فلسطين المحتلة/14 أكتوبر/ادم انتوس: أعلنت دول غنية ومستثمرون عن تعهدات بمساعدات قياسية بلغت 14 مليار دولار للفلسطينيين واقتصادهم في سلسلة من الاجتماعات المدعومة من الغرب والتي تهدف إلى تعزيز موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس في صراعه على السلطة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس). لكن دبلوماسيين قالوا إن العديد من التعهدات التي قطعت في خمسة مؤتمرات للمانحين عقدت منذ ديسمبر عام 2007 منها واحد في مصر يوم الإثنين الماضي إما حسبت أكثر من مرة أو لم تتحقق بعد أو بدت غامضة بدرجة تجعلها لا يعتد بها. وأغلب الأموال تعتمد على أن تفتح إسرائيل المعابر بشكل كامل مع قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس وان ترفع القيود داخل أراضي الضفة الغربية المحتلة حيث يمتد نفوذ عباس أو تربط بإحراز تقدم في محادثات السلام المتعثرة والمصالحة الفلسطينية ما يثير الشكوك بشأن تحصيلها في المستقبل. وانتقد دبلوماسي غربي بارز عملية التعهد بمساعدات بسبب حسابها أكثر من مرة. وقال آخر إن الأرقام الكبيرة التي تتصدر عناوين الصحف من جانب مانحين يريدون أن يبدون متعاونين والتي تتزامن مع الافتقار للشفافية «أصبحت سخيفة» نظرا إلى أن السلطة الفلسطينية مازالت تجد صعوبة في دفع الأجور الكاملة للعاملين في الحكومة في مواعيدها. ولم يكشف منظمو المؤتمر عن الكثير من تعهدات الأفراد أو جداول صرفها مما يصعب رصد الحجم الحقيق للأموال التي ستدفع لعباس. ويختلف المانحون كذلك بشأن يكفية توصيل مساعداتهم ما يلقي الضوء على الانقسامات بشأن (حماس) المعزولة التي وصفت عملية التعهدات بأنها «ابتزاز» لتهميش الحركة بعد فوزها في انتخابات عام 2006. وتقول إسرائيل والولايات المتحدة إنهما تريدان منع وصول أي أموال لحماس اللتان تعتبرانها منظمة «إرهابية». والمبالغ الضخمة التي أعلن عنها في مؤتمرات في باريس وبرلين ومنتجع شرم الشيخ المصري والضفة الغربية على مدى 15 شهرا وشملت 12 مليار دولار من الحكومات ومليار دولار من مستثمرين- لم يسبق لها مثيل بالمعايير الفلسطينية وتتقلص بالمقارنة بها المبالغ التي حصلت عليها السلطة الفلسطينية على مدى 14 عاما منذ اتفاقات أوسلو للسلام عام 1993. وتعادل التعهدات مجتمعة نحو 3500 دولار لكل رجل وامرأة وطفل في الضفة الغربية وقطاع غزة أي أعلى من نصيب الفلسطيني من الناتج المحلي الإجمالي. ويعيش نصف سكان غزة وعددهم 1.5 مليون نسمة بأقل من ثلاثة دولارات يوميا حسب تقديرات فلسطينية. وقال دبلوماسي غربي حضر مؤتمر شرم الشيخ إنه لم يتضح كم من مبلغ 4.5 مليار دولار ـ وهي التعهدات الجديدة التي أعلنت في المؤتمر يوم الإثنين الماضي للمساعدة في إعادة اعمار غزة بعد الهجوم الإسرائيلي ـ تمثل تعهدات جديدة فعلا. وأشار دبلوماسيون ومحللون إلى التباين الكبير بين ما طلبته السلطة الفلسطينية في شرم الشيخ وهو 2.8 مليار دولار على مدى عامين وبين ما تم الإعلان عنه كمؤشر على أن البيانات غير واقعية. ولكن وزير التخطيط الفلسطيني سمير عبد الله تجاهل الشكوك بشأن المبالغ وقال «أغلب التعهدات التي قطعت في شرم الشيخ جديدة» ولا تتداخل مع تعهدات سابقة. وذكر دبلوماسيون إن أكبر العروض النقدية في مؤتمر شرم الشيخ جاءت من دول الخليج العربية التي تفاوتت بشكل خاص درجات التزامها بالتعهدات السابقة لحكومة عباس في الضفة الغربية. واختار المانحون من دول الخليج التعهد بمبلغ 1.65 مليار دولار عبر آليات خاصة بها منفصلة عن المانحين الغربيين مما أغضب مسئولي السلطة. وأفاد مازن سنقراط الوزير الفلسطيني السابق الذي تحول إلى رجل أعمال إن بعض الأموال العربية قد تمنع حتى تحقيق المصالحة بين عباس وحماس. ولم يتضح ما إذا كان ذلك يمكن أن يتحقق في وقت قريب بسبب الانقسامات الفلسطينية الداخلية ومطالبات الولايات المتحدة بأن تعترف حماس بإسرائيل وتنبذ العنف. وقال دبلوماسيون إن بعض المانحين الآخرين في شرم الشيخ ومنهم المفوضية الأوروبية أعادت التعهد بالتزامات سابقة قطعتها في مؤتمر في باريس في ديسمبر 2007. وفي باريس تم التعهد بمساعدات بلغت نحو 7.7 مليار دولار للفلسطينيين على مدى ثلاث سنوات. وتفيد تقديرات السلطة الفلسطينية انه تم صرف 2.4 مليار دولار من هذه المبالغ أغلبها بعد المواعيد المقررة لصرفها مما اضطر رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض لتأجيل صرف رواتب الموظفين وطلب تمويل طارئ. واوضح دبلوماسي غربي بارز قدمت حكومته تعهدات كبيرة في شرم الشيخ «أنها الأموال نفسها... الأمر أصبح سخيفا.» ويعتمد الفلسطينيون على مساعدات المانحين. لكن التعهدات تضاعفت بعد أن عقد الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جورج بوش مؤتمرا في انابوليس بماريلاند في نوفمبر عام 2007 لإعادة إطلاق محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية ولدعم عباس بعد أن سيطرت حماس على غزة في يونيو حزيران عام 2007. ولكن هذه المحادثات تعثرت وبدا موقف عباس مهتزا وظلت حماس تحكم قبضتها على غزة. وأشار دبلوماسي بارز يقدم النصح للقوى الأوروبية فيما يتعلق بتقديم المساعدات للسلطة الفلسطينية إن «الدليل» على أن التعهدات تبدو أكبر من حقيقتها يظهر في التباين بين التعهدات والنشاط الاقتصادي. ومنذ مؤتمر باريس تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بأكثر من واحد بالمائة. وأضاف الدبلوماسي مشيرا إلى مانحين يوجهون اغلب مساعداتهم لمشروعات تنمية تحتاج لسنوات لاستكمالها بسبب القيود الإسرائيلية «لو كانت هذه الأرقام حقيقية لرأينا نمواً في الاقتصاد.»
أخبار متعلقة