خلاف حول أي مشروع لقانون مدني
دمشق / متابعات :كشف محام وناشط سوري بارز في مجال حقوق الإنسان عن "حالات كثيرة" تقدم فيها فتيات مسلمات وشباب مسيحيون بسوريا على "التمتع والمعاشرة الجنسية الطبيعية ومن ثم الإنجاب وتكوين أسرة"، وذلك بلا عقود زواج تهربا من القوانين التي تحظر زواج المسلمة بمسيحي، إلا إذا اعتنق الإسلام. ودعا الناشط إلى اعتماد قانون مدني بلاده يتيح الزواج دون تغيير الدين. ومن جهته، لم ينف شيخ وإمام مسجد معروف في سوريا المعلومات التي أماط اللثام عنها الناشط الحقوقي حول حالات "المعاشرة"هذه والتي وصفها بـ"الزنا"، إلا أنه قال إن " الإسلام يجيز زواج المسلم بمسيحية لأن المسلم يؤمن بدين المسيحية ولكن المسيحي لا يؤمن بمحمد صلى عليه وسلم لذلك إذا تزوج مسلمة فلن يحافظ على حرية دينها ولذلك منع القانون زواج مسلمة من مسيحي". وقال في أحاديث نشرها موقع "العربية.نت" : إنه مع القانون المدني شريطة أن "يراعي مصلحة الطرفين من خلال احترام الدينين ومشاعر الطرفين"،داعيا إلى نشر الثقافة الجنسية و منتقدا تكفير علماء سوريين لكل من أراد المشاركة في مشروع الأمم المتحدة "كسر الجليد عن الجنس". قال المحامي خليل معتوق، المدير التنفيذي للمركزالسوري للدراسات والأبحاث القانونية، إن فتيات مسلمات وشباب مسيحيين يعيشون الحياة الزوجية الطبيعية وينجبون أولادا ولكن بدون عقود زواج لكي لا يجبر الشاب المسيحي على تغيير دينه واعتناق الإسلام وبعد ذلك يسجلون أولادهم عندما يولدون بشكل طبيعي ووفق عقود قانونية". وأوضح "هذه العقود تسمى عقود تثبيت نسب، ولا تشير أبدا إلى أن والدي الطفل متزوجان، فيأخذ الطفل نسب أبيه، ويذكر أن الأب فلاني والأم فلانة، ويقولون فقط إنه نام معها وأنجبا أطفالا ولا شئ يربطه قانونا بها أبدا. دون ذكر لأي كلمة زواج أبدا". إلا أن الشيخ عبد الجليل السعيد، إمام وخطيب جامع الرحمة المعروف في حلب السورية، قال إن "الإسلام يجيز زواج المسلم بمسيحية لأن المسلم يؤمن بدين المسيحية فأنا أؤمن بالنبي عيسى عليه السلام ولكن المسيحي لا يؤمن بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الكلام سمعناه صراحة حتى أن هناك كنائس تمنع الأكل من ذبيحة المسلمين". وأضاف "لذلك إذا تزوج المسيحي مسلمة فإنه لن يحافظ على حرية دينها لأنه لا يؤمن بنبيها، بينما المسلم عندنا كافر إذا لم يؤمن بعيسى عليه السلام، وإذا آمن المسيحي بنبوة محمد جاز له أن يتزوج مسلمة لأنه بالتالي أكمل دينه ودخل الإسلام لأنه العقيدة المثلى في الحياة".ودعا المحامي خليل معتوق "لإصلاح في القوانين السورية من خلال تبني القانون المدني بحيث يحصل الزواج بين السوريين من مختلف الأديان دون أن يجبر أحد على ترك دينه"، متهما القوانين الحالية بأنها "تنتقص من حقوق المواطنة"، مشيرا إلى أن "حالات المعاشرة بين مسلمات ومسيحيين بلا زواج "كثيرة وفي مختلف المدن السورية". ونقل معتوق، الذي يقول إن مكتبه بدمشق يحتوي على مئات القضايا من هذا النوع التي يرافع فيها أمام المحاكم السورية، عن أب مسيحي بسوريا قوله: "ليس لدي مانعا أن تتزوج ابنتي مسلما لكن المسلمين يتزوجون بناتنا ولا يسمحون لنا بشئ مماثل وهذا أمر خطير". وذكّر معتوق أن سوريا موقعة على اتفاقية دولية في 1966 تعترف بحرية العقيدة والاعتقاد والزواج لكن لا تلتزم بها. وأضاف "ذات يوم قلت لقاض شرعي بدمشق أني أريد أن أقيم دعوى لمسلم يريد أن يصبح مسيحيا فقال لي بلا اتفاقيات دولية بلا دستور .. فيه شريعة إسلامية فقط" ولفت إلى أن القوانين السورية التي يهرب منها مسيحيون ومسلمات مستمدة من الشريعة الإسلامية.