تنافس محموم داخل مجلس النواب العراقي للفوز بمنصب الرئيس
بغداد / 14 أكتوبر / رويترز:أظهرت نتائج أولية أعلنت يوم أمس الخميس أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حقق فوزا ساحقا على منافسيه من الشيعة في انتخابات مجالس المحافظات مما يعبر عن تحول زلزالي على الساحة السياسية.وأوضحت النتائج أن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي حقق فوزا كبيرا في العاصمة بغداد وفي البصرة ثاني أكبر مدينة مما يعطي حزبه دفعة كبرى قبل الانتخابات الوطنية التي ستجري في وقت لاحق من العام الحالي.وأحرز حلفاء المالكي أيضا انتصارات أصغر حجما لكنها ملموسة في ثمان من المحافظات الشيعية التسع في الجنوب.وكانت انتخابات مجالس المحافظات التي جرت يوم السبت الماضي هي أهدأ انتخابات تجري في العراق منذ الإطاحة بصدام حسين في عام 2003 وأشادت بها واشنطن بوصفها علامة على التقدم في الوقت الذي تخطط فيه لسحب تدريجي لجنودها وعددهم 140 ألف جندي.وركز المالكي برنامج حملته الانتخابية في أنحاء العراق على فرض القانون والنظام ناسبا لنفسه الفضل في تحسن الوضع الأمني.ومع أن حزب الدعوة الذي يتزعمه له جذور شيعية فانه شن حملته فعليا دون إشارة إلى الدين وهو أسلوب يبدو انه كان جذابا في نظر الناخبين الذين أرهقتهم سنوات من الحرب الطائفية.وأوضحت النتائج أيضا أن الأحزاب العلمانية والمستقلة حققت أيضا نتائج طيبة في أنحاء العراق بعد أن اكتسحت الأحزاب الدينية الانتخابات الأخيرة في عام 2005.وفي تباين واضح لم يحقق المجلس الأعلى الإسلامي العراقي الذي يعد حزبا شيعيا مسيطرا في العراق حتى الآن اعتمد على شعاراته ومظاهره الدينية بشكل مكثف وبصورة شاملة في حملته الانتخابية اي فوز في اية محافظة.ومع أن العراق أكثر هدوءا في الوقت الحالي من أي فترة مضت منذ الغزو الذي قامت به الولايات المتحدة في عام 2003 فان انتحاريا قتل 15 شخصا في الشمال قبل ساعات من الكشف عن نتائج الانتخابات مما يذكر بان السلام لا يزال هدفا مراوغا.وكان التفجير الانتحاري هو الأكثر دموية منذ أسابيع. وكانت مثل هذه الهجمات تقع بصورة يومية في ذروة أعمال العنف بالعراق قبل عام ونصف.وأوضحت النتائج التي نشرتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي فاز بنسبة 38 في المائة من الأصوات في العاصمة و37 في المائة في البصرة وهي المحافظة التي تضم ثاني أكبر مدينة في العراق ومعظم صادراته النفطية.وجاءت جماعة يساندها رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في المركز الثاني في بغداد حيث حصلت على تسعة في المائة فقط من الأصوات.وجاء المجلس الأعلى الإسلامي العراقي في المركز الثاني في البصرة حيث حصل على 11.6 في المائة من الأصوات.وكان الفارق الذي حققه ائتلاف دولة القانون أصغر حجما في المحافظات الشيعية الأخرى ومن المتوقع أن يشهد الأسبوع القادم تدافع الأحزاب نحو تشكيل ائتلافات في مجالس المحافظات التي تنتخب محافظين أقوياء.وفازت الأحزاب العربية السنية في نينوى اشد محافظات العراق عنفا بمعظم الأصوات.ويشكل السنة الأغلبية هناك لكن الأكراد سيطروا على إدارة المحافظة بسبب مقاطعة الكثير من السنة لانتخابات عام 2005.ويأمل القادة العسكريون الأمريكيون والعراقيون أن تؤدي عودة السنة إلى السلطة في المحافظة إلى التخفيف من العنف في عاصمتها الموصل حيث ساعد غضب السنة العرب من إبعادهم عن السلطة في احتفاظ تنظيم القاعدة بموطئ قدم هناك.ويبدو أن حزبا علمانيا والحزب الإسلامي العراقي وشيوخ العشائر قد اقتسموا أصوات الناخبين بشكل متساو تقريبا في محافظة الانبار التي كانت يوما معقلا لتمرد السنة العرب. وكان الشيوخ قد توعدوا برفع السلاح إذا فاز الحزب الإسلامي.وكان المالكي يعتبر منذ فترة طويلة زعيما ضعيفا ليس له ثقل في المجالس الإقليمية التي تدير البلدات والقرى العراقية. واعتمد على دعم المجلس الأعلى الإسلامي والصدر في تولي السلطة في عام 2006.