إبوبكر شفيقإن المساهمة في الإدلاء بالشهادات التاريخية لثورة ( 14 أكتوبر) المجيدة ولجبهة عدن إحدى الجبهات والمساحات لأكتوبر الفداء والتضحيات والبدل والاستشهاد والمآثر اليمانية الرجولية والخوارق البطولية,وعن المسارات المتعرجة لتلك الثورة, ولما تعرضت له صبغتها الإلهية المحمدية وفطرتها ومشاربها العقائدية الإيمانية في ظل انتمائها اليمني والعربي والإسلامي وما آل إليه بعد ذلك الحال للشطر الجنوبي من الوطن - آنذاك- وما تفرع وتسلسل وتتابع نتيجة لذلك من أوضاع معلومة ومعروفة وكان من ضمنها مصادرة الكم الهائل من الوثائق ومستمسكات الحقائق التاريخية الملحمية الميدانية.. بعد مصادرة الأرواح ومؤخراً محاولة إنكار شرف انتماء الثورة لهذا الشعب، فتارة أنها نتاج قرار لمجموعة قروية من حركة القوميين العرب، ومرة أنها شأن خاص بحركة القوميين العرب، وتارة أنها ثورة البروليتاريا من الطبقات المسحوقة صاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة ضد البرجوازية المحلية الخارجية وضد الكهنوت واللاهوت وضد الرأسمالية العفنة والارستقراطية المتكبرة.وإزاء ذلك وغيره,ولما فرضه علينا ضيق الوقت, فإننا نورد العديد من الحقائق والشواهد مختصرة في عناوين وعبارات وخطوط رئيسية.. وجُرع مهضومة ومستساغة. أولا: أن ثورة 14 أكتوبر المجيدة بكل جبهاتها ومن ضمنها جبهة عدن وبكل قيمها المعنوية وموروثاتها وخلفياتها التاريخية.. إنما هي تتويج لمسلسل من الحركات الجهادية, والانتفاضات المسلحة الغاضبة والرافضة الأبية في كل الأرياف في الشطر الجنوبي من اليمن - سابقا- ونورد على ذلك ما نورده كالتالي:- انتفاضة بن عبدات في حضرموت من سنة 1938م حتى سنة 1945م- انتفاضة ردفان في السنوات 1936م 1937 م 1946م 1949م 1954م.- انتفاضة الواحدي سنة 1941م- انتفاضة حضرموت في السنوات 1944م1951م1952م1955م 1961م.- انتفاضة بيحان في السنوات 1946م1947م.- انتفاضة الصبيحة في السنة 1942م.- انتفاضة الفضلي في السنوات 1945م1956م ,1957م- انتفاضة الحواشب في سنة 1950م.- انتفاضة دثينة في سنة 1958م.- انتفاضة يافع في السنوات 1958م1959م. ثانياً: أن عدن المدينة هي الأخرى بالرغم من طبيعتها المدنية وتكوينها البيئي كمساحات سكانية وحضرية صغيرة ومحدودة قابعة بين خلجان بحرية وسلسلة جبلية.. إلا أن أعمالاً ومحاولات وملاحم حدثت فيها، ومآثر ذات صبغة جهادية ووطنية.. ثم سياسية منظمة وفعاليات عمالية وطلابية ونسائية, وتفاعلات تضامنية ومصيرية بفعل التأثر والتأثير يمنيا وعربيا ً وإسلامياً, ذلك إلى جانب العمل على التخلص من الاحتلال البريطاني من خلال التواصل مع جهات إسلامية وأخرى دولية.. بدءاً من أول مقاومة ضد نزول القوات البريطانية إلى شاطئ صيرة في عدن المدينة والالتحام معها. ففي يوم الغزو اشترك الأهالي والمشايخ والعلماء وعلى رأسهم السيد علوي بن زين بن علوي بن زين العيدروس مع الجنود المدافعين عن عدن، ومعظمهم كانوا من قبيلة العزيبة، وسقط الشهداء والجرحى من المجاهدين ومن ضمنهم شيخ العزيبة راجح بن عزب بن علي العزيبي الذي جرح في 13 يناير ولأن إصابته كانت بالغة فقد بقي تحت العناية والرعاية أياماً فقط.. وفاضت روحه الطاهرة إلى بارئها فووري جثمانه في بهو القبة لمقام الحبيب أبوبكر بن عبدالله العيدروس اللصيق بالجامع المشهور باسمه رضوان الله عليهم جميعاً وكذلك شيخ آل سلام الشيخ علي السلامي وأكثر من مائة وعشرين شهيداً وتتولى الأدلة والشواهد على القيم الإسلامية والجهادية المكتنزة في صدور اليمنيين في المدينة والريف.. بعضها من داخل المدينة وبعضها تأتيها من أرياف آل فضل والعزيبة وردفان وتعز والمخاء ومن مكة المكرمة إضافة إلى القوات العثمانية بقيادة الجنرال علي سعيد باشا, وقد انكسرت كل الحملات الجهادية عند بوابة عدن الجبلية إذ استشهد عندها قائد حملة ردفان الشيخ الحجيلي, كما انكسرت الحملات الأخرى عند سور الناشري وهو من ضمن التحصينات العسكرية الممتد من مؤخرة مبنى سينما شهناز وحتى محطة العاقل للبترول شرق جبل حديد أما الحملة التركية فقد انتهى أمرها في الشيخ عثمان بعد أن أمرت القيادة التركية في اسطنبول القائد على سعيد باشا بالاستسلام ضمن ترتيبات مماثلة أخرى في مناطق أخرى حول تركيا.الشيخ عتيق بن علي الرفاعي شيخ الزاوية الرفاعية في الحي الحسيني بعدن المدينة «كريتر» كان متواصلاً مع الباب العالي للخلافة العثمانية وقد كانت تصل مجموعات من الاستطلاع الحربي التركي إلى الزاوية الرفاعية بلباس الدراويش الصوفية المولوية ونقلاً عن شخصيات مسنة ممن عايشوا تلك الأحداث.. أوضحوا أن تلك المجموعات كانت تقوم برسم الاستحكامات والتحصينات البريطانية.. كان ذلك قبل قرار التسليم وانسحاب القوات التركية عائدة إلى تركيا.الشريف حسن الرفاعي هو الآخر كان من كبار رجال الأعمال في عدن والحديدة وجدة والسودان وبلدان شرق أفريقيا، افسد على السلطات البريطانية خطة لجمع توقيعات الأعيان في عدن على مذكرة لفصل عدن الإدارة البريطانية في الهند وربطها مباشرة بالعاصمة البريطانية لندن, وحققت السلطات البريطانية هدفها فيما بعد بإتباع أسلوب آخر كما تعرض الشريف الرفاعي إلى انتقام البريطانيين منه وذلك بالقضاء على تجارته وأمواله ومكاتبه في المدن والبلدان المذكورة آنفاً.من المنطلق الديني والتاريخي مع العالمين العربي والإسلامي وخلال حروب الخلافة العثمانية ضد من يحيط بها من الدول الغربية فقد وصل إلى عدن مجموعة من الأسر اليونانية ليلتحقوا ببعض أهليهم من اليونان ممن كانوا تجاراً في عدن إلى جانبي تجار فرنسيين أيضاً.. وقد علم اليمنيون مما أوضحته تلك الأسر اليونانية اللاجئة أن قوات العثمانيين قد ألحقت باليونان هزيمة نكراء.. فاستعد المواطنون اليمنيون في عدن مع الجاليات المسلمة الأخرى غير العربية للخروج بمسيرات احتفاءً واعتزازاً بانتصار الخلافة العثمانية حاملة الرايات العثمانية والإسلامية مع الهتاف بالتكبير والعبارات الحماسية والدينية ورفض السيد حيدر شاه وكان ناظرا في قوات الأمن استعمال القوة ضد المسيرات مكتفيا بتحذير ونصح الجاليات الأخرى غير المسلمة من الخروج من مساكنهم خوفاً عليهم من أي مكروه، نذكر المستمع والقارئ إننا مستمرون في طرح خلفيات لمواقف إيمانية مبكرة في مدينة عدن وفي طرح ما كان يعتلج في الصدور وفي الضلوع