الثورة بمعنى التغيير والتجديد والتطور والتقدم، سنة من سنن البشر، وتغيير نظام الإمامة والكهنوتية في اليمن، لم يأت بأمرٍ من الإمام أو بقناعته، وكذلك لم يخرج المحتلون البريطانيون من اليمن بأمر من المندوب السامي، وبالإرادة الشعبية الصحيحة، أُزيحت البراميل وأُعلنت الوحدة، وهكذا ستستمر الثورة والتغيير الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في اليمن، لتصبح كل الثروة وكل السلطة بيد الشعب. لقد تأسست مجالس الحكم المحلية ومجلس نواب الشعب والمجلس الاستشاري الأعلى، وصار لليمن دستوراً وقوانين وأنظمة ولوائح تسير من خلالها شؤون الناس وصارت لليمن ميزانية سنوية، وترسخت التعددية السياسية والفكرية مع ظهور الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وصار تجدد القيادات على المستويات كافة عبر الانتخابات، ولم تُعد القيادات الرسمية هي العنصر الوحيد في اتخاذ كل القرارات والتوجهات والخطط والبرامج.لقد اتسعت رقعة المشاركة الشعبية في الحكم ورسم السياسات، وفي صناعة القرارات التاريخية، حتى ولو كانت الظروف غير مواتية بالكامل حتى الآن، إلا أنّها تنمو وتتعزز يوماً عن يوم الإرادة الذاتية للشعب اليمني، وفي هذا السياق نفهم تحقيق التحولات الثورية الراهنة، وعلى كافة المجالات وجوانب الحياة المختلفة، وهذه التحولات لم تُعد محتاجة لكوابح أو إذن من أي كان، وهي مهمة الملايين من المواطنين اليمنيين وليست فقط مهمة ما يُسمى بالنخب، رسمية كانت أو من المعارضة بشكلها القائم حتى اليوم.إنّ إرادة التغيير الشعبي تفرضها مجمل التطورات والمعطيات التاريخية القائمة، وهذه الإرادة هي اليوم في طور النضوج والاكتمال، ونلمس بوادر ملامحها على أكثر من صعيد، وفي أكثر من بلدٍ من بلدان العالم، وسيأخذ منحى هذا التغيير أشكالاً وصوراً عدة، عبر سلسلةٍ من الانقلابات الصامتة والمتدرجة والسلمية في غالب الأحيان، وبما يمليه العقل والمنطق.وقال تعالى : {إنّ الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}.. فإنّ التغيير الحقيقي والجوهري يبدأ من داخلنا، أن نغيِّر نفسيتنا وذهنيتنا وعقولنا، أن نغيِّر نظرتنا للأمور والأشياء وللكون كله، وان نغير عاداتنا وتقاليدنا البالية، المعيقة والكابحة لأحلامنا وطموحاتنا في حياة أفضل أن نصنع حياة جديدة، وبشروط جديدة، وبرؤية جديدة، لا . لا .. لا نظل نتعثر ونكرر أنفسنا وطرق عملنا القديمة، وأن نعتمد مناهج عمل جديدة ينفعنا ويفيدنا ولا يضرنا.لقد أثبتت تجارب الآخرين أن الانتفاضات والتمردات العنيفة غير مجدية، وبدلاً عنها صارت الاحتجاجات والمسيرات والإضرابات ومختلف أشكال العصيان المدني أكثر جدوى في إحداث تغيير في أوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية والدفاعية والثقافية وغيرها، كما أنّ سلاح النقد الذاتي والموضوعي الجاد والشجاع له مردود أفضل على أوضاعنا وعَلاقاتنا الاجتماعية، من خلال طرح البدائل والأفكار والمقترحات الأكثر صواباً في مجرى نشاطنا السياسي والاجتماعي.ما أحوجنا اليوم إلى شجاعة التفكير من أجل التغيير والتطوير وصناعة مستقبل أجمل وأكثر سعادة مما نحن عليه، واختيار الشعب للأفضل في مجلس نواب الشعب وفي مجلس الشورى وفي المجالس المحلية، هو المدخل الأكثر عمقاً في مجرى التغيير السياسي والوطني الشامل، وفي جعل نظام حياتنا أكثر استقراراً وخالياً من التوترات والانفعالات ومن العُقد الاجتماعية القديمة، والتغيير المنشود لابد أن يصل بنا على منع إهدار الثروات العامة، وعدم التفريط بالأرض والسيادة، وإيقاف العبث بالمال العام والخاص، وبحقوق الناس العامة والفردية.والجانب الآخر من التغيير هو أن يصبح الدستور والقانون موضع احترام الجميع، ولا أحد فوق القانون، ولا فرق بين عائلة وأخرى مهما صغرت، ولا بين قبيلة وأخرى، أو منطقة وأخرى، أو طائفة دينية وأخرى، والأهم من ذلك كله ألا نقبل أية وصاية أو هيمنة أو سيطرة، من خارج الحدود، لنؤكد مرة واحدة وإلى الأبد أهليتنا اليمنية في تسيير شؤوننا بجدارة واقتدار، ونحن كيمنيين نملك فعلاً كل مقومات الحرية والسيادة والاستقلال في قراراتنا المصيرية، وأن تتحرر من كل الضغوط والإملاءات.
|
فكر
التغيير يُفْرَضْ شعبياً
أخبار متعلقة