الصحوة الجديدة للإسلام السياسي (3 - 3)
[c1]سعود القحطاني*[/c] بعد الضربات الهائلة التي وجهها النظام المصري لحركة الإخوان المسلمين في مناخ المواجهة مع اعمال الارهاب التي اجتاحت مصر في الثمانينات ومطالع التسعينات ، حصل تغير جذري في الفكر الإخواني، وتمثل هذا تحديداً بقبول النظام القائم ونبذ العنف كأسلوب للعمل السياسي وتبني خيار محاولة تعديل المجتمع من الداخل وفق الأساليب السلمية، ومرد ذلك ليس كرهاً للعنف في حد ذاته، ولكن السبب الحقيقي يرجع إلى تيقن الجماعة من أن العنف والمواجهة مع الدولة لن يفيدها في تحقيق مطالبها والوصول إلى غاياتها، بل على العكس من ذلك ستكون عاقبته وخيمة، وسيلحق بالإخوان المزيد من التشرد والتفكك والضعف[1].كان هذا الأساس الذي قامت عليه الصحوة الإسلامية في المملكة العربية السعودية والدول المجاورة لها، إذ أن رفض العنف ليس لذاته، ولكن للمفاسد التي قد تلحق بالصحوة من جرائه. مع ملاحظة أن هذا الموقف يظهر بوضوح كلما كانت الدولة قوية ومتماسكة، بينما يتغير هذا الموقف إلى مايمكن أن نسميه بـ "الثورية" في لحظات ضعفها [2]. كان ماسبق مجرد محاولة رسم لخطوط عامة، ولكن إذا حاولنا أن ندخل في المزيد من التفاصيل فلابد من محاولة رسم الخريطة الصحوية في المملكة العربية السعودية بشكل أكثر تفصيلاً. لذا سننطلق ـ بتحفظ ـ في هذه الحلقة من فرضية اليمين واليسار في الوسط الصحوي، وعلى هذا فلابد من التمييز بين آراء اليمين الصحوي ممثلاً بقطبه الأشهر الدكتور سفر الحوالي واليسار الصحوي ممثلاً بقطبه الأكبر سلمان العودة، مع مراعاة أن هذا التقسيم تم بناء على ثلاثة معايير: [c1]اولاً _ [/c]التشدد في الطرح الصحوي.[c1]ثانيا ً_ [/c] الموقف من الغرب.[c1]ثالثا ً_ [/c]الموقف من مبادرة وقف العنف والتي أطلقها الدكتور سفر الحوالي عبر برنامج "بلا حدود" في قناة الجزيرة بتاريخ: 5 / 11 / 2003. ولتكن البداية مع اليمين الصحوي، الذي هو في مواقفه أقرب للوضوح من الآخرين، رغم أن الواقف على رأس التيار يؤمن بالتقية السياسية، حيثُ سبق له أن صرح بهذا الشيء في مقابلة مع مجلة "البيان" حيث قال: "هذا ما يجب الاعتراف به، وهو مظهر من مظاهر أخرى تدل على أن الصحوة مع انتشارها وقوة زخمها لم يصلب عودها بعد، وليست قادرة على مواجهة الحضارة الجاهلية المعاصرة التي تسعى لاجتياح العالم تحت ستار «العولمة».. واليوم تأتي مواقف تحتاج الأمة فيها إلى التورية ضمن السياسة الشرعية.."[3].يرى الدكتور سفر الحوالي ـ كما سبق توضيحه ـ أن الصراع مع الكفار هو صراع عقدي محتوم، وسبق له أن أكد " أن من أصول عقيدة أهل السنة والجماعة : أن الجهاد ماضٍ إلى قيام الساعة ، مع كل من حمل الرايةَ لنصرة الدين وصد عدوان الكافرين براً كان أو فاجرا"[4]. وليس هذا فحسب بل إنه يقول:"إذا تركنا الجهاد في هذه المرحلة وآمنا بأن العداوة قد انتهت فنحن ينطبق علينا الارتداد عما أمر الله تبارك وتعالى به"[5].ويعرف الحوالي الإرهابَ بأنه :" عمل جهادي يحدث شيئاً من النكاية في العدو بغرض الانتقام والردع"[6].وكان من أخطر ماقاله الدكتور: " إن الحديث عن الحقوق المشروعة والقرارات الدولية الذي استنزف ويستنزف من الإعلام العربي ما يملأ البحار لم يجد أذنًا ـ ولا عُشرَ أذن ـ كتلك التي أحدثها انفجار مشاة البحرية في بيروت والهجوم إلى ثكناتهم في مقديشو، بهذه اللغة وحدها يسحب الكفر أذيال الهزيمة وتنحني هامات الخواجات العتية.." إلى أن يقول: "وإن أي خطاب مناهض للكفر لا يستخدم هذه اللغة هو لغو من القول وزور من العمل"[7]. وقد كتب يحيى بن علي الغامدي في العدد السابع من مجلة صوت الجهاد _ الناطقة باسم تنظيم القاعدة في السعودية- معلقاً على المقطع السابق من كلام الحوالي بقوله : "كلامٌ جميل لعله دفع بشبابٍ لعل منهم أحد منفذي هجمات الثلاثاء الأبلج إلى ظلال السيوف".[c1]نخلص من ذلك إلى:[/c]_ يؤكد الدكتور سفر على مبدأ صراع الحضارات وصدامها ويشدد على وجوب الصراع المسلح مع الحضارات الأخرى على اعتبار أن ذلك واجب ديني._ نتيجة لكون الدكتور سفر يكفر الدولة السعودية [8] ، ونتيجة لكونه يرى ان القوات الأمريكية التي كانت موجودة في المملكة العربية السعودية قوات غازيةً أتت لتبقى [9] ، وإذا لاحظنا أنه يوافق على العمليات الإرهابية ضد القوات الاميركية في بيروت ومقديشو، فمن باب أولى أنه لايرى مانعاً من العمليات الإرهابية الموجهة ضد المصالح الأميركية في المنطقة. وإن كان لايصرح بهذه القناعة بطريق مباشر وذلك من منطلق التقية السياسية كما تم توضيحه.