من الكمون البطولي والرجولي المستمد والممتد من الأصول والجذور التاريخية ومن تكوين مقومات الرجال الصادقين من المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه. [c1]جولة وزيارة الملك ادوارد السابع إلى عدن وكيف واجهته القامات الإيمانية الشامخة:[/c]كانت السياسة الصليبية البريطانية قد اختطت لنفسها بروتوكولاً يقضي بوجوب الركوع عند مقابلة الملك أو الملكة البريطانية.. ولربما أن هذا بروتوكول عام في العالم الغربي الصليبي, وقد نظمت السلطات البريطانية في عدن حفلا بمناسبة استقبال الملك ادوارد السابع ودعي إليه بعض الوجهاء والمشايخ والعلماء.. واختاروا أفراداً ممن يتعين عليهم الصعود إلى المنصة ومصافحة الملك مع الركوع.. فانتفض قاضي القضاة حينها وهو السيد العلامة علوي بن زين بن علوي بن زين العيدروس ورفض هذا الأمر باعتباره مهيناً وخارجاً عن فرائض الإسلام التي تحرم الركوع أو السجود لغير الله تعالى وكيف بالأمر عندما يكون الراكع مسلماً أمام كافر صليبي فقرروا عرض حل وسط وهو بأن يكون أمام الملك شريطا خفيفا ممتدا ليقوم السيد علوي بن زين بالانحناء ليصل إلى الملك من تحت الخيط.. ولم يكن أمام السيد علوي بن زين بد من تمزيق ذلك الشريط بالمظلة الشمسية التي في يده بشكل ملحوظ وانفعالي وكاد الطرف المعدني لأسفل المظلة أن يحتك بأنف الملك.. والتفت الملك ادوارد غاضباً نحو المسؤولين البريطانيين لفشلهم في العمل على تحاشي هذا الموقف المهين الذي ارتد عليه «ونذكر أن السيد علوي بن زين ليس هو شخص السيد علوي بن عبدالله عيدروس بن زين الذي سبق ذكره» وقامت أخرى من القامات النبوية المباركة وهو الشيخ عتيق بن علي بن علي الرفاعي الذي رفض كلية موضوع الحضور والسلام على الملك..وظل كرسيه شاغرا وترتيبه الثاني بعد الكرسي الأول الملاصق للملك والذي خصص لأحد الشخصيات الفارسية من عباد النار وتعرف بـ (الزرادشت). وهذا الشيخ هو الآخر تعرضت أملاكه إلى البيع بعد أن افتعلت السلطات البريطانية ضده قضية مطالبة إياه بإحضار احد الموظفين من أصول هندية يعمل في المحكمة كان الشيخ عتيق الرفاعي قد ضمن عليه لكي يرد الودائع المسؤول عليها في المحكمة, وبعد الضمانة اختفى ذلك الموظف محملاً الشيخ الرفاعي تبعة تسديد قيمة تلك الودائع وفهم القاصي والداني أن القضية هي من تدبير السلطات البريطانية، إلى جانب قضية ابن عمه الشريف حسن الرفاعي وكذا القضية المفتعلة ضد احد الزعامات في عدن وهو المرحوم صالح محمد عبدالله مكاوي الذي عرف عنه وعن العديد من أسرته الكبيرة الإباء وعزة النفس وقوة الشكيمة وعدم الخنوع والخضوع. استقبال واستضافة القادة والزعماء الفلسطينيين العائدين من منفاهم في جزيرة سيشيل مارين بعدن في يناير عام 1943م.وكان استقبالا مدويا مفعما بالحماس والقوة وحرارة الشعور, واعتبر ذلك الاستقبال تحديا واضحا وصارخاً ضد الاستعمار البريطاني حيثما كان وقد تبنت ترتيب ذلك الاستقبال نوادي الإصلاح العربي والمنتديات والشخصيات والبيوتات المشهورة وأبناء عدن الآخرين والمقيمين من الأجناس المسلمة غير العربية وقد تم استضافتهم وإيوائهم في مساكن المرحوم احمد علي شماخ بالحي الحسيني بعدن المدينة «كريتر». وكانت السلطات البريطانية ترصد وتعلم يقينا بروح التوثب والتحفز الذي يغلي في صدور أبناء عدن الذين هم في الأصل من كافة القبائل والألوية والأرياف اليمنية والى جانبهم ذو الأصول غير العربية من مختلف البلدان الإسلامية الذين لا يمكننا التذكر لهم.. ولم يكن مع البريطانيين إلا قلة من المستكينين والمستظلين بظله من النوعيات الهلامية والرخويات البشرية.. أو التي استمرت العمالة تحن إلى أمهم صاحبة التاج ومؤخراً حنت إلى العم بطرس.فعند بداية الحرب العالمية الثانية وتحديداً عام 1939م ومن خلال معرفتها بالتواصل بين شخصيات وطنية وبين ألمانيا الهتلرية وتعاطف تلك الشخصيات مع المانيا املا في الحصول على دعم معنوي وسياسي لتحقيق الخلاص من الوجود البريطاني الاستعماري فقد أقدمت السلطات البريطانية على اعتقال عدد كبير من تلك الشخصيات ووضعهم رهن الاعتقال والإقامة الجبرية في بعض الجزر النائية والقريبة وفي بعض الساحات المسورة بالأسلاك الشائكة في المناطق العسكرية. انتفاضة الشيخ عثمان غيرة واعتراضا على سجن القاضي عمر شريف الدين من آل شرف الدين في كوكبان ودارت المعارك بين ذوو الهمم والغارة والغيرة في شوارع الشيخ عثمان بين طرفين غير متكافئين وسقط الشهداء والجرحى.. في ملاحم بطولية ظلت عدن تتذكرها وتتغنى بها حتى اليوم والانتفاضة كانت تعني عدم القبول بالمساس بحكم شرعي إسلامي وبقاض مسلم مما يعني استفزازا واعتداء على حرمة الدين الإسلامي. الانتفاضة العارمة في كل أرجاء عدن ضد جمع اليهود من كل أرجاء اليمن وإرسالهم إلى فلسطين عبر عدن, وضد وعد بلفور وتقسيم فلسطين وقد استجلبت السلطات البريطاني قوات عسكرية بريطانية من معسكرات فايد والاسماعلية والسويس من مصر لقمع الانتفاضة بعد أن رصدت تعاطفا دينيا وقومياً ووطنيا من قوات الجيش الاتحادي (ليك لابن ثم معسكر عبدالقوي سابقاً) حركات الإصلاح في حضرموت وتواصلها مع حركات وتجمعات الإصلاح اليمنية في اندونيسيا وسنغافورة وماليزيا وغيرها. وننتقل إلى فترة الخمسينات التي شهدت مخاضاً وإرهاصات وفعاليات وطنية بصورها السياسية والنقابية والطلابية محلياً, وتفاعلاً وتضامناً مع قضايا الأمتين العربية والإسلامية وقضايا التحرر العالمية تأسيس التنظيمات السياسية والنوادي والتكتلات وتسجيل المواقف التضامنية المتفاعلة مع الثورات والحركات العسكرية الوطنية على الساحتين اليمنية والعربية ونشير إليها كعناوين وفقرات مختصرة وهي ليست بالجديدة وقد أشبعها ذكراً الكتاب والصحفيون والمؤرخون .