ومن الملفات التي فتحها، قضية شاب مسيحي ومسلمة على علاقة دون زواج، وفي سياق المزاح قالت له لن أتزوجك إلا إذا أسلمت فقال "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله"، فأقامت ضده دعوى تثبيت إشهار زواج وتثيبت إشهار إسلام، ولكنه قال للقاضي الشرعي "لا أريد الإسلام"، فجاء الشهود وقالوا "نعم لقد شهّد مرتين". فثبتت المحكمة إشهاره للإسلام وصدقت القرار وصدر قرار عن الهيئة العامة لمحكمة النقض وقراراها بمثابة قانون، ويقول القرار "الذي يتشاهد مرتين يعني أنه أصبح مسلما". ويعلّق المحامي خليل معتوق "هذا معروف بالشريعة، لكن في القانون يجب ألا تطبق هذه الأمور لأنه لا إكراه في الدين ولم يسبق أن حصلت في تاريخ القضاء السوري". ومن القضايا المشابهة التي ترافع فيها المحامي معتوق أمام المحاكم "قضية القرار الذي صدر محكمة شرعية بدمشق والتي قالت بإسلام طفلين لأبوين مسيحيين، بعد أن رفعت الأم بعد تركها لزوجها دعوى عليه وقالت إنها تزوجت مسلما واعتنقت الإسلام". وقال معتوق : لقد حكمت المحكمة الشرعية اعتمادا على المادة 129 من كتاب الأحكام الشرعية لقدري باشا أيام الحكم العثماني والتي تقول "يحكم بإسلام الأطفال تبعاً لإسلام والديهم أي يحكم على الولد بالتبعية لأشرف الوالدين دينا. إلا أن الشيخ عبد الجليل السعيد تحدث عن رؤيتين إزاء الزواج عند الإسلام والمسيحية، وأوضح "الإسلام عقيدة ومعاملات وأخلاق فهناك مجال واسع في الإسلام لهذه الأمور من حيث تنظيم الزواج، بينما لا نجد أي نوع من أنواع الفقهاء عند المسيحيين وليس عندهم أي نوع من أنواع الفقه وهذا هو الشرخ الواسع الذي يضع القسمة بيننا وبينهم".وذكّر بأن "البابا الراحل يوحنا بولص الثاني وضع قانونا كنسيا يمنع زواج المرأة المسيحية الإيطالية بالمسلم الإيطالي".وكشف عن أن "المسيحيين في سوريا لا يتلقون المعاملات الزواجية ( معاملات النكاح) التي تتم في الكنيسة إلا من قبل المحاكم الروحية في الأردن، أي أنها لا تُثبت كنسيا إلا في الأردن".وقال "صحيح أنه لا إكراه في الدين، والإسلام دين دعوة، لكن لا يمكن أن نجعل من الباطل قانونا وحقا ونقول لا إكراه في الدين". ولفت إلى أن "الثورة الفرنسية عندما قامت لم يكن هناك من شئ يمنع الحجاب وعندما شرعت فرنسا منع الحجاب قيل إن فرنسا خالفت أصول الثورة الفرنسية، وفي الإسلام نصوص وفقه وقواعد قرآنية لا يمكن مخالفتها. لا يمكن قبول زواج المسيحي من مسلمة إذا كان يرفض نبوة محمد". وبعد أن وصف المعاشرة التي تتم بين مسلمات ومسيحيين بدون عقود زواج بأنها "زنا"، قال الشيخ عبد الجليل السعيد: "هذه الحالات انتشرت أيضا بين عدد من طلاب الجامعات السورية وفي مدارس ثانوية كذلك، وعندما ترك المسؤولون هذا الأمر على حاله دون معالجة رأى هؤلاء الشباب أنهم على حق، ولدي أسماء المدارس والجامعات التي تحصل بها هذه المعاشرة، وكذلك المدارس المختلطة حيث تجري المعاشرة بين أبناء وبنات من العائلات المخملية، وهذا لا يعني أنني أدعو إلى إلغاء المدارس المختلطة. ولم يحصل تعاون مثمر بين كل قطاعات التعليم والتربية والقطاعات الدينية بهذا الخصوص". وبخصوص الدعوة لقانوني مدني يتيح الزواج بين المسلمات والمسيحيين دون تغيير الدين، أجاب: لا أعارضه إن كان يراعي مصلحة الطرفين من خلال احترام الدينين ومشاعر الطرفين، أما إذا كان يريد أن يرفع الحقوق لطرف على حساب طرف آخر فهذه مصيبة. وقد تسبب الزواج المدني بأزمات للعائلات التي طبقته في دول عربية. وبالمقابل، دعا الشيخ عبد الجليل السعيد إلى نشر الثقافة الجنسية وإقامة ندوات تثقيفية يقوم بها علماء الدين الإسلامي والمسيحي والمفكرين والمختصين للشباب والشابات. وقال: أستغرب بشدة معارضة علماء سوريين لمشروع كسر الجليد لنشر الثقافة الجنسية في سوريا من قبل الأمم المتحدة، وقد أغلق هذا الموضوع وكان هناك تكفير لمن يريد الاشتراك به.