متابعة / شوقي عوضتلقيت دعوة من رئيس جمعية الموروث الشعبي في عدن لأكون متحدثاً ضمن الفعاليات الثقافية التي تحييها الجمعية في منتدى بن شامخ في المعلا.. بمناسبة الذكرى التاسعة لرحيل الشاعر الغنائي الكبير أحمد بو مهدي (1936م - 1997م)..فقلت: على الرحب والسعة لهذه الالتفاتة الطيبة والجميلة، التي أسعدتني وأثلجت صدري، إذ هكذا وجدت نفسي محاصراً في حديث الذكريات وشواهد السنوات الماضية راهباً متبتلاً عن ماضٍ تولى.وجاء حديثي ممزوجاً بالألم والحسرة وحنين المفارق في لوعة الشوق بالذكريات لسنوات مضت على رحيل ذلك الشاعر الغنائي الكبير أحمد بو مهدي، الذي لم يكن عادياً في كتابته للأغنية اليمنية المعاصرة، بل كان شاعراً معاصراً يجمع في نتاجه الشعري العامي الحديث والشعر الشعبي ( الفلكلور) بطريقة جديدة ومعاصرة.. جمعت بين شفافية الكلمة الشعبية المنغمة وحلاوة الأداء بالصوت للفنان الراحل محمد صالح عزاني.لذلك كان الشاعر أحمد بو مهدي شاعراً كبيراً على الرغم من تجاهل النقاد أعماله الشعرية من خلال كتابة النصوص الغنائية، كما شكلت طفولته ومخزونه الثقافي من الموروث الشعبي الوعاء الأساس لتلك التوهجات من خلال المرددات الشعبية في أغانيه ذائقة الصيت كـ (الطير الأخضر)، (ياهل ذا الساكن)، (ناقش الحنا)، (ظن أني نسيته)... الخ.لذلك يجدر بنا عند الحديث عن أشعاره وقصائده البحث عن الصور الفنية ومدلولها الجمالي لدى الشاعر الغنائي الكبير أحمد بو مهدي، التي بها تميز عن غيره ممن يمتلكون قوة الخيال وقول الشعر، وشكل إيقاعاً في انتقائه لهذه الكلمات من المرددات الشعبية اليمنية، فكان بمثابة الذاكرة التي اختزنت أجمل العبارات والأمثال والعادات الشعبية اليمنية في لهجة تجمع بين الأغاني الوطنية والقصائد العاطفيةفحقاً كان الفن الشعبي بمختلف تلاوينه وآدابه هو الركيزة الأساسية التي مكنت الشاعر الغنائي أحمد بو مهدي من اختيار جواهر الكلمات واختيار معادن النفوس الإنسانية، التي ظهرت فيما بعد بأشكال وألوان تعبيرية مختلفة شعراً ونثراً تجلت بصدق الأحاسيس والشاعرية.. وذلك فيما تركه لنا وللأجيال القادمة من تراث، فرحمة الله عليك يا بو مهدي وسلاماً لجمعية الموروث الشعبي (في عدن)، التي أحيت الذكرى التاسعة لرحيلك في منتدى الفنان الكبير محمد سالم بن شامخ في المعلا.[c1]وعذراً إن كان للحديث بقية[/c]فيما يتحدث المطرب المبدع والجميل عصام خليدي بالذكرى التاسعة لرحيل فقيد الحركة الإبداعية والفنية الأديب الشاعر الغنائي الكبير أحمد بو مهدي وهو يستعيد كثيراً من الأحداث والذكريات التي تسارعت وازدادت وطأتها علينا جميعاً في الوسط الإبداعي الثقافي، وأثرت سلباً على صورة المشهد العام للثقافة والفنون، لدرجة أننا لم نعد نستطيع ملاحقتها واستيعابها تباعاً لأنها في الغالب حزينة ومؤسفة.