دعاني إلى كتابة ما عندي في هذا الموضوع ، موضوع العزيز فيصل الصوفي في عموده المبدع ( غضون) في هذه الصحيفة ليوم السبت الماضي 29 / 5 / 2010م بخصوص تقديس من يسمون أنفسهم بأهل السنة للماضي والسلف ورفضهم أي تناول نقدي للسلف كأنهم آية من كتاب الله عز وجل ! وأعتقد أن مساواة “ السلف “ بالقرآن والرسول في القداسة أمر في غاية السفه والبطلان ! ومن هو هذا السلف الذي يحرم علينا أهل السنة أن نتناوله بشيء من الدراسة والنقد والتحليل العلمي والموضوعي والذي يعد رصيد السلفية وأهل السنة في هذا النقد العلمي التحليلي كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود !!؟إنهم يحرمون علينا أن نتناول التاريخ وبعضاً من حقائقه بالدراسة والنقد والتحليل العلمي، حتى لا تنفضح عورات أئمة الجور الطغيان من بني أمية ثم من بني العباس الذين صاغوا مذهبهم وأحكموا قواعده حتى تسير دولتهم بدعم من نصوص مفتراة قد تم إلصاقها وإسنادها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض أصحابه تبيح للحاكم قتل من شاء متى شاء ! وجلد ظهر من شاء متى شاء وأخذ أموال من شاء متى شاء( !!) .وأما مجرد الاعتراض والإنكار فهو عندهم مذهب الخوارج والمعتزلة والشيعة الذين ينكرون على أئمة الجور مروقهم وباطلهم زعموا ! وهم بذلك إنما يبيضون وجه وتاريخ هذه الفرق في الوقت الذي يظهرون أنفسهم خانعين سليبين أذلة يجعلون من ظهورهم مطية للسلطان ! ويجعلون من أمولهم مغرماً مغرياً لنهبه وسلبه ! ويجعلون من الدين خادماً أميناً وطائعاً مسكيناً لأهواء الظلمة والجبارين من أئمة الجور وعلماء السوء بدليل دفاعهم المستميت عن رموز الظلم والجور في دولتي بني أمية والعباس الذين يحرص السلفيون على الدفاع عنهم والاستماتة من أجل تبييض كامل عهدهم بما في ذلك المحزن القبيح ! ترى أين كان هذا السلف الصالح عندما كان علي ابن أبي طالب رضي الله عنه يُلعن من على منابر الإسلام في الحرمين الشريفين والطائف ومصر والشام والعراق وخراسان (؟!!!) وقد دام هذا اللعن طوال 90 عاماً هو عمر أئمة الجور من بني أمية حتى أوقف اللعن الخليفة الراشد من بني أمية عمر بن عبدالعزيز رحمه الله ! وما سر هذا السكوت عن لعن رجل من أئمة الإسلام ومن السابقين الأولين بل أول من أعتنق الإسلام بعد خديجة بنت خويلد رضي الله عنها بينما لو قمت بمجرد نقد رجل من بني أمية ممن أسلم بعد الفتح ومن الطلقاء الذين ليسوا بمهاجرين ولا أنصار قامت قيامة السلفية عليك وجعلوا من نقده سبباً لتكفير فاعله وقائله ! وهم يتناقضون ويقولون لا يسب أصحابه صلى الله عليه وسلم إلا فاجر أو فاسق (!) قلنا : نعم، لو تطبقون هذا الحكم على كل من شتم وأمر بشتم الصحابي علي بن أبي طالب من على منابر مكة والمدينة وسائر بلاد الإسلام !! .. وكان من سبب هذه الفاحشة - أي لعن علي رضي الله عنه - أن تربى أجيال عالة على العهد الأموي في احتقار أهل البيت وإيذائهم، وما قتل الحسين بن علي رضي الله عنه إلا وليد هذه الثقافة التي استهانت بمقام النبوة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام . أما إذا علمت أخي القارئ الكريم