رحلتي مع المسرح
[c1]الشاعر المعلول بين كيوبيد وحواء [/c]في الحلقة الماضية من هذه السلسلة برقم (206) المنشورة يوم الأحد 9/4/2006م. من صحيفة (14) أكتوبر الغراء وقفت بالقارئ والشاعر المعلول يهذي وهو مستلق على كثيب من الرمل، وقد قرر الرجل الذي يئس من مساعدته أن ينصرف عنه، ومضى وهو يحدث نفسه : لو قام هذا الجبل المجنون ودكني، ولا هنا معين، فكيف يا ترى أنا أكون؟ (ويتابع متسائلاً) : ماذا يحس الرجل علته مجهولة.. (ثم يتركه ويمضي.. ويظهر كيوبيد وحواء على المسرح وخلفهما الشاعر مستلق على كثيب الرمل ونسمع كيوبيد يقول لحواء : هيا بنا نتلافى بائساً تعساً (حواء) : أبائس؟ ذاك إنصاف من القلم.وهنا يقيم المؤلف جدالاً بين كيوبيد وحواء، فكيوبيد يعطف على الشاعر الرجل، ويرى فيه بائساً تعساً، أصابه من عشيقته الهجران والبغض واتهامه بكل نقيصة بسبب ما جرى لها، ووأد وليدها نتيجة حبه وعشقه.. بينما (حواء) ترى فيما أصاب الشاعر من البلوى والمصائب إنصاف المقادير التي يجري بها القلم.. ثم تقرر أن تذهب باحثة عن الفتاة لتواسيهما وتخفف عنها بعض ما جرى لها من الشاعر، فتقول كيوبيد :رح يا كيوبيد واقصر شره وأنا أروح أسعف من خلى على ضرم، ويعجب كيوبيد من عطف حواء وعزمها الذهاب لملاقاة (الفتاة)، فيسألها كيوبيد : أتذهبين إليها؟.. (فتجيبه) : وهي لائقة بالعطف فيما تلاقي من ذوي الرحم (ثم تقول مهاجمة (كيوبيد) لأنه في نظرها الرامي للفتاة بسهم الحب) : أصبتها أنت لا جوزيت .. (ويحاول كيوبيد التهرب منها فيقول) : ها أنذا أمضي إليه (حواء) ولا جوزيت بالنعم (ويفترقان كيوبيد وحواء، ويظهر (الشاعر الشيخ حورية على مسافة من الفتى الشاعر الملقى في الفلاة)..(الحورية وقد شعرت بالتعب) :هل هذه القفرة ما تبتغي يا شعري بين القفار الكثار؟ حملتني الهم الذي مضنى وجئت بي دنيا الأماني الصغار أقزامها أعجوبة لم تصل إلى أحاجيها العقول الكبار قوم على أجسامهم رغبة في كل ما يلقي بهم في العثار ألم تقل لي أمس عن حالهم وعن رضاهم بضروب الأسار؟..يعبر هنا الشاعر علي لقمان عن نظرته إلى دنياه التي يسكنها بشر تقزمت أجسامهم، وتبخرت أحلامهم سراباً، دنيا مأهولة ومقفرة لأن ساكنيها من جهلهم وغبائهم أحالوها إلى (دنيا الأماني الصغار) واحتار في فهمها أهل الحجى والعقول الكبار.. وهو ما عبر به في قوله في مطلع قصيدته (العد المنشود) من ديوانه (ليالي غريب (1) : نكد العليم ومحنة الفطن شعب يعيش هنا بلا وطن يحيا بلا هدف فغايته أن لا يكون كأن لم يكن (ثم يواصل الشيخ حديثه مع الحورية التي بصحبته قائلاً :حوريتي من همنا إصلاح دنيا في نكد إن تتعبي نرتح قليلاً هاهنا أو نتئد(وترد الحورية) : طال بنا السير إلى ما نبتغيه من أمد نجلس يا شيخي؟ (الشيخ) بلى كي نستعيد المفتقد.(يجلسان على كثيب من الرمل، وتظهر جماعة من الناس حول الشاعر ممتداً في الناحية الأخرى من الفلاة، ويقول الشيخ مشيراً إلى تلك البقعة) :- حوريتي! ذلك الممتد في تعب هو الفتى!