصر المماليك.وذكر الجبرتي دور الازهر في مقاومة الحملة الفرنسية التي قام جنودها بدكّ الازهر بمدافعهم ودخلوا حرم الجامع بخيولهم. واستمر هذا الدور السياسي في مقاومة الاحتلال البريطاني وثورة 1919 وحتى بعد قيام ثورة عام 1952، حيث كانت خطبة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الشهيرة من فوق منبر الأزهر الشريف.
|
رمضانيات
الأزهر.. منارة لنشر الإسلام وتخريج العلماء ورمز للمقاومة
أخبار متعلقة