النشر الإلكتروني وإنترنت الدماغ البشري:
القاهرة/متابعات: فعاليات ندوة "النشر الإلكتروني في مصر" التي نظمتها لجنة النشر والكتاب بالمجلس الأعلى للثقافة، والتي جرت في القاهرة الشهر الماضي في التاسع عشر منه واستمرت لمدة ثلاثة أيام، تطرقت إلى القيمة البيئية الحسنة للنشر الإلكتروني مقارنة القيمة السلبية البيئة للنشر الورقي، وعن التمايز بين صناعة الكتاب الإلكتروني والورقي.[c1]النشر والبيئة[/c]وفي هذا يقول د. شعبان خليفة، أستاذ المكتبات والمعلومات ومقرر اللجنة: "أن هناك ستة مصادر للمعلومات هي: الكتب الورقية، والدوريات والمصورات الفيلمية، والمواد السمعية والبصرية، وملفات البيانات الآلية، وأقراص الليزر، وأضاف أن ما ينشر في العالم حوالي مليون وثلاثمائة ألف كتاب في السنة تستهلك 40 مليون طن ورق، ونصف مليون دورية يطبع منها 200 مليار نسخة تستهلك 60 مليون طن ورق، و2 مليون مصغر فيلمي و2 مليون مادة سمعية بصرية، و150 ألف ملف بيانات، و50 ألف قرص ليزر، إلى جانب ربع مليون رسالة جامعية".. وفقاً للمحرر الثقافي من القاهرة لـ"ميدل ايست اونلاين".وأوضح أن المائة مليون طن ورق التي تستهلك سنويا في طباعة الكتب والدوريات تؤثر تأثيرا مباشرا على استهلاك أشجار الغابات، وتسهم في انتشار رقعة التصحر في العالم، لذا كان لابد من البحث عن بديل غير ورقي، فكان البديل الرقمي الذي بدأ يزدهر في العشرين عاما الماضية، وقد لاحظنا قديما صراعا بين البردى والورق، وصراعا بين الرق والورق، وحُسم الصراع لصالح الورق، وحاليا نرى صراعا مماثلا بين الورقي والرقمي.[c1]باب جديد إلى المتلقي[/c]ونيابة عن د. جابر عصفور أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، تحدث د. عماد أبو غازي رئيس الإدارة المركزية للجان والشعب بالمجلس قائلا "إذا كانت صناعة الكتاب فاتحة للصناعات الثقافية، فإن الاتجاه للنشر الإلكتروني يفتح بابا جديدا بين الكاتب والمبدع والمتلقي من ناحية أخرى. وتساءل إلى متى يستمر التعايش السلمي بين الورقي والرقمي، مع ما تكبده صناعة الكتاب من خسائر للبيئة؟ وهل يمكن أن تستمر صناعة الكتاب بشكلها التقليدي، وأوضح أبو غازي أن النشر الإلكتروني يفتح مجالات جديدة للأشكال الإبداعية.بعد ذلك بدأت الجلسة الأولى ورأسها د. محمد حمدي، وتحدث فيها إبراهيم محمد عبدالمنعم عن النشر الإلكتروني في عصر تكنولوجيا المعلومات، وعرض لبعض المفاهيم لاستخدام شبكة الإنترنت التي تمثل عنصرا مهما يجب توعية المجتمعات النامية به حتى لا يقع المواطن فريسة لبعض الجرائم التي يجرمها القانون بدون وعي أو ثقافة، فانتشار الإنترنت وتداخلها وتدخلها الآن في عصب حياة كل إنسان مستخدم لها يحتم على المثقفين في دول العالم النامي أن يقوموا بتوعية الشعوب إلى الاستخدام الواعي لتلك الشبكة الرهيبة التي أصبحت ساحة مفتوحة لكل أنواع النشاطات الحسنة والنوايا السيئة من تجارة للرقيق الأبيض إلى تجارة المخدرات والسلاح والعصابات والحروب القومية والدينية والاقتصادية.