[c1]تكوين رابطة أبنا ء الجنوب العربي عام 1950م[/c]التفاعل والتأثر بالزلزال المعنوي الوطني والقومي والتحرري الذي أحدثه قيام ثورة 23 يوليو عام 1952 م في مصر الكنانة والذي تكونت على إثره تيارات ناصرية ورياح تحرريه في الساحة العربية والأفريقية والآسيوية وغيرها وبلغت محبة الشعب اليمني للزعيم عبدالناصر حداً.. دفع بأحد الفقهاء يرحمه الله وعفا عنه.. أن يقول في مجلس أثناء أدائه الفريضة الحج «أن الناس في عدن وجنوب اليمن يعبدون جمال عبدالناصر من دون الله وقد كان يرحمه الله من الفرسان الأوائل لمجاميع التكفير والتشريك والتبديع. [c1] التفاعل مع قرار تأميم قناة السويس:[/c]في 1953م تم تأسيس نادي الشباب الثقافي الواجهة الأمامية لحركة القومييين العرب في عام 1955م حركة الثلايا ضد الطاغية احمد حميد الدين تفاعل اليمن بشطريها آنذاك مع حركته في عام 1956 تكون مؤتمر عدن للنقابات وتغير اسمه عام 1958م إلى المؤتمر العمالي. بدء تنظيم الحركة الطلابية نفسها عام 1954م وقيام الإضرابات الطلابية للطلبة والطالبات واستشهاد الطالب قاسم هلال, متزامناً مع قيام الإضرابات العمالية.. كان بعضها لانتزاع الحقوق العمالية المعيشية, وبعضها إضراباً ضد سياسية التهجير وتسفير العمال اليمنيين, وبعضها امتناعاً عنه تحميل وتفريغ بواخر أميركية تضامناً مع الباخرة المصرية «كليوباترا» التي امتنع عمال موانئ أميركية من التعامل معها. الإشارات إلى تأسيس وتكوين التنظيمات والتكتلات لا تعبر عن ذلك الزخم سياسياً ونقابياً وطلابياً الذي تحدثت عنه صحف العالم والإذاعات والمراقبون, وكانت فترة الخمسينات من الأهمية التاريخية التي تستحق أن يفرد تاريخ فعالياتها بشكل متأنٍ ومركز وكانت السمة الناصرية هي الطابع التي اصطبغت بها سياسياً وتحررياً معظم التكتلات والتشكيلات بمختلف أسمائها وصفاتها. وضمن النضالات الوطنية والقومية والفعاليات والمواقف سياسياً وعمالياً وطلابياً كانت القناعات والطموحات أعظم من كل ذلك وترسخ الإيمان بأنه لم يعد للشعب اليمني في جنوب الوطن خيار إلا الكفاح المسلح, وجاء الفرج العظيم بقيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962 والتي هيأت لقيام الثورة في جنوب الوطن عمقاً استراتيجياً وجغرافيا وسنداً مصيرياً مشتركاً يضمن الدعم والتلاحم المشترك بالإمكانات والعنصر البشري وكانت ثورة 23 يوليو ومصر عبدالناصر قد بادرت دون تلكؤ أو تباطؤ أو تثاقل إلى فتح ذراعيها الحانيتين لثورتي سبتمبر وأكتوبر وجاء الدعم العسكري والمادي من القيادة العربية المصرية ومن ثورة سبتمبر المجيدة, وتم تجميع وتوحيد التشكيلات والتنظيمات السرية التي هيأت نفسها للقيام بأعباء الكفاح المسلح.. ومن ضمنها الجبهة الناصرية التي بادرة إلى تنفيذ عمليات عسكرية جريئة وشجاعة ضد أهداف عسكرية بريطانية وضد تجمع العملاء من الجاليات الوثنية وكان ذلك قبل قيام سبتمبر وأكتوبر وقبل قنبلة المطار التي نقدر قيمتها وأثرها ومنفذها المناضل خليفة عبدالله حسن خليفة ومجموعته الاستكشافية والمتضامنة والمساندة « ولولا ظروف طارئة واعتراضية لنفذت بقية أهداف العملية باستخدام رشاشات وقذائف مورتر كما علمت من شقيقه الراحل المرحوم طه عبدالله حسن خليفة».[c1]أدوارنا الجماعية في التنظيم الناصري قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر [/c]وتجدر الإشارة إلى أن الناصرية لم تكن إيديولوجيا ولم تأت بمدلول نظري أو برنامج أو هرم تنظيمي أو أن للناصرية مرجعية مركز عليا في القاهرة وأجنحة متفرعة عنها أو فروع في الساحة العربية أو حيثما يتواجد المريدون والمتبركون بالطريقة الناصرية بل أنها مجموعة المثل والمبادئ والمواقف المتسمة بالإباء والتحرر والمبادرات القوية والجريئة غير متثاقلة أو متباطئة أو مترددة بل انها توصف أيضاً بانها بلورة وتجسيد ورشحات لمقومات شخصية الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وأركانه.. تلك الترشحات والمقومات الشخصية وصفات الغيرة والغارة والوثبة والنجدة والنخوة والرجولة والمروءة والشهامة فهام به أحرار العالم والشعوب المتطلعة إلى تحررها واسترداد عزتها وحقوقها حتى أن حركات التغيير الوطنية والقومية في بعض البلدان العربية ومنها ثورة 26 سبتمبر المجيدة المتلهفة لتحقيق الوحدة العربية الشاملة كانت تتحدد هويتها على أنها ناصرية عندما تتسم تلك الحركة بالعزم والحسم وبالخطاب الوجداني الذي يبدو وكأنه ينبعث من قلب وأعماق المستمع نفسه وليس من المذياع.لتلك الأسباب كانت الجماعات والأفراد التي شرعت تؤطر نفسها في تشكيلات أو تجمعات أو تنظيمات استعداداً لمرحلة جادة للثورة والفداء والتحرر نكرر لتلك الأسباب كانت تلك الجماعات تضفي على أطرها وتجمعاتها اسم الناصرية فظهر عدد معروف من تلك الأطر والتنظيمات بذلك الاسم وفي هذا الخضم أو عند البدايات الأولى للمخاض العظيم اختارت مجموعتنا اسم الناصري تشبثاً وتشرفاً بتلك المثل والمبادئ والمواقف سالفة الذكر مع ما كان يملأ قلوبنا وصدورنا أن المدلول والنهج والصبغة هي التي من الله بها علينا وليس سواها ملة أو ملاذاً أو حصناً أمام الغزو الفكري الشيوعي العالمي وهرطقته وسفسطته وكفره الصريح والبواح بالخالق وبكل ما انزل من السماء, وانطلاقاً من ذلك كان أيضاً حوارنا وتفاهمنا وعلاقتنا مع العديد من القيادات الإسلامية للعمل منذ تلك البدايات المبكرة على عدم ترك الفرصة للأيدلوجيات الحمراء وغيرها من الاستفراد في الساحة وبعقول الشباب واللدائن والعناصر الخاصة والانحراف بها بعيداً عن هوية الشعب وصبغته وأخلاقياته الدينية الإسلامية.ومهما كان الانبهار والتقدير لشخصية الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فلقد كان كأي واحد من بني البشر غير المعصومين كما أننا لا نغض الطرف عن الإشراك الخداعية التي نصبت له من جانب الاستخبارات العالمية ومن مراكز القوى التي أحكمت محاصرته وأوقعته في فخ التصادم مع التيار الاسلامي في مصر وكذا في القبول لتلقي الضربة الأولى الإسرائيلية في 5يونيو 1967م وغيرها من الغلطات والشطحات القاتلة. استرسالاً في التوضيح فأنني ضمن مجموعة الجبهة الناصرية أو التنظيم الناصري أو ما كانت تسميته أحيانا باسم منظمة الشباب العربي أو حركة الطليعة العربية الإسلامية تغييرا للأسماء وتغييراً للأرقام وأنواع الحروف المطبعية وأكدت الطباعة بالنسبة للبيانات والمنشورات وكان ذلك من منطلق احترازي قانوني وبناءً على نصيحة من أحد العناصر المناضلة المتعاونة وهو قانوني ولم نعلم مدى وجاهة هذه النصيحة ، وكان ابرز المؤسسين اضافة الى كاتب هذه الايضاحات ابو بكر على شفيق ، سعيد عمر العكبري، احمد هبة الله علي، محمد علي حيدرة ، محمد احمد باشماخ ، وعبدالرحمن فارع، وكان من عناصرنا الفاعله الشهيد خالد عبدالله قاسم ( خالد هندي) وممن كانوا على مقربة منا ويكونون رديفا مناصرا وفاعلا في بعض المهمات علي الشيخ/ سعيد العراقي، علي صالح علي بيضاني محمد عبدالله طيطى، عبدالله احمد الحمزي ، صلاح الدين عبدالرحمن دبعي، اسعد بن اسعد طاهر، حسين شيخ العزيبي، عبدالله بن عبدالله حسين، عبده شعبي، خالد محمد سعيد المفلحي وكنا على علاقة حميمة، وتفاهم مع قيادات وطنية كمثل: الاخ عبدالله عبدالمجيد الاصنج، عبدالله علي عبيد، عبده خليل سليمان، محمد سالم باوزير، على احمد ناصر السلامي، سيف احمد الضالعي ومحمد سالم باسندوه ..