من ماضٍ مظلم إلى مستقبل مشرق
[c1]الحديدة:[/c]هي المدينة الأجمل والأروع والأكبر بين المدن الرئيسية المطلة على البحر الأحمر، تعد عاصمة محافظة الحديدة، وأم قرى ومدن تهامة الغربية، ومن أهم المدن التجارية لوجود أكبر ميناء فيها كمنفذ بحري للجمهورية، ولوجود مطار كبير فيها كمنفذ جوي للبلاد.تقع مدينة الحديدة على الشاطئ وعلى مساحة تفصل بين وأدي سهام في الجنوب ووادي سردد في الشمال عندما تفيض مياه سهولها إلى البحر الأحمر.كما تبعد مدينة الحديدة بحوالي 256كم إلى الغرب من مدينة صنعاء العاصمة اليمنية.[c1]تاريخ الحديدة[/c]لكل مدينة تاريخ حافل شاهد على عظمة الإنسان اليمني وحضاراته العريقة، وهي تشكل تراث وموروثاً شعبياً لأبناء المناطق في عموم اليمني.وتهامة من تلك المناطق التي تقع مدينة الحديدة في بطن سهولها الممتدة الجبال في الشرق إلى ساحل البحر الأحمر في الغرب.بحسب المصادر المتوفرة نستطيع حصر تاريخ الحديدة منذ بداية القرن الثامن الهجري.يقول إبن بطوطة في 725هـ إنه وهو في طريقه إلى زبيد مر بمرسى الحادث ويعني (حديث) لم يتوقف فيه وواصل السير إلى مدينة زبيد، والمرسى هو لقوارب الصيد إشارة إلى الحديدة.يقول الخزرجي 797هـ إن الحديدة (ساحل) على وادي سهام وجاء ذكر الجديد مع ذكر الجبري.وفي 833هـ ذكر ان الأمير فخر الدين السنبلي تقدم إلى الحديدة ليسيطر على خروج سكانها على الوالي وتمردهم.وفي 859هـ خرج الملك المجاهد علي بن طاهر إلى الحديدة كما ذكر بن الديبع وفي هذا العام أوفد شيخ الحديدة يحيى بن عمر الشابتي إلى الملك المجاهد وأمره أن يستقر في بيت الفقيه.وفي 920هـ وصف أبو مخرمة الحديدة قائلاً: إنها قرية في ساحل البحر الأحمر.وهذه الحقائق تثبت أن الحديدة ظهرت في بداية القرن الثامن الهجري كمنطقة صيد ثم كمرسى في 859هـ ثم قرية وميناء صغيرة 920هـ.وحول تسميتها لا توجد مصادر تؤكد الروايات التي ورد فيها أن امرأة أقامت في المكان وأسست الحديدة نسبة إلى اسمها الحُدْيدية وبعدها حذف الياء الأخيرة وتحول الاسم إلى الحديدة.تعرضت مدينة الحديدة في 922هـ لهجوم من قبل رئيس الحملة المملوكية المصرية حسين الكردي فهدم منازلها ونهب أخشابها وبنى بها مسجداً في جزيرة كمران.في عام 1264هـ كانت الحديدة منطلقاً للأتراك لصعودهم إلى صنعاء ثم تحولت إلى ميناء.وما يؤكد على قدم الحديدة وجود قريتين مغمورتين في قاع البحر مبنيتين من الأحجار شمال المدينة تسمى الأولى (الدارة) والأخرى (عرق عمر) ما يدل على وجود سكان في المدينة من قبل.وفي العام نفسه 1264هـ استولى الإمام محمد بن يحيى المتوكل على الحديدة، ثم عاد الأتراك لطرده منها في العام نفسه.وكانت الحديدة قد بدأت الحركة العمرانية فيها تتطور منذ عام 1214هـ عندما قام الشريف حمود الخيراتي بعمارة باب مشرف وترميم سور المدينة الذي كانت له عدة أبواب (1) باب مشرف (2) باب اليمن (3) باب الستر (4) باب النخيل من الجهة الغربية الموازي لباب مشرف في الشرق، وباب الستر في الشمال موازي لباب اليمن في الجنوب. ولم يتبق من الأبواب الأربعة سوى باب مشرف في الشرق.