لقد ظلت بلادنا اليمن لسنوات طوال ترزح تحت نير الحكم الاستعماري البريطاني في الجنوب والإمامي في الشمال غير ان ثورة 26 سبتمبر بأبعادها الوطنية في الشطر الشمالي من الوطن آنذاك قد حققت العديد من المكاسب لشعبنا على الرغم من المصاعب التي واجهتها داخلياً وخارجيا،ً أهمها: القضاء على الحكم الإمامي الكهنوتي، وإقامة الجمهورية وإخراج البلاد من اوضاع القرون الوسطى المظلمة الى رحاب العصر العامر. وقد كان للدعم المادي والسياسي والعسكري والثقافي الذي قدمته مصر بزعامة عبدالناصر اثره الايجابي في تعزيز صمود القوى الوطنية اليمنية في الدفاع عن الثورة والجمهورية. غير ان اهم منجزات ثورة 26 سبتمبر انها شكلت قاعدة انطلاق خلفية لقيام ثورة 14 اكتوبر المسلحة عام1963 في الشطر الجنوبي من الوطن بقيادة الجبهة القومية وبالتعاون مع جماهير الشعب. لقد هبت جماهير شعبنا-شمالاً وجنوباً- للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر1962وصلّبت الكثير من المناضلين واكسبتهم مهارة في استخدام السلاح وانتقلوا فيما بعد للمشاركة في انتصار ثورة 14 اكتوبر وكان في مقدمتهم غالب بن راجح لبوزة، صالح مصلح قاسم، سعيد صالح وغيرهم. كانت ثورة 14 أكتوبر 1963 الخالدة حرباً تاريخية من بطولات شعبنا انتهت بعد اربع سنوات من النضال الملحمي بالنصر الشعبي العظيم الذي سيظل يفتخر بها شعبنا اجيالاً إثر أجيال بعد ان تمكن من التخلص من حكم استعماري دام لاكثر من 129 عاماً. فعبر مراحل النضال المختلفة التي خاضتها جماهير شعبنا من اجل القضاء على النظام الاستعماري. شاركت المرأة في هذا النضال، وفي خضمه، وبتطور الحركة الوطنية وتمكنها من النفاذ الى اوساط المرأة تنامت مشاركتها اكثر فاكثر. ففي العام 1958 بدأت الحركة النسائية اليمنية في النضال بشكل متطور نسبياً، ومن اجل احتواء نضالها سمح الاستعمار بإنشاء مؤسسة نقابية للمرأة لأول مرة في تاريخ البلاد، وبذلك تأسست«جمعية المرأة العدنية» برئاسة ام صلاح محمد علي لقمان لتنظيم المرأة في المدينة (عدن)، واقتصر نشاطها على تقديم بعض الاعمال الخيرية والنشاطات الاجتماعية. ومع نمو الوعي السياسي في صفوف المرأة في مدينة عدن اتضح لها عجز قيادات جمعية المرأة العدنية فتكونت«جمعية المرأة العربية» بقيادة رضية احسان الله، وليلى الجبلي، الا انها لم تختلف من حيث تكوينها عن جمعية المرأة العدنية. لقد قاومت الحركة النسائية اليمنية السلطة الاستعمارية في عدن وقادت النساء مظاهرات حاشدة عام 1959م احتجاجاً على اساليب السلطة الوحشية في قمع الجماهير. ولم تتوقف نضالات المرأة ضد محاولة الاستعمار مسخ الشخصية الوطنية عن طريق فرض مناهجه الاستعمارية مما دفع بطالبات ثانوية خور مكسر للبنات الى القيام بالاضراب العام والخروج في مظاهرات ضد المناهج الاستعمارية في العام 1962م سرعان ما انتشر خبرها الى مدارس البنين واشتركا معاً في مظاهرات صاخبة تندد بالاستعمار ومشاريعه جابت معظم شوارع عدن عدة أيام مما دفع بالسلطة الاستعمارية الى اغلاق المدارس والكليات عدة اشهر، بعدها لم تجد معها السلطة الاستعمارية سوى دفع وزير التربية والتعليم آنذاك الى عقد اجتماع مع الطالبات واولياء امورهن والرضوخ الى مطالبهن. الا ان التحول الحاسم الذي شهدته بلادنا منذ اكتوبر 1963 بانتهاج اسلوب النضال المسلح ضد الاستعمار وعملائه في المنطقة قد دفع المرأة الى المشاركة بفعالية في النضال من اجل السيادة والاستقلال. لقد لعبت المرأة دوراً هاماً في نجاح الكفاح المسلح واسهمت في خوض مختلف اشكال النضال السياسي التحرري منذ اللحظات الأولى للثورة.. فقد حملت السلاح وقاتلت ضد قوات الاحتلال البريطاني اذكر على سبيل المثال الفقيدة: دعرة لعضب والفقيدة ام شائع. كما ساهمت في تحرير المناطق الريفية وفي حراسة المناطق المحررة.. من داخل