السديري: البراك وأمثاله لا يملكون (2 % )من وعي شيخ الأزهر
تركي السديري
الرياض / متابعات: استنكرت جهات قانونية وإعلامية سعودية وصف الشيخ عبد الرحمن البراك الصحافيين بأنهم «جنود الشيطان». وقالت إن هذا الوصف يدل على ضيق أفق، كما أنه لا يجوز رمي الناس بالتهم, ويجب إبداء حسن الظن بالآخرين ولو اختلفت آراؤهم.
وجاءت تصريحات البراك، وهو أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض سابقاً، في معرض حديثه عن عدم جواز كشف المرأة شعرها ورقبتها أمام بنات جنسها في الحفلات والأعراس، معتبراً ذلك مدخلاً «من مداخل الشيطان»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن هذه الفتوى ستثير الصحفيين ضده، لأنهم لا يرتضون الستر للمرأة، بحسب ما نقلت الطبعة السعودية لصحيفة «الحياة» اللندنية، الأحد الماضي.وجاء في سياق درس الشيخ البراك قوله: «أنصح الأخوات الصالحات أن يقاومن هذه العادة، ويخرجن عليها بالمخالفة، ويُعودن أنفسهن لبس الخمار على رؤوسهن، حتى في حفلات الأعراس والمدارس. ولو أنهن فعلن ذلك، لا بد أن يثور جنود الشيطان من الصحافيين على هذا التوجه، فلا يرضيهم توجه الستر». ولم يمانع الشيخ البراك كشف المرأة وجهها وشعرها لأقاربها وفي الجلسات المختصرة.وزارة الإعلام السعودية اعتبرت ما قاله البراك بحق الصحافيين قذفاً، إلا أنها أكدت أنه لا يوجد ضمن أنظمتها ما يمكنها من ملاحقته قضائياً.وتعليقاً على تصريحات البراك، تحدث رئيس هيئة الصحافيين السعوديين ورئيس تحرير صحيفة «الرياض» تركي السديري في حديث لقناة «العربية»، معتبراً أن تصريح البراك «لا يمثل رأي هذا الرجل وحده، بل يمثل اندفاع الانغلاق، الذي كان مغطى في السنوات الماضية، بحيث كان الواحد منا لا يعرف نوعية ثقافته الدينية، وكان المجتمع مضغوطاً بقيود دينية سار عليها بدون شرح أو قناعة. ومن الواضح أن انتشار الثقافة والوعي أوضح أن المجتمع السعودي عاش بعيداً عن حقائق العقيدة الإسلامية».ويشير السديري إلى أنه، «منذ وقت قريب، استمعنا إلى شيخ الأزهر في ندوة مع الزميل داود الشريان، فتحدث بكلام لا أعتقد أن الشيخ البراك أو أمثاله قادرون على التحدث بمثل ذلك الوعي ولو بنسبة 2 %».ورأى أنه «عندما يصف الصحافيين بأنهم «جند الشيطان»، فهو يتحدث من واقع انغلاق بعيد جداً عن المعرفة الدينية. توسع الاتصالات والمعارف والعلاقات، فكيف أن نحو مليار مسلم يعيشون في علاقات إيجابية، هي من إيجابيات الإسلام نفسه، بينما نحن نختلف معه. في حين أن ما يقارب 200 ألف منغلق سعودي هم الذين يعيشون الإسلام الصحيح، بينما هؤلاء الملايين هم على خطأ؟»، معتبراً ذلك «الخطأ الكبير الذي يجب أن يزاح عن مجتمعنا، فرمي هذه التهمة بحد ذاته تجاوز إسلامي غير منطقي». واضاف: الصحافة لعبت أدواراً كبيرة ليس فقط في خدمة المجتمع، ولكن أيضاً إسلامياً لأنها تصدت لكثير من التعقيدات وعرقلة الحياة الاجتماعية، منها ما كانت تفعله هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلال السنوات الماضية». وتابع السديري: «أما أن يريدنا البراك أن نستمر بالعيش في بيت الطين القديم، بدون أن نعرف عن الثقافة الإسلامية الحقيقة، وحين لم نكن نعرف عن حقيقة الحياة في المجتمعات الإسلامية الحقيقية، فهذا ما يجب أن يعيشه هو في داخله أولاً، لأن من يفكر بهذه الطريقة هو البعيد عن الإسلام ومفاهيمه».ونفى رئيس هيئة الصحافيين السعوديين أن يكونوا ضد «الستر والحجاب»، قائلاً «لو سألت أي صحافي ما إذا كان يتمنى أن تعيش المرأة العربية والمسلمة في مجتمعات غير إسلامية، فسيكون الجواب لا، لأن الحرية في الغرب تجاوزت حدودها، ودخلت المرأة في مجالات غير سليمة. لكن ما يراد للمرأة المسلمة هو أن تأخذ كامل حقوقها، وأن تعود إلى ما كانت عليه في العصر الإسلامي الأول، حيث لم تكن مستبعدة من الحياة الإجتماعية، حين أعطاها الإسلام أدواراً إيجابية كبيرة».واعتبر السديري أن «ما نعيش فيه الآن ليس خلافاً بين رأي إسلامي ورأي آخر معارض أو مضاد، بالعكس فالجانب الإسلامي السليم والصحيح هو الذي يظهر في الآراء المنشورة في الصحافة، وليس في مثل هذا الانغلاق المعزول عن الحقائق الإسلامية الموجودة في دول أخرى».وعن مستقبل العلاقة بين الصحافيين وبعض المشايخ الذين يتبنون هذا الفكر، ذكر السديري أن العلاقة «متأزمة من السابق. ولو رجعنا بالذاكرة إلى سنوات سابقة سنجد أنه ليست الصحافة هي التي خرجت من الإطار المنغلق، ولكنها جزء من مظاهر اجتماعية عديدة نجدها في الجامعات ومدارس البنات والأدوار الوظيفية للمرأة وتمثيلها في مجالات إيجابية مثل الطب والمؤتمرات الدولية حول حقوق المرأة والإنسان. وهذه كلها جوانب شرفت المجتمع السعودي، وأخرجته من انغلاقات بيت الطين الذي جعل من الرجل حارساً ومالكاً ومسيطراً وسيداً، ضد أي شيء يخص المرأة».