كما تعاون معنا كل من الإخوة عبدالقادر الخروي وطبياً كل من د.سالم عبدالخالق السعدي، د.خالد علي قاسم القصاب، ومن المتعاونين عبده خليدي، كما كان يقف معنا بصورة تضامنية أدبية الأخ محمد قايد سيف القباطي.. بأمر الزعيم المشير عبدالله السلال، وقبل ثورة 26سبتمير كان القائد العسكري لمنطقة الشيخ سعيد بباب المندب المقدم محمد وابل..قد أبدى استعداده لتمويننا بما نحتاجه من الضروريات الخفيفة من الأسلحة والمتفجرات بعد أن كان التنسيق جاريا بين كل من (أبوبكر شفيق، محمد غالب احمد الدلالي، عبدالملك ابن محمد وابل، كما تولى الإخوة سعيد عمر العكبرى ومحمد علي حيدره بالاتصال والتنسيق مع كل من الإخوة قائد لواء إب والمقدم احمد بن احمد الكبسي ونائبه المقدم محمد بن محمد الشعيبي للحصول على أسلحة خفيفة ومتفجرات وتم الحصول على قنابل يدوية انجليزية نوع 38 كما امتدت دائرة اتصالاتنا إلى صنعاء بواسطة المقدم محمد قايد سيف ومعرفة الأخ الكاتب محمد فارع الشيباني لمقابلة المشير عبدالله السلال.. واستدعيت فتوجهت إلى صنعاء إلا أن عنا صر حركة القوميين العرب قد أجهضت اللقاء ، وبدلا من مقابلة الأخ المشير عبدالله السلال، فقد أحالني الأخ محمد قايد سيف لمقابلة الأخ عبدالغنى علي وزير المالية الأسبق تقريباً ولما كان الحديث من جانب الأخ عبدالغني يحوم حول أي مساعدة مالية يمكن تقديمها رفضت ذلك العرض موضحاً أنني لم أتوجه إلى صنعاء سوى لغرض معرفة مدى الاستعداد لدعم نشاطنا العسكري الذي بدأنا عملياً وميدانياً وحاجتنا على التقنيات ولا بأس أن يكون المال تبعا لذلك فيما بعد واستأذنت في الانصراف لترتيب عودتي جواً الى تعز ثم الى عدن.حواراتنا لغرض التوسع التنظيمي وتحشيد الرجال شملت إخوة لنا في حوطة لحج والوهط.. ومن ضمنهم الإخوة فضل صالح البان وأبوبكر عيدروس السقاف وآخرين لم أتذكر أسماءهم الكاملة سوى الاسم الثالث احدهم كراو والآخر كرد»إضافة واستدراك» في صنعاء لمقابلة السلال كان في مارس 1963م والتقيت حينها في فندق صنعاء بالإخوة حسين عبده عبدالله وعبدالله علي عبدالله تواجداً لغرض مماثل وقد تصادف إعداد عرض عسكري وإلقاء خطبة من على منصة أمام المتحف الحربي حالياً أمام ميدان التحرير وقد دعينا لحضور المنصة للمشاركة في الاحتفال بإعلان الوحدة العربية الخماسية بين كل من مصر، اليمن، العراق، سوريا والجزائر.[c1] العمليات الفدائية التي قامت بها في مطلع الستينيات:[/c]الأولى: واسمها فلفل على الجرح وهي تلخيص شديد لطبيعة قمة الصلف والاستهتار والاستخفاف التي تمادى فيه طوائف الهندوك والفرس الزرادت والجوانيز «الهنود المسيحيين» والتي بلغت ذروتها عندما قرروا وأعلنوا في صحيفتهم الناطقة بالانجليزية أن من حقهم الترشح والانتخاب ومن حقهم أيضاً المشاركة في التخطيط لمستقبل عدن السياسي والمصيري كل ذلك دون مراعاة واحترام المشاعر الوطنية والقومية والإسلامية لشعب يتوق للانعتاق من الاستعمار البريطاني وما ألحقه بالشعب في كافة المجالات باستثناء ما يتوافق فقط مع ديناميكية العمل الوظيفي والعمالي والخدمات وإضفاء مسحة تجميل وديكور باهتة عند مقارنة الحالة في عدن مع حالة القرى البدائية والفقيرة والمعدمة التي تحيط بها وتلك الجراح الغائرة والمفتوحة في قلب وصدر عدن والتي كانت بحاجة إلى البلسم الشافي والمعالجات الفذة والمتميزة إذا بتلك الطوائف الأجنبية تدخل من جانبها على الخط وتأتي بطموحاتها المفرطة والاستفزازية لتصبها ملحاً وفلفلاً على الجروح وكان تحركها في الاتجاه المعاكس وفي اللحظات الأخيرة التي كانت الدماء تغلي في عروق الوطنيين كان ذلك التحرك أو التطفل أو الشطاف أشبه بـ ودافة يهودي إلى حفرة وفي احد اجتماعاتهم برئاسة وزير الأشغال الهندوكي جوشي بمنزله على شاطئ صيرة..هوجم المجتمعون بقنبلة يدوية محلية الصنع ومسدس عيار 9 مم شنته مجموعة من الناصريين المنفذ أبوبكر شفيق ومشاركة كل من الإخوة احمد هبة الله علي والمرحومين عبدالرحمن فارع ومحمد علي حيدر وعلي بن الشيخ سعيد العراقي وفي حديقة منزل جوشي فرع لشجرة كبيرة الذي اصطدمت به القنبلة فلم تصل إلى مرماها وأصابت بشظاياها المنفذ أبوبكر شفيق أما قوة الانفجار والموجه الانفجارية للقنبلة فقد أدى إلى تحطم كثير من زجاج النوافذ والمكونات الزجاجية في عدد من الفلل والعمارات القريبة والبعيدة من منزل جوشي ونشرت صحيفة:» قناة الجزيرة خبر الحادث تحت عنوان «قنبلة جوشي واحداً من مليون» موضحة أن تعرض جوشي والمجتمعين به لقنبلة بتلك القوة والى إطلاق نار يؤدي حتما إلى هلاك مؤكد وان النجاة من مثل هذه الحالات هي نادرة الوقوع وان نسبتها هي واحدة من كل مليون.وكنا برفقة الشهيد خالد هندي «أبوبكر شفيق واحمد وعبدالرحمن فارع ومحمد علي حيدره» وانتظرنا حتى يقوم الحارس بإكمال مشواره التراجعي بعيداً عن موقع القارب في حالة الإياب والعودة إلى بقية مواقع المرفأ فقمنا بإنزال الشهيد خالد هندي مع العبوة بعد التأكد من عدم مرور دوريات او تحركات من والى المعسكرات المنتشرة في تلك المنطقة وزحف المرحوم خالد بالعبوة ووضعها تحت القارب وانسحب وكان صوت الحارس يتردد من بعيد بالأهازيج وربما مر على أهزوجة :[c1]«يا الله يا طالع البيضاء بلغ سلامي على امهيله ألا وقل لها النوم ما جانيوأصبحت مكروف على أم سيلة»[/c]والتقطنا المرحوم خالد وتوجهنا جميعاً إلى قرن أبو عيون وهو منعطف سابق قريب من مبنى محكمة صيرة في الطريق البحري انتظاراً لسماع انفجار العبوة كدلاله على نجاح العملية ونحن نعد الثواني والدقائق وعند اقتراب عقرب الساعة من الساعة 12 في منتصف الليل في شهر رمضان وتواصل العقرب مع سلك التيار الكهربائي الموصل بين البطارية وسلك تفجير الصاعق المفجر لمواد الديناميت في تلك اللحظة طغى قوة الانفجار الذي هز الأرض من تحت أرجلنا على صوت الموجه الانفجارية الذي وصل إلى مسامعنا فيما بعد بعدة ثواني.. فوثب بعضنا على بعض عناقاً وقهقهة ودموعاً، وعلمنا في اليوم التالي أن القارب قد تحول إلى كتلة محترقة من هشيم والى جزيئات متناثرة على مساحة واسعة.