المنامة / بنا :يشهد وضع المرأة البحرينية خلال الفترة الحالية مزيدا من التطور والتقدم وذلك لم يأت من فراغ وإنما كنتيجة طبيعة لمساهمة المرأة البحرينية منذ مرحلة مبكرة في مسيرة النهضة البحرينية والتضحيات الكثيرة التي قدمتها على مدى عقود طويلة في مواجهة الاستعمار منطلقة من ذلك التاريخ المشرف بخطى ثابتة وواثقة لتقوم بدورها البارز في سوق العمل عبر الانخراط في التخصصات المختلفة وتأكيد وجودها إلى جانب الرجل في مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة مقتحمة معظم الوظائف والتخصصات وصولا إلى تبوئها أرفع المناصب القيادية والسياسية.وعند رصد الدور الرائد للمرأة البحرينية في الشأن العام وفى الحياة البحرينية نجد أنه يرجع إلى مرحلة ما قبل اكتشاف النفط عام م 1932 إذ ساهمت المرأة في تلك الفترة بالعمل داخل بيتها باعتباره الإطار الاجتماعي الأول وبعد اكتشاف النفط أدى التطور التدريجي للمجتمع إلى فتح آفاق رحبة أمام المرأة للعمل خارج البيت فشاركت في مجال التدريس --- تنامي الوعي المجتمعي في تلك الفترة كذلك في أن تطرق المرأة مجالات عمل جديدة كالتمريض وبرزت في هذا المجال رائدة التمريض على مستوى الخليج البحرينية فاطمة على الزيانى التي اشتركت في أول بعثة طلابية نسائية في تاريخ البحرين في مدرسة الممرضات ببغداد أثناء الحرب العالمية الثانية.وتواصل عطاء المرأة البحرينية خلال تلك الفترة لاسيما مع إنشاء الجمعيات النسائية ذات الأهداف المتنوعة سواء السياسية منها أو الاجتماعية علما بأن أول جمعية نسائية في البحرين تأسست في العام 1955 وهى (جمعية نهضة فتاة البحرين) التي أسستها عائشة يتيم وبتأسيس هذه الجمعية دخلت مشاركة المرأة في العمل الاجتماعي مرحلة أكثر جدية واتساعا فقد تلاها تأسيس (جمعية رعاية الطفل والأمومة ) في عام 1961 م وفى أواخر الستينيات بذلت جهود لتأسيس جمعيات (أوال النسائية) و( الرفاع الخيرية) و(فتاة الريف) وأثمرت الجهود بإشهار كل من جمعيتي أوال والرفاع في عام 1970 م .ومع تولى صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم في مارس من العام 1999م وإطلاق جلالته للمشروع الإصلاحي الشامل زاد الاهتمام بقضايا المرأة بصفة خاصة وجسدت ذلك المادة الأولى من دستور مملكة البحرين التي نصت على أن للمواطنين رجالا ونساء حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق الانتخاب والترشيح وقد أكد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في أكثر من مناسبة اهتمام جلالته بالنهوض بالمرأة البحرينية بما يتناسب وما وصلت إليه المرأة من مكانة لائقة في المجتمع وبما تتمتع به من كفاءة عالية تؤهلها للقيام بدورها الريادي في شتى مواقع العمل.وقد حصلت المرأة البحرينية على جملة من الحقوق التي ميزتها عن الأخريات في المنطقة في جميع الميادين وترتب على ذلك تعيين المرأة كعضو بمجلس الشورى وتعيينها كسفيرة ووزيرة ورئيسة جامعة فضلا عن المناصب القيادية في الوزارات كوكلاء مساعدين ومدراء عامين في القطاع الحكومي غالبيتهن في مجال التعليم والصحة والداخلية إلى جانب توليها منصب القضاء سواء في شقه المدني أو الدستوري ولقد أظهر تقرير صادر عن الجهاز المركزي للمعلومات في نهاية عام 2006 م نموا في مشاركة المرأة في سوق العمل بمعدل 5.7 بالمائة سنويا خلال العقود الثلاث الماضية واعتبر التقرير أن المشاركة السياسية من أبرز وأهم الحقوق التي استطاعت المرأة البحرينية أن تحصل عليها كما تضاعف معدل النشاط الاقتصادي العام للمرأة البحرينية خمس مرات خلال العقود الثلاثة الماضية.