وإذا تمعنا في مداخلة الدكتور سفر الحوالي الشهيرة والتي طرح فيها مبادرته لإيقاف العنف في الأراضي السعودية، وذلك عبر برنامج "بلا حدود" في قناة الجزيرة بتاريخ: 5 / 11 / 2003 سنلاحظ بوضوح ان الدكتور سفر الحوالي سعى الى الظهور في صورة قائد الجناح السياسي الذي آن له أن يستفيد من النتائج التي تحققت على يد الجناح العسكري للحركة الإسلامية. ويجب ملاحظة أن الدكتور سبق له وأن قام بتسليم أحد المطلوبين في قضايا الإرهاب للدولة، وهو أحد أبناء قبيلته ويدعى علي الفقعسي، وزعم أن هذا التسليم تم وفق شروط معينة [10]، ولكن وزير الداخلية السعودي نفى وجود أي شروط [11]. ويبدو أن الدكتور نتيجةً لاعتبارات قبلية بحتة، استطاع أن يؤثر على ابن قبيلته المطارد لكي يقوم بتسليم نفسه، دون أن يكون لهذا علاقة بتأثير إيديولوجي للدكتور عليه.ونتيجة لهذا الدور الذي حاول الحوالي أن يظهر فيه، فقد حاول أن يفرض طلباته على الدولة، وهذه الطلبات تمثلت بمحورين أساسيين :[c1]المحور الاول :[/c] أن تُرجع الدولة للتيار الصحوي مكتسباته التي حققها في السنين الماضية، وتمثل ذلك بتشديده على ضرورة أن تقوم الدولة بالسماح للائمة والخطباء المفصولين (نتيجة لتورطهم في خطب تحريضية أو حزبية) بالرجوع إلى أعمالهم. وأن ترضخ الدولة لضغوط التيار الصحوي في التراجع عن قرار دمج رئاسة تعليم البنات مع وزارة المعارف، و هذا الرجوع _بالطبع- سيكرس هيبة التيار الصحوي تجاه صاحب القرار والمواطن على حد سواء. كما طالب بمنع الكتاب الذين لا ينتمون للتيار الصحوي من الكتابة في الصحف، على اعتبار أن في كتاباتهم محاربة للدين[12] ولاشك أن سبب هذا الطلب يرجع إلى ماسبق أن ذكرناه من حرص التيار الصحوي على السيطرة على كل الوسائل المشكلة لتيار الرأي العام.[c1]المحور الثاني :[/c] أن تسير الدولة خطوات في سبيل تحقيق الغاية التي تسعى إليها الصحوة الإسلامية (ولاية الفقيه السني ) ومن هنا فقد كانت المطالبة بإلغاء القوانين وتعديل نظام القضاء والتشاور مع العلماء (علماء الصحوة بالطبع) وتحكيم الشريعة بشكل يجعل من المشايخ الصحويين أوصياء على هذا التطبيق.كما سرد الحوالي في طلباته طلبات أخرى للاستهلاك المحلي على غرار فتح باب الوظائف وغير ذلك من الأمور. وفوق هذا فقد حاول الدكتور أن يعطي نفسه زخماً أكبر في وسط التيار الجهادي، بحيث أن من يُسلم نفسه من المطاردين عن طريقه سيكون له الحق بمحاكمة عادلة ومعاملة محترمة، وبذلك تزيد مكانته في وسط المطاردين وتزداد خطورته في وجه الدولة، حيث أن تسليم المطاردين لأنفسهم عن طريق الدكتور، سيكرس فكرة كونه قائد الجناح السياسي، الذي لابد من التفاوض معه لإقناع الجناح العسكري بالتوقف عن عملياته.أما اليسار الاخواني الصحوي ممثلاً بسلمان العودة، فمن الموضوعية أن تتم الإشارة إلى التبدلات الهائلة في مواقفه لاحقا ً، وهذه التبدلات (والتي يسميها البعض تذبذبات) من الأرجح أنها ليست تراجعاً بقدر ماهي مراجعة للموقف للسياسي، فالعودة والذي صعّد من خطابه بدرجة كبيرة تجاه كل القوى الداخلية والخارجية في مرحلة لاحقة صار يكثر من مغازلة أعداء الأمس بشكل غريب، لدرجة أن الكثير من مريديه قد انفضوا من حوله وقالوا"إن الشيخ قد تغير" [13].كان من ملامح هذا التغير على مستوى الخطاب الخارجي، الموقف الذي تبناه من ناحية إعداد رسالة للمثقفين السعوديين يردون بها على رسالة المثقفين الأميركيين، كانت الرسالة في مضمونها تحمل خطاباً تسامحياً كبيراً من خلال التأكيد على ان لديه (( قناعة راسخة أن على أهل العلم والفكر أن يتمتعوا برؤية بعيدة وعميقة، لا تسمح لهم بالجري وراء خيارات يصنعها أفراد، أو دوائر واقعة تحت ضغط واقع لا يراعي الأخلاق ولا الحقوق، وقد تقود المجتمعات إلى دوامة القلق والحرمان والصراع اللاإنساني. إن لغة الحوار هي لغة القوة، ومن الخطأ أن نجعل القوة هي لغة الحوار لأن من شأن ذلك أن يسمح لقوى الصراع أن تمارس دوراً معقداً في المستقبل" . و "الإنسان من حيث هو كينونته مخلوق مكرم، فلا يجوز أن يعتدي عليه مهما كان لونه أو عرقه أو دينه" و " ونرى أن من حقنا -كما هو من حق أي شعب- أن نوضح حقيقة ما نؤمن به من قيم للغير من الشعوب من أجل تحقيق فهم أكثر بين شعوب الأرض، تحقيقاً للسلام العالمي، وخلق فرص استفادة للباحثين عن الحقيقة والخير " . و " إننا نؤمن أن الإسلام هو الحق، ولكن من غير الممكن أن يكون العـالم كله مسلماً؛ إذ ليس بمقدورنا جعله كذلك، وليس من شريعتنا أن نلزم الآخرين بمفاهيمنا الخاصة، هذا هو خيارنا الشرعي" . و " إننا ندعو إلى انفتاح جاد من الغرب على الإسلام، وقراءة مشاريعه، والتعامل بهدوء مع الواقع الإسلامي، وأن يُجري الغرب مراجعة جادة في الموقف من الإسلام، وندعوه كذلك إلى فتح قنوات حوار بين النخب المثقفة الممثلة لتيار الإسلام العريض وبين المفكرين وصناع القرار في الغرب )) على نحو ما جاء في الرسالة !! .هذا المقدار من التسامح والعقلانية لم يكن منتظراً من الرجل الذي كان يقول: (( فمن السذاجة بمكان أن نتصور أن الطبيعة التي حكاها الله -عز وجل- عن الكفار واليهود والنصارى والمشركين في القرآن الكريم، يمكن أن تتغير )) [14]. وقوله عن رجال الجيش في الدول المتاخمة لإسرائيل :" أسودٌ أشاوس على الضعفاء من بني جلدتهم أو بلادهم أو من جيرانهم ولكنهم حملانٌ وديعة أمام عدوهم الحقيقي الشرس من اليهود أو النصارى " [15].