(الحورية تنظر متطلعة) : لا! فهذا الجسم في ورم(الشيخ) : الأرض أمراضها شتى وذا مرض أصابه فوق داء الهم والندملن تطهر الأرض والأحلام ضيقة ولن تصفى وأهل الأرض في نقم(الحورية بفزع) : يا شيخ! هل تصيبنا أمراضهم فنمرض؟ دعنا نعود للسما فليس فيها مرض(الشيخ) : دعينا نراه كي نخبر قومنا عن البائس المنكود في العالم الفاني(الحورية) : أخاف! أخاف من العدوى (الشيخ) : دعي الوهم(الحورية) :لا ترح إليه(الشيخ) : ولكن، كيف نفك عن العاني؟ (الشيخ الحورية يقتربان من الكثيب يلاحظان الناس يتفرجون على جسد).(شخص) : يقال عنه فاجر أثيم مشرد عن أهله ذميم (آخر) : ماذا جنى؟جاء أنثى في طبيعتها المكر بالرجل المفتون فانخدعا(شخص ساخر) : كأنما الشعر طهر لا يدنسه وصل النساء ولا يستملح المتعا (رابعا ضاحكاً) : أتعرفون من هو؟ إن هو إلا شاعر .. "يضحك الجميع"."خامس": ياقوم هذا رويتم شعره. أفتسخرون بدائه وعنائه ؟جزتم به الأفلاك في أعراسكم.. وبكيتم موتاكمو برئائه.. "شخص لآخر": متلفسف!"شخص ثان"" : ليقال عنه مهذب.. "ثالث بسخرية": يافيلسوف! دع الشقيّ بدائه."الخامس": أفتدكرون حنائه وحنينه.. في أنسه وعذابه ببكائه ؟رجل روى لكم الحقائق خدمة.. لحياتكم فعبثتموا ببلائه.. وذممتوه كأنما هو ناقص.."الساخر": يامنصف! دعه رهين شقائه.. »يضحكون، ويدخل بينهم الشيخ والحورية وكيوبيد.. أحدهم وقد أرى الحورية وكيوبيد": قم يافتى حواء! كل مولع.. هيمان طول العمر في حوائه.. "يضحك الجميع وتلتفت الحورية بغضب".."شخص لصاحبه": من معها؟ يبدو وسيم الطلعة.. "آخر هامساً" : هذا كيوبيد!أثرتم سمعه.."آخر من وراء الجمع": كيوبيد! "يلتفت كيوبيد" "الصوت" : حواء! " تلتفت الحورية، ثم كيوبيد لنفسه: دنيا النفاق.. ودنيا التشفي بمن تصرع.."يضحك الجميع.. الشيخ للجميع": نريد أن نحمله إلى مكان ناء"..واحد يصيح ساخراً": سيحملون الكركدن.. يحملون العالما.. "ثان" : لو حرّكوه زلزلت بلادنا وروعت.."الشيخ وكيوبيد والحورية والرجل الخامس يحملون جسد الشاعر".."ساخر" : هزت الأرض ! "يضحكون" .. "ثان" زلزلت: "ثالث"" : أي جسم، أي شعر ؟وأي فيل كبير.. "يشير كيوبيد إلى حامليه معه إلى باب دار قريب".. "الحورية للرجل الخامس": شكراً على فضلك لاينتهي.. "الخامس متلطفاً": لا أستحق الشكر والأمتنان... أنقذتماه من رمال الفلاة.. عساء يصحو حين يلقى الأمان.. "يذهب الخامس، ويبقى الحورية والشيخ وكيوبيد".. "الشيخ« هذا هو بيت الفتاة وإنها.. فيه على حال شقٍ باكٍ"الحورية بفزع"« : سيدخلان به.. هيا نطير إلى.. أفق الفنون فندلي بالذي كانا.. »يغيب الشيخ والحورية" ، "كيوبيد يهز الشاعر" قم أيها الشاعر واجمع قواك.. ونظّم الشعر ورتل هواك! "يذهب، وينزل الستار"وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء اللّّه.