عبارات تتردد قبل كل اجتماع من اجتماعات وقمم السياسة العربية الرسمية: التحديات على الساحة الدولية والإقليمية، المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة، الوضع المتدهور هنا وهناك، الموقف العربي الموحد، رص الصف العربي، تنسيق المواقف العربية، توحيد السياسات العربية تجاه... الخ.يكاد لا يعقد اجتماع أو قمة عربية لا تسبقها وترافقها مثل هذه التصريحات المتكررة، وهي مرافق أصيل لاجتماعات القمة الخليجية التي تعقد في ظل "مرحلة دقيقة حقاً". منذ أن فتحنا أعيننا على الدنيا ونحن نمر بمرحلة دقيقة، ولم نمر يوماً بمرحلة غليظة، ومنذ إنشاء جامعة الدول العربية و"الوضع خطير جداً جداً جداً"، -بالجيم المصرية- كما يردد دوماً السيد عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية.تنعقد القمة الخليجية والتحديات لا تزال خطيرة كما هي دوماً منذ إنشائه، فالحرب الأهلية الطائفية مستعرة في العراق، والقضية الفلسطينية لا تزال تراوح في دمويتها، وإيران في مواجهة مع العالم بسبب مفاعلها النووي وطموحها الإقليمي، والولايات المتحدة الأميركية فشل مشروعها في العراق نتيجة خطاياها في إدارته بعد سقوط نظامه، ومشغولة عن حلفائها بمسائلها الداخلية وانتخاباتها الرئاسية.حجم التحدي في العراق لم يعد بخافٍ على أحد، فالدماء مستعرة، والفرق السياسية العراقية تتباعد بدموية وجدارة منقطعة النظير يوماً بعد يوم. ومشكلة مجلس التعاون الخليجي تكمن في عدم وضوح الرؤية ناهيك عن توافقها بين الدول الأعضاء في المجلس. سياسة المجلس عموماً كانت ترك العراق لما هو فيه، فجاءت إيران تسد الفراغ وتساند قوى ضد أخرى، وتعمل على إجهاض المشروع الأميركي في العراق لأسباب منطقية من وجهة النظر الإيرانية، فأميركا تعلن عداءها لإيران، وتطالبها بأن تساعدها على استقرار الوضع في العراق! منطق عجيب، ولغز غير مفهوم! في دول الخليج من يعتقد أن الوضع العراقي أعقد من أن يتم التعامل معه حالياً، وأن الأفضل تركه حتى "ينضج" وتتضح صورته، وهناك من يرى ضرورة التعامل بشكل مباشر مع الوضع العراقي الذي يتفاقم يوماً بعد يوم من أجل الأمن الخليجي نفسه وليس من أجل العراقيين فقط.الأزمة الإيرانية مقلقة لدول الخليج، ودول الخليج مجمعة على ضرورة حل كافة المسائل العالقة بينها وبين إيران أو بين إيران والمجتمع الدولي على طاولة المفاوضات السلمية، والأهم أن دول الخليج لا ترغب من بعيد أو قريب في مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة.أميركا حليف وصديق لدول الخليج، ولكنه حليف أحمق ينظر إلى المنطقة من خلال العيون الإسرائيلية فقط، فلا هو ساهم في حل القضية الفلسطينية على أساس السلام العادل الذي تبنته جامعة الدول العربية بمبادرة خليجية، ولا حد من الدموية الإسرائيلية في غزة وفي لبنان، ولا يستمع للرأي الخليجي في فهم الوضع العراقي، فراح يتخبط في العراق من خلال "المحافظين العراقيين الجدد" أمثال أحمد الجلبي، ثم غرق في بحر الفشل فألمح إلى الحوار مع إيران وسوريا لحل المسألة العراقية، ومؤكداً أهمية حل المسألة الفلسطينية كمفتاح لمشاكل الشرق الأوسط كما اعترف توني بلير أخيراً.النوايا في قمة الرياض صادقة، والتحديات الداخلية الخليجية مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالخارجية منها، فالتنمية والتنسيق وتعزيز الوحدة الخليجية وخلق الإنسان البناء ومراجعة نظم ومناهج التعليم مسائل لا تقل أهمية عن الاقتتال الطائفي في العراق ولا عن وقف مأساة الشعب الفلسطيني... القمة غير مطالبة بأن تقدم حلولاً سريعة لكل مشاكل المنطقة، لكنها مطالبة بتحديد البوصلة نحو الأولويات، والتوافق في السياسات تجاه القضايا والتحديات الجسام.نقلاً عن صحيفة (الاتحاد الإماراتية)
تحديات مجلس التعاون
أخبار متعلقة