وقد تنبه لهذا التبدل أحد عرّابي التكفير السعوديين، وهو ناصر الفهد، الذي تراجع عن بعض أرائه قبل عامين على شاشة التلفزيون السعودي بعد تفاقم الغضب الشعبي ضد الجرائم الارهابية التي اسفرت عن قتل مئات الابرياء والمدنيين من النساء والرجال والاطفال في مختلف المدن السعودية . فقد كتب الفهد كتابين في الرد على هذا البيان، كان أولهما مقدمة للثاني. ومايهمنا فيهما هو إشارته الصريحة للتغير الواضح في منهج العودة. قال ناصر الفهد: " من الظاهر جداً أن هذا البيان مملوء بلغة الهزيمة والتخاذل والذل والاستجداء والتودد إلى الكفار، ولو قرنته ببعض كلام من تولاه و نشره في السابق لأخذك العجب(يقصد سلمان العودة) : فقد كانت له محاضرة قبل سجنه بعنوان لماذا يخافون من الإسلام؟ قرّر فيها بكلام جميل دور الجهاد في إخافة أعداء الله من الكفار، ثم رد وبالغ في الرد على من سماهم بـالسذج من المفكرين الإسلاميين ممن يظنون أن الإسلام سينتصر بـالكلمة و الدعوة و الحوار ولن ينتصر بالسيف والجهاد، فانظر كيف بلغ به الحال ليس إلى مجرد ترك الدعوة إلى الجهاد أو تمجيده أو تقريره، بل إلى إنكار الصدام و الصراع و لغة القوة - وهذه كلها تعني الجهاد - والتبرؤ منها، وأنها لا تبني أجيال المستقبل و لا الخير للبشرية، بل الذي يبني هذا الحوار! وزعم بأن هذه شريعة الإسلام! وكانت له محاضرات عن الجهاد وقتال الكفار منها صناعة الموت و حتمية المواجهة، ولكنها انقلبت الآن إلى حتمية الحوار و صناعة التعايش !كما كانت له محاضرة بعنوان التطبيع تكلم فيها على دعاة التقارب بين الأديان وطريقتهم في إزالة العداء من نفوس المسلمين وكسر الحاجز النفسي عندهم للقبول بالتعايش مع اليهود وغيرهم"[16] .كان هذا الموقف المتشدد من ناصر الفهد، وغيره من أساطين التيار التكفيري إزاء تغيرات العودة سبباً في قيامه بنوع من التراجع التكتيكي عن البيان، ولكن يبقى السؤال: هل تغير سلمان حقاً أم لا؟ هذا السؤال المعضلة أرجح أن يكون جوابه بالنفي، فسلمان مثله في ذلك مثل سفر الحوالي، يؤمن بأن الصراع مع الغرب صراع عقدي ومحتوم . وماظنه الناس تغيراً حقيقياً، ليس إلا لعبة سياسية، حتمتها الظروف والضغوط السياسية بعد خروجه من السجن، والتي تزايدت بشكلٍ أكبر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. فسلمان فقيه سياسي كما يقول الدكتور غازي القصيبي، وهو بهذا لا يرى بأساً في ممارسة التقية السياسية مثلما قال رفيق دربه في مقابلة مجلة "البيان". وهو يمارسها بشكل احترافي حقيقي، وذلك على عكس الدكتور سفر الحوالي، والذي لا زال يمارس الألاعيب السياسية بطريقة مفضوحة.وهذا النص القديم لسلمان، والذي قاله في رسالة موجزة كان عنوانها: "لماذا يخافون من الإسلام" قد يكشف هذا الشيء بشكل أوضح من كل تنظير وتوقع. حيث يجيب في الصفحة 12 من الرسالة على سؤال افتراضي بأنه: هل لو عرض الإسلام بتجرد ووضوح ونقاء وبأسلوب ناجح وقوي للعالم كله، أليس من المتوقع أن يسلم أكثر الناس ؟ ثم يجيب على ذلك بالجواب التالي: "بلى، ولكن هذه فرضية، ولاتعني أنهم أصبحوا بمجرد هذا الافتراض مسلمين، كلا، فالتاريخ كله تاريخ الحرب مع الكفار، والواقع -اليوم وأمس- هو واقع التوتر الدائم الذي يتوجس فيه كل الطرفين من الآخر.والقضية لاتعدو أن تكون ـ في الغالب ـ نوعاً من المخادعة، أو كسب الوقت في نظر الطرف الآخر. فإذا قال بعض الغربيين ـ مثلا ـ : موقفنا من الإسلام هو موقف تسامح، فهو يقصد بذلك كسب الوقت، وإذا قال بعض المسلمين أيضاً ـ في الغالب ـ أن الإسلام لايبغض الغرب ولا يكرهه، وإنما يسالمه ويهادنه، فالواقع أن هؤلاء المسلمين يدركون في قرارة أنفسهم أن الإسلام له موقف آخر لو كان يملك القوة التي يواجه بها الغرب " .ونظراً لكون سلمان يمارس فعلياً العمل السياسي في تصرفاته، فإنه لم يبدِ تصريحاً صريحاً بموقفه من مبادرة وقف العنف التي أطلقها سفر الحوالي، ولكنه اكتفى بدعمها بطريق غير مباشر، عن طريق الترويج لها في موقع "الإسلام اليوم" والذي يقوم بالإشراف المباشر عليه، الأمر الذي يسوغ لنا القول: أن سلمان يوافق على المبادرة وشروطها وقد أعطى عدة إشارات تدل على هذه الموافقة، ولكنه لا يريد أن يتبنى موقفاً صريحاً قبل أن ينقشع الغبار، ويعرف حقيقة الموقف كما سينتهي إليه، وهكذا هم السياسيون.هل للصحويين تأثير على الجهاديين ؟[c1]للجواب على هذا السؤال، لابد من عرض النقاط التالية:اولا ً-[/c] التأكيد على أن أغلب من يسمون أنفسهم بالتيار الجهادي من الشباب، كانوا في مرحلة من مراحلهم تحت عباءة الصحوة وشيوخها.لا ريب في ان الشباب الجهاديين خرجوا من رحم الصحوة ورضعوا من حليبها، وناموا بحضنها، وتشربوا مبادئها، ولكن الحقيقة تقول: إنهم فطموا على يد التيار الجهادي المعادي للصحويين.