(عظام الحبار) باكورة أعماله في مشروع (كلمة) للترجمة
أبوظبي/متابعات: صدر عن مشروع كلمة التابع لهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث وضمن مبادرة التعاون مع (معهد الشرق) بروما ترجمة لديوان أوجينيو مونتالي الشهير (عظام الحبار)، وهو الشاعر الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1975، وثالث شعراء إيطاليا الثلاثة الكبار إلى جانب كل من جوزيبي أونغاريتي وسلفاتوري كوازيمودو، الذين برزوا في الربع الأول من القرن العشرين، واستمر تأثيرهم في الشعر الإيطالي حتى يومنا هذا. يعد مونتالي الأكثر تأثيراً في الشعراء الإيطاليين، فهو ليس شاعراً فذاً وحسب بل هو أيضاً، مترجم وناقد أدبي وفني وصحفي محترف وقاص بارع وموسيقي واسع الاطلاع ورسام ومستشار إعلامي في التلفزيون، وقد عينه الرئيس الإيطالي جوسيبي ساراغات عام 1967 عضواً في مجلس الشيوخ مدى الحياة، تقديراً لمواهبه المتعدّدة ولمكانته المتفردة في المجال الثقافي.وبفضل ما امتاز به من كثافة وعمق، فإن شعره يشكل واحداً من أسمى التعبيرات المعاصرة للالتزام الشعري.ولد أوجينيو مونتالي في جنوة عام 1896، وتلقى تعليما كلاسيكيا أثراه بمطالعاته الواسعة. وفي عام 1925 ظهرت باكورة أعماله (عظام الحبار)، مع أنه لم يكن ينوي أن (يتخصص) في الشعر، كما كان يقول. ففي تلك الفترة لم يكن الناس يعبؤون بالشعر بل بالسياسة، حتى أن ناشره استغرب عندما أرسل إليه ذات يوم مقالة سياسية، لأن الشعراء في رأي هذا الأخير، غير معنيين بالسياسة، ومع ذلك، فقد أصبحت هذه المجموعة الإنجيل الشعري لجيل بكامله. ولهذا الاحتفاء ما يبرّره: فبقطعه مع البلاغة السائدة كشف مونتالي، وبنبرة حميمية تكاد تكون منغلقة، عن حقيقة العالم.ولعل ما يميز مونتالي أكثر عن مجايليه والجيل الذي سبقه هو ثقافته الأنجلوسكسونية والفرنكفونية الواسعة التي جعلت منه مواطنا أوروبيا قبل الأوان، وذلك في فترة انطوت فيها إيطاليا على نفسها.استقرّ مونتالي في نهاية الثلاثينيات في فلورنسا، العاصمة الثقافية آنذاك، حيث عقد صداقات أدبية وفنية كثيرة، لكنّ النازيين فصلوه من عمله، فاضطر، لتوفير لقمة العيش، إلى الترجمة.وفي تلك الفترة، ظهرت مجموعته “المناسبات” التي استقبلت، بدورها، بحفاوة بالغة من قبل النقاد. وقد تنبأ الشاعر بوقوع الكارثة التي كانت تترصد أوروبا.وفي خضم الحرب (1943) صدر له في لوغانو بسويسرا ديوان آخر هو (فينيستيري)، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، استقر، عام 1948 في ميلانو حيث توزّعت أنشطته على أكثر من مجال: الصحافة والنقد الموسيقي والأدبي والسفر.في هذه الأثناء تتالت أعماله، فنشر ترجمة المختارات من الأدب الأنجلوسكسوني، ومجموعة قصصية، ومراسلاته مع إيتالو سفيفو، ومنتخبات من مقالاته وانطباعاته عن أسفاره (1969)، التي طغت عليها ذكرياته عن فرنسا.ترجم ديوان مونتالي من الإيطالية إلى العربية كل من عز الدين عناية، الأستاذ بجامعة لاسابيينسا بروما، الذي سبق أن نقل إلى العربية (انطولوجيا الشعر الإيطالي المعاصر)، والشاعر التونسي محمد الخالدي الذي نشر دواوين عديدة منها: (قراءة الأسفار المحترقة) بغداد 1974، (كل الذين يجيئون يحملون اسمي) بغداد 1978، (سيدة البيت العالي) تونس 2000، (مباهج) تونس 2001، فضلاً عن أعمال روائية وترجمات. وقد سبق لعز الدين عناية أن تعاون مع الشاعر الخالدي في ترجمة ديوانه (المرائي والمراقي) إلى اللغة الإيطالية.