الجبهة القومية ومن داخل جبهة التحرير.. لقد اثبتت المرأة فعاليتها ابان المعارك السياسية وخاصة في عدن فشاركت في التنظيمات السياسية وتصدرت المظاهرات وقامت بتوزيع المنشورات والبيانات كما شاركت في نقل الرسائل والاسلحة والذخيرة وفي توفير الغذاء للمناضلين وفي رصد تحركات القوات البريطانية وعملائها وتزويد الثوار بالمعلومات وقيادة الاضرابات واخفاء الفدائيين وتوعية النساء وتعبئتهن للوقوف الى جانب الثورة وجمع التبرعات منهن. كما اسهمت المرأة في نضالات النقابات العمالية وفي تكوين النقابات الست عام 1966م التي وقفت الى جانب الثورة. كما شاركت المرأة والفتاة اليمنية في نضال الحركة الطلابية ودورها المعروف في النضال ضد الوجود الاستعماري وبهدف انتصار ثورة 14 أكتوبر المجيدة. في خضم ذلك النضال الوطني التحرري تشكل القطاع النسائي للجبهة القومية الذي لعب دوراً بارزاً وموازياً لدور مختلف قطاعات الشعب الاخرى واستطاع ان يسهم وبوعي في تحرير الوطن كما استطاع هذا القطاع وبمساعدة رفاقه في التنظيم ان يبني قطاعاً نسائياً منظماً قادته الفقيدة زهرة هبة الله علي التي وصلت الى اعلى المراتب التنظيمية حينها، وهي الشعبة حيث كانت عضواً في شعبة عدن اي في قيادة التنظيم في العاصمة. لقد كانت المراتب التنظيمية للقطاع النسائي للجبهة القومية تتكون من التالي: - الحلقه، الخلية، الخلية القيادية، الرابطة، الشعبة (زهرة هبة الله علي)، قيادة مركزية - الرابطة وكانت تضم نجوى مكاوي، فوزية محمد جعفر ، انيسة الصايغ، فطوم علي احمد، عائدة يافعي، ثريا منقوش، فتحية باسنيد، نسيم عبد الخالق. - الخلايا القيادية: وتضم نجيبة محمد عبدالله، آمنة يافعي، عيشة سعيد ناليه، شفيقة مرشد، أنيسة احمد سالم، رجاء احمد سعيد، خولة شرف، اسمهان عقلان، سلوى مبارك، واخريات كثر. الخلايا: وتضم فطوم عبد اللطيف، آسيا مرشد، سميرة قائد محمد، سميرة الخطيب، سعاد يافعي، خديجة قاسم، شفيقة عراسي، وديعة عزعزي، انيسة سليمان، سهام احمد عبد المجيد، الهام عيدروس، انيسة عبود، عايشة محسن واخريات كثر. كما لعب القطاع النسائي لجبهة التحرير دوراً لايقل أهمية تحت قيادة الاخوات: ليلى جبلي، ورضية احسان الله، ونعمة سلام، وزنوبة حميدان، وبنفس القدر من الحماس لعب القطاع النسائي لحزب الاتحاد الديمقراطي الشعبي وحزب البعث العربي دوراً لايستهان به. لقد نالت المرأة اليمنية شرف الاستشهاد ومنهن: الشهيدة خديجة الحوشبية، والشهيدة عائشه كرامة، والشهيدة فاطمة. كما نالت امرأتان شرف الاعتقال على ايدي سلطات الاحتلال حيث اقتيدت المناضلة الفقيدة نجوى مكاوي والمناضلة فوزية محمد جعفر اللتان كانتا في سيارة تقودها الأولى الى معتقل بشرطة خور مكسر بعد ان ضبطا وهما يقمان بتوزيع منشورات للجبهة القومية في المناطق تدعو الجماهير الى مسيرة جماهيرية لتشييع جثمان الشهيد الفدائي عبود. كما لن انسى الجسارة التي كانت تتمتع بها المرأة اليمنية حيث كن يصعدن الى منابر المساجد ويذعن منشوراً للتنظيم وكانت على رأسهن المناضلة الفقيدة زهرة والمناضلة انيسة الصايغ وعائدة على سعيد، وفوزية جعفر، وكانت الدوريات العسكرية تحاصر المسجد.. ولم تكن المرأة في الشطر الجنوبي من الوطن بمعزل عن نضال الحركة الوطنية اليمنية.. ففي العام 1967 قام وفد نسوي من الشطر الجنوبي بزيارة الى الشطر الشمالي للتعرف على نضال الحركة الوطنية اليمنية وتبادل الخبرات.. وقد تكون الوفد من الاخوات زهرة هبة الله علي ، نجوى مكاوي، عائدة علي سعيد، وفوزية جعفر.. لقد شكل نضال المرأة اليمنية علامات مضيئة في سجل تاريخ شعبنا اليمني النضالي.. فلنواصل النضال مهما كان الدرب شاقاً وطويلاً.. ولتظل الراية التي تسلمناها من شهدائنا الابرار خفاقة على الدوام..
دور المرأة اليمنية في النضال الوطني والكفاح المسلح
أخبار متعلقة