خليج عدن- مومباسا (كينيا)- موسكو- أكرا / 14اكتوبر/ أندرو كوثورن- عبدي شيخ (رويترز) :كانت المياه ساكنة والسماء صافية وكان أفراد طاقم السفينة المكون من 12 رجلا من كينيا وسريلانكا مسترخين بعد احتسائهم الشاي صبيحة أحد أيام الاحاد في فبراير شباط من العام الماضي بعد عودتهم من رحلة لتوصيل مساعدات غذائية إلى الصومال.ثم رصدوا نقطة تلوح في الأفق أخذت تكبر. فجأة أدركوا أن زورقا يتجه ناحيتهم مباشرة فغيروا مسارهم وخففوا من سرعتهم.بعد مطاردة استمرت لساعة ألقت سفينة القراصنة زورقين سريعين من الفايبرجلاس انطلقا بسرعة من على جانبيها. كان على متن كل زورق ستة شبان صوماليين مسلحين بالمسدسات والرشاشات ومنصات اطلاق الصواريخ.هرع البحارة المرعوبون الى منصة الربان ورفعوا أياديهم الى أعلى معلنين التسليم فيما ثبت القراصنة سلما معدنيا على جانب السفينة وصعدوا على متنها مطلقين طلقة تحذيرية واحدة.ويروي البحار الكيني جيمس سامبي الذي طلب استخدام اسم مستعار خشية مواجهة تبعات من قبل مستخدميه «قالوا لنا..لا تخافوا انتم مساكين مثلنا ولن نقتل أي أحد الا اذا عصيتمونا.»وهكذا وفي واقعة متكررة ضمن ظاهرة مستمرة منذ فترة طويلة ولم تستقطب اهتمام العالم الا الآن بدأت ملحمة على مدار 42 يوما وانتهت حين دفع مالك السفينة التي كانت متعاقدة مع الامم المتحدة فدية كبيرة.وينقض القراصنة على السفن في خليج عدن والمحيط الهندي منذ انزلاق الصومال الى حالة من الفوضى السياسة عام 1991.لكن معدل ونطاق الهجمات زاد بشدة هذا العام وعلى رأسها يأتي احتجاز ناقلة نفط سعودية عملاقة مطلع هذا الاسبوع تحمل نفطا قيمته 100 مليون دولار.وتضيع روايات البحارة الذين يحاصرون في حوادث الاختطاف ومعظمهم من دول نامية يجني بعضهم 100 دولار شهريا وسط عناوين الاخبار عن التفاوض على الفدى وارتفاع أقساط التأمين والشحنات القيمة.ورسم بحارة كينيون أجرت رويترز مقابلات معهم صورة عن قراصنة صاخبين يحملون المسدسات ويكيلون التهديدات في البداية ثم يسارعون الى معاملة رهائنهم بلياقة نسبية.بل ان خاطفي سفينة سامبي أحضروا عنزة حية الى السفينة في اليوم الاول وذبحوها وشاركوهم اللحم. في اليوم التالي سمحوا لكل بحار وبارسال رسالة نصية من هاتف متصل بالقمر الصناعي الى أقاربه.كانت رسالة سامبي لوالده ووالدته «نحن محتجزون لكنني بخير. سأعود.»وحين أرسلت السلطات من اقليم بلاد بنط الصومالي الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي زوارق للامساك بالسفينة وضع القراصنة رهائنهم على سطحها كدروع بشرية. وقال سامبي «أخبروا حرس السواحل أنهم سيقتلوننا لكنهم همسوا لنا بالا نقلق وأن نبقي رؤوسنا منخفضة.»وفي يوم اخر بينما كانت السفينة راسية قبالة قرية ايل التي تشتهر بالقراصنة سرت اخبار عن أن القوات الامريكية على وشك اقتحام السفينة ففر جميع القراصنة إلا أربعة.ولم يقتل القراصنة الصوماليون الا عددا قليلا من الرهائن هذا ان كانوا قتلوا أحدا على الاطلاق وقد حافظوا بوجه عام على تغذيتهم جيدا عادة على لحم الماعز متى تنفد امدادات السفينة.لكنهم يسطون على رهائنهم بانتظام وهدفهم هو الحصول على فدى ضخمة حتى يستطيعوا تغيير حياة الصيادين والمزارعين الفقراء الذين تحولوا الى قراصنة.ويتذكر البحار عثمان سعيد مانجور وقد أجلس ابنه وعمره عامان على ركبته في قرية تقع الى الشمال من مومباسا كيف فتش القراصنة في أغراض أفراد الطاقم الشخصية حين احتجزوا سفينته عام 2005 لاربعة أشهر.