وهذا الأمر طبيعي، نتيجة كون الصحوة خطاب موجه في الأساس إلى الشباب، ولما كان هذا الخطاب يريد تغيير المجتمع وهدمه وبنائه من جديد، وهو يؤكد بمناسبة وبدون مناسبة على فساد النظام، وضلال المجتمع، وتعطيل الجهاد، وكبر المصيبة التي وقع فيها الإسلام والمسلمون. لما كان الشاب يتشرب بمثل هذه المباديء على يد الصحويين [17] ، ويؤمن بها، ثم يقولون له عليك بالصبر، وانتظار التغيير الذي سيأتي بالمستقبل القريب، ثم يطول عليه هذا الوعد، فهو في فورة شبابه لايطيق صبراً، ولا يعرف مجاملة، ولا يفهم بالسياسة، حين يصل لهذه المرحلة، ويتلقاه مشايخ الجهاد، ويعرضون عليه أدلتهم في كفر النظام وفساد المجتمع، فيجد نفسه مؤمناً بها، فقد تلقاها على يد الصحويين بالسابق، حينها يقول لهم وما الحل ؟ يقولون له: الجهاد هو الفريضة الغائبة، والشعيرة المعطلة، ونحن من يعيدها وأول من يحييها، حين ذلك يتذكر كيف كان الصحويون يتباكون على الجهاد، فالموضوع لا يخرج عن القناعات التي ربتها الصحوة بداخلة. في هذه المرحلة يخرج الشاب من العباءة الصحوية للأبد، ويدخل في ظل عباءة جديدة هي عباءة الجهاديين، أو التكفيريين بمعنى أصح وأدق.وبهذا التحليل تكون الصحوة أحد أهم العباءات [18] التي قامت بتفريخ عناصر التطرف والإرهاب في الأراضي السعودية واراضي البلدان العربية الاخرى ، وهذا التحليل ليس تحليلاً مبنياً على استنتاجات رغبوية، بل إن هذا التحليل يقوم على مجموعة من الشواهد والإثباتات التي تجعل منه استنتاجاً قاطعاً لا يقبل نقاشاً.فعلي سبيل المثال ، لو قرأنا في سيرة يوسف العييري ، ومؤلفاته، وهو أحد رؤوس التكفيرين الكبيرة في بلاد الحرمين، ومتورط بعمليات إرهابية، وقُتل في أحد المواجهات الأمنية، وأثنى عليه أسامة بن لادن وعلى أحد مؤلفاته في وقت سابق[19]. لوجدناه قد ذكر هذا الأمر، وبصراحة تامة، لا تشوبها شائبة. فالعييري كان يقر بأنه أحد المنتسبين لتيار الصحوة الإسلامية والتي يُرجع (العييري) فضل إنتشارها لسلمان العودة، يقول العييري: " فنحن نعلم يقيناً أن صحوتنا المباركة بصوتكم سمع نداءها، وبمجهودكم غيرت الواقع، وبفكركم وتوجيهكم اتزن نهجها، فلكم الفضل بعد الله فوق فضل غيركم من العلماء والدعاة فيما حققته هذه الصحوة، علماً أنا ما تعلمنا المنهج إلا من فضيلتكم.."[20]. وكان إنفصال العييري عن المنهج الصحوي بعد أن تغير مشايخ الصحويين ، فالتيار الصحوي الذي أقترب كثيراً من الثورية بالتسعينات، خرج في نهاية المطاف متبنياً الرؤية الإخوانية التقليدية، وليس في ذلك غرابة، فالصحوة ـ كما ذكرنا ـ تتميز بتشكلها الدائم مع متغيرات البيئة السياسية من حولها، مثلها في ذلك كمثل جميع الحركات السياسية في العالم، وقد انتبه العييري لهذا التغير فقال لسلمان العودة : "إن منهجك الجديد هو حديث كل مجلس وبعبارة أدق: منهجك الإخواني، كما يحلو للشباب أن يختصروه بهذه العبارة"[21]، كان العييري يمر بصراع نفسي تجاه التغير الكبير الذي ظهر عليه العودة بعد تغيير مواقفه، وطالب العودة بأن يقوم بمراجعة مواقفه، ونبهه قائلاً : " وراجع ما كنت تطرحه في محاضراتك: سلطان العلماء، هشيم الصحافة الكويتية واليمنية التي تتمتع بما تسمى حرية الصحافة ، لسنا أغبياء، حتمية المواجهة، وغيرها من الطروحات، وليكن همك الأول رضى الله سبحانه وتعالى، وألا تحدث في أتباعك من الشباب بلبلة بأقوال تناقض ما كنت تنادي به قبل السجن "[22]، كان العييري حين كتابته لهذه الرسالة يتمثل موقف الطالب المخلص لأستاذه، لذا حين غضب العودة من رسالة العييري رد عليه قائلاً : " وما دفعني لكتابتها إلا لمنزلتك عندي، ولو أقسمت لم أكن حانثاً أنه لا يوجد محب ومشفق وناصح لك في طلابك مثلي"[23].كانت هذه الرسائل بداية للقطيعة المرجعية بين العييري والعودة، فالمنهج الثوري الذي زرعه العودة وأقرانه من مشايخ الصحويين في قلب العييري وأمثاله من الشباب أكبر من أن يتزحزح لأي سبب كان. فالإنسان المؤدلج - بطبعه - لا يستطيع أن يتخلي عن أيديولوجيته بسهولة. من هنا ثار التلميذ على أستاذه السابق بعد أن تيقن من استمراره على المنهج الجديد وتنكره للقديم، فكتب العييري معلناً ولائه للمثل والمباديء التي تعلمها على يد من تراجع عنها .عفواً على هذه المكاشفة أنتم الذين ألجأتمونا لها" [24].[c1]ثانيا ً-[/c] إن كانت حركة الصحوة قد نجحت بإخراج المارد التكفيري من القمقم إلا إنها لا تملك أن تقوم بإرجاعه إليه. فلا تأثير لمشايخ الصحوة على التكفيريين ، فقد تغيرت المرجعيات وتبدلت، وشواهد الحال تقول: إن التيار الصحوي هو الذي يحاول أن يطلب ود التيار التكفيري ، فلا يجده ، ولا يناله، فلامصداقية لهم عنده.يقول يوسف العييري: " نحن لا نلوم سفر ولا سلمان، فما عهدناهما بعد تغيير مواقفهما رجعا عن خطأ بين لهما" [25].