كما تحدث إلى أهمية توثيق أعمال المبدعين وأرشفتها حفاظاً عليها من العبث والنهب، وكيف يمكن لنا أن نحتفي في مثل هذه المناسبات بالمبدعين التي لاتقل أهمية الاحتفاء بهم (بالمناسبات الوطنية) من وجهة نظره التي يراها بهذا الصدد.. موضحاً والسؤال المهم: ماذا صنعانا لهؤلاء المبدعين ولأسرهم بعد مماتهم؟!... مبيناً المكانة التي يحتلها الأستاذ الشاعر أحمد بو مهدي باعتباره واحداً من أكبر شعراء الأغنية اليمنية، وممن ساهموا مساهمة فاعلة بوضع بصمات ولبنات واضحة المعالم في تراكيبها وقوامها اللفظي المستند على الايقاع والجرس الموسيقي، وقد شكلت تجربته الشعرية جزءاً مهماً وكبيراً من ذائقة وذاكرة المستمع اليمني والمتلقي على امتداد الساحة اليمنية وخارجها.. فشكل بذلك ثنائياً ناجحاً ومتميزاً مع الفنان الراحل محمد صالح عزاني بأغنياتهم المتميزة (ظن أني نسيته)، (ظبي شفته)، (محلى نقشة الحناء)، ألا ياطير يالخضر)، (بلادي إلى المجد)، (بالنار والحديد) ،(يا أهل ذا الساكن)، (شلني يادريول)، وقد استطاعت هذه الأغاني أن تؤثر تأثيراً بالغاً وواضحاً في الذاكرة والوجدان اليمني، وفي الجزيرة العربية والخليج العربي بشكل عام.فكما عشق الشاعر أحمد بو مهدي صوت الفنان الرائع والرقيق محمد صالح عزاني، وقدم له أجمل وأروع أشعاره وقصائده العاطفية والوطنية.فقد كان من المتنبئين والمتحمسين المبشرين بموهبة (العزاني) التلحينية، وظل إلى جواره يدفعه ويشجعه في الخوض في مجال التلحين بكل مالديه من قدرات وإمكانات إلى أن وقف العزاني الملحن على قدميه، وأصبح فارساً لا يشق له غبار صوتاً ولحناً.وقال في هذا الصدد: "لذلك فقد ظل الشاعر الغنائي الكبير أحمد بو مهدي يتميز بالتفرد والخصوبة الشعرية، والاستمرارية في قول الشعر، وفي هذه المناسبة قرأ المطرب عصام خليدي القصيدة الغنائية (لحظة لقاء)، والتي كان قد أهداها الشاعر أحمد بو مهدي له قبل مماته والتي فيها يقول:[c1]انتظرتك.. وابتداء قلبي يدق ساهن لوصلكواتهمتك قلت ياقلبي أكيد ناسي لوعدكماعذرتك انتظرتك طالما قلبي يحبكوجيت في الموعد ورحب قلب يتلهف لوصلكياشبيه الظبي في جيده ترفق بي ترفقباك طول العمر تؤنسني وتهواني وتعشقكم فرح قلبي بليله حلمنا فيها تحقق[/c]وأشار إلى جانب الاهتمامات الأدبية والثقافية التي كان يهتم بها الشاعر أحمد بو مهدي، فقد تميز بكتاباته وأبحاثه الجادة في جانب التوثيق المقروء والمسموع والمصور، ولديه مكتبة غنية بالأعمال التراثية الشعبية والعربية ومكتبة ثقافية تشمل أمهات الكتب في الشعر والأدب والتاريخ.كما كان رحمه الله مرجعاً يعود إليه كل المهتمين والمثقفين والفنانين في الداخل والخارج كالباحثة العربية الدكتورة شهرزاد قاسم حسن، التي كانت شديدة الحرص على زيارة الأستاذ الشاعر أحمد بو مهدي، وقدمت العديد من البحوث العلمية عن الغناء والموسيقى اليمنية.واستفادت كثيراً من مكتبة وثقافة بو مهدي، بالإضافة إلى توافد العديد من المثقفين والأدباء إلى منتداه كالشاعر عبدالرحمن الملاحي، وعبدالله الحداد والدكتور نزار غانم وآخرين.