وقال «أخذوا أربعة الاف شلن (55 دولارا) من محفظة نقودي وأخذوا خاتم خطبتي» لكن العلاقات تحسنت سريعا.وأضاف «بعد نحو شهرين او ثلاثة أصبحنا أصدقاء. كانوا يسألون عن مومباسا. وكانوا يمزحون عن أنهم يريدون زوجات.»وظهرت تقارير من وقت لاخر عن حوادث ضرب في السفن المخطوفة لكن المشكلة الرئيسية بالنسبة للرهائن فيما يبدو كانت عدم اليقين والانتظار طويلا ونقص الاتصال مع الديار والخوف من أن يصابوا بأعيرة نارية في عملية انقاذ.وقال البحارة الكينيون انهم لم يحصلوا على استشارات نفسية او تعويض ملائم بعد اطلاق سراحهم.وذكر اندرو موانجورا الذي يعمل مع جماعة معنية بمصالح البحارة المحليين ان بعض المستخدمين منحوا البحارة 100 دولار اضافية او نحوه «فيما قال اخرون..لم يجب أن أعطيك أي شيء.. كنت متوقفا عن العمل.»ويقترح رهائن سابقون على نطاق واسع نفس الحل الذي يقترحه الخبراء الدوليون للمشكلة وهو أن دوريات القوات البحرية لا يمكن أن توقف القرصنة في منطقة شاسعة كهذه لهذا يجب استعادة النظام على الارض.وقال سامبي «القوة ليست هي الحل. اذا فجروا (ناقلة النفط السعودية العملاقة) سيريوس ستار لن تبقى في الصومال سمكة واحدة.»ويفضل معظم البحارة الحصول على وظيفة أخرى لكن ليست أمامهم خيارات.وقال مانجور الذي عاد الى الصومال نحو 50 مرة منذ واقعة احتجازه «ماذا أستطيع أن أفعل. أدعو الله أن ينجيني من هؤلاء الصيادين.»***** إلى ذلك قالت البحرية الروسية اول امس الخميس إن روسيا ستنشر سفنا حربية قبالة شرق افريقيا تقوم بدوريات ضد القراصنة الصوماليين.وخلال الشهر الحالي أرهبت المدمرة الروسية (نوستراشيمي) قراصنة كانوا يحاولون خطف سفن في خليج عدن.وقال الاميرال فلاديمير فيسوتسكي لوكالة الاعلام الروسية «بعد نوستراشيمي ستتجه سفن من اساطيل أخرى في البحرية الروسية الى المنطقة.»وتحاول قوى عسكرية من أنحاء العالم حماية سفن الشحن التي تستخدم ممرا ملاحيا يمر حول القرن الافريقي يربط بين أوروبا وآسيا وهو من أزحم الطرق الملاحية في العالم.وخطف قراصنة يوم السبت الماضي ناقلة سعودية عملاقة تحمل شحنة من النفط تقدر بنحو 100 مليون دولاروتريد البحرية الروسية تحسين صورتها بعد سلسلة من الحوادث التي أوقعت ضحايا بين أفرادهاوهذا الشهر لقي 20 شخصا حتفهم في غواصة روسية حين انطلقت أجهزة مكافحة الحريق ونشرت غازا ساما تسبب في اختناق الضحايا.وكان هذا الحادث الاسوأ منذ انفجار وقع في غواصة عام 2000 وأدى الى مقتل 118 فردا.من ناحيته قال ياب دي هوب شيفر الامين العام لحلف شمال الاطلسي ان الحلف ملتزم بتحسين الأمن في أفريقيا لكنه ينتظر من الدول الإفريقية ان تقود المعركة ضد عمليات القرصنة التي تجري قبالة شواطئها.وكان الامين العام للحلف يعلق على دعوة وزير دفاع غانا لتعاون أوثق بين المنظمات الافريقية الاقليمية وبين حلف الاطلسي لمكافحة القرصنة قبالة السواحل الافريقية والتعامل مع مشاكل أمنية اخرى مثل غسيل الاموال.وأدلى دي هوب شيفر بهذه التصريحات خلال مناقشة دولية لمشكلة القرصنة قبالة القرن الافريقي حيث أحدث قراصنة صوماليون حالة من الفوضى في واحد من أزحم الممرات الملاحية في العالم يربط بين أوروبا والشرق الاوسط وآسيا.وقال دي هوب شيفر ليل الاربعاء بعد ان وصل الى أكرا عاصمة غانا «هذه القارة بها الكثير من المشاكل حتى الآن لكن قناعتي القوية هي انه على الافارقة ان يكونوا في المقدمة خلال البحث عن حلول لهذه المشاكل لا الاخرون.»ولم يتحدث عن خطر القراصنة الصوماليين.