وبينما تحرص مجلة "صوت الجهاد" الناطقة باسم التيار التكفيري في السعودية على إيراد المقتطفات من كتب أبي محمد المقدسي، ورسائل وخطب أسامة بن لادن [26]. ورسائل وفتاوى الإمام محمد بن عبدالوهاب وأئمة الدعوة، بل وسيد قطب، نجدها لا تذكر التيار الصحوي ورموزه إلا بالتحقير والازدراء. ومن ذلك ماورد بالعدد الخامس من المجلة على سبيل المثال، حيث كتب يحيى بن علي الغامدي رسالة بعنوان "سنوات خداعة _ دراسة لواقع دعاة الصحوة". وكان مما ورد فيها: "إن مما يحزن القلب ويدميه في هذه الأيام العصيبة التي كاد الإسلام أن يُصطلم فيها ما نرى من تناقضات وتخبطات دعاة الصحوة". كما ورد فيها: "أنني هنا لست في معرض الرد التفصيلي على الشبه التي تقدم بها دعاة الصحوة فقد كفيت في ذلك، ولكنها محاولة لفهم كيف تغيّر المشايخ وما هي أسباب ذلك؟ وما هو حجم التضليل الذي يمارسونه على عوام الأمة ولا حول ولا قوة إلا بالله، مع أن العوام كانوا أحسن حالاً من هؤلاء الدعاة، فهؤلاء الدعاة ما انفكوا يعقّدون أمر هذا الدين و يطلسمونه في أذهان الناس لكي لا يتمكن من الافتاءواتخاذ المواقف غيرهم ". وكتب محمد بن أحمد السالم في العدد نفسه رسالة بعنوان "وصايا للمجاهدين"، كان مما ورد فيها: " وكم ستدفع أمريكا لسلمان العودة لو أرادت تجنيده لـ السي آي أيه كي يمنع الشباب من الجهاد؟ إلا أنه تكفل بها من دون مقابل _ فيما نعلم _ وقال للصحفي الأمريكي اليهودي فريد مان عندما استضافه في منزله بالقصيم: أن مشروعه القادم هو منع تكرار أحداث 11 سبتمبر!وكم أرهق المجاهد علي الفقعسي أمريكا ومباحث آل سلول[26] _ كغيره من المطلوبين _ وخسروا في الطلب الحثيث خلفه والبحث عنه المال والرجال وأعياهم أشد الإعياء إلا أن سفراً الحوالي قدّمهُ لقمةً سائغةً " [27].وهذا الزعم الذي كتبه كاتب المقال بخصوص عمالة سلمان العودة للاستخبارات الأمريكية، لمح به يوسف العييري نفسه فقد قال:"لقد أخطأ الأمريكان عندما رفعوا الدعوى على سلمان وسفر بأنهم ممن يدعم الإرهاب، فأقول لهم هونوا على أنفسكم فقد تعهد سلمان لفريدمان في المقابلة التي أجراها معه في بيته، بأن مشروعه القادم سيكون منع تكرار أحداث سبتمبر، فهو من أحرص الناس على عدم تكرار مثل تلك الغزوة، ولا نظن الأمريكان صادقين في دعواهم ضدهما فربما أن الدعوى رفع لأسهمهم والله أعلم، فإن فريدمان أكد بعد لقائه بسلمان أن يفتح له ولأمثاله المجال لفكره المعتدل" [28].وفي العدد السادس من مجلة "صوت الجهاد"، استمرت المجلة بمهاجمة الصحويين، ووصمهم يحيى الغامدي بأن فيهم من"بدأت أفكاره تتغير ومواقفه تلين وصموده يستحيل حنكةً ومراعاةً للواقع وفهماً للسياسة الدولية ومجاراةً لها، زعموا !". وقال مؤكداً على ماسبق وأن أكده العييري:"وكان بعض هؤلاء العلماء يرسلون الشباب إلى الثغور ويقدموهم للساحات إما بأشرطتهم وكتبهم ومضامين أفكارهم القائمة على نبذ الحكم بغير ما أنزل الله وجهاد الطغاة، وإما بالدعم المادي المتحقق على الأرض فعلاً ".وقال ملمحا عن سلمان العودة: "فأحدهم بدأ يعيد الحسابات ويتجه نحو (العصرنة) وتمييع المفاصلة مع أعداء الله من المرتدين والرافضة والزنادقة". ووصل في هجومه درجة هاجم فيها معظم مشايخ الصحويين فقال: "وبعضهم أخذوا يظهرون مع المومسات في القنوات".إذن فهناك اختلاف في المرجعيات بين التيارين الصحوي والتكفيري، فالخضير والفهد على سبيل المثال يعتبران من المرجعيات المعتد بهما عند التيار التكفيري، ولهذا كان لتراجعهما أثركبير في صفوف هذه الجماعات، ويتضح ذلك جلياً بقيام أحد المطلوبين وهو عبدالله بن عطية السلمي بتسليم نفسه بعد أن بث التلفزيون السعودي تراجعات الخضير والفهد عن أرائهم السابقة. وقد كان الدكتور محسن العواجي متصالحاً مع نفسه وواقعياً مع معطيات الموقف حين صرح لجريدة الرياض بأن السلمي سلم نفسه لسببين وهما:[c1]"الأول:[/c] عندما سمع المؤتمر الصحافي الذي عرض مؤخراً لسمو الأمير نايف في المدينة المنورة.[c1]والثاني:[/c] المقابلة المتلفزة للشيخ علي الخضير حيث كان لها تأثير إيجابي كذلك في تفكيره" [29]. وتبقى الحقيقة، أن مشايخ الصحويين ليس لهم أي مرجعية يُعتد بها في الوسط التكفيري، بل إن العواجي خصوصاً متهم بين التكفيرين بشكل كبير، ومفتقد تماماً للمصداقية فيما بينهم، وفوق هذا فإنهم يكفرونه صراحة، ومن الذين يكفرونه يوسف العييري بذاته، فهو يقول:" محسن كما قال الأخ برغش بن طوالة يحتاج إلى استتابة، لأن الراضي بالكفر كافر فكيف بالناشر له والمحتضن لأصحابه" [30]. ويقول أيضاً:"سابقة محسن ليست شفيعاً له عن الضلال، محسن خبير بالأسمدة وأصبح اليوم مفتياً، والأعظم من ذلك أنه الناطق الرسمي للحملة! وإذا كان الغراب دليل قوم.. مر بهم على جيف الكلاب، فهل هذا الغراب هو من سيبين الإسلام الصحيح؟ هل خبير الروث هو الذي سيوضح حقيقة الإسلام "[31]. وفوق هذا، فهو يتهمه بأنه هو سبب التغيير الذي حل بالدكتور سفر الحوالي فيقول: "فضيلة الشيخ سفر الذي توفي في السجن رحمه الله بأيدي محسن العواجي وعبد العزيز القاسم في غربة 105 جناح 2 في سجن الحائر " [32].