تنظم جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين في العاصمة بغداد معرضا يعيد إلى الذاكرة حقبة زمنية شكلت ذروة هذا الفن، وذلك بمناسبة مرور نصف قرن على تأسيس هذه الهيئة على يد نخبة من الرواد مطلع العام 1956. وتشارك أعمال حوالي مائتي فنان في المعرض.وقال قاسم السبتي - نائب رئيس الجمعية - إن العدد الكبير من الفنانين من رواد وشبان مشاركين في هذا المعرض يعتبر دليل عافية الفن التشكيلي في العراق وتواصل أجياله وإصرار الفنان على تحدي كل أوجه العنف الذي دفع بالكثير إلى مغادرة البلاد ودفع ثمنه البعض الأخر حياتهم حسب تعبيره.وكان الفنان الراحل خالد الجادر وراء انبثاق هذه الجمعية في إطار نقل الفن العراقي إلى الآفاق العالمية لإخراجه من الإطار المحلي، وأيد الفكرة كل من الفنانين عالية القرغولي ونزيهة سليم ومحمد مكية وزيد صالح ورفعت الجادرجي وفرج عبو وآخرون. وأكد السبتي أن «المشاركة الكبيرة واللافتة في المعرض تعكس عافية الفن العراقي وتحديه لكل أوجه الدمار والعنف». وأضاف «صحيح أننا شعرنا بالاختناق خلال الأعوام القليلة الماضية التي تلت الاحتلال بسبب الأوضاع السائدة لكننا تمكنا من إخراج أنشطة فنية عدة توجت بهذا المعرض».ورأى السبتي في تنوع التجارب المختلفة للفنانين المشاركين بالمعرض ووقوف الشباب إلى جانب الأسماء التاريخية «خطوة حيوية لا سيما أن بعض الشبان اثبت قدرات إبداعية نالت إعجاب الكبار». ومن الأسماء الواعدة باقر الشيخ وأسعد الصغير وأحمد نصيف وإيمان الشوك وغيرهم.[c1]توثيق مسيرة[/c]وكشف السبتي - الذي تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة عام 1980 - أن الشهرين المقبلين سيشهدان ظهور أول كتاب يوثق مسيرة أكثر من مائة فنان عراقي ويقع في 250 صفحة سيصدر باللغتين العربية والإنجليزية وهو الأول من نوعه الذي يتطرق إلى فرسان الفن وإرثهم الإبداعي.وشكلت البيئة والتراث مرجعا لغالبية الأعمال المعروضة، كما عكست بعض الأعمال الأخرى المخزونات الشخصية لدى الفنان باستنادها إلى الذاكرة. وبرزت أيضا بين أعمال الرسم لوحات للفنانين الراحل جميل حمودي ورافع جاسم.ويضم المعرض 132 لوحة تنوعت فيها التجارب والمخزونات الشخصية للفنانين في مقدمتهم نوري الراوي وسعد الكعبي ونوري بهجت وسعد الطائي وسالم الدباغ وإسماعيل الخياط وبهيجة وأسماء أخرى لها ثقلها الفني على الساحة التشكيلية في العراق.وضم أحد أجنحة المعرض 55 عملا نحتيا أنجزت في فترات مختلفة للفنانين طالب مكي ومحمد غني حكمت وقاسم الغريري وموفق مكي وغسان الفلوجي والراحل فريد حسين الذي قضى نحبه العام الماضي نتيجة تفجير انتحاري استهدف أحد مقاهي بغداد.[c1]أربعون عاما[/c]تعرضت جمعية الفنانين للنهب والتخريب إثر الاحتلال الأميركي عام 2003 (الفرنسية - أرشيف) ولفت التشكيلي نوري الراوي بعمله الفني الجديد وأسلوبه التجريدي الانتباه إذ جسدت لوحته ما تعانيه مسقط رأسه راوة بعد أن أبرز دلالاتها الجمالية في أعماله السابقة على امتداد أكثر من أربعين عاما.ويعد الراوي ذو الأربعة والثمانين عاما أحد كبار الفنانين التشكيليين في العراق. وحضرت الأعمال الخزفية في المعرض الذي ضم 18 تركيبة لفنانين عدة بينهم سعد شاكر وماهر السامرائي وشنيار عبد الله وأكرم ناجي وأحمد الهنداوي ورجاء حداد وآخرون.يذكر أن مطلع خمسينيات القرن العشرين شهد ظهور بعض التجمعات الفنية بينها جماعة «الرواد» لمؤسسها الراحل فائق حسن و» بغداد للفن الحديث» للراحل جواد سليم وجماعة «الانطباعيين» لحافظ الدروبي.وكانت هذه التجمعات تندرج ضمن محاولة إبراز الفن العراقي لتخطي الحدود المحلية إلى الآفاق الخارجية. وتعرض مقر الجمعية الحالي الواقع في ناحية الكرخ لعمليات نهب وتخريب احتلال العراق عام 2003 وأتلف الكثير من الأعمال المعروضة والوثائق الخاصة بفنانين عراقيين.