كذلك يعد تولى الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة حاليا دليلا واضحا على المكانة والثقة التي حازتها المرأة البحرينية داخليا وخارجيا حتى أضحت نموذجا يحتذى في منطقة الخليج.أما فيما يتعلق بتعزيز مكانة المرأة في المجال الاقتصادي فقد تم إصدار العديد من التشريعات والقوانين التي تكفل حق المرأة في العمل والمشاركة الاقتصادية مما أسهم ذلك في زيادة مساهمة المرأة في القطاع التجاري اذ تزيد حاليا المؤسسات الفردية التي تمتلكها وتديرها نساء عن سبعة آلاف سجل تجارى وفى هذا الإطار وقع المجلس الأعلى للمرأة في شهر فبراير 2004 م اتفاق شراكة مع وزارة التجارة بشأن الاستفادة من مركز خدمات المستثمرين بغرض الإسهام في توعية المرأة في مجال إجراءات التسجيل للسجل التجاري وتوفير الإرشادات لها في جميع الأمور التجارية بما يساعد في تذليل العقبات التي قد تواجه المرأة في المجال التجاري وزيادة مشاركتها في مختلف المجالات الاقتصادية علما بأنه تم تأسيس جمعية سيدات الأعمال في البحرين في مايو 2000 كثاني جمعية من نوعها على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.وفى ظل هذا النشاط أصبح للمرأة البحرينية حضورا قويا ومؤثرا على الساحة المحلية وكذلك على الساحتين الإقليمية والعالمية حيث أضحت المرأة البحرينية نموذجا للمرأة صاحبة الحقوق السياسية والتأثير الايجابي في بناء المجتمع والإسهام مع الرجل في تطوير مختلف قطاعاته وبالتالي لم يكن غريبا أن تؤكد رائدة النهضة النسائية الحديثة في البحرين صاحبة السمو الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة بأن / المرأة البحرينية أثبتت بالفعل قدرتها على مواجهة التحديات محققة في هذا الصدد انجازات عديدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا/.ولقد تضمن الدستور البحريني الصادر عام 2002 الكثير من المبادئ الدستورية التي دعمت دور المرأة التنموي بما قوى من ذلك الدور وأضفى عليه المشروعية الدستورية حيث زاد من المواد التي تدعم الدور التنموي للمرأة وكفل للمرأة التمتع بجميع الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1984 ففيها يتعلق بالحقوق السياسية نجد الفقرة / ه / من المادة الأولى تنص على حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية للمواطنين كافة رجالا ونساء كما بينت الفقرة / ب / من المادة الخامسة الواجب الملقى على الدولة فيما يتعلق بتوفير الظروف المناسبة للمرأة للتوفيق بين عملها من ناحية وواجباتها الأسرية من ناحية أخرى بما يحقق كفالة مساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.وفيما يخص القواعد القانونية فقد صدقت المملكة على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1989 والتي انضمت إليها مملكة البحرين عام 2002 حيث أصبح لها منذ ذلك الوقت قوة القواعد القانونية الداخلية بل ولها أفضلية على تلك القواعد بسبب أصلها الدولي مما يجعل لها أولوية في التطبيق على القواعد القانونية الوطنية التي تخالفها.كما أن القوانين النافذة في المملكة في شتى المجالات تقوم على المساواة بين المواطنين في الواجبات المفروضة عليهم والحقوق المتاحة لهم لاسيما في مباشرة الحقوق السياسية والاقتصادية والتعليم والخدمة المدنية والعمل الأهلي.وكانت أهم خطوة لدعم وتعزيز دور المرأة البحرينية في التنمية السياسية هي إنشاء المجلس الأعلى للمرأة عام 2001 برئاسة صاحبة السمو الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى وتتمثل أهم اختصاصات المجلس في وضع السياسات والخطط والبرامج المتعلقة بالمرأة في مجال تنمية وتطوير شؤون المرأة البحرينية.
المرأة البحرينية .. تاريخ طويل من المشاركة في الشأن العام
أخبار متعلقة