حكاية نورس
بالصدفة شاهدتة مرات عديدة وهو يسير متكئا على عصاته بيمينه والتي لاتفارقه بفعل مشوار العمر الطويل وزحف السنين الخوالي وذلك عند المسافة الفاصلة بين فناء منزلة الكائن في ركن شارع كورنيش الغديرعند منحدر التل الواقع اسفل جبل احسان الرابض في شموخ محتضنا مدينة البريقة الهادئة الساكنة بين يديه ورمال ساحل البحرالجميل التي تزحف وتنسل في هدوء وصمت بفعل الرياح الى مداخل المنازل الجميلة المطلة على الكورنيش .تناثرت خصلات شعره خلف الكوفية الزنجبارية التي يحبها كثيرون في عدن كونها تضفي على لابسها الكثير من الوقار . هو شيخ نوارس مدينتنا والمؤرخ الاول لتاريخ المسرح في اليمن اعطى وقدم الجميل والكثير من الفن الملتزم ممثلا وكاتبا لايشق له غبار على مدى سنوات طويلة وما زالت قريحته الشابة بالرغم من تقدم سنه تتحفنا بالروائع الفريدة عن تاريخ المسرح والفن بفروعه المختلفة وبكثير من المواضيع والمقالات الاسبوعية على صحفنا الرسمية ولصحيفة(14 اكتوبر) الرائدة نصيب الاسد منها وخاصة في( 220 )حلقة عن رحلة المسرح من اثينا الى عدن التي هي اكبر شاهد على فضل الرجل على كثير من المهتمين بقيمة هذه التحف الثمينة.قدم الكثير من المبدعين النوارس ساعدته الخبرة المتراكمة سنينا طويلة رعاها وشجعها ووقف الى جانبها واستطاع ان يعلمها كيف تستطيع التحليق وتزرع الفن الجميل وتقدم رسالتها الى البسطاء وعامة الناس .تدرج في المراحل الدراسية المختلفة طالبا في مدرسة بازرعة الخيرية / عدن منها الابتدائية والمتوسطة منذ (3-4 1939) م وكان لتلك الفترة اثر كبير على مسيرة وفكر هذا النورس الذي لم يدر في خلده بانه سيكون يوما ما ذا شأن في حياة الناس وانه سوف يترك بصمات جليلة على مدى سنين طويلة في تاريخ امته في مجال المسرح والصحافة والمحاسبة اسوة بالرواد الاوائل الذين عاصروا هذا الحكيم اليمني القادم من ارض الحضارة والاصالة والتاريخ العريق .صقلته تلك الايام المضنية التي عاشها وكانت عونا له في وقت الشدائد وقبل التحدي ومنها احب كل ماهو جميل والتصق بالفن والمسرح ومارس هواية التمثيل والتأليف في الاحتفالات المدرسية وانتهل من علومه وتشبع بها وساهم في انشاء الفرقة المسرحية للمدرسة التي علمته الابجدية وفي يناير 1947 م التحق مدرسا في نفس المدرسة التي علمته لغة الضاد في عهد مديرها الشيخ علي محمد باحميش – رحمه الله ومن ثم التحق في يوليو 1949 م بالمدرسة الاهلية في التواهي حتى 1953م . اكتمل بناء شخصيتة الفنية وحدد اتجاه بوصلته الى المسار الصحيح وكان اول من حاضر عن الممثل و المسرح في اليمن وذلك يوم ألقى محاضرة في حلقة (شوقي) بنادي الأدب العربي في التواهي يوم 1950/12/7م .في عام 1955 م حاول و اصدر مع بعض من زملائه محمد الاصبحي رحمه الله وعبد الرحيم سعيد عدداً من المجلات مثل مجلة الرابطة الاسلامية و مجلة العروبة وصحيفة الميزان مع صالح الحريري إلاّ ان تراخيصها سحبت وألغيت من قبل سلطة المستعمره بسبب المواضيع التي كانت تتعرض للحكم الأمامي في شمال الوطن آنذاك بالنقد الشديد فأقلع عن اصدار الصحف والتحق كاتبا للحسابات مع السيد عبدالعزيز علوان المقاول المعروف . وفي سبتمبر 1956م التحق بشركة مصافي الزيت البريطانية كاتبا في قسم المراسلات لإدارة التأمين والحسابات.وواصل نورسنا دراسته المسائية في بداية الستينات بطموح شديد وعزيمة لاتلين والتي نظمها المعهد الفني في المعلا ومدرسة الحكومة الثانوية في البريقة في اللغة الانجليزية ونجح في المواضيع الثلاثة من الجمعية الملكية للفنون بلندن وكذا امتحان الثقافة العامة في المواضيع الاربعة اللغة العربية والدستور البريطاني والتجارة وأصول المحاسبة من لندن ونجح بفضل الله ثم تعاون أم أولاده.تأثر بالفرق المسرحية الهندية الزائرة الى عدن لتقديم عروضها الفنية المختلفة وبما قدمته فرقة المرحوم المخرج محمد الصائغ وكان لأدب شكسبير ومسرحياته فعل السحر على تحديد نوعية الأعمال التي قدمها ممثلا ومؤلفا . حيث كانت الهند وعدن ترزحان تحت علم بريطانيا الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس وصار لذلك اثر مضاعف وتأكيد للهدف الذي احبه وظل يحلم بة سنين طويلة ومازال حتى يومنا هذا يمارس حلمه لايكل ولايمل ولاتصدأ قريحته التي الهمت النوارس سنينا طويلة وظل حتى الساعة فنارها المضئ الذي ارشد مرات كثيرة التائهة منها ومن ضل الطريق ووجهها الى المسار الصحيح و منطقة الامان لتواصل تحليقها على مدى المشوار الطويل .