وعلى كل حال، فقد أكدت مجلة "صوت الجهاد" في عددها الخامس على رفضها التام لمبادرة وقف العنف، فقد ورد فيها:"وقد أطل علينا قبل أيام الناطق الرسمي باسمهم في زماننا "العواجي" ونال من كتب أئمة الدعوة، وأفصح عن بعض ما في نفوسهم من طوامِّ وبلايا.ومن أطرف ما بدأوا بطرحه هذه الأيام مبادرة تبناها هؤلاء وعلى رأسهم الحوالي والعواجي، والتي يدعون فيها المجاهدين إلى إلقاء السلاح، وإلى الانبطاح، وترك الجهاد والكفاح، وكأن المجاهدين لا عقول لهم يميزون بها بين الحق والباطل، وبين الصادق والكاذب.. ".وأظن أن توقيت عملية المحيا بعد أيام قليلة من إطلاق الحوالي لمبادرته، تحمل رسالة واضحة من أعضاء التنظيم التكفيري مضمونها الرفض القاطع لهذه المبادرة.وسواء صحت هذه الفرضية أم لم تصح، تبقى الحقيقة في كون الحوالي والعودة والعواجي لايشكلون للتكفيرين أي مرجعية، إلا إذا كان الأستاذ منصور النقيدان يشكل مرجعية لهم. هذا هو ماقرره بحسمٍ يوسف العييري فقال:"أيها المغفلون لا تغتروا بالأسماء ولا بالسابقة، فمنصور النقيدان الزنديق سابقته أحسن من سلمان وسفر ومحسن وأحسن من الجميع كما يعرف ذلك الجميع، وتحول إلى زنديق " [33].[c1]3 -[/c] المحاولة التي يحاولها الصحويون في هذه الأيام، في سبيل إقناع الدولة بقدرتهم على إرجاع جماعات العنف والإرهاب إلى طريق الاعتدال، مقابل مطالب معينة، هي لاتعدو أن تكون وسيلة للمزايدة على الدولة في تعاملها مع المتورطين في الأعمال الإرهابية، والضغط عليها في سبيل الحصول على تنازلات سياسية جديدة لصالح التيار الصحوي. وهو مايذكرنا بتصريح المرشد السابق للإخوان المسلمين في مصر الأستاذ مصطفى مشهور، في الفترة التي تزايدت فيها المواجهات بين التكفيريين والنظام المصري. وذلك حين قال:"لو كانت جماعتنا مسموحة بشكل رسمي لاستطاعت احتواء الشباب المتطرف.. والأسلوب الأمثل أن نعطي الحرية لجماعة الإخوان ونسمح لها باحتواء مثل هذا الشباب وتصحيح مفاهيمه" [34].وسبق وأن أوضحتُ في الحلقتين السابقتين من هذا المقال ، وبشكل أكثر تفصيلاً، غرض الصحويين عموماً، والدكتور الحوالي خصوصا من هذه المبادرة.وعلى كل حال، فالمبادرة قد فشلت، وقد كان محكوماً عليها بالفشل منذ البدايات، ولا أظن أن هذا كان يخفى على قادة الصحويين، ولكنها كانت ورقة سياسية لابد من أن يحاولوا استغلالها. فالمسألة كلها سياسة في سياسة بنظرهم.وفي ختام هذا المقال لابد من القول: إن الغاية التي يتمناها الصحويون ويحلم بها التكفيريون هي غاية واحدة، وهي القفز على كرسي السلطة، وكل الفرق فيما بينهما، أن التيار الصحوي بعد احداث 11 سبتمبر 2001 أصبح يميل إلى السياسة والمراهنة على الاستفادة المؤقتة من رياح الديمقراطية والاصلاحات التي يضغط بها الاميركيون والغرب عموما ًعلى العالم العربي والاسلامي كثيراً، وهذا ماجعل التكفيريون ينفضون من حوله، فهم لا يريدون العمل بطريقة المواجهات المتفرقة مع الدولة، ولا يحبذون استخدام التقية السياسية في تصرفاتهم، ولكنهم يريدون التغيير السريع، والقائم على المواجهة المباشرة. فالتياران وجهان لعملة واحدة، والفرق بينهما في الأسلوب فقط، لا أكثر ولا أقل.وإذا كان مشايخ الصحوة قد تغيروا تغيراً حقيقياً كما يردد البعض، فلابد لهم أن يعلنوا ـ وبصراحة ـ تراجعهم العلني عن مواقفهم الفكرية القديمة، على أن يكون ذلك بشكلٍ واضحٍ وصريح، وإذا كان فيهم من يثني على تراجعات الخضير والفهد والخالدي، فلابد له من الاقتداء بهم في تراجعاتهم ومراجعاتهم، متى ماتم هذا، سيكون علينا أن نتعامل مع قديم الصحويين على أنه ماض قد انتهى، وإذا لم يحصل ذلك، فلا مفر من اعتبار مواقف مشايخ الصحوة القديمة نابعة من موقف عقدي لن يزول، كما يحب أحدهم أن يقول![c1]الهوامش :[/c][1] د. حسنين توفيق ابراهيم، النظام السياسي والأخوان المسلمين في مصر _ من التسامح إلى المواجهة، ص 18 _ بتصرف - . وراجع كتاب "دعاة لا قضاة" للمرشد العام الثاني لجماعة الأخوان المسلمين الأستاذ حسن هضيبي .[2] مثلما حصل في حرب الخليج الثانية، ومثلما حصل بعد أن تزايدت الهجمات. الإرهابية على السعودية في الآونة الأخيرة.[3] مجلة البيان، العدد : 176 .[4] د. سفر الحوالي، بيان للأمة عن الأحداث ومعه خطاب مفتوح للرئيس الأمريكي بوش، ص6.[5] د. سفر الحوالي، القدس بين الوعد الحق .. والوعد المفترى، ص 25.[6] د. سفر الحوالي، بيان للأمة عن الأحداث ومعه خطاب مفتوح للرئيس الأمريكي بوش، ص7.[7] د. سفر الحوالي، القدس بين الوعد الحق .. والوعد المفترى، ص 3.[8] أنظر مثلا لقوله في قناة الجزيرة:" قضية التكفير تكثر وتُتداول، يجب على الدولة أن تعالج هذه المشكلة، يعني.. يعني تلغي كل القوانين الوضعية، وتتحاكم فعلاً إلى الشريعة"، وقوله في كشف الغمة عن علماء الأمة:" أما التحاكم إلى الشرع -تلك الدعوى القديمة- فالحق أنه لم يبق للشريعة عندنا إلا ما يُسميه أصحاب الطاغوت الوضعي الأحوال الشخصية وبعض الحدود التي غرضها ضبط الأمن". لمزيد من التفاصيل أرجع إلى: سعود عبدالله الجارح، قراءة في فكر التطرف في السعودية: سفر الحوالي مثالاً، صحيفة إيلاف.