طرابلس (لبنان)/14 أكتوبر/نزيه صديق: قالت مصادر أمنية إن قنبلة استهدفت موقفا للحافلات بمدينة طرابلس في شمال لبنان امس الأربعاء أسفر عن سقوط 15 قتيلا على الأقل بينهم تسعة جنود. وأصيب ما لا يقل عن 45 شخصا في الانفجار الذي أسقط أكبر عدد من القتلى العسكريين منذ المعارك التي خاضها الجيش مع مسلحين متشددين يستلهمون نهج القاعدة في الشمال العام الماضي. وقالت مصادر طبية أن أربعة جرحى يرقدون في حالة حرجة. وقال الجيش في بيان «أن هذا الانفجار الإرهابي يستهدف بشكل مباشر الجيش ومسيرة السلم الأهلي في البلاد» مشيرا إلى أن الانفجار سببه «عبوة ناسفة كانت موضوعة داخل حقيبة عند نقطة توقف لباصات يقصدها العسكريون للانتقال إلى مراكز عملهم.» ووقع الانفجار عند الساعة 7.45 صباحا (0445 بتوقيت جرينتش) بينما كان الناس يحاولون الوصول إلى أماكن أعمالهم. ونقل الصليب الأحمر الضحايا إلى المستشفيات فيما بدت الأرض مغطاة بالدماء وقطع الزجاج. وقال مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي «يبدو أن العبوة تم تفجيرها لاسلكيا عن بعد» وكانت مصادر أمنية قالت في وقت سابق أن عدد القتلى بلغ 18 قتيلا. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع في ثاني اكبر مدن لبنان التي شهدت قتالا بين القوى الأمنية ومسلحين متشددين وعنفا طائفيا مرتبطا بالتوترات السياسية في البلاد. ووصف الرئيس ميشال سليمان الذي ظل قائدا للجيش حتى انتخابه رئيسا للبنان في مايو الماضي الانفجار بأنه جريمة إرهابية. وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية «أن الجيش اللبناني والقوى الأمنية لن تخضع لمحاولات إرهابها بالاعتداءات والجرائم التي تطاولها وتطاول المجتمع المدني وتاريخ الجيش يشهد بذلك.» وقاد سليمان الجيش خلال الاشتباكات التي دامت 15 أسبوعا في العام الماضي مع جماعة فتح الإسلام التي تستلهم نهج القاعدة والتي كانت تتمركز في مخيم نهر البارد للاجئين القريب من طرابلس. وفقد الجيش 170 جنديا في الاشتباكات. وقال بول سالم مدير مركز كارنيجي في الشرق الأوسط «يمكن أن تكون رسالة من نفس المجموعات الجهادية بأنهم موجودون...وهي رسالة واضحة جدا للجيش.» ويعتبر انفجار طرابلس أحدث ضربة للاستقرار في لبنان الذي عانى من موجة تفجيرات واغتيالات سياسية منذ اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري في العام 2005. وتضم قائمة الاغتيالات اللواء الركن فرانسوا الحاج قائد عمليات الجيش الذي لقي حتفه في انفجار في ديسمبر الماضي. وقال وزير الإعلام طارق متري ردا على تحليلات إعلامية بأن الهجوم استهدف تقويض زيارة قام بها سليمان إلى سوريا أمس «التحقيقات بدأت وهناك تفسيرات كثيرة.. تفسيرات سياسية.» وزار سليمان دمشق أمس للمرة الأولى منذ انتخابه رئيسا للبنان واجتمع مع الرئيس السوري بشار الأسد خلال الزيارة التي ينظر إليها على أنها علامة على تحسن العلاقات بين بيروت ودمشق. وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن سوريا دانت الهجوم بشدة. وكانت سوريا قد اعتبرت الحكومة السابقة المدعومة من الولايات المتحدة برئاسة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة حكومة عدائية. وقد ساندت دمشق تحالفا لمجموعات لبنانية بقيادة حزب الله خلال الصراع السياسي مع التحالف الحكومي والذي استمر 18 شهرا. وأدى اتفاق بوساطة قطرية إلى نزع فتيل الأزمة في مايو. وقال السنيورة الذي يترأس الآن حكومة الوحدة الوطنية أن «الجريمة الآثمة في طرابلس أتت لكي تقول لنا وللبنانيين أن المجرمين المتربصين يريدون استمرار حال التوتر في لبنان.» كما أدى اتفاق الدوحة إلى انتخاب سليمان رئيسا وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي نالت ثقة البرلمان في اقتراع جرى الثلاثاء. لكن الفرقاء المتنافسين لم ينهوا خلافاتهم كليا بعد. ولقي 22 شخصا على الأقل مصرعهم في طرابلس في الشهور الأخيرة في اقتتال طائفي مرتبط بالتوترات السياسية بلبنان.