في اليمن حرب سادسة بين الحوثيين والجيش اليمني في اقتتال خطير تستخدم فيه الطائرات والمدافع في منطقة صعدة الحدودية، فكيف تستعاد وحدة اليمن؟يجري استغلال الدين، أو المذهب، بصورة مناقضة للعقيدة الإسلامية مهما كانت التبريرات، فقتل الأبرياء حرام، وتدمير البيوت والأحياء خراب مرفوض، والبقاء في دوامة التخلف تنكر لشعب اليمن المعروف بالأصالة.وفي العراق، اقتتال بين المسلمين مهما شعر المتحدث عن أحوال هذا البلد العربي بالخجل، أو مهما أشاح بصره عن تدمير المساجد والحسينيات ومراقد الأئمة.في بلاد الرافدين فتنة قديمة جديدة، فيها متورطون من داخل العراق وخارجه، وبينهم مأجورون لم يلتزموا بالإسلام عقيدة وشريعة. فالذي يبيح القتل يتنكر لكتاب الله، طمعاً بمال أو سلطة زائلة.وفي فلسطين قضية العرب الأولى هذا إذا بقيت ذاكرتنا في مكانها انقسام جغرافي سياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وحفلة تخوين واعتقالات تعسفية باسم السلطة الوطنية أو باسم المقاومة الإسلامية، والنتيجة هي بقاء الاحتلال “الإسرائيلي” مع الاستيطان. فكيف ستنتصر قضية فلسطين والحال هذه؟وفي السودان اقتتال، وحركات انفصالية، باسم حرية المعتقد، وحقوق القبائل، وتنمية الأقاليم البعيدة وبعضها غنيّ بالموارد النفطية والمائية.. ومآل السودان إلى تآكل الموارد والثروات وضياع الحقوق وتهديد الوحدة الوطنية.وفي لبنان تعددية طائفية، كان يمكن أن تفضي إلى تأسيس وطن الرسالة الحضارية، لا وطن العصبيات والأحقاد والهجرة والتهجير.. فمَنْ ينتصر على مَنْ؟ وماذا يبقى من الوطن والوطنية؟يمكن التوقف عند جراح الجزائر التي لم تندمل بعد، وعند الفتنة الطائفية في مصر التي لم تعرف في تاريخها انقساماً وطنياً تحت مسميات الدين أو الطائفة. بل يمكن التطرق إلى فتن متنقلة بين باكستان وأفغانستان، وفي غير بلد إسلامي.العرب والمسلمون مطالبون اليوم بالدخول في فكرة المواطنة داخلياً، وفكرة الحضارة الإنسانية داخلياً وخارجياً. أما التذرع بظروف هذا البلد أو ذاك فإنه هروب من المسؤولية الدينية والوطنية والإنسانية، بل هروب من الالتزام الأخلاقي. ومنظمة المؤتمر الإسلامي معنية بهذا التوجه، تنظيماً وإشرافاً وتمويلاً، إنها معنية بتطبيق ميثاقها أولاً، وملتزمة بميثاق الأمم المتحدة وبالأعراف والقواعد الدولية السائدة. ولا يجوز والحال هذه الانحدار إلى درك التخوين والتكفير والتهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي.قديماً كان الحل يأتي عبر حكماء العرب والمسلمين، أو ما يُسمى أهل العلم والرأي. واليوم لابد من أن يخرج الصامتون عن صمتهم، والخجلون من خجلهم، ليواجهوا الفتن المتنقلة وليعودوا إلى دائرة الوحدة المجتمعية، بل الوحدة الإنسانية.ألا يخجل بعض ساستنا، وبعض علماء الدين عندنا أو من يسمون رجال الدين من النفخ في نار الفتنة؟مهما كانت التفسيرات أو التبريرات، التي يسوقها البعض للتخفيف من وطأة المعضلة التي نعيش، فإن الأمر الخطير الواقع يستدعي نهوضاً تقدمياً قائماً على الالتزام بإنسانية الإنسان، وبضرورة صوغ مستقبل إنساني لبلاد العرب. أما التغني بالأمجاد الغابرة فقط فإنه نوع من الاسترخاء السياسي والحضاري. نرجو ألا يطول سُباتنا.[c1]*عن/ صحيفة «الخليج» الإماراتية[/c]
|
اتجاهات
المواطَنة والإنسانية لمواجهة عصبياتنا
أخبار متعلقة