[c1]وفي اليوم التالي وما بعده علمنا ما يلي:[/c]الحارس تحت السيطرة عليه بصعوبة بعد أن أصيب بصدمة نفسيه قوية وبهستيريا وانفلات الأعصاب واخذ إلى المستشفى وتم إحكام تقييده على السرير لمنع قيامه بتعرض نفسه لأي خطر وعلم فيما بعد من خلال الأخ عبدالله محمد هيثم أن الحارس المذكور كان صالحي من آل صالح في محافظة أبين حالياً.صوت الانفجار للعبوة الناسفة وصل إلى مسامع أهالي الحسوة وما حولها حتى مشارق عدن الصغرى. علمنا من العناصر المرتبطة أو المحتكة بالمستوزرين والرموز المقربة من سلطات الاحتلال البريطاني أن خبراء المتفجرات الذين تفحصوا أسباب ونوع الانفجار أكدوا أن العبوة هي من صنع محلي واستخدمت فيها بطارية وساعة يد وان الغلاف الخارجي التي عبئت بها المادة الناسفة فقد كانت من توصيلات أو موزع للمواسير المعدنية المستخدمة للمجاري وغيرها وأضافوا أن هذه الحالات تنذر بخطورة وبمتاعب إذ أن ذلك يعني أن الخطورة تكمن في وجود خبرة لتصنيع هذه العبوات ولو كان الأمر مقتصراً على عبوات أو متفجرات تقليدية مصنعة خارجياً لامكن مضاعفة اليقظة والجهود للتفتيش في البر والبحر والجو ضمن القدرة على السيطرة.[c1] العملية الثالثة:[/c]تمت عملية فدائية جريئة على معسكر العزاب الذي يضم أيضاً صيانة المعدات العسكرية والأسلحة الثقيلة وحالياً فهو ضمن معسكر طارق قيادة الأمن العام، وقد نفذ العملية المرحوم محمد علي حيدرة بقنبلة يدوية محلية الصنع وفي اليوم التالي علم أن القنبلة لم تسبب خسائر في الأرواح بل أتلفت كثيراً من المواد والتجهيزات الإدارية والمكتبية كما أحدثت ندوباً وثقوبا في عنابر النوم للجنود إضافة إلى حالة رعب كبيرة ونظرات زائغة وحالات الشرود الذهني المصاحبة لحالة التوقع والتخوف من المجهول كان المرحوم خالد هندي الذي عمل معهم ضمن عمال الصيانة في المعسكر ملماً وراويا تلك التفاصيل. في قسم الصيانة المذكور، كان المرحوم خالد هندي وبعض من زملائه في العمل يقومون بإتلاف الأجزاء الدقيقة في قلب قطع المدفعية الثقيلة وغيرها.وفي عدة حالات تم إعادة بعض قطع المدفعية الثقيلة وغيرها من المعسكرات البريطانية في ردفان وغيرها بعد أن اكتشف عدم صلاحيتها وجاهزيتها (والحديث عن الشهيد خالد هندي يطول وعن شجاعته وظرافته وقفشاته ومقالبه وعن دقته وسرعة فهمه وتنفيذه للأوامر، وإقباله على المشاركة في العمليات بروح مرحة وقهقهات عالية.. وكأنه ذاهب إلى أعراس ومسرات وأفراح..يرحمه الله فجميع المسلمين أحياء وأمواتاً) ومن الأهمية بمكان التعريج على مداخلة ضرورية تقتضيها واجبات الوفاء والإنصاف في حق أحد أفراد مجموعة الناصريين الذين ورد أسماؤهم كعنصر أساسي ومؤسس منذ البدايات المبكرة للعمل الفدائي للجبهة الناصرية إحدى الفصائل السبع للجبهة القومية.. ودوره أيضا كعنصر أساسي وقيادي في ملاحم الفداء والتحرير عسكريا وسياسيا، انه الأخ (الطاهوش) الشحاري العكبري كما استحسن ورضا لنفسه بهذه التسمية في صحيفة سبتمبر»الغراء» وهو إلى جانب دينا ميكيته وفعالياته الوطنية الواسعة في المدينة والريف .. بالفعل فقد جعل ..... الكبيرة في شارع مدرم في المعلا.. احد المخابئ أو المخازن لحفظ السلاح والمتفجرات والمواد الناسفة في اكبر تجمع سكاني للعسكريين البريطانيين وعائلاتهم وما يحيط بهم ويتواجد في ذلك الشارع من عناصر الرقابة والحماية التابعة لمختلف الأجهزة الأمنية والاستخبارات المدنية والمسلحة وما هو تابع للأجهزة البريطانية ذاتها والأخ/ سعيد عمر العكبري هو من رجال المواقف والمبادئ والخيارات الصعبة في ملاحم الكفاح المسلح ضد الوجود البريطاني وصنائعه.. وبعد الاستقلال المرتهن والمغدور به على أيدي البرجوازية المتمركسة والقروية المتشوعة. مواضيع تكميلية في فترة ما قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر:عمليات الجبهة الناصرية قبل انه تتولى قيادة جبهة عدن في فترة الجبهة [c1]القومية وثورة 14اكتوبر.[/c]1 ـ تأجيل اختطاف مدير سجن عدن المركزي ومعاقبته جلدا بمجموع كل الضربات التي جلد بها مجموعة من الوطنيين في سجن عدن بعد تجريدهم من ملابسهم.- 2 وقف عملية نسف وتدمير مبنى المجلس التشريعي الذي كان مقرراً أن ينعقد فيه الاجتماع الخاص بضم عدن إلى مشروع الاتحاد الفيدرالي [c1]البريطاني السلاطيني المشبوه.[/c]تعرضنا للاعتقال بعد قنبلة المطار ونقلنا من مركز الشرطة بعدن إلى معسكر شبرد الخاص بالأمن المسلح الاتحادي «شامبيون» ثم إلى سجن زنجبار في أبين وبعد فترة إلى معتقل في احور» وهو مبنى تابع لوزارة الزراعة أحيط بقوات أمنية وبأسلاك شائكة، ثم أعدنا إلى معتقل في مدينة الشعب وأطلق سراحنا على دفعات وكنا 58 معتقلاً وقد عانينا كثيراً في سجن زنجبار، واظهرنا جميعا صبراً جميلاً وشموخا وجلدا وفي رحلة الانتقال من زنجبار إلى أحور أحاطنا قائد الحملة وضباطه بأخلاقهم العالية وشهامتهم وعطفهم وتعاطفهم وكان القائد سالم احمد العتيفى وطنيا متحفزا متوقدا وظهرت هويته الوطنية خلال فترة الكفاح المسلح ثم فترة الدفاع عن الاستقلال المغدور به على ايدي سماسرة الاتجار بالأوطان وبالثورات. كما عاملنا السلطان عيدروس في احور والكثير من المواطنين والمسؤولين معاملة هي من صفات الرجال الافذاذ دون التفات إلى ما تفرضه السياسة البريطانية. التوجه الى تعز للتدريب في معسكر صالة الخاص بالمظليين المصريين بقيادة اللواء طارق الذي كان قد كلف بالنزول في دمشق لمواجهة حركة الانفصال بين مصر وسوريا. وضمن تدريب خاص تخلله محاضرات في منازل الضباط المصريين في حارة المستشفى بتعز كنت (أبوبكر شفيق) والأخ الوطني الكبير الفقيد/ محمد علي هيثم يرحمه الله وأخ لنا آخر معروف باسم سالم تومة سامحه الله واحتراما لمشاعر أهله فلا حاجة لنبشه وكان التدريب الذي تلقيناه على مستوى قيادي وآخرون أيضا كالأخ المناضل الجسور عبدالكريم عبدالله سلام القباطي وآخرون كانوا ضمن التدريب العام في معسكر صالة وكانوا من أقوى وأصلب وأنقى عناصرنا الأساسية الذين هبوا منذ البدايات الأولى والمبكرة، وأسماؤهم كثيرة يؤجل استعراضها ضمن محاولة التأليف إذا أذن الله بذلك وساعدت