الخليل بن أحمد الفراهيدي عالم عظيم، في اللغة، والنحو، والصرف، والموسيقا، وغيرها من العلوم، فقد وهب نفسه للعلم، وزهد في هذه الدنيا. دخل مرة سوق النّحّاسين في البصرة، وسمع النحّاسين يطرقون أوانيهم النحاسيّة طرقات فيها أنغام محسوبة محدَّدة، فقال في نفسه: هل يُعْقَلُ أن يكون لأصحاب هذه الصِّناعة "أي النحّاسين" أنغام وأوزان، وهم أميّون أو شبه أميّين، ولا يكون للشعراء في أشعارهم أنغام وأوزان محدَّدةوأكبَّ على دراسة الشعر العربي، وحصر أنغامه في خمسة عشر وزناً سمّاها بحور الشعر، وسُمِّي هذا العلم باسم (علم العروض) الذي لا يستغني عنه شاعر ولا ناقد، وكان الفراهيدي هو الذي اخترع هذا العلم كاملاً، والذين جاؤوا بعده أضافوا إلى هذا العلـم إضافات طفيفة. بقي أن نعلم أن الخليل ولد في البصرة عام مئة للهجرة، وتوفّي فيها عام مئة وسبعين للهجرة.