يقول المستشرق الفرنسي روهيريكل إن الحديدة في 1257هـ شهدت ازدهاراً عمرانياً فكان نصفها مبني من الأحجار والطوب ونصفها من القش وسكانها بين 30 و40 ألف نسمة.وقال محمد زبارة في كتابه أئمة اليمن في القرن (14) إن سكان الحديدة بلغ ثلاثين ألف نسمة موزعين على عشرة أحباد تقريباً، وتوجد في الحديدة مستشفى بدون علاج + حديقتين وحوالي 500 دكان وحوالي ألف منزل وأربعون مسجداً.في 1309هـ بنى الشريف الأمير عبدالله بون باشا قصراً هدمه بعد ذلك الأمام احمد 1381هـ لأجل إعادة بنائه ولم يتم ذلك، ولكن كان قد بنى في 1373هـ قصراً اسماه دار النزهة أو التنزه.تعرضت مدينة الحديدة للغزو أكثر من مرة ومنها في زمن الصراع السياسي الأوروبي من قبل الانجليز من 1918م ـ 1920م.وفي 1932م ـ 1934م تعرضت الحديدة لغزو من قبل الجيش السعودي أثناء الحرب التي دارت بين قوات الإمام يحيى والملك عبدالعزيز وانتهت باتفاق الطائف، وأصبح حيز التنفيذ برحيل الجيش السعودي الذي كان قد وصل إلى مشارف زبيد جنوب الحديدة وكان قد سبق وأن شرع الفرنسيون في بناء سكة حديد من 1909م ـ 1912م غير أن الحكومة العثمانية لم توافق.وبعد حركة 1955م اضطر الإمام إلى إبرام اتفاقيات مع الروس والصين لبناء ميناء الحديدة وطريق الحديدة صنعاء اللذين أنجزا في عام 1960م.وكان لهذين المشروعين في الحديدة دور كبير في دعم الثورة ضد الإمام في 26 سبتمبر 1962م.وكانت الحديدة قد بدأت الحركة الاقتصادية فيها عام 1204هـ بتصدير البن وجذبت التجار إليها الذين توافدوا إلى الحديدة وأزدهرت التجارة بواسطة الحضارم والهنود اللذين كان لهم الريادة في التجارة.. وفي 1257هـ كانوا يستوردون القطن والحديد من الحبشة.في 1292هـ أنشئ رصيف صغير للسفن الشراعية على الساحل المقابل لحارة اليمن المجاورة لحارة السور القديمة ووصلت صادرات اليمن من البن عام 1298هـ من ميناء الحديدة أكثر من مليون جنيه.وخلال الفترة من 1298هـ ـ 1335هـ ازدهرت الحركة الاقتصادية في ميناء الحديدة وكانت الصادرات من البن والجلود والحبوب والملح والحصير وغيرها، وبدأت بعد ذلك تتقلص الحركة الاقتصادية بسيطرة رجال الأعمال على التجارة بحيث كانوا هم الوكلاء الوحيدين.ومن ابرز رجال الأعمال الذين كانوا يتخذون من الحديدة مركزاً تجارياً لهم:1/ الجبلي كان وكيل الإمام بالإضافة إلى تجارته في الجلود والبن والملح والحبوب واستيراد السكر والأرز والدقيق.2/ الوجيه ـ وهو توأم الجبلي.3/ نمراته ـ فرنسي كان تاجر جلود وبن وصرافاً .4/ تنك ـ انجليزي كان تاجر جلود وبن وتحويلات.5/ باعبيد ـ تجارة متنوعة.6/ سالم باشماخ ـ تجارة متنوعة.7/ الصدام ـ تجارة متنوعة.8/ المعجم ـ تجارة متنوعة.9/ فقيرة ـ تجارة متنوعة.10/ واستر ـ هندي تاجر أقمشة وعطوروبعد ثورة 26 سبتمبر 1962م عادت الحياة التجارية إلى مدينة الحديدة من جديد بعد عودة أصحاب رؤوس الأموال من خارج اليمن وبدأوا في الاستثمار والبناء ومنهم الحاج المرحوم سعيد الاصبحي الذي كان له دور كبير في اعمار الحديدة وتغيير ملامح المدينة إلى الشكل الحضاري.