وسط ترقب لمشاركة محمد عابد الجابري في معرض الرياض الدولي للكتاب
الشيخ عبد الرحمن البراك المفكر المغربي محمد عابد الجابري،
الدمام/ إيمان القحطاني:أصدر عالم دين سعودي فتوى “حذّر” فيها من المفكر المغربي محمد عابد الجابري، واصفًا إياه بـ”الماهر في التمويه وخداع القارئ”، وأنه “نافث فكر عفن”، وذلك بينما يتوقع أن يشارك الجابري في فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي تنظمه وزارة الثقافة والإعلام السعودية.وكان الشيخ عبد الرحمن البراك سُئِل عن كتاب صدر مؤخرًا للجابري بعنوان “مدخل إلى القرآن الكريم”، وأورد السائل أن الكتاب تضمن فصلاً بعنوان “جمع القرآن ومسألة الزيادة فيه والنقصان”، اقتبس فيه أقوالا حول حدوث أخطاء وقت جمع الكتاب الكريم، زمن عثمان أو قبل ذلك، ونقل السائل عن المفكر المغربي قوله “فالذين تولوا هذه المهمة لم يكونوا معصومين، وقد وقع تدارك بعض النقص كما ذُكر في مصادرنا”.وجاء الردّ في فتوى نشرت على موقع “شبكة نور الإسلام”؛ إذ اعتبر البراك أن “صاحب هذا الكلام مسؤول عنه، فإنه ماهر في التمويه ومخادعة القارئ في نفث فكره العفن مما أدى إلى اغترار كثير من الأغرار بكلامه وكتبه”.كما دعاه إلى التوبة قبل موته، مطالبا إياه بـ”أن يعلن إيمانه بسلامة القرآن من التغيير والتبديل”.وقال الشيخ البراك “إن الجابري لم يؤثِر الصراحة خوف التشنيع عليه وافتضاح فكره، فآثر أن يجعل الأمر محتملا، بل جعل احتمال التغيير في القرآن راجحا”، مكذبًا نظرية حدوث خطأ حين جمع القرآن.من جهته استنكر د. سليمان الضحيان الطريقة التي تمت بها استفتاء البراك، معتبرا السؤال “ملغوما وموجّها، ويحمل الإجابة في طياته”. وقال الضحيان، وهو المكلف بإدارة المحاضرة التي سيلقيها الجابري في معرض الكتاب، يوم الخميس المقبل، تحت عنوان “تجربتي التأليفية”، إنه “بالإمكان قراءة الهدف من السؤال من خلال خاتمته التي عبّرت عن احتفاء خصوم الإسلام في الأوساط الثقافية بكتاب الجابري”. واستطرد، في حديث نشره موقع “العربية.نت”، الجمعة 3-6 2008 “هذا الكلام الذي ختم به السؤال هو محض كذب وافتراء رخيص ممن لا يتقي الله في اتهام الغافلين والخوض في أعراضهم، فلا انتشار ولا فرح ولا غيره، وإنما قالوه لأنهم يريدون به التهويل على المفتي وحمله على الإفتاء بما يريد المستفتون”.ونبه الضحيان الشيخ البراك إلى ضرورة الانتباه إلى “مثل هذه المصيدة التي تستخدم لحمل المفتين على القول بما يهوى المستفتي، خاصة أن الشيخ يتضح من كلامه أنه لا يعرف الجابري ولم يقرأ له، ولا يختلف اثنان أوتيا علمًا بالشريعة أن الجابري في كثير من كتبه نافح عن الإسلام”، ويضيف “من المفارقات هنا أن الجابري مغضوب عليه من قبل جمهور كبير من غلاة العلمانيين، لاتهامهم له بأنه يروج للفكر الأصولي في كتبه، خاصة كتابيه “الظاهرة الثقافية” و”المدخل”.وأضاف الضحيان “بينما اتهمه الكاتب السوري جورج طرابيشي بمعاداة العلمانية، نجد أن الشيعة ناقمون على الجابري جدّا؛ لأنه يرى أن الفكر الشيعي لا عقلاني، مستمد من الفكر الغنوصي؛ حيث تحدث عن الفكر الشيعي وجعله تحت العقل المستقيل في كتابه “تكوين العقل العربي”.واتهم الضحيان المستفتي باقتطاع “نص موهوم من كلام الجابري”، شارحًا أن الأخير “تحدث عن جمع القرآن في فصل كامل يربو على 30 صفحة، وأورد فيه أقوال العلماء، ثم خلص إلى أن القرآن وصل إلينا كاملا لا تحريف فيه، ولا زيادة ولا نقص”. وردًّا على السؤال الذي تم توجيهه للبراك، قال الضحيان إن الجابري لم يخرج عن منهج العلماء الذين تحدثوا عن جمع القرآن، وإيراد الروايات في ذلك، كما صنع السيوطي في”الإتقان” والزركشي في “البرهان”، مستطردا “مجرد إيراد رواية أو الإشارة إليها لا يعني تبنيها، خاصة أن الجابري نص بكلام جلي لا لَبس فيه ولا غموض، على أن جمع القرآن في صياغته النهائية لا نقص فيه؛ إذ تدارك الصحابة ذلك”، وأكمل “وكان الظن بالشيخ البراك أن يتورع في فتواه، ويطلب كتاب الجابري كاملا، ثم إن رأى فيه خطأ يجب أن يحمله على المحمل الحسن؛ نظرًا لحسن قصد المؤلف”.في ذات السياق، أعد الشيخ سليمان الخراشي، المعروف بـ”صاحب الرد على العصرانيين والعلمانيين”، تقريرًا مطولاً “عن محمد عابد الجابري ضيف معرض الكتاب بالرياض” للتحذير من “خطورة فكر” الجابري، الذي يعدّ من أهم المفكرين العرب في العصر الحديث؛ حيث صدرت له عدة مؤلفات كان أشهرها سلسلة “نقد العقل العربي”، وكتاب “مدخل إلى القران الكريم “ الذي صدر عام 2006م.يُشار إلى أن دورات سابقة للمعرض كانت قد شهدت مشادات واعتراضات كلامية ممن يطلقون على أنفسهم “محتسبي المنكرات الشرعية”، مع بعض ضيوف المعرض كرئيس تحرير جريدة الرياض تركي السديري، كما بدأ بعضهم في وضع ملفات خاصة بالدورة الحالية، لتجييش المحتسبين ضد المعرض وفعالياته.