الحالة الصحية على التركيز والبحث عن المزيد من المراجع وشهود الواقع وسيكون ذلك ان شاء الله من قبيل الجمع وليس الوضع والتكلف وأثناء التدريب في تعز والسكن في مقر الجبهة القومية بعمارة الطليالي في طريق متفرع عن شارع عصيفرة الممتد من مفارش باعة الجبن المتفرع عن سوق الشنيني حتى نهاية الشارع أمام فندق ديلوكس في شارع جمال وفي المكتب طلب منى تقديم برنامج عمل لطبيعة العمل الفدائي العسكري لجبهة عدن التي أوكلت إلي فوضعت برنامجاً مطولا سلم للأعضاء القياديين في المكتب بواسطة كل من الإخوة قحطان الشعبي، محمد علي الصماتي ، طه احمد مقبل، كما كان في المكتب الإخوة العقيد المناضل احمد مهدي المنتصر.. وعلي السلامي ، مسئول التخزين والتموين بالأسلحة وترتيب وصولها إلى الجبهات التي توالت تباعا وكان في المكتب أيضاً الأخ السيد/ ناصر السقاف، سالم زين، وحميد الشعبي، وآخرين من الحركيين مثل عبدالقادر احمد سعيد وغيرهم وكان من ضمن برنامج العمل خطة لعملية ضرب مبنى الإذاعة التابعة للقوات البريطانية وكذا مبنى إذاعة عدن ونادي ضباط البحرية والتعامل مع أي رد فعل من الضباط البريطانيين الساكنين على التلال المطلة على بندر جديد وميناء التواهي وأرصفة البينو والابكاري ورصيف ( اقير الوتلش) ورصيف السياح، كما تطل تلك التلال على مسجد ومقام الولي الصالح الشيخ/ احمد العراقي وعلى حي النجار ومبنى نادي ضباط البحرية ومبني الإذاعتين ونتيجة لاعتقالي مبكرا فقد تمت العملية المشار إليها وعمليات اخرى عندما كنت معتقلا وعند الحديث عن اعتقالي مبكرا فان الموضوع يوصل الى موضوع توقع الاعتقال او التصفية الجسدية وما يوجبه من احتياطات وتخفي وعدم معرفة احد بمكان تواجدي إلا في أضيق حد من المسئولين الآخرين وهو ما لم تتفهمه عناصر سياسية وتنظيمية وتمويلية ومعظمهم من حركة القوميين العرب وكنت اطرح محاذيري دائما دون جدوى إذ أن العلاقات التنظيمية والعضوية الباهتة والسطحية قد حلت بديلا للعلاقات الأخوية والوجدانية الصادقة وهو ما أشار إليه أكثر من مسئول قيادي عايش ذلك الواقع ومنهم الإخوة علي احمد السلامي، وسعيد عمر العكبري، وطه احمد مقبل، وغيرهم إضافة إلى تململ ومصارحات الكثيرين من الخلايا الفدائية في اكثر من موقع ومن جبهة.[c1] العمليات الفدائية العسكرية التي توليت الإعداد لها وقيادتها ميدانياً:[/c]عملية ضرب المطار الحربي بخور مكسر بصاروخين « بلاندزيت» ونفذ العملية فريقان من عناصرنا يرحمهم الله جميعا الفريق الأول كان المصوب الشهيد عوض احمد سعيدي وملقم الصاروخ في القاذف وتجهيزه للضرب الشهيد خالد هندي، والفريق الثاني كان المصوب الفقيد/ حسن علي الزغير «بدر» وملقم الصاروخ في القاذف الفقيد/ صلاح الدين عبدالرحمن زلعي وتولى قيادة السيارة الأخ/ علي صالح علي وكان التصويب إلى عنابر الطائرات والى الطائرات الرابضة بجانبها وكانت العملية مشهدا مثيرا وعلى الطبيعة وليست سينمائية على شاشة سينما شهناز التي تبعد عن موقع العملية بأقل من كيلومتر واحد .. وعلمنا بتجمهر رواد السينما يتابعون أصوات الصاروخين عند انطلاقها وهديرها في الجو ثم بانفجارها وانطلقت على إثرنا طائره أو طائرتان هيلوكبتر وهي تطلق قذائف أو بالونات الإضاءة وغطى الطيران مناطق طريق الجسر والملاح والدرين وأجزاء من المنصورة .وهناك محاولة ثانية وثالثة لضرب المطار من موقع ميدان سباق الخيول سابقا أمام بوابة معسكر الأمن المركزي إلا أن وصول شخص في المحاولة الثانية وشخص ثان في المحاولة الثالثة قد جعلنا نقرر إرجاء العمليتين والأشخاص هم من ضمن المتحركين بشكل عفوي ولالتقاط الأنفاس من لهيب الحر في المنازل في أحياء عدن وكانت العناصر المكلفة أو المختارة فهم بعض عناصر العملية الأولى مضافا إليها الإخوة عبدالله محمد هيثم وعبدالعزيز عبدالله سلام وفضل محسن وعلي عوض وقد تم إقناع فريقي الهجوم بصعوبة بالغة لإخلاء سبيل الشخصين وعدم التعرض لهما فالهدف الأساس هو مرابض الطائرات لذا فان الانشغال بأمر طارئ مع أن الهدفين الطارئين ليسوا ضمن الأهداف مع حرمة النفس البريئة وتواتر إرجاء بعض العمليات ضد أهداف مختلفة كان حاصلا لأسباب طارئة لا إرادية ثم يتم تنفيذ العمليات المقررة في مواعيد لاحقة. وتلاحقت العمليات الفدائية ضد المطار الحربي وكان أضخمها تلك التي يتم فيها إطلاق قذائف الهاون عبر مواسير صناعية وتفجير زمني وعبر شبكة أساسية من الفتائل والأسلاك المرتبطة والموصلة إلى العدد الضخم من القذائف وهذا النوع التكتيكي والمتقدم والذي نفذه قادة وعناصر العمل الفدائي قد جاء متأخرا بعد اعتقالنا إلا أن دورنا الأساسي والمبكر في الإعداد وتجهيز ذلك سنتناوله في عنوان منفصل.[c1] عمليات إحراق المطابع العميلة بعد إنذارها مرارًا دون جدوى:[/c]وتمت عمليتان في وقت واحد لكل من صحيفة» الكفاح» واليقظة « وتفصيل الإعداد ومسار العمليتين وما واكبها يطول شرحه وتم عدم المساس بأي شخص ممن كانوا متواجدين في المطبعتين وأحرق بالكامل وعند مطبعة اليقظة قام الأطفال بالتمعن في أشكال الفدائيين الملثمين وبأشكال الرشاشات من نوع لانكسيتر الانجليزية، وفي اليوم التالي قام الأطفال أثناء لعبهم بتمثيل حركات الفدائيين بعد أن صنعوا لأنفسهم دمي من الخشب شبيهة برشاشات « لانكستر» وبحكم ضخامة وعنفوان أكثر المنفذين للعمليتين فقد شاعت تكهنات بأن الفدائيين هم جزائريون أو مصريون وكان شرف التنفيذ لتلك العمليتين هو من حق ونصيب الاخوه: عوض احمد سعيدي، محمد عوض جصامة عولقي، فضل محسن ، احمد ناجي، علي الهمامي، محمد احمد باشماخ ، وقد سبق ذلك قيام خليه استطلاعية مكونه من الإخوة محسن وطني وخالد هندي وكان من ضمن التكتيك الذي اتبعناه ان منفذي العمليات يجب ألا يكونوا سكاناً أو معروفين في الحي أو المنطقة التي تجري فيها العمليات.[c1]عملية نادي ضباط الطيران قريبا من معسكر أبو عبيدة بخور مكسر:[/c]وكان النادي يزخر بالرواد والموسيقى صاخبة فرميت عليهم قنبلتا دويتان وكان شرف التنفيذ هو من حق ونصيب الإخوة احمد هبة الله علي، عبدالله الخامري، محمد احمد باشماخ.