عبدالقوي الاشولقولي احبك كي تزيد وسامتي.. فبغير حبك لا أكون جميلاً ذلكم هو الشاعر المرحوم نزار قباني المتماهي بوسامته حتى وهو في أعوامه الأخيرة إذ عرف عنه اهتمامه البالغ بأناقته الشخصية باعتبارها عنواناً لشاعر غزلي وجد نفسه في عالم الأنثى التي ملكت خيالاته ومنحتها ذلك الأنف الشعري البالغ العذرية والرقة..نزار يخاطب عالم الأنثى بشيء من الحس الفني والاقتراب الموضوعي الشديد والمناجاة التي تستطيع أن نصفها بالسهل الممتنع.. عالم مخملي جسد من خلاله نسقاً شعرياً فريداً لم يكن سباقاً إلى مناهله إلا أن فرادته تكاد تكون ببصمة شعرية لا يمكن أن تنسب إلا إليه.. فهل كان يزهو عمر ابن ابي ربيعة بحالات فرط حبه لوسامته التي كانت موضع اهتمام نساء أحياء مكة في ذلك الزمن أم إنها حالة من توارد خواطر بين من أيقنا أن للوسامة خطاً في الباس حلتهما الشعرية قدراً من الاهتمام خصوصاً من عوالم النساء المولعات بكل ما يأتي على لسانها من وصف رقيق وشعر متناهي السلاسة والعذوبة في وصف مفاتن المرأة الموجبة بكل تلك الجداول الشعرية العذبة التي تسري جداولها منسابة دون تكلف أو حشو أو رتابة.فانا من بدء التكوين [c1] *** [/c] ابحث عن وطن لجبيني عن شعر امرأة يكتبني [c1] *** [/c] فوق الجدران ويمحونيعن حب امرأة يأخذني [c1] *** [/c] لحدود الشمس ويرمينيعن شفة امرأة.. تجعلني [c1] *** [/c] كغبار الذهب المطحونيقال أن عوالم نزار ثرية معينة على الاغتراف من معينها متى أراد بكل سلاسة ممكنة.. مظيفاً إليها رقة ألفاظه ووضوح معانية إما وصولها للمتلقي فتكون على هيئة همس شجي موحٍ ربما كان لموطن نزار الدمشقي نصيب في خلق تلك الصورة الحالمة المضمحة بعطر الياسمين ومطر أيار وربيع الشام الذي تضيء قناديله على جنبات الحياة التي أدمنها نزار كما أدمن بحاسته عطر الأنثى واكاسيرها ورضاب الشفاه ولمح العيون ورشاقة الأجساد الشامية لبنات حواء ممن لم يجد الشاعر بداً من نصيب خيمته الشعرية وسط تلك السوق التي يفوح عطرها ويبعث في شغاف نفسه قدراً من التجلي والإبداع قلما كان موضوع مأخذ على هناته القليلة والتي وان كانت فهي فيما يعده البعض قدراً من الإباحية في الوصف فأنها مآخذ لا يمكنها الانتقاص من شاعرية نزار.أنت يا وعد يصحو مقبلِ[c1] *** [/c]بعطايا فوق وسع البيدرالثواني قبل عينيك سدى[c1] *** [/c]وافتكار بإنائي جوهرلو معي حبك لاجتحت الذرى[c1] *** [/c]ولحركت ضميرا الحجرمرارة مشاعر لاتبارح مخيلته وحالات وجد لاشفاء منها حنين متواصل إلى عوالم المرأة.. وقيل شبق فقيم وحالات تمنّ ليس لها من أخر وحتماً ليس لها من ارتواء[c1]حبيبي أخاف اعتياد المرايا عليكوعطري وزينة وجهي عليكأخاف اهتمامي بشكل يديكأخاف اعتياد شفاهي مع السنوات على شفتيكفكيف ستنسى الحرير وتنسى صلاة الحرير[/c]على ركبتيكسمات وضوح وبيان شعري غير معهود في زمننا هذا إلا عند القليل من الشعراء أمثال نزار والجواهري فنزار قباني مدرسة الأناقة الشعرية والغزل مدرسة اعتمدت في أركانها الأربعة على محور المرأة..