[9] على سبيل المثال: يقول الدكتور سفر في كتاب كشف الغمة عن علماء الأمة:" إن احتلال الكويت- تلك القشة التي قصمت ظهر البعير- سينتهي بشكل ما وحينها ستلتفت هذه القوى لتصحيح وضعنا نحن كما ألمحوا مراراً وصرحوا"، ص 57. كما قال في محاضرة فستذكرون ما أقول لكم:" نحن الذين من أجلهم تحشد هذه الإمكانيات، جاءتهم هذه الفرصة أو خططوا لها، المهم الآن أنهم بدءوا يتوافدون، وسوف يتوافدون علينا بهذا الغرض". كما قال في نفس المحاضرة:" البعثيون يحكمون قبضتهم على الكويت، والغربيون يحكمون قبضتهم على الرقعة بأكملها".[10] صرح بذلك لجريدة الحياة اللندنية، وقد ورد بموقع "الاسلام اليوم" الذي يشرف عليه سلمان العودة:" وقال الشيخ سفر الحوالي في تصريح لصحيفة"الحياة" اللندنية إن الغامدي وضع شروطا لاستسلامه تتمثل في إطلاق سراح زوجته المغربية الأصل وعدم تعذيبه وأن يحظى بمحاكمة عادلة وأن يسمح له بتوكيل محام. وأضاف الشيخ الحوالي أن الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية،" اعتبر على الفور أن تلك حقوق الغامدي التي يكفلها شخصيا"، تاريخ 29/6/2003.[11] ورد في جريدة الرياض" ونفى سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز أن يكون الفقعسى قد حدد شروطا لكي يسلم نفسه قائلا سموه (هذا غير صحيح لم يقدم شرطا واحدا.. ومرفوض منه ومن غيره.. لكن ليس هناك شك بأن نتيجة الاعلان المتكرر وقبله الدعوة لتسليم النفس.. رأى الفقعسى ووجد انه ليس لديه مجال أن يذهب.. وضيق عليه الخناق هو وغيره فوجد انه لزاما أن يسلم نفسه.. الحقيقة الوحيدة أن الذي أتى به إلى منزل محمد بن نايف هو الشيخ سفر الحوالي واشعرنا بأنه يريد أن يسلم نفسه في لحظتها في الساعات الأولى من فجر يوم الخميس.. فيجب أن لا يقال شيء لا صحة له)"، تاريخ 03 جمادى الأولى 1424 العدد 12794، كما ورد في جريدة الحياة اللندنية:" وفي لقاء مع الصحافيين، عقب حواره مع أعضاء مجلس الشورى، نفى الأمير نايف أن يكون الشيخ سفر الحوالي لعب دور وساطة لتسليم المطلوب الأول في قائمة شبكه الـ 19 علي الفقعسي الغامدي، وقال:"ليست هناك وساطة ولا مبادرات وليس وارداً أو مقبولاً من أي جهة أو أي شخص سعودي أو مجموعة يأتون بوساطة"، لكنه أكد تقديره لكل شخص"يعمل على نصح أي شخص بالاستسلام أو القيام بتسليمه لسلطات الأمن"، ودعا المطلوبين إلى المبادرة بتسليم أنفسهم"لأن هذا أفضل لهم ولأن الوصول إليهم سيتم اليوم أو غداً".ونفى ما ورد على لسان الشيخ الحوالي من تقدم الفقعسي بشروط لتسليم نفسه، وقال:"هذا غير صحيح، لم يقدم شرطاً واحداً"، كما اعتبر التقدم بشروط"مرفوضاً".وارجع استسلام الفقعسي إلى الإعلان المتكرر بالدعوة للاستسلام و"لإدراكه أنه لم يعد هناك مجال يذهب إليه ولتضييق الخناق عليه"، وقال:"الحقيقة الوحيدة أن الذي أتى به إلى منزل الأمير محمد بن نايف كان هو الشيخ سفر الحوالي وكان ذلك في الساعات الأولى من فجر الخميس". ووعد أن يلقى الفقعسي وغيره"تحقيقاً عادلاً وقضاء عادلاً قادراً لا يجرم أحداً إلا بجريمته"، تاريخ 2/7/2003.[12] يكثر الصحويون من التبرير القائل بان التطرف الديني سببه يرجع إلى استفزاز مشاعر المتدينين، يقول سلمان العودة - مثلاً - في محاضرة بعنوان حقيقة التطرف:" التطرف في الانحراف يؤدي إلى تطرف مقابل سواء الانحراف الفكري أو الانحراف العملي. ولذلك فالذين يجرون المجتمعات الإسلامية إلى الفساد والانحلال الخُلُقِي هم في الحقيقة من المتسببين في حصول الغلو، وإن أعلنوا الحرب عليه وعلى ما يسمونه بالتطرف إلا أنهم من أول المتسببين فيه. فمظاهر الرذيلة في المدرسة والجامعة والشارع والشاطئ والمتجر والحديقة والشاشة والإذاعة وغير ذلك، إذا أقرها المجتمع وسكت عنها فإنه يجب عليه أن يستعد للتعامل مع أنماط كثيرة من الغلو. هذا إذا كان دور المجتمع هو فقط السكوت عنها، فما بالك إذا كان دور المجتمع بكليته هو تشجيع مظاهر الانحراف ودعمها وحمايتها وحراستها وتبنيها، سيكون الأمر ولا شك أخطر. وقل مثل ذلك في الأوضاع الثقافية والإعلامية؛ فمحاصرة فكرة من الأفكار مثلاً وإغلاق منافذ التعبير والكلام أمامها، سواء الصحيفة أو الإذاعة أو التلفاز أو غير ذلك هو سبب لأن تتبلور لدى هذه المجموعة فكرة الغلو أحيانا أو على الأقل فكرة المواجهة والسعي لإثبات الذات. ومن الغريب جداً أن الإعلام العربي خاصة، يتهم بمن يسميهم بالمتطرفين بأنهم لا يتسامحون مع غيرهم، أو أنهم يسعون لإسكات الأصوات الأخرى التي تخالفهم، مع أننا نعلم أن هؤلاء الناس لا يملكون شيئاً أصلاً، لا يملكون أجهزة الإعلام ولا يملكون الصحافة ولا يملكون المنابر، بل الكثير منهم لا يملك حق الاجتماع بعشرة أو أقل من هذا العدد، فكيف يقال عنهم أنهم يغلقون منافذ التعبير عن غيرهم...".