صباح الخير
وقفت أتأمل البحر وأمواجه وأنا أحاول الاسترخاء من هموم العمل وثقل المسؤولية التي سقطت على عاتقي لا شعر بالارهاق والتعب قد بدأ يجتاح أعضائي الداخلية وبدأ القلب يعلن عن ارتفاع نبضاته بسبب كثرة الانفعالات وضرورة الوصول إلى قمة الكمال والتي كانت دائماً جزءاً مهماً في مرحلة حياتي العملية.وفي لحظة الهدوء هذه اقتحم عالمي رؤية عيون تتأملني ثم ظهر ولد عين عيون ملأني بالاشعاع رغم أنها قد أمتلأت إلى جانب ذلك بالخوف والقلق والحذر وامتزجت المشاعر ببعضها البعض ليبدأ بصوت يحاول معها أن يكون واثقاً من نفسه وهو يمد الكيس وبداخله فاين وهو يقول اشتري مني الفاين.ونظر إليه زميلي وهو يقول له تعال
اقترب مني وأنا ساشتري منك فاقترب وهو يأمل أن يبيع الفاين.وحينما بدأت أطرح عدداً من الأسئلة والتي كانت بالشكل التالي:-1000ريال لدفع إيجار الغرفة كل شهرما أسمك؟اسمي مهيوب سعيد عليكم عمرك؟.عمري ثماني سنوات صف ثالثماذا تعمل هنا؟أنا أبيع الفاين كل يوم في هذا الكورنيش من أجل أن أدفع 1000ريال للغرفة التي نعيش فيها أنا وأخي الكبير وعيال عمي وكل واحد لازم يدفع 1000ريال عشان تكمل الحسبة إلى5000 ريال شهرياً.كمان لازم نأكل ونشرب ومن فين الفلوس بنجيب .وأنت تدرس؟أيوه أدرس في الصباح أروح المدرسة وبعد الظهر أروح اشتغل عشان أساعد أخي ثم جلس على الطاولة المقابلة لنا وجلس يحكي لنا عن الأطفال الأخرين الذين يعملون معهم ثم أشار بيديه إلى أن هناك شباباً من القرية حقه أيضاً يعملون على المؤثرات التي على الشاطئ وهم يعاملون جيد.[c1]إشارة واحدة لحل المشاكل[/c]ثم اقترب أحدى الباعة الآخرين وأشار له بالخروج يتعذر إن أمه تستدعيه وخرج بعد ثوان ورجع وهو يخبرني إن جاء إليه أمس أحد العاملين في الكورنيش وحصلت مشكلة مع إحدى البائعين الآخرين وتخاصم وأعتقد إنه أنا فذهبت أبرر له إنني لست أنا وأعتقد إنه أقتنع بذلك فأنا لا أحب المشاكل ولكن إذا تعرضت لمشكلة أدافع عن نفسي وأقول الحق ولا أخاف.ثم طلبت منه أن يشرب شيئاً أو يأكل لكنه شكرني وهو يقول لقد أكلت وأنا شبعان.ثم استمر في الحديث عن الكورنيش والعمل وضرورة أن يعرف كيف تأتي الفلوس فهناك في القرية أمه وأخوانه الصغار والبنات في انتظار الدعم المالي.منه وإخوانه الذين يعملون هناوقلت له لماذا جئت إلى هنا؟الفقر ومعاناة الأهل تجعلني أريد أن أعمل من أجل الدراسة ومساعدة أخواني فأنا أساعدهم من أجل الحصول على مزيد من المال ثم في لحظة نظر لي وإلى السندويتش وكأنه قد تم تحذيره انه لا يجب عليه أن يأكل من أحد حتى إذا كان جائعاً وإلا سيعاقب ثم خرج مودعاً لنا وبقيت أتابعه وهو يمر من طاولة تجلس عليها عائلة وطفل في مثل عمره يأكل ويشرب والأم تعتني به والأب يسأله هل تريد مزيداً من السندوتشات أو الأكل وهو يرد عليهم لا بل أريد أن ألعب بالدرجات يقوم الأب ويذهب معه إلى الدراجات ويلعب الطفل ويبقى ينظر ويتابعه وهو يسوق الدرجات.ثم ينتبه للوقت ويتحرك بسرعة بين أوساط المواطنين الذين جاءوا إلى الاستراحة والتخزين والتمشية ليعرض سلعته للبيع فقد بقى منها القليل وعليه اليوم أن يكون شاطراً ويبيع أكثر من أمس.وهكذا استمريت أتأمل هذا الطفل الذي حكم عليه الزمان أن يصبح من احد أطفال العمالة الذين حرموا من العيش الطبيعي الذي يحتاج له الطفل من تعليم وعناية صحية ونوم ولبس نظيف وعائلة تهتم له وليس أن تكون المسؤولية على عاتقه في هذه المرحلة من العمر حيث تأتي العديد من المخاطر التي تهدد حياة هذا الطفل البريء بسبب الفقر ومعاناة الأهل في عدم إيجاد فرص للعمل وإعطاء العائلة الاستقرار والأمان. [c1]قصة واقعية تطالب المجتمع بالتحرك[/c] دخل إلينا وهو يضحك ويقول لي لقد بقى القليل ثم خرج بسرعة وكان جاء ميعاد اللقاء والذهاب إلى البيت ولم استطع أن أمنع نفسي من تأمل رجليه الحافيتين وثيابه القذرة والقديمة لا أحد يستطيع الاعتناء به ولا هو بنفسه..مأساة يعاني منها العديد من الأطفال ولا نعرف ماذا يحصل لهم في أزقة العمائر والطرق والشوارع وداخل الشقق والغرف التي يسكنونها ليلاً دون حماية قصة واقعية تركت أثراً على نفسي وأنا عندي ولد يلقى من العناية الكافية ليصبح رجلاً ذا أهمية في المجتمع وما ذنب هؤلاء الأطفال الذين يملكون من الذكاء كافية ليتعلموا ويعملوا ويحلم بتحقيق طموحاتهم نحو مستقبل يروا فيها الاستقرار التام لأسرهم أولاً بسبب المعاناة.