ساهم مع الاخوة المسيبلي علي وعبدالله وآخرين في تاسيس الهيئة العربية للتمثيل وفرقة المصافي الكوميدية في نهاية الخمسينات في البريقة وقدموا معها في تلك الفترة الكثير من الروائع المسرحية الجميلة لازالت عالقة في اذهان الكثيرين وحتى الان وكان لدخول البث التلفزيوني في منتصف الستينات دور هام في تعزيز مكانة الفن والمسرح والحلقات التمثيلية اضافة الى ان تأثير التلفزيون على الناس كان سريعا ومهما في نجاح الاعمال الفنية المقدمة وتحسين نوعيتها وتحفيزا لصانعيها وكانت مسرحيته (ست البيت) اول عرض قدمه مسرح التلفزيون . ساهم في انتشار الفن بعلومه المختلفة وخصوصا المسرح من خلال المحاضرات الدراسية التي القاها في معهد الفنون الجميلة في كل من عدن والمكلا واستطاع مع اخرين رفع المستوى الفني للدارسين الذين تتلمذوا على يديه والذين مازالوا يذكرون له الفضل ويكنون له التقدير والاحترام ويحفظون له العهد والوفاء لرجل أعطى ولازال حتى اليوم يعطي وبسخاء وما زلنا نحن حتى اليوم نتعلم منه ونرفع له عمامة اليمني بدلا عن قبعة الاجنبي اجلالا واحتراما وعرفانا بالجميل . تدرج في وظائف ادارة الحسابات ووصل الى اعلى السلم الوظيفي في شركة مصافي عدن وكان كبير محاسبيها ومسئولا عن ادارة الحاسوب والقسم التجاري وخدمات المكاتب وعضوا في مجلس الإدارة بعد ان آلت المصفاة للحكومة وتقاعد عن وظيفته التي احبها واخلص لها وعلمها لتلاميذه وذلك في سبتمبر 1991 م لاتمامه 35 سنة خدمة متواصلة وتم التعاقد معة للقيام بمهام عمله كمستشار للمدير التنفيذي وفي نوفمبر 1993م استقال من العمل لظروفه الصحية ليتحمل الشباب من تلاميذه مسئولياتهم التي اعدهم لها واعدوا انفسهم لتسلمها. وبعد مرور سنين طويلة من العمل الشاق في المصفاة ترجل الفارس عن حصانه و حافظ على تاريخه الطيب وارثه الكبير من العلم والفن وماكسبه من الحياة بحلاوتها ومرارتها من علوم وخبرات كثيرة قام بنثرها وتوزيعها على كل من احتاجها على امتداد رحلة العمر الطويل والتي ستبقى معنا دائما نعلمها اجيالنا اللاحقة لتواصل تحليقها في سماء الابداع والفن حين تغيب النوارس الاخرى في البعيد خلف الشمس .لن ننسى النوارس المضيئة التي انارت الطريق في حياتنا واحبت وطنها وقدمت كل جميل لرفع شأنه بين الدول المتحضرة وسنظل نحفظ عهدها وتاريخها حتى النفس الاخير.قدم الكثير لوطنه وفنه وبادله الوطن وفاء بوفاء وحفظ له الجميل.لم يبق في ختام حكايتي ألاّ أن ندعو لشيخنا الجليل عمر بالصحة والعافية والعمر المديد. وحتى حكاية أخرى نقدم لكم البطاقة التعريفية والسيرة الفنية لنورسنا كالتالي:[c1]البطاقة التعريفية[/c]الاسم / عمر عوض بامطرفتاريخ الميلاد: عدن / الاثنين/ 13 / 8 / 1928مالمهنة : كبير محاسبين متقاعدممثل ومؤلف ومؤرخ مسرحي[c1]السيرة الفنية مؤلفاته القصصية:[/c]1- أنة وبسمة. ( نشرت في صحيفة الذكرى)2- الساعة الذهبية. ( نشرت في صحيفة الذكرى)3- كانت مسبته . (نشرت في صحيفة العروبة)4- القارب المطمور (نشرت في صحيفة أخبار المصافي)5- مذكرات سائق سيارة (نشرت في صحيفة أخبار المصافي)[c1]المسرحيات :[/c]1- زواج بين السيف والعقيدة ( أعدها وأخرجها لفرقة نجوم المصافي التي أنشأها في البريقة ومثل فيها دور ابن المسيب / التابعي الكبير ).2- زوج الثنتين ( باللغة العامية وقام بتمثيلها طالبات المدرسة الابتدائية للبنات في الخساف ).3- ست البيت ( وأخرجها للهيئة العربية للتمثيل في البريقة وكانت اول مسرحية يقدمها مسرح التلفزيون مباشرة على الهواء) .4- الطبيب النفسي (كوميدية تثقيفية عرضت في البريقة).5- الأم ( توجيهية للأطفال ).6- صابرة ( مسرحية انتقاديه تكافح إدمان القات ).7- الشيخ بكار ( مسرحية للتعاطف والتعاون مع اليتيم والفقير).8- جسر البطولات (وتقع في 197 صفحة في أربعة فصول وأصدرها في كتاب على حسابه الخاص عام 2002م).[c1]المقالات الصحفية : [/c]عرف الشيخ عمر بامطرف اطال الله في عمره بكتاباته المتنوعة في العديد من الصحف السيارة والمجلات حتى اليوم وقد نشرت له صحيفة(14 اكتوبر) الغراء سلسلة بعنوان رحلتي مع المسرح من اثينا الى عدن في 220 حلقة اسبوعية. وتنشر له الان ترجمة لمدونة الكاتب الامريكي مايرون سي. فاجان . بعنوان ( الصهيونية واقامة العالم الواحد).