[13] قامت مجلة "الساخر" الالكترونية بعقد لقاء مع سلمان العودة، وكان من ضمن الأسئلة التي وجهت له هذا السؤال من سعود الصاعدي: الشيخ سلمان العودة أحد أهم الذين تبنوا فكر التغيير وترشيد الصحوة، في مواجهة التحديات ..!! هل مازال العودة بقناعاته القديمة أم أن هناك تجارب غيرت من نظرته وطريقته في التغيير خصوصا بعد فترة تجربة السجن؟ هل تغير الشيخ سلمان ؟وكان جواب العودة عليه بما يلي: " من تأمل الشريعة علم أنها بفضل الله جاءت صالحة لكل زمان ومكان، وهذا يمنحنا مزيداً من الوعي والتجديد مع الحفاظ على ثوابت الشريعة وأصولها، التي لا جدال فيها ولا مساومة. وليس من الصوابية أن يجتهد أحدنا فيما يسمح فيه الشرع بالاجتهاد ثم ينزل اجتهاده منزلة الأصول والمرجعية والعصمة الشخصية، بينما مجتهدو الزمن الأول المبارك قصارى قولهم عن اجتهادهم: إنه صواب يحتمل الخطأ. ومن تأمل الأحوال الأممية للدول الكبرى الراسخة وجدها تخضع سياستها وبرامجها للتجديد والتطوير والتغيير بحسب متطلبات الموقف. والدعوة سبيلها العمل الاجتهادي، يجتهد فيها فرد أو جماعة مقابلة لأوضاع متغيرة. ولكل موقف ومرحلة زمنية عبادتها. ألا ترون أن المسلم يدعو في كل صلواته أمام ربه" (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) والمسلم في ميزان الشرع مهتدٍ، لكنه يطلب المزيد من هداية العلم والتوفيق فيما اختلف فيه من حوله من السائرين إلى ربهم" اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك". ومن المهمات نبذ التعصب والآراء الشخصية، والتقليد، خاصة تقليد الإنسان لنفسه" إني والله لا أقسم على شيء، فأرى غيره خيراً منه، إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير". إن التجارب الدعوية تحفظ لتطور وتجدد، والمراجعة والتصحيح ضرورة لكل عمل. قال الخليفة الراشد عمر لأبي موسى: ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس، ثم بدا لك فيه أن تراجع الحق، فإن الحق قديم. وكما أسلفت: فإنه من الواجب علينا ألا نعتبر تجاربنا ـخاصة التي هي محل اجتهاد ـ مشروعاً سرمدياً، لا يقبل التجديد ولا التغيير على الأقل في طريقة طرحه وتسويقه وليس مضمونه، فإن الشيئين اللذين لا يقبلان التجديد ولا التغيير هما الوحيان".[14] سلمان العودة، حي على الجهاد، ص 25 .[15] سلمان العودة، رسالة إلى رجل الأمن.[16] ناصر الفهد، طليعة التنكيل بما في بيان المثقفين من الأباطيل، ص1 .[17] وفي مناهج التعليم أيضاً للأسف الشديد.[18] نذكر من العباءات الأخرى: الفكر الذي نقله المحاربون في أفغانستان و نظام التعليم السعودي وحلقات العلم الشرعي في المساجد والبيوت.[19] شريط شهداء المواجهات، مؤسسة السحاب للإنتاج الإعلامي _ الموزع الرسمي لأشرطة تنظيم القاعدة. [20] الرسالة موجودة بالكامل في موقع العييري في الأنترنت تحت عنوان: نصيحة الشيخ يوسف العييري للشيخ سلمان العودة بعد خروجه من السجن.[21] رسالة العييري للعودة، مرجع سابق.[22] رسالة العييري للعودة، مرجع سابق.[23] رسالة العييري للعودة، مرجع سابق.[24] يوسف صالح العييري، الحملة العالمية لمقاومة العدوان زيف وخداع وشعارات كاذبة، ص 16 _ 17 .[25] يوسف صالح العييري، الحملة العالمية لمقاومة العدوان زيف وخداع وشعارات كاذبة، ص 48.[26] كون الخلايا الإرهابية في المملكة تابعة لتنظيم القاعدة أصبح أمرا لا يقبل النقاش، خصوصا بعد أن ظهرت الأشرطة التي وزعتها مؤسسة سحاب، وظهرت فيها وصايا التكفيريين ومعلوماتهم.[27] تعارف التكفيريون على تسمية الأسرة الحاكمة السعودية باسم آل سلول. ونعت المخالف بالنفاق عادة قديمة في التاريخ الإسلامي، وقد بعثت الصحوة الحياة في هذه العادة المذمومة، وتلقاها التكفيريون وتوارثوها من أدبيات الصحوة.[28] في الحاشية وتعليقاً على تسليم الحوالي للفقعسي، قال كاتب المقال " هذا هو الصحيح وهو أن الحوالي هو الذي بحث عن الفقعسي حتى وجده ومن ثمّ سلمه، لا أن الفقعسي هو الذي أتى للحوالي، وقد حدثني بذلك أحد أقارب سفر الحوالي.."[29] يوسف صالح العييري، الحملة العالمية لمقاومة العدوان زيف وخداع وشعارات كاذبة، ص 51.[30] جريدة الرياض، تاريخ 27 رمضان 1424هـ، العدد 12937.[31] يوسف صالح العييري، الحملة العالمية لمقاومة العدوان زيف وخداع وشعارات كاذبة، ص 46.[32] يوسف صالح العييري، الحملة العالمية لمقاومة العدوان زيف وخداع وشعارات كاذبة، ص 46. [33] يوسف صالح العييري، الحملة العالمية لمقاومة العدوان زيف وخداع وشعارات كاذبة، ص 39 .[34] يوسف صالح العييري، الحملة العالمية لمقاومة العدوان زيف وخداع وشعارات كاذبة، ص 46.[35] د. حسنين توفيق ابراهيم، النظام السياسي والأخوان المسلمون في مصر _ من التسامح إلى المواجهة، ص 66.[c1]* كاتب وصحفي سعودي[/c]