وكان تحدث أحمد فضل شبلول عن النشر الإلكتروني بين الحاضر والمستقبل، وقدم نموذجا قد يسود مستقبلا عن طريق تفريغ المعلومات الذي سيعتمد نظاما إلكترونيا، وليس نظاما فيزيائيا، فنحن الآن حينما نريد نقل المعلومات لا نزال نركب ظهر الصوت الفيزيائي، أما بهذه الطريقة الجديدة فسيتم نقل المعلومات في لمح البصر، مما يمكن نقل أو تفريغ (أو إنزال) انسكلوبيديا (دائرة معارف) كاملة في دماغ إنسان في دقائق معدودة، تماما مثلما ننسخ القرص المدمج أو القرص المرن من الكمبيوتر، أو بما يشبه نقل البيانات من كمبيوتر إلى آخر، ومنه إلى البشر، فيتحقق شيء مذهل أشبه بالإنترنت، ولكن من شبكة عصبية كهربائية بين كمبيوترات العالم وأدمغة البشر أجمعين.[c1]الصحافة الإلكترونية[/c]عاطف مصطفى الحطيبي تحدث عن الصحافة الإلكترونية بين التاريخ والواقع واستعرض في ورقته نماذج من الصحافة المصرية المطبوعة، وأول قانون للصحافة عام 1881 الذي وضع في عهد الخديوي إسماعيل، وظهر للنور في عهد الخديوي توفيق، وعرض لنماذج من الصحافة المطبوعة والصحافة الإلكترونية في ختام القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، وتساءل في النهاية "هل تستطيع الصحافة الإلكترونية أن تكون ديمقراطية وتقفز فوق الرقابة وتعمل على نشر حقوق الإنسان ومجتمع أفضل؟."د. موريس أبوالسعد ميخائيل تحدث عن النشر الإلكتروني باعتباره وسيلة للثقافة والتثقيف، وأوضح أن ماهية النشر الإلكتروني كوسيلة تتيح للكاتب والقارئ على السواء تناقل المعلومات وتكاملها بسرعة فائقة، وهذا يعني انطلاق طفرة في مجال التأليف والتحرير والنشر والتوزيع، فضلا عن التكاملية في الأعمال. كما تحدث عن حتمية تنمية مهارات الكاتب والمؤلف والناشر في التعامل مع الرقمية للتمكن من إنجاز أعماله وتنقيحها وتحديث محتواها دوريا بسهولة وبالسرعة المطلوبة، وبيَّن أنه طرأ تغيرات جوهرية في عملية الاتصالات الثقافية نتيجة للفرص التي أتيحت في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأن الكل يعلم التغيرات التي حدثت في المجتمع في هذا الشأن والتي تجسدت في انتشار الأعداد الهائلة من أجهزة الكمبيوتر والشبكات الإلكترونية والتعامل شبه المجاني مع الإنترنت والوسائط المتعددة بشتى أشكالها للتعامل معها في المنازل والمدارس والجامعات والمكتبات ونوادي تكنولوجيا المعلومات.[c1]النشر الإلكتروني والتراث[/c]وعن النشر الإلكتروني والتراث الحضاري المصري كانت ورقة ملكة رشاد، وفيها ترى أن النشر الإلكتروني لا يبدو بديلا عن الورق بل يأتي من بنية الحياة التي أنتجتها شبكة الإنترنت والتي هي حياة موازية للحياة الورقية، وذكرت الباحثة أن النشر الإلكتروني يتميز بالسرعة والتفاعلية وإلغاء حاجز المكان وكسر احتكار المعلومة، كما أنه يتخطى حاجز الرقابة، وذكرت أن نسبة لا تتعدى ٪2من تعداد العالم العربي هي التي تتعامل مع شبكة الإنترنت.ويرى هشام صفوت في بحثه "النشر الإلكتروني وشبكة الإنترنت" أن عالمية اللغة الإنجليزية تفرض على الإنترنت حالة الانعزالية بها عن غيرها، إن كان في الوصول إلى مواردها أو في تراسلها التقني أو علمياتها البحثية أو برمجياتها، ورغم أنه مضى على الشبكة ردح من الزمان إلا أننا لم نلحظ أو ربما لم نحتج إلى استخدام غير الإنجليزية في عنونتها أو تراسلها، ولكن غيرنا من قاطني المعمورة مثل الشعوب الصينية والروسية والفرنسية لها انتماءات تراثية ولغوية واضحة كيف لها أن تتعامل مع العنونة الشبكية بالإنجليزية لغير المتخصصين في اللغة، كالتاجر المشغول والتلميذ والإنسان العادي؟