أن الخليفة الأموي يزيد بن معاوية الذي أمر وبارك بقتل الحسين هو من يدافع عنه السلفيون ويترضون عنه ويسبون ويلعنون لاعنيه وهو الذي قتل سيد شباب أهل الجنة كما في حديث للرسول صلى الله عليه وسلم . وفي السلف حدث قتل وتشريد عدد من الصحابة وأهل البيت من السلف الصالح كقتل طلحة والزبير وعبدالله بن الزبير والحسن والحسين وأبنائهما وضربت الكعبة بالمنجنيق من قبل والي بني أمية على العراق الحجاج بن يوسف الثقفي .. وأما الخلف فهم الذين تقبلوا بدون معارضة تعظيم جميع الصحابة بمن فيهم الذين شهد النبي _ صلى الله عليه وسلم- والقرآن عليهم بالبغي والدعوة لأتباعهم إلى النار كما في حديث “تقتل عمار الفئة الباغية إنه يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار “ وهو صحيح حتى عند الذين قتلوا عمار بن ياسر !! .. والخلف هم الذين يهابون الكعبة ويعظمونها أي تعظيم بينما قدر القرامطة على سرقة الحجر الأسود سنة 317هـ وهو عهد السلف ! والخلف هم الذين كفوا عن ذكر مساوئ أكثر السلف وتكلفوا ستر معايبهم وقالوا كل خير في اتباع من سلف ! والخلف هم الذين تم في عهدهم تحرير الرقيق إلى الأبد وتحقيق غاية الإسلام من الأمر بالعتق وتجفيف منابع الرق!! هذا الخلف الذي لم يجد في نظري إلى اليوم من ينصفه ويقول فيه كلمة حق يذكرها له التاريخ في محافل الكتب والـتأليف ! هذا الخلف هم الذين يهابون الأحداث في الحرم ويعظمون حدوده ولم يقتلوا أصحاباً ولا أهل بيت النبوة ولا مخطئاً ولا مصيباً في داخل جوف بيت الله الحرام .. الخلف هم الذين عظموا المسجد الحرام والمسجد النبوي وبنوه ووسعوه على طراز وتكليف وتصاميم لم يقدر عليها السلف برمتهم أحمعون وصار الحرمان في عهد الخلف أكثر أمناً واحتراماً وتعظيماً مما كانا عليه في عهد يزيد والحجاج وعبد الملك بن مروان ! وصار الحجيج أكثر عدداً وأوفر أمناً وأفضل حظاً في عبادة منيبة مطمئنة!الخلف هم الذين عظموا القرآن وطبعوه وجلدوه في أوراق لم يعرفها السلف ولا اهتدوا إليها سبيلاً !.. وصارت حروف القرآن ومطابعه تملأ كل الدنيا وصارت آياته بين يدي كل خاشع يتدبر كلام ربه ويناجيه وهو ما لم يكن في السلف ( الصالح ) ، والخلف هم الذين بنوا الجامعات وشيدوا صروح التنوير من معاهد ومدارس واختصاصات علمية مختلفة وطبعوا الكتب في التفسير والحديث والفقه مما أصبح تداولها أمراً يسيراً لم يكن على عهد السلف !ولست أعني بالسلف أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم المهاجرين والأنصار كلا ، بل أعني من ابتدأ في عهدهم لبس الحق بالباطل بدءاً من بني أمية فما بعدهم والذين يدافع عنهم السلفيون ويفتدون أيامهم بالدم والروح والدين إن لزم الأمر. والكلمة العدل أنهم ليسوا سواء فالصالحون من السلف العلماء والمؤلفون هم كذلك على خط آخر من الخير والتوفيق لأنهم كانوا كذلك في ظروف تكنولوجية وصناعية مختلفة أو معدومة ، فنالوا بذلك حق التشريف تماماً كما قال صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه: انتم أصحابي وهم إخواني لأنكم تجدون على الخير أعوانا ، ولا يجدون عليه أعوانا!!
أخبار متعلقة