نبض القلم
إن حادثة الإسراء والمعراج غنية بالحكم والعبر التي نشير إلى أهمها:1. مواساة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم وشد أزره. كان عليه السلام يرتكز في دعوته - بعد الله - على عمه أبي طالب ، وزوجته خديجة.- كان أبو طالب يحميه من أذى المشركين ويمنع عنه تعذيبهم وبطشهم.- كانت خديجة تواسيه وتأسو جراحه بحنانها وحبها .- وفي عام واحد فقد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) عمه وزوجته معاً .- وتطاول عليه المشركون واشتد اجتراؤهم عليه ، وإيذاؤهم له. - وبدا المستقبل حالكاً ،وفي هذه اللحظة وقعت حادثة الإسراء والمعراج.- فأسري بالرسول وعرج به ، وكأن الله تعالى يمد رسوله بشحنة من العزم والأمل وكأنه يقول لرسوله : إن ضاقت بك الأرض ، وأعوزك المكان، فالسماوات موطئ قدميك ، والملا الأعلى جند لك ، والنصر يسعى إليك وفي ركابك.2. بيان أن دين الله واحد ، وأن الأنبياء إخوة لقد .جاءت حادثة الإسراء والمعراج لتؤكد الصلة الوثيقة بين أنبياء الله كحزب واحد ، يدعو إلى دين الله الواحد ، ففي حادثة الإسراء والمعراج أن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) أمَ الأنبياء وصلى بهم جميعاً صلاة جماعة واحدة . هذا تأكيد عل اتحادهم واتحاد الدين الذي يدعون إليه جميعهم.وأما في المعراج فقد كان ( صلى الله عليه وسلم) يستقبل في كل سماء يصعد إليها من الأنبياء بهذه التحية ( مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح) وهذا تأكيد لأخوة الأنبياء ووحدة الدين.3. إظهار الصلة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى وتأكيد هذه الصلة في مشاعر المسلمين.والصلة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى صلة قديمة ووثيقة ومتينة، فكلاهما بيت من بيوت الله التي كرمها الله على سائر بيوته. وفضل بقعته وإقليمه على سائر البقاع والأقاليم . وكل منهما:- مهبط لوحي الله- ومستقر لأنبيائه ورسله.لقد ظلت الرسالات السماوية زمناً محصورة في بني إسرائيل فلما انتقلت إلى بني إسماعيل في مستقرهم بجوار البيت الحرام ظن البعض أن المسجد الأقصى فقد مكانته نهائياً ، بانتقال النبوات من جواره.ولذلك جاءت رحلة الإسراء لتؤكد الصلة الوثيقة بين المسجدين ولتغرس في نفوس المسلمين مشاعر تقديس المسجد الأقصى وتعظيمه ووجوب رعايته وتطهيره من كل ما يشينه أو يمس مكانته المقدسة.والله سبحانه وتعالى قال فيه “ الذي باركنا حوله” ولم يقل “ باركنا فيه” وذلك حتى لا يقتصر اهتمام المسلمين بالمسجد فقط ، دون الاهتمام بما حوله من أرض فلسطين جميعها ، وحتى لا يفرطوا بشبر واحد من تلك الأرض المقدسة.4.تمحيص المسلمين وتمييز صادقهم من كاذبهم قبل الإقدام على الهجرة الكبرى.لقد وقعت حادثة الإسراء والمعراج قبيل الهجرة من مكة إلى المدينة وهي هجرة تحتاج إلى أصحاب الإيمان القوي واليقين الثابت ، الذي لا يضعف تحت ضغط الشدائد والأهوال .5. فرض الصلاة ، وهي الجائزة الكبرى التي منحها الله لرسوله ( صلى الله عليه وسلم) في هذه الرحلة المباركة فقد شرعت الصلاة في السماء وبدون واسطة على خلاف الفرائض الأخرى التي فرضت في الأرض بواسطة جبريل لكي تكون سبيلاً لعروج الإنسان إلى راقي السمو والكمال والبعد عن الدنيا والفواحش.6. إطلاع الرسول ( صل الله عليه وسلم) على بعض آيات الله:وهذه هي الحكمة التي صرح بها القرآن الكريم في قوله “ لنريه من آياتنا “ في سورة الإسراء وقوله “ لقد رأى من آيات ربه الكبرى” في سورة النجم.وبعد لقد كانت حادثة الإسراء والمعراج هي الدافع الأكبر الذي ربط قلوب المسلمين بالمسجد الأقصى وبأرض فلسطين ، وكانت هي الدافع الذي حدا بالمسلمين إلى التمسك بالقدس وأرض فلسطين والدفاع عنها وسقط مئات الشهداء من أجل تحريرها.[c1] * خطيب جامع الهاشمي بالشيخ عثمان[/c]