وفي بحثه يتعرض منير عتيبة إلى عالم النشر في الدول النامية من إثبات الوجود إلى الإبداع والمؤسساتية، ويضرب أمثلة بأمواج سكندرية، وإسلام أون لاين، واتحاد كتاب الإنترنت العرب.[c1]مستقبل ثقافة الطفل[/c]السيد نجم تحدث عن النشر الإلكتروني والطفل، ويقدم رؤية نقدية للواقع، فقد لاحظ أن الطفل في تقنية النشر الإلكتروني يوجد مبعثرا على عدد من الأشكال داخل المواقع المختلفة على شبكة الإنترنت سواء في مواقع المرأة أو الأسرة وفي مواقع عامة وجامعة، وفي مواقع تسلية وترفيه وفي مواقع دينية عقائدية وفي مواقع تعليمية، فضلا عن مواقع خاصة بالطفل، وقد تعرض لعدد من سلبيات هذه المواقع، ثم طرح سؤالا "من أين نبدأ؟."كاتب الأطفال المعروف عبدالتواب يوسف تحدث عن مستقبل ثقافة الطفل بين الكتاب المطبوع والكتاب الإلكتروني، وهل يعيشان جنبا إلى جنب؟ ويختم بحثه قائلا إن الطفل لن تصبح لديه كراسة وكتابا وقلما وممحاة، سينتهي كل ذلك ويصبح ذكرى كما أصبحت ريشة الطائر التي كانوا يكتبون بها، وسوف تختفي إمبراطورية القلم الرصاص والبراية والممحاة، كما انتهى اللوح الإردواز واللوح الخشبي والحبر والقلم الأبنوس، ويتساءل: من منا لديه زجاجة حبر في بيته الآن؟مي صلاح نور ومروة حلمي محمد تحدثتا عن اتجاهات استخدام الأطفال للأوعية الإلكترونية وخدمات الإنترنت. بينما تحدث سمير الفيل عن شبكة الإنترنت والواقع الثقافي وقدم موقع أسمار نموذجا. وعن المدونات باعتبارها منافذ للنشر ولها منافع أخرى تحدثت عزة سلطان. [c1]الملكية الفكرية[/c]وعن دور المجتمع المدني في الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية على شبكة الإنترنت قدم حسام عبدالقادر بحثه مركزا حديثه حول نظرة تاريخية للملكية الفكرية، ثم نظرة حول قوانين الملكية الفكرية، كما تحدث عن تجربة اتحاد كتاب الإنترنت العرب في مسألة حقوق الملكية الفكرية. وعن الموضوع نفسه تحدث حسام لطفي وكانت ورقته بعنوان "الملكية الأدبية والفنية في مواجهة التقنيات الرقمية". وفي الموضوع نفسه قدمت فردوس أحمد حامد ورقتها، ويتداخل مع موضوع الملكية الفكرية د. شعبان عبدالعزيز خليفة فيتحدث عن حق المؤلف الإلكتروني ويطرح مسألة حق المكتبات والأرشيفات في الحصول المجاني على نسخ من الأعمال المطروحة على الإنترنت والتي تحتاج إلى تراخيص لتنزيلها والاحتفاظ بها بين مقتنيات المكتبات والأرشيفات للاستخدام الحالي والمستقبلي من جانب المستفيدين، أيضا استعرض خليفة بعض البنود التي عالجت حق المؤلف الإلكتروني في التشريعات والتوجيهات القليلة التي تعرضت لهذا الموضوع.وعن النشر الإلكتروني بين المؤلف والناشر والمستفيد تشارك نهلة مختار ورانيا حامد فتوضحان مدى إقبال المؤلفين على النشر الإلكتروني لعرض إنتاجهم الفكري مع بيان الصعوبات التي قد تعوق استخدامهم لها وبيان الجانب الخاص بحقوقهم في الملكية الفكرية.