[c1]الشاعر علي حيمد تحدث هو الآخر قائلاً:[/c]" في مطلع التسعينات تعرفت على الشاعر الغنائي الكبير أحمد بو مهدي وكان لقائي به في منزل الفنان الكبير محمد سالم بن شامخ، وكان قد سمع لي من قبل بعض الأعمال الغنائية وتكونت فكرة عني كوني أحد المهتمين بمجال الفن والشعر الغنائي، فخطواتي الأولى كانت عن طريق الراحلين الكبيرين بو مهدي ومحمد سالم بن شامخ.. حينها التقيت زملاء مبدعين كثر من الأدباء والفنانين والشعراء والصحفيين، فقد عرفت الشاعر أحمد بو مهدي إنساناً بسيطاً ومتواضعاً قلبه مفتوح لكل من أحبه وأحب التعرف عليه وزيارته، ولا يبخل في تقديم النصح والمشورة والتوجيه والمعلومة لمن يطلبها منه.. وكان المرجع للعديد منهم، كان الشجرة المثمرة التي يتفيأ بظلها كل المثقفين والفنانين في عدن واليمن بشكل عام.فالأديب والشاعر أحمد بو مهدي حرص على تأسيس جمعية الموروث الشعبي في 23 أغسطس 1996م، وقد تولى الرئاسة الفخرية لها، بينما رشح صديقه الشاعر أحمد سيف ثابت لتولي رئاسة جمعية الموروث الشعبي عند تأسيسها، وقد التف حولها العديد من الشخصيات الأدبية والفنية والثقافية...الخ، وهاهي الآن تمر علينا عشر سنوات خلت منذ التأسيس.الجميل في الأمر ومن المفارقات تزامن رحيل الشاعر أحمد بو مهدي مع ذلك الحرص الكبير في تأسيس جمعية الموروث الشعبي، التي شكلت عند تأسيسها نهوضاً حقيقياً في تحريك الحياة الأدبية الراكدة والثقافية.كما أعقب حديثه المقتضب بقراءة أخر قصيدة كتبها الشاعر أحمد بو مهدي للفنان الكبير محمد سالم بن شامخ التي قال فيها الشاعر بو مهدي من قصدية (ياغصن ماحد جناك)[c1]ياظبي مني شرودلا بي ولا بالشباكسحرتني بالنظربالحسن ربي كساك [/c]في هذه المناسبة أيضاً تحدث العديد من الزملاء المبدعين ومنهم الكابتن عوض سالم عوض ( عوضين) الذي فجر الصرخة المدوية وهي الرسالة الأمانة التي حملها من زوجة الشاعر أحمد بو مهدي تناشد فيه جميع من يعز عليه فقيدها الإسراع بإنقاذ تلك (المكتبة العامرة)، التي تحتوي على سجل حافل من الأرشفة في مجالات ثقافية وأدبية وفنية وتسجيلات صوتية ونادرة قبل فوات الأوان ووقوع الفأس بالرأس.وكان قد تحدث إلى هذه الأمسية والقائمة طويلة بأسماء من تحدثوا وكان لآرائهم قيمة حقيقية وصادقة د. محمد عبدالهادي، المهندس فيصل المخرج التلفزيوني محمد محمود السلامي، جمال ناصر شراء، الفنان المخضرم صالح التوي، رياض بن شامخ، أنور خان ومختار مقطري الذي طرح لماذا لا يقام مهرجان سنوي تشترك فيه كافة الفعاليات الثقافية الفنية بمكاتب الثقافة، حتى يتم استكمال اللوحة الفنية الجميلة ويتعرف الفنانون على بعضهم البعض في إطار الوطن اليمني فناً وإبداعاً وتجربة، ويكتسب كلاً من الآخر تجربة تضاف إلى تجاربه السابقة؟!كما اختتم الحديث مدير الأمسية الإعلامي الكبير والبارز عبدالقادر خضر بكلمات كانت مسك الأمسية.
|
ثقافة
إحياء الذكرى الـ (9) لرحيل الشاعر الغنائي الكبير أحمد بو مهدي
أخبار متعلقة