لكنه حصل على دعم شعبي في العام الماضي خاصة في البصرة والمناطق الشيعية في بغداد عندما شن حملة أعادت الهدوء للشوارع التي كانت تسيطر عليها ميليشيات الصدر وبإشرافه على الانخفاض الحاد في أعمال العنف خلال العام الماضي.إلى ذلك لم يتمكن مجلس النواب العراقي في جلسة عقدها يوم أمس الخميس من اختيار رئيس له مع اشتداد التنافس بين المرشحين والكتل النيابية على شغل المنصب الذي خلا بإقالة محمود المشهداني في ديسمبر كانون الأول الماضي.ورفع مجلس النواب جلسته إلى يوم غد السبت بعد عدم اكتمال النصاب القانوني لإجراء التصويت لاختيار رئيس للمجلس إثر انسحاب عدد من الكتل.وشهدت أروقة مجلس النواب على مدى اليومين الماضيين تنافسا محموما على منصب الرئيس خلفا للمشهداني الذي أقاله المجلس في منتصف ديسمبر بسبب مشادة كلامية بينه وبين عدد من النواب أثناء إحدى الجلسات.وقال احد أعضاء البرلمان أن خمسة مرشحين لمنصب الرئيس تقدموا في جلسة يوم الخميس بعد أن سحب نائبان ترشيحهما وغاب ثلاثة عن الجلسة.وأضاف أن الأعضاء الذي قدموا أنفسهم هم أياد السامرائي وحسين الفلوجي وعبد مطلك الجبوري وطه اللهيبي ووثاب شارك فيما سحبت ميسون الدملوجي وأسامة النجيفي عضوا القائمة العراقية التي يرأسها رئيس الوزراء السابق اياد علاوي ترشحهما. والدملوجي هي النائبة الوحيدة التي رشحت نفسها.وكانت رئاسة البرلمان العراقي قد اعتبرت ابان تشكيل الرئاسات الثلاث في 2006 على اساس المحاصصة الطائفية والعرقية من حصة قائمة التوافق السنية حيث اتفقت الكتل انذاك على منح رئاسة الجمهورية للاكراد ورئاسة الحكومة للشيعة ورئاسة البرلمان للسنة.وطالبت قائمة التوافق بعد استقالة المشهداني بان يكون المرشح للمنصب من حصتها ورشحت السامرائي وهو الرجل الثاني في الحزب الاسلامي العراقي الذي يترأسه نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي.واثار ترشيح السامرائي اعتراضات شديدة من باقي الكتل وخاصة تلك التي تتشكل منها قائمة التوافق نفسها. وطالب مجلس الحوار الوطني الذي يترأسه خلف العليان وهو من بين كتل التوافق بان يكون المرشح من نصيبه خصوصا ان رئيس البرلمان المقال كان عضوا في مجلس الحوار.وسرعان ما ادى الخلاف الى انفراط عقد التوافق. ورشح العديد من الاعضاء من التوافق ومن خارج التوافق انفسهم لشغل المنصب حتى بلغ عددهم عشرة.ومن ابرز المرشحين الى جانب السامرائي الفلوجي الذي كان ينتمي الى التوافق قبل ان يعلن انفصاله عنها وعبد مطلك الجبوري الذي ينتمي الى الكتلة العربية وهي كتلة سنية تتألف من عدد محدود من الاعضاء ومهدي الحافظ وهو من اعضاء القائمة العراقية مثل النجيفي والدملوجي.وشهدت اروقة مجلس النواب خلال الايام الماضية اجتماعات مطولة للاتفاق على الية لاختيار رئيس للمجلس.وقال الفلوجي ان جلسة يوم الخميس شهدت الاتفاق على الالية وستكون على مرحلتين “يتم في الاولى طرح اسماء جميع المرشحين امام المجلس للتصويت وفي حالة فوز احدهم بالاغلبية المطلقة يكون رئيسا للبرلمان.”واضاف “وبخلافه يصار الى اعادة التصويت مرة اخرى على اثنين من المرشحين واللذين حصلا على اعلى نسبة من الاصوات في المرحلة الاولى.. ومن يحصل على الاغلبية المطلقة يكون رئيسا للبرلمان.”ويتكون المجلس من 275 عضوا وتعتبر الاغلبية المطلقة هي نصف عدد الاعضاء زائد واحد وهي 138 صوتا.واتهم النائب سليم الجبوري عضو التوافق احزابا وكتلا برلمانية من بينها كتلة حزب رئيس الحكومة نوري المالكي وهو حزب الدعوة بالعمل على تعطيل عمل المجلس واعاقة انتخاب رئيس له.وقال في مؤتمر صحفي بعد انتهاء الجلسة “إن بعض القوى السياسية كشفت اليوم عن نيتها في تعطيل جلسات المجلس.”واضاف “مثار غرابتنا ان من بين الاحزاب التي انسحبت حزب رئيس الوزراء (الدعوة) التي انسحبت عند البدء بالترشيحات لمجلس رئاسة النواب.”ووصف الجبوري الانسحاب بانه “غير مبرر... ادى الى اختلال النصاب لم يستطع فيها المجلس من اكمال الجلسة واجراء التصويت.”