وقال ياب دي هوب شيفر الامين العام لحلف شمال الاطلسياول أمس الخميس ان الخطر الذي تمثله القرصنة قبالة القرن الافريقي ومناطق اخرى هو «تحد خطير للغاية» يجب ان يتصدى له المجتمع الدولي.وقال إن سفن الحلف الحربية ترافق بالفعل شحنات المساعدات الغذائية للصومال وتنظم دوريات في خليج عدن لكنه لا يرى ضرورة لاشتراك الحلف في اي عمليات برية ضد قواعد القراصنة في المنطقة.وقال للصحفيين خلال زيارة لغانا «لا انتظر دورا لحلف شمال الأطلسي في عمليات للقضاء على القرصنة في القرن الافريقي.»وأضاف «أعتقد انه بوسع حلف شمال الاطلسي ان يفعل الكثير ليكون فعالا على سبيل المثال من خلال تكثيف التدريب لقوات الاتحاد الافريقي لإثراء تجربتها والتي يمكن حينها ان تستخدم في الوصول بشكل مناسب الى الجهات التي تحتاجها لحل مشاكل أفريقيا.»ودعا وزير دفاع غانا البرت كان دابا الى تعاون وثيق بين الاتحاد الافريقي ومنظمات اقليمية مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا خاصة في محاربة القرصنة قبالة سواحل افريقيا الغربية.فقد أصبحت الجماعات المسلحة أكثر جسارة في شن هجمات بحرية خاصة قبالة دلتا نهر النيجر وهي منطقة نفطية في نيجيريا. وأفرج الاسبوع الماضي متشددون من شبه جزيرة باكاسي قرب الكاميرون عن عشر رهائن غالبيتهم فرنسيون بعد احتجازهم لنحو اسبوعين.وقبالة شرق أفريقيا خطف قراصنة صوماليون ناقلة سعودية عملاقة تحمل شحنة نفطية قيمتها 100 مليون دولار في أكبر حادث خطف من نوعه في التاريخ.وقال كان دابا «نحتاج الى عمل منسق لمواجهة هذه التحديات من خلال العمل عن كثب لتبادل المعلومات عن أفضل طريقة لتغيير هذا الوضع غير الامن.» وأوضح ان ما من دولة ستكون قادرة وحدها على حل هذه المشكلة.وأضاف «نحن بحاجة الى حلول عالمية...وعلينا ان نطور مشاورات يعتمد عليها ونستحدث اليات للتصدي للتحديات الامنية التي تواجهنا اليوم.»ودعا سفير روسيا لدى حلف الاطلسي امس الحلف الذي يضم 26 دولة الى شن عمليات برية ضد قواعد القراصنة البرية في الصومال الى جانب الاتحاد الاوروبي وروسيا.ونشر حلف الاطلسي الشهر الماضي سفنه قبالة الصومال ورافق سفنا تسلم مساعدات انسانية كما نظم دوريات للتصدي للقراصنة في اطار جهود دولية لمكافحة المشكلة.لكن متحدثا باسم الحلف في أكرا قال ان الحلف الغربي سيسلم دوره في هذه الجهود الى الاتحاد الاوروبي في ديسمبر.وعلى الواقع قالت شركة سينوترانس للملاحة البحرية ان سفينتها المخطوفة (جريت كرياشن) افرج عنها وأنها تبحر باتجاه المياه الدولية.وكان قراصنة قد سيطروا على السفينة قرب خليج عدن في سبتمبر.وقالت الشركة المسجلة في هونج كونج في وقت متأخر يوم الاربعاء ان الحادث جرى تسويته وان طاقم السفينة بخير. ولم توضح هل دفعت فدية للخاطفين.وكانت السفينة تنقل شحنة زنتها 25920 طنا من المخصبات الزراعية ( الاسمدة) عندما تعرضت للهجوم. ويتكون طاقمها من 25 فردا منهم 23 مواطنا صينيا.وبسبب ازمة القرصنة قالت واحدة من أكبر شركات النقل البحري في العالم اول أمس الخميس انها ستمنع عبور جزء من اسطولها التجاري الضخم لقناة السويس بسبب تفشي نشاط القراصنة قبالة ساحل الصومال.وستقوم شركة ايه.بي. مولر مايرسك الدنمركية بتسيير عدد من بين 50 ناقلة نفط تملكها حول رأس الرجاء الصالح بدلا من المرور في قناة السويس.وقالت شركة فرونتلاين النرويجية التي تنقل جزءا كبيرا من نفط الشرق الاوسط الى أسواق العالم انها تبحث اتخاذ خطوة مماثلة.