أو قل أن شئت سحر العيون وبضاة ألبشره ودقة الملامح.. ولون الشعر ولكن بلغة مترفة تميزت ملامحها وقسماتها بمثل هذا الاتكاء على المرأة الموجبة .. فهل استطاع نزار عبر تلك المدرسة إبراز جوهريته الشعرية التي لا يمكن قراءتها في عطاء غيره أم هي امتداد لدروس من سبقوه وان كان فيمن سبقوه قصيري النفس في مواضع معينة يستغرقون في وصف المرأة ثم ما يلبثون أن يدخلوا بعد هذا الاستقرار من القصيير اللذيذ في نفس آخر ربما متنوع من كان يصب في نهاية الأمر في الصورة المتجانسة للقصيدة.نعم لقد نهل نزار من بحور الشعر العربي واستخلص تجارب من سبقوه وان كانت أكثر ما استوقفته تلك الغزليات الشعرية الرقيقة التي وجد فيها ذاته واستطاع أن ينفذ من خلالها إلى عالم المرأة المخملي الأنيق بكل ما تكتنز دهاليزه من أسرار وجماليات.[c1]* فهل كانت سعاد الصباح الشاعر الأميرة صورة نزارية أخرى؟[/c]**على الجانب الآخر الشعري نجد سعاد الصباح الاميره التي استطاعت أن تمنح الشعر دفقاً أنثوياً متميزاً بل جرىء يخترق في معانيه جدران الصمت والمحظور التقليدي إلى فضاء الروح التي تفيض بمكنونها ينبوعاً منبجساً من أعماق هذا الصوت الأنثوي.. هي وجه نزاري آخر مختلف لكانه لا يختلف من حيث مضامينه التي تصب في مجرى الشعر الذي لا يجيز لنا بأي حال اعتباره ادباً انثوياً.[c1]من انتاناه امرأة من فضاء بعيدونجم بعيدفلا بالوعود اليندلا بالوعيدمن أنت ثانيةبدوية انا اختزن في ذاكرتيعصوراً من القهروتختبئ تحت جلديملايين الشموسمن انت اخيراً؟ثم نجيب سعاد الصباحانا النخلة العربية الأصولوالمرأة الرافضة لإنصاف الحلولفبارك ثورتي[/c]جرأة شعرية لا تبلغ حد التمرد ولا تقف عند حدود المهادنة والمحايله لا تقتحم أسوار المحظور الديني لكنها تكشف محذور العادات التي استبدت بالأنثى وألزمتها الخنوع وعدم مجاراة الرجال في شاعريتها أو البوح بأسرار مغاليقها الأنثوية[c1]اعرف بين رجال العالم رجلاًيشبه آلهة الاغريقيلمح في عينيه البرقونعطل من فمه الأمطاراعرف رجلاًحين يفني في أعماق الغابةتتبعه الأشجاراعرف رجلاًيعرف مافي رحم الوردة من أزراريعرف ألاف الأسراريعرف تاريخ الأنهاريعرف أسماء الأزهارألقاه بكل محلات المتروأراه بسحابة كل قطاراعرف رجلاً حيث ذهبتيلاحقني مثل الأقدار[/c]اعني لوعة نزار الشاعر تقابلها وجودية سعاد الأميرة وعند كليهما تتجلى صورة شعرية اخادة وان كانت عند نزار تلتزم معايير القصيدة المقفاة فهي عند سعاد مقاطع لؤلؤية عميقة التأثير والدلالات مفعمة بقدر هائل من دخائل الأنثى وعطر أدواتها التي لاشك في إنها تمنح النص الشعري قدراً من الحضور والتجلي.
|
ثقافة
قراءة في ملامح نزار الغزلية ووجودية سعاد الصباح الشعرية
أخبار متعلقة