ومع حدوث هذا الانفتاح تطورت المدينة وشهدت قفزة كبيرة في 1974م ـ 1977م وبدأت في التوسع السكاني من خلال هجرة الناس من الريف إلى مدينة الحديدة.وإذا ما قارنت بين ماضي المدينة وحاضرها ستجد فارقاً كبيراً جداً بل لا يوجد وجه للمقارنة وعلى سبيل المثال:1/ في مجال الطرقات كان لا يوجد في الحديدة سوى شارعين فقط.. ولا تربط المدينة أي طرق مع باقي المدن والمناطق اليمنية.2/ واليوم تشهد المدينة تطوراً في هذا المجال.. حيث ان شوارع المدينة الرئيسية المسفلتة والمرصوفة بالأحجار تكاد تصل إلى مئات الكيلومترات.3/ كان لا يوجد مطار والآن في الحديدة أكبر المطارات في الجمهورية تستقبل أكبر الطائرات العملاقة.4/ كان يوجد مستشفى لا يوجد فيه سوى طبيب واليوم توجد ثلاثة مستشفيات حكومية وعشرات المستوصفات إضافة إلى المستشفيات الخاصة.5/ كان قبل الثورة يوجد البنك السعودي للتحويل واليوم في الحديدة عشرات المصارف.6/ كانت الحديدة محرومة من شبكات مياه الشرب ولا توجد سوى خزانات موزعة على بعض الأحياء، واليوم شبكات المياه والصرف الصحي تغطي جميع أحياء المدينة.7/ كانت الحديدة لا توجد فيها مصنع واحد سوى معامل الحياكة اليدوية والمصابغ المحدودة واليوم عشرات المصانع.8/ قبل الثورةليس في الحديدة سوى مدرستين واليوم عشرات المدارس الأساسية والثانوية والمعاهد الفنية والتقنية بالإضافة إلى جامعة الحديدة التي تضم عدداً من الكليات النوعية.9/ كانت الحديدة محرومة من خدمات الهاتف والكهرباء ولا يوجد فيها من هذه الخدمات إلا ما يلبي حاجة الأسرة المالكة وبعض الميسورين.واليوم توجد مئات الآلاف من الخطوط الهاتفية ومحطة بخارية بالإضافة إلى محطات تغذية للكهرباء تلبي حاجة سكان المدينة التي توسعت بشكل كبير.[c1]وفي الجانب الإداري[/c]كان يدير الحديدة وضواحيها الإمام أو أحد أبنائه أو من ينوبهم. فبعد رحيل الأتراك وتولي الإمام الحكم والسيطرة على مناطق تهامة كانت الحديدة هي مقر الأمير والنائب قبل الثورة.[c1]الأمراء:[/c]1) الأمير سيف الإسلام محمد بن يحيى حميد الدين الذي توفى غرقاً في 1350هـ2) الأمير سيف الإسلام عبدالله بن يحيى 1351 ـ 1352هـ3) الأمير سيف الإسلام الحسين 1350 ـ 1351هـ4) الأمير سيف الإسلام عبدالله بن احمد الوزير 1353 ـ 1357هـ[c1]النواب:[/c]1) علي حسين العمري2) حسين عبدالله الحلالي3) محمد حسين العمري4) محمد احمد باشا5) يحيى عبدالقادر[c1]المحافظون:[/c]وبعد الثورة تعاقب على الحديدة محافظون منذ 1963م وحتى 2006م وهم:1) محمد احمد المطاع 1962 ـ 1963م2) أمين حسن ابوراس 1963 ـ 1964م3) عبدالكريم العرشي4) عبدالله الضبي5) سنان أبو لحوم6) علي الربيدي7) علي أبوالرجال8) عبدالله الجمالي9) عبدالرحمن محمد علي عثمان10) محمد الخاوي11) محمد شملانوقد كان لبعض المحافظين الدور الكبير في تطور المدينة والنهوض بها وفي مقدمة المحافظين الذين تولوا قيادة الحديدة كمحافظة العميد محمد صالح شملان الذي استطاع ان يجد مئات المشاريع الحضارية للمدينة.