وتأتي هذه الخطوات بعد قيام قراصنة صوماليين يوم السبت بعملية خطف مثيرة لناقلة نفط سعودية عملاقة تنقل نفطا قيمته 100 مليون دولار في أكبر عملية خطف سفينة في التاريخ.وكانت عشرات الهجمات التي شهدتها المياه الصومالية هذا العام قد أدت الى ارتفاع تكاليف التأمين التي تتحملها شركات الشحن كما ينطوي قرار استخدام طريق رأس الرجاء الصالح على خطر رفع أسعار المنتجات المصنعة والسلع الاولية.وتحاول قوات عسكرية من حلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي وغيرهما حماية السفن التي تعبر المنطقة وهي من أكثر طرق الملاحة ازدحاما في العالم حيث تربط بين أوروبا واسيا. ولكن كثيرا من المحللين يقولون ان القضاء نهائيا على القرصنة ربما يكون مستحيلا دون تحقيق السلام على الارض.وقال سورين سكو عضو مجلس ادارة شركة مايرسك وأحد الشركاء فيها «يتعين مواجهة ذلك من جانب السلطات المعنية والمجتمع الدولي... انها مشكلة لا يمكن لشركة ايه.بي. مولر مايرسك أو لصناعة النقل البحري أن تحلها بمفردها.»وقال رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينجاول أمس الخميس انه ينبغي للأمم المتحدة ان ترسل فوات لحفظ السلام الى الصومال على وجه السرعة لانهاء النزاع الذي يفتح المجال للقرصنة والذي يتفاقم بفعل التناحر بين السياسيين في الدولة الواقعة في القرن الافريقي.ويقول دبلوماسيون في المنطقة ان لا أمل يذكر في أي تدخل للأمم المتحدة في الصومال على وجه السرعة. وقال ياب دي هوب شيفر الامين العام لحلف شمال الاطلسي يوم الخميس ان قوات الحلف ستواصل القيام بدوريات في مياه المنطقة ولكنها لن تتدخل برا.وقال شيفر للصحفيين خلال زيارة لغانا «القرصنة تحد بالغ الخطورة ويتعين علينا محاربته ولكني أعتقد انه فيما يتعلق بهذه العمليات البرية على سبيل المثال فالتدخل على هذا المستوى أمر مرجعه أولا وأخيرا للأمم المتحدة لا إلى منظمات مثل حلف شمال الاطلسي.»وقال مسؤولون كبار من الدول العربية المطلة على البحر الاحمر يعقدون اجتماعا في مصر ان الدول الافريقية غير قادرة على التصدي للهجمات ودعوا الى تدخل أوروبا والولايات المتحدة والدول الاسيوية الكبرى.وقال مسؤولون في الملاحة البحرية انه منذ خطف ناقلة النفط العملاقة سيريوس ستار خطف القراصنة ثلاثة سفن أخرى على الاقل. ويجري مالكو الناقلة مفاوضات بشأن دفع فدية ولكن بريطانيا قالت يوم الخميس ان مكافأة المسلحين يمكن أن يخلق المزيد من المشكلات.وتظهر جرأة الهجوم المدى الذي وصلت اليه موجة الجريمة التي يقول خبراء انها تتفاقم بسبب تمرد الاسلاميين في الصومال ودفع فدى بملايين الدولارات.وقال السفير وليام بيلامي مدير مركز افريقيا للدراسات الاستراتيجية التابع لوزارة الدفاع الامريكية للصحفيين في دكار «جزء من الرد على مشكلة القرصنة يكمن في السعي لاحراز بعض التقدم داخل الصومال نحو مزيد من وسائل الحكم الفعالة.»واضاف «هذه ليست منطقة ستسعى الولايات المتحدة منفردة للتوصل الى حلول لمشكلة فيها بغض النظر عن مدى إلحاح هذه المشكلة.»وظهرت مؤشرات ايضا يوم الخميس على تفاقم الخلاف بين زعماء الحكومة الاتحادية الانتقالية المدعومة من الغرب في الصومال وهو خلاف يقول زعماء اقليميون انه يعرقل عملية السلام.وقال رئيس الوزراء نور حسن حسين في مؤتمر صحفي في مقديشو انه رفض طلبا للرئيس عبد الله يوسف لنقل مكان محادثات السلام من جيبوتي الى ليبيا مشيرا الى ان ذلك قد يقوض العملية التي ترعاها الامم المتحدة.وفي مقابلة مع رويترز هذا الاسبوع قال حسين ان يوسف «عقبة» أمام التقدم في الصومال.