موسمها شعبان و رمضان و شوال
صنعاء / سبأ :ماتزال حرفة الحباكة كبقية الحرف اليدوية تصارع من أجل البقاء ، و لعل هذه الحرفة (بالتحديد) في نزعها الاخير ... وهو ما يؤكده حرفيوها ممن تمثل هذه الحرفة مصدر (لقمة العيش) لاسرهم .. في هذا التقرير اقتربنا منهم و منها فكانت الصورة شبة قاتمة .حرفة الحباكة كما تسمى في (سوق الملح) بصنعاء القديمة هي التي يعنى حرفيوها بتجليد الكتب لحفظها وصيانتها من التلف و هي الحرفة التي انحصر نشاط حرفييها حتى باتت لا تستخدم إلا لتجليد المصحف الشريف ، فجميع من يأتي إلى هاشم أو عبد المحسن لحباكة كتاب لا يأتي الا و معه نسخة من القرآن الكريم ليحفظه من التمزق.سابقا في سوق الملح كان هناك ثلاثة عشر حباكا كل دكان بجانب الاخر مشكلين ما عرف (سوق الحباكة) الذي يقع شمال شرق الجامع الكبير بداية مدخل سوق الملح من الجهة الغربية .و كما أوضح لنا هاشم السراجي صاحب محل حباكة الكتب فانه لم يبق من هذه الحوانيت اليوم إلا خمسة.و يرى هاشم الذي يعمل في هذه الحرفة منذ أحد عشر عاماً و تعلمها عن أبيه الذي ظل يعمل في هذه الحرفة خمسة و سبعين عاما .. يرى أن سبب تناقص عدد حرفيي الحباكة من وقت إلى آخر هو عند موت أحد الحرفيين لا يوجد من يخلفه من أبناءه لعزوفهم عن هذه الحرفة و قلة الإقبال على حباكة المصاحف و الكتب كما في السابق بالاضافة الى استخدام آلات المطابع في صيانة الكتب، معتبراً الحباكة اليدوية اكثر اتقان و قوة لصيانة الكتاب.أما عبد المحسن أحد حرفي الحباكة منذ خمسة عشر عام تعلمها من أبيه الذي أنشغل بالتدريس في الجامع الكبير فارجع سبب قلة حرفيي الحباكة إلى عدم اهتمام الجهات المعنية بهذه الحرفة الى ارتفاع أسعار الجلد بالاضافة الى ان الناس لم يعودوا يهتمون بصيانة كتبهم بحباكتها كما في السابق.استخدامها: وبيَّن أن الحباكة تستخدم لصيانة و تغليف الكتب و الدفاتر والسجلات التجارية و كذا البصائر القديمة و المخطوطات. موسمها: إما عن الموسم الذي يتوافد فيه الناس لحباكة مصاحفهم و كتبهم فيقول هاشم : إن موسم الحباكة هو في شعبان و رمضان الكريم و شوال، واشار الى انه ينجز في الشهر الواحد حباكة نحو خمسين كتابا وهو رقم يزيد او يقل احياناً حسب الطلب .أنواعها و تتعدد أنوع الحباكة حسب طلب صاحب الكتاب او المصحف فهناك حباكة فاخرة وعادية حسب ما ذكر هاشم فالحباكة الفاخرة تكون بحباكة غلاف الكتاب بالجلد كاملاً و هذا النوع يحفظ الكتاب لـ 150 عاما كما هو وهناك اضافات أخرى حسب طلب من يريد حباكة كتابه او مصحفه كمثل النقش على الجلد و الزخرفة و طلائها بماء الذهب ، و من أنواع الحباكة تطبيق الزرائر على الكتب، ووضع القلاب على الكتب. أما عبد المحسن يحيى الديلمي، فيضيف عن أنواع الحباكة بأن هناك تجليد من جانب واحد للحفاظ على الكتاب و هذا النوع الشائع لقلة تكاليفه ويحفظ الكتاب لعشر سنوات ، و نوع آخر بإضافة ردافة (لسان تغلق المصحف أو الكتاب) كما إن هناك إضافة العشار (الخيط الذي يتم إلى مكان الصفحة التي توقف عندها القارئ) وتكون العشار من الجلد أو خيط عادي.و أشار إلى نوع من الحباكة يسمى ب(البراويز) يعطي للحباكة منظراً جمالياً وتتم بإضافة قطعة قماش أو كرتون تحت مناطق من الجلد الذي على الكتاب في المرحلة الأخيرة من الحباكة ودلكها فوق الجلد. ومن الإضافات التي تعمل لحباكة الكتب حسب طلب صاحب الكتاب الذي يريد حبكه وضع زوايا على غلافي الكتاب من الجلد وعمل زغارف ونقشات على الجلد.و يوضح هاشم أن الحباكة كانت سابقاً تستلزم عليهم وقت وجهد وعمل وتكاليف كبيرة من خلال حباكة غلاف المصحف كاملاً بالجلد مما كان يحتم عليهم قلة العمل. أما الآن فيتم حصر الحباكة واختصار الوقت والجهد ومضاعفة العمل أي بإنجاز الكثير من حباكة الكتب.و أضاف عبد المحسن أن الحباكة كانت قديما بحبك الكتب على قطع متجزئة مثال على ذلك نشر الكتاب ثم خياطته أجزاء منه على عشرين ورقة ثم التي تليها و هكذا كل على حدة أولا ومن ثم جمعها بالقماش وخياطة الكتاب مرة أخرى وتسمى هذه المرحلة بثني الخياطة من الجانبين من الرواسي والقيطان أي أعلى الكتاب و أسفله و من ثم يتم إضافة الجلد في المرحلة الأخيرة و في هذه المرحلة كان يستخدم الغراء للصق الجلد مادة الدقيق المعجن، و ضغطه بالقراص الحديد ومن ثم القراص الخشبي والذي يسمى بالشماسة لمدة أربع إلى خمسة أيام.و تحدث هاشم عن أدوات عمل الحباكة بأنها ملزمة من الحديد و هي التي تقدم بعملية ضغط الكتب لإتمام عملية الحباكة، و السكاكين، المقصات ، ملزمة القراص الخشبية وظيفتها تشميس الكتب بعد إضافة الجلد والغراء. و عن عملية الحباكة يوضح هاشم أنها تبدأ الحباك بفك خيط الكتاب وقصه و بعد ذلك إضافة ورقتين و إضافة الغراء و بعدها إضافة البز (قطعة قماش) ومن ثم قطع الكتاب وخياطته وقص الغلافات وتطبيق الجلد بالغراء ثم رزمه في الملزمتين الحديدية والخشبية ثلاث إلى أربعة أيام ليجف.