[c1]عملية المجلس التشريعي:[/c]وقد تم قصف المبنى بصاروخ بلاندزت من موقع البنوك تحسبا من وقوع الصاروخ او جزء منه على منطقة سكنية لذلك فقد اخذ المهاجمون وضعية تسمح للصاروخ فقط بالتوجه نخو خليج صيرة في حالة تجاوزه للهدف وكان منفذوها الاخوه عبدالرب علي مصطفى، عبدالرحمن فارع ومحضرين السيارة الاخ فاروق مكاوي ولا أتذكر الاخرين وبالرغم من صغر الفجوة التي أحدثها الصاروخ على سقف المبنى إلا أن كمية الوقود الدافعة المتبقية في الصاروخ قد ظل يدور مع غلاف الوقود مسبباً تلفاً كبيراً في محتويات المبنى وتجهيزاته ولأن الصواريخ حتى تلك الليلة كانت تستخدم فقط في المناطق المفتوحة كخور مكسر فلذا فقد كان لدوي الصاروخ في المدينة القديمة المسورة طبيعياً كان لذلك أثره المعنوي لدى الوطنيين وفي قصيدة للفقيد الشاعر لطفي امان بهذا الخصوص فقد عنون قصيدته بـ «صوت الضمير» اما بالنسبة لمن يعقدون سعادتهم على الوجود البريطاني فقد بدت التعابير على وجوههم معبره عما يكتنز في صدورهم من قلق وغم وكرب.وهناك عمليات متفرقه متتابعة في شارع مدرم بالمعلا وطريق كالتكس الحسوه عدن الصغرى وفي أماكن أخرى . المواضيع المتفرعة عن فترة الاعتقال وبعد خروجي من المعتقل وكيف تعاملت مع نزعة الاغتيالات المتبادلة.. ومع محاولة تفجير جولة من الحرب الأهلية في مدينة عدن (كريتر) وتفكيكها وإحباط المؤامرة التي أعدت .. بكارثة محققة.. بالتنسيق مع علماء الدين والمشائخ، وكان المتعطشون للدماء من ذوي النزعات المختلفة إضافة إلى ذوي النعرات القروية والمناطقية تتجانس مع رموز القوميين والبعثيين من داخل جبهتي القومية والتحرير.. لتجعل التنظيمين مسؤولين عن افتعال الصراعات باستثناء قواعد عريضة كانت غير راضية بتلك الكوارث.في المعتقل, وبشهادة المحامي الأخ حسين حامد عولقي الذي كان مترجماً بيني وبين أفراد بريطانيين، استدعوني إلى إدارة السجن عارضين عليَ ترأس أو المشاركة في تشكيل ما أسمي بحكومة الجهاز الإداري.. ورفضت ذلك العرض وكل الإغراءات وطالباً منهم مناقشة ذلك مع القيادات الوطنية جميعها.. ممن هي خارج السجن أو في بعض العواصم العربية.الاشتباك مع جنود الحراسة في سجن المنصورة في 18 يناير 1967م وتعرض حوالي 12 فردا منهم لجروح دامية.. وانسحبوا من عنابر» د» وكل أثنين منهم كانوا يحملون معهم مصاباً، فأنهالت علينا مسيلات الدموع وهي في الحقيقة غازات خانقة ممنوعة دولياً بشهادة مسؤول الصليب الأحمر مستر رويشة السويدي الجنسية بعد أن عرضنا عليه بطانية مشبعة لذلك الغاز. «كنا قد احتفظنا بها انتظارا لزيارته التي كان يقوم بها بين فترة وأخرى.. وفي اليوم التالي 19 يناير 1967م أقتحم معتقل المنصورة ما يقارب كتيبتين من القوات البريطانية مع أجهزة الكشف عن متفجرات وألغام.. وظل بلوك «دال» سجيناً معاقباً وسط السجن باستثناء العنابر والبلوكات الأخرى وأثناء الاشتباك. حطمت الأبواب الفولاذية للبلوك واعتلى بعض المعتقلين سقوفه، وكان الاشتباك هو بسبب العنجهية والغطرسة في المعاملة من قبل بعض الضباط والجنود.. إضافة إلى نوع الطعام المتجمد والمحفوظ لمدة طويلة وكانت تعافه نفوسنا ولم يكن مسموحا دخول الأطعمة من الخارج وبعد مرحلة من المطالبات والإضراب عن الطعام لمدة ثلاث أيام والاشتباكات سمح لنا حسب طلبنا في قسم «دال» بأن يؤتى لنا بمقاول ويمونا بالطعام نيئا لنتولى طباخته في العنبر» إضافة إلى ما كانت عائلاتنا وزوارنا يوصلوه لنا من طعام وفواكه وحاجيات وصحف، واستفاد السجانون البريطانيون المناوبون علينا في بلوك» دال» إذ كانوا يعودون إلى عنابر الحراسة محملين بالطعام الطازج الشهي مع الفلافل والبهارات والنكهة الشرقية. إضافة إلى الفواكه التي كنا نهديها لهم، وهذه المعاملة من جانبنا كانت مقصورة على الطيبين منهم.. ومع العناصر الايرلندية الذين كانوا يعتزون بجبهة تحرير أيرلندا « IRR» ويشعرون بأننا وإياهم إنما نخوض نضالا تحرريا.. كل في منطقته.أحد البريطانيين من المناوبين في بلوك» دال» ممن عملوا فترة طويلة في ليبيا حسب قوله ويدعى هاريس» كنت قد أعرته كتابين باللغة الانجليزية عنوان الأول» الحرب والسلم في الإسلام» والثاني بعنوان: مشوار الحب عند الصوفية وبعد أيام عاد المدعو « هاريس» ودفع إلي الكتب دفعا قائلاً لي وهو شبه مذعور: لا . لا أريد أن أكون مسلما. ويبدو أن مضمون الكتابين قد عملت عملها في عقلة وقلبه. [c1] وصف لكيفية اعتقالي وكيف كانت الخلفيات المؤدية إلى ذلك:[/c]وباختصار شديد دون التطرق لبعض الجوانب رغم أهميتها، فقد شن ضباط بريطانيون يقدر عددهم بحوالي 17 ضابطا واثنين من الضباط العرب وحوالي 150 فرداً من البوليس المسلح ببنادق B.F وخوذات فولاذية ومسبلات الدموع واثنين من المصفحات الصغيرة « فارهايت» وطائرة هيلوكبتر» وعرف فيما بعد أن الضباط البريطانيين ممن بيدهم صلاحيات التعامل ميدانيا عند اللزوم.. قد أحضروا للتصرف بسرعة حسب ما تمليه الظروف.. وقد تم محاصرة بلوك» 8» بالكامل والانتشار في الطرق المؤدية إليه أمام بوابة سجن المنصورة حيث كنت أستخدم مسكناً صغيراً يملكه أحد الأصهار، وبعد الحصار تم التحرك إلى حيث أقيم وسمعت الضرب والركل على الباب والصراخ بفتح الباب والاستسلام فإذا بالضابط الأمني البريطاني» هاري بيري» على رأس مجموعة ودلفوا إلى المسكن مصوبين أسلحتهم في كل الاتجاهات.. وبالتفصيل أفصح هاري بيري بأنهم جاءوا يبحثون عني وعن آخرين وعن مواسير وصواريخ البازوكا ورشاشات ومتفجرات وغيرها.. والحقيقة وحتى قبل يوم واحد فقط كانت كل تلك الأنواع موجودة.. والعديد من مخابئ الأسلحة كانت منتشرة في عديد من المساكن وفي بقالة الأخ سعيد العكبري بالمعلا وفي ورشة الأخ صالح محمد في ما تعرف ببيوت زكو بالخساف وهو والد الأخ سالم صالح محمد وكما أوضح في إسهاماته التوثيقية, وقد طلبت من كل الأخوة الذين ترددوا عليّ قبل الاعتقال بيوم واحد فقط بعدم الحديث أو الاهتمام بأي موضوع.. وأن الموضوع الوحيد هو البدء بنقل ما عندنا من أسلحة وذخيرة وصواريخ إلى مخابئ معروفة ومتفرقة والسبب في ذلك هو أنني استيقظت صباح السبت مهموماً قلقاً من حلم مزعج أو إشارة ربانية من الله اللطيف الخبير.. ورأيت في الحلم أنني قد وقعت ضمن دائرة واسعة من المواطنين يتعرضون للتفتيش خلف مبنى سينما هريكن ، ثم أنني انسحبت بحذر شديد من الحلقة وألقيت بما كان في جيبي من قنابل مع صمام الأمان.. ولما لم تجد الحملة العسكرية شيئا من الأسلحة.. بقى على هاري بيري أن يدخل يده بين رماد وأوراق محترقة في صفيحة معدنية للكاروسين ( تنك) وعرف أن الأوراق التي أحرقت