نظرية الجمال وفن الزخرفة في صناعة الأدوات الشعبية اليمنية
د. زينب حزامرغم التطور التكنولوجي في صناعة الأدوات إلا أن فن الزخرفة اليمنية لم يتأثر بهذا التطور، لأنها أصبحت جزءاً من التراث الشعبي اليمني ثم تخصص تجار الحرف اليمنيون بصناعة هذه الأدوات والاهتمام بزخرفتها ورسم النقوش عليها مثل صناعة الخناجر والسيوف والتحف والقمريات وصحون الزنك والبلاطات الخزفية حتى خطوط اليد والمنمنمات والسجاجيد وصناعة النسيج والأدوات المنزلية والملابس.إن الهدف من الحفاظ على فن الزخرفة في الأدوات الشعبية اليمنية ليس الحفاظ على التراث الشعبي اليمني فقط وإنما تطوير فن الزخرفة في صناعة الأدوات المنزلية الشعبية، والحفاظ على هذا التراث الشعبي كي يبقى مميزاً، خاصة تطوير فن العمارة اليمنية، وهو عمل فني يحتاج إلى أن يكون ذهنياً ومرتباً ومن الممكن الوصول إليه بعد مستويات، يحتاج إلى أن يكون له اعتبارات متزامنة لفهم التكوين والزخارف المصورة لحضارة متميزة ومتعددة الفنون أو تعتمد على ازدواجية عرض أفكار مثل الحضارة اليمنية القديمة التي هي عبارة عن متحف مفتوح.وقد وجد الخبراء الأجانب والباحثون اليمنيون في عالم الآثار عدداً من الزخارف والنقوش في معبد الملكة بلقيس في مأرب إضافة إلى عدد من الأدوات المنزلية المزخرفة تحتوي على صحون خزفية مورمكسية وأسلحة مصنوعة من حديد النيازك إضافة إلى مومياوات لأشخاص تتراوح أعمارهم ما بين الأربعين والخمسين عاماً كان معظمهم مصابين بمرض الأسنان.
وتلك المومياوات تعود إلى عهد الملكة بلقيس في سبأ وهي أشهر المدن اليمنية القديمة، ويعود تاريخها إلى ثلاثة آلاف عام وقد اعتبرها الجغرافي بطليموس الاسكندري وسط الإقليم المناخي الأول في الأرض، ويعتبر عرش بلقيس وسد مأرب أكبر دليلين على اهتمام اليمنيين القدماء بفن الزخرفة والأدوات المنزلية والمباني السكنية والمعابد، كما توجد في المتحف الوطني للآثار بعدن بعض الأدوات من العصر الحجري والبرونزي يقدر عمرها بـ «40» ألف عام، إضافة إلى قطع فنية مزخرفة وتماثيل للعصور القديمة تعكس مراحل تاريخية هامة في تطور الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية على امتداد أكثر من «500» ألف عام وتحظى هذه القطع الفنية المزخرفة بأهمية كبيرة فهي تضم تماثيل رخامية وأدوات برونزية وحجرية وكلسية «الحجر الجيري» والذهبية والفضية، كما تعرض هذه القطع روائع الفن التطبيقي والنقود ومخطوطات متنوعة تحمل مكاناً مميزاً في تاريخ فن الزخرفة اليمنية.وفي الريف اليمني اهتم الفلاحون بزخرفة الأدوات المصنوعة من الجلود والفخار والخشب والنباتات والآلات الموسيقية الشعبية المصنوعة أيضاً من الخشب وأدوات الزينة والأدوات المنزلية المتعلقة بالأطفال مثل المراجيح وغيرها من الأدوات المزخرفة والعملات اليمنية القديمة.[c1]«الوحدة الفنية في زخرفة الأدوات الشعبية»[/c]أهم الأسباب في الوحدة الفنية في فن الزخرفة اليمنية أنها تبدو واضحة الأشكال الفنية في العصور الإسلامية من خلال بناء المساجد وزخرفتها واختيار الخط العربي في كتابة الآيات القرآنية على جدران المساجد، مقارنة الأشكال الفنية في الحضارة الإسلامية مع مثيلاتها من الأعمال الفنية في اليمن تظهر بوضوح على الطراز المعماري الإسلامي اليمني وعلى الأدوات الشعبية مثل الأباريق المصنوعة من النحاس الأصفر المرصع بالفضة والذهب وعليه شعر عاطفي وجدت هذه الأدوات في الموقع الأثري في حضرموت.
إن الناظر إلى مدينة صنعاء القديمة يجد المدينة برزت وكأنها متحف مفتوح لما تحتويه من فن معماري وزخرفة القمريات والنوافذ والأبواب تدل على المهارة اليمنية في فن الزخرفة وسميت هذه الزخرفة بالنقوش لأنها كانت وما زالت بديعة النقش، حيث نجد المباني من الرخام المصقول وجدرانها مزينة بالرخام المطعم بالذهب، كما نجد الحدائق الباسقة مما جعل بعض أحيائها يضرب به المثل في الجمال.[c1]«زخرفة التحف والأواني النحاسية»[/c]زخرفة الأواني والتحف القديمة في اليمن تتوارثها الأجيال.لقد أبدعوا في زخرفتها ونقشها بما يوافق عاداتهم وتقاليدهم، فطبعوا الفن بطابع يلائم عاداتهم وأخلاقهم فكان جميلاً قائماً على مدارس صناعية قديمة في اليمن يتعلم فيها عشاق فن الزخرفة والنقوش، وكان الطابع اليمني يجمع بين الكتابة على التحف بخطوط مختلفة جميلة التصوير مثل تصاوير مظاهر الترف وبعض المظاهر الفلكية كالنجوم والشمس والقمر وغيرها من الأجرام السماوية والطيور الأليفة والكاسرة وزخرفة الهندسة النباتية وغيرها.واستعمل اليمنيون القدماء فن الزخرفة في التحف والأدوات المنزلية النحاسية والطينية وكان أفضل صناع اليمن في هذه الصناعة يطعمون الأواني بالذهب والفضة مثل صناعة مقابض الخناجر التي تعد من أشهر أدوات الزخرفة الشعبية في اليمن.إن فن زخرفة الأدوات الشعبية في اليمن عمل فني من التراث، ولم يتأثر بالتطور التكنولوجي الحديث وقد يكون متنوعاً أو متبايناً في الرؤية والتنازل ولكنه يتفق مع تمثيله للتراث وعظمة الفنان اليمني في عمله على تجديد هذا الفن بما يتلاءم مع الطبيعة والعادات والتقاليد اليمنية، خاصة وأن مجتمعنا اليمني يتطلب تطور الصناعة الخفيفة وما يتطلب الفرد في حياته اليومية مع المحافظة على التراث.ومن أهل الفن من يعتز بهم ويفخر بهم، وهم في أمس الحاجة إلى إتاحة الفرصة لهم في تقديم هذه الأعمال الفنية أفضل مما يتم استيراده من البضائع والأدوات المزخرفة من الخارج وبأسعار خيالية.إننا نفضل الأدوات المزخرفة ذات الصناعة اليمنية وذات الجودة العالية التي يصنعها المهرة من العاملين والفنانين التشكيليين اليمنيين وذلك حفاظاً على تراثنا الشعبي اليمني.