حدث وحديث
من منا يجهل أن منطق الأمور يرتكز على حقيقة أن البناء يتم عادة على كل ما هو إيجابي المضمون وصائب التركيب والبنية في جميع مجالات الحياة, والبديهية القانونية التي تقول : «ما بني على باطل فهو باطل» أصدق دليل على ما جاء سلفاً.المقصود بالبناء هنا هو البناء المعرفي الإنساني والأخلاقي الذي عادة ما يتم بصورة تراكمية وغير متعسف لظرفي «الزمان والمكان» اللذين يعطيان للبناء شكله ومضمونه المقنع للناس والملزم لهم.موضوعنا الذي نضعه بين يديك عزيزي القارئ هو حق المعارضة في الشراكة مع السلطة في إدارة شؤون مجتمعاتها وكسب الشارع في صفها من خلال البرامج والخطط البديلة إن اخفق الحاكم, بل حق اختلافها معه في إطار وقوانين اللعبة السياسية وإدارة صراع سياسي سلمي تبتكر في أساليب وطرق النضال المختلفة شريطة أن تكون سلمية في نطاق ما توفره الديمقراطية من فضاءات رحبة, كما أن التزام الحزب الحاكم بشرعية ذلك النضال لا يعتبر منة يتفضل بها على المعارضة بل واجب عليه إنقاذه.الغريب أن يذهب كثيرون في قيادة المعارضة بالداخل والخارج ومعهم جرعات ما عرف «بالحراك السلمي» في توصيف استجابات القيادة السياسية واهتمامها بما يجري بالشارع وتفاعلها معه من خلال إصدار القرارات اللازمة ليس سوى «جماعات علاجية مسكنة» لا تغني ولا تسمن من جوع الحاجة إلى تغيرات جذرية «دراماتيكية» في أوضاع البلاد وحال العباد.هم يضمرون إذاً رغبة محمومة بإحداث تغيرات انقلابية خارج قوانين ومسلمات اللعبة السياسية التي تحكمها الديمقراطية كمحور ارتكاز والرافعة الأساس للتداول السلمي للسلطة والذي من المفترض أن الجميع قد توافق على تكريسها كنهج وأسلوب حياة والقبول بنتائجها كضرورة تعكس مصداقية أطراف اللعبة السياسية حكاماً ومعارضة.استجابة القيادة السياسية لمطالب أبناء المحافظات الجنوبية عسكر ومدنيين وتسوية أوضاعهم ورفع معاشاتهم وإعادتهم لمواقعهم في السلكين العسكري والمدني, بل وإصدار عشرات القرارات والتعيينات في الوظائف العليا وكلاء / مدراء عموم لتعديل كفة وجودهم في مفاصل السلطة التنفيذية وكذلك اعترافها الصريح بوجود أخطاء واختلالات وتجاوزات في عمل عدد من أجهزتها واستعدادها لإجراء إصلاحات حاسمة في تلك الأجهزة يراها المعارضون «مشترك + حراك» غير كافية ويقابلون ذلك بالرفض والتشكيك بل والسخرية والتندر عليها في صحفهم بصورة مستفزة ومنافية لمنطق العقل.تأسيساً على ما تقدم يتضح أن سقف آمال (المشترك) ومطالب الحراك لا حدود لهما كما أن طموحاتهم تتجاوز مصالح المواطنين وأمن واستقرار الوطن استناداً إلى العدمية في رؤيتهم بالنظر للجزء (الفاضي) من كأس الماء ولأن البشر في أصقاع الكون تبحث عن ما هو إيجابي لتبني عليه في سياق تراكمي للتغيير لا أن تذهب في طلب المستحيل وبطرق انقلابية عبر غلق القنوات المحتقنة بفعل التجاوزات والاختلالات بدلاً من المساعدة باقتراحات تزيل الاحتقان.اليوم نعيش أجواء السابع من يوليو الذي سعت في ظلاله العام الماضي جماعات هيئات التنسيق والتصالح وبعض قيادات المشترك لرفع شعارات وعمل أفعال لا تنم عن حرص على الوطن وأبنائه مثل رفع علم اليمن الديمقراطية وإحراق علم دولة الوحدة وإعادة البراميل في الشريجة وسناح حدود الدولة الشطرية السابقة ومطالب هستيرية مثل حق تقرير المصير وتحرير الجنوب.[c1]* ختاماً :[/c]نأمل هذا العام أن تكون الفعاليات بهذه المناسبة هي محاضرات ندوات بحثية / ورش عمل سياسية / اقتصادية اجتماعية تتبارى فيها المعارضة مع