وأتلفت كأنه ذات علاقة بأعمالنا وعناصرنا.. فرمى بما كان قد اغترفه من رماد وأوراق محترقة بصورة هستيرية حزينة وغاضبة، ويشهد الله أن الأوراق المحترقة كانت تضم أسماء لبعض عناصرنا الفدائية ممن كانوا ضمن الحملة.. وهم من البوليس المسلح مع ذكر نوع العمليات التي كان يفترض أن يشاركوا في تنفيذها، لذلك أيضا عندما شاهد في إخوتنا وعناصرنا خارجا مع هاري بيره ووجيه من الضباط البريطانيين فقد غليّ الدم في عروقهم وتبادلوا النظرات إلى بعضهم وآثروا عدم إظهار أي تصرف من شأنه كشف أمرهم.. وضلوا يتابعون نتائج التحقيق معي ، وتم تطمينهم بأن الموت بشرف هو الخيار.. وليس الانهيار, أو فضح عناصرنا وما يتعلق بجهادنا وكفاحنا, وكان إلى جانبي عند وصول الحملة الأمنية العسكرية كل من الأخوة: الشهيد عوض أحمد سعيدي الذي نجا من الاعتقال بعد أن ألححت عليه بالإسراع والخروج من الباب الخلفي، أما الأخ الثاني وهو الفقيه أحمد عبده طاهر العريقي فقد كتب عليه أن يعتقل معي أما الشهيد عوض الذي نجا من الاعتقال فقد غادر إلى الريف حيث استشهد في معركة فدائية في منطقة العواذل وأخذت إلى الشقة الأساسية التي كنت أسكنها في المنصور مع أفراد أسرتي وتم تفتيشها بدقة ولم يجدوا شيئا.. وبعد التفتيش في المسكن الأول أمام بوابة سجن المنصور، وجهوا بعودة أفراد الحملة إلى مراكزها مع استبقاء عدد محدود جدا من الجنود والمرافقين، وتم نقلي والأخ/ أحمد عبده طاهر إلى مركز شرطة عدن( كريتر) لاستكمال إجراءات نقلي إلى سجن عدن المركزي في صبيحة اليوم التالي وذلك ما حصل بالفعل وبأمر رسمي من وزير الداخلية الاتحادي وبالصيغة المتحدة في مثل هذه الحالات.. وهي فترة اعتقال تحفظي لفترة 3 أسابيع، ولما أطلع مدير السجن «الشوذري» على صيغة الأمر.. لم يستطع مغالية ما كان يجيش ويعتمل في صدره من غل وحقد وعمالة وظهر ذلك على وجهه ومن تعقيبه قائلا كان المفروض الأمر بالذهاب بك إلى غرفة الانتظار التابعة للمشنقة, وظل ذلك « الشوذري» في علاقة مع المعتقلين مخاتلا مراوغاً.. مستأسدا متوسلاً, وجرح جراحا بالغة بعد عملية غير ناجحة.. ولاحقته التصفية إلى فترة ما بعد الاستقلال وكان يطلب من السلطات البريطانية نقل المعتقلين بعيدا وخارجا عن سجن عدن المركزي بسبب عدم قدرته على استعادة السيطرة في تسيير أمور السجن بالطريقة التي يريدها. وتم نقل المعتقلين إلى سجن المنصورة في ليلة ليلاً كانت غذاء للأرواح وشحذا للهمم. بعد فترة قصيرة في سجن عدن.. أخذت إلى قسم الجهاز السري (special BRONEH) أمام مكتب أبس وشركاه وتم التحقق في قضية حوشي ووضعوا أصابعهم على أثار الجراح التي اخترقتها الشظايا, وعن نوع العملية التي كان مزمعاً تنفيذها لنسف المجلس التشريعي, وعن عمليات المطار والمطابع ونادي ضباط الطيران.. ولم يحصلوا مني على حرف واحد سوى التقوية.. وأعترفت لهم فقط بأنني أحب بلدي وأسعى كواحد من الشعب اليمني على تحقيق حريتنا وحرية بلادنا, وبعد فترة من التعذيب الجسدي والنفسي بعد نقلي إلى رأس مربط عدن عدت من رأس مربط إلى سجن عدن منهك القوى بعد أن حرمنا من النوم ومن أبسط الغذاء والدواء والنظافة. وبعد عام كامل أخذت من جديد من سجن عدن إلى معتقل المنصورة ومن ثم إلى رأس مربط والعودة إلى سجن المنصورة حتى الأيام الأخيرة التي كانت القوات البريطانية تتجمع وتغادر الأرض اليمنية مجبرة مطرودة، منهية في انسحابها وجلائها عهدا طويلا لاستعمار صليبي حاقد وما كر وبداية لمر حلة ماركسية حمراء وعمالة للشيوعية العالمية بعد أن غدر باستقلال حقيقي أنتزع بالأرواح والدم والعرق والتضحيات, قام بعده رفاق الشيوعية من طراز جديد بمصادرة الأرواح والممتلكات والتاريخ فكل ما يمت إلى ذلك بصلة وأود الإشارة إلى أنني لست من هواة إنكاء الجراح أو لجلد طرف استجداء لرضا وابتسامة طرف آخر، ولكننا وحتى بعد تلك المراحل الطوال وما حملته من عبر وعظات كونية تقضي بالاستغفار والندم, فإنه على العكس من ذلك فقد أضحت إحدى المصادرات التي أدمن عليها رفاق الأمس هي مصادرة الثورة ونزع شرف انتمائها من مالكها الحقيقي وصانعها وهو الشعب اليمني الثورة التي لم تبدأ من صفر إذ جاءت تتويجاً لمسلسل طويل من الانتفاضات والثورات والتمردات في طول الجنوب وعرضه منذ اليوم الأول لغزو القوات البريطانية لعدن، وليس أيضا كما ردده الرفاق.. بأن ثورة 14 أكتوبر كانت نتاجاً لقرار من مجموعة حركية قروية قررت قيامها في إحدى اجتماعاتها في القرية، وفي إدعاء آخر أن ثورة 14 أكتوبر هي شأن خاص بحركة القوميين العرب وإدعاء آخر أكثر سخفاً هو ان الرفاق إياهم كانت من أولى مهامهم «تحرير الفدائيين من الخوف» كيف يكون الفدائي الذي تشرب روح الفداء من المناهل المحمدية واليعربية الأولى ومن جذوره اليمانية التاريخية العظيمة بحاجة إلى البعض من أهلنا وذوي قرابتنا» طواهيش الحوبان» ليأتوا ليحروره من الخوف أولآ: معيدين إلى الأذهان أقصوصة خمسة وهم خمسة عيال عم وشربين دم البندق حق الواد لما يقرح يقول (بم) أو أن ثورة 14 أكتوبر هي ثورة طبقية قام بها مسحوقون وكادحون وشرائح اجتماعية محددة.أن ما نأمله هو إنصاف ثورة 14 أكتوبر والاستقلال وما لحق بهما من تحريف وانحراف، وإنصاف الرجال من صناع التاريخ اليمني عموما.. أدبيا وعناية ورعاية, وممارسة الشجاعة الأدبية في الأخذ بالنهج المتجرد والأخلاقي الذي اتبعته بعض الشعوب .. كالهند التي أنصفت وصدقت في تدوين تاريخها, وفي إنصاف صناع ذلك التاريخ.. رغم فوارق الدين واللغة والمكان بعد أن توزع صناع تاريخهم على كل من الهند وباكستان وبنجلاديش, ونأمل ألا تأخذنا غضاضة في طلب المعلومات والحقائق المكتظة بها ملفات القيادة العربية المصرية لمسار الثورة من بدايتها.. وكذا المعلومات والحقائق لدى الاستخبارات البريطانية كنوع من التعاون الثقافي.وأكرر، وأذكر بواجب الالتزام الأدبي والأخلاقي من جانب المناضلين أنفسهم نحو بعضهم حتى لا تتوه القيادة السياسية بمعلومات وتقييمات مجحفة ومتنكرة وظالمة.. تذهب بسببها مخصص العناية والرعاية هدرا لمصلحة المحسوبية والشللية والعشائرية والمناطقية ونعتب على القيادة السياسية التي إن أعملت توجيهاتها الحازمة ثم رقابتها لما استمرت ممارسات التجاهل والتنكر والتصنيفات غير الأمينة في حق العناصر التاريخية.. .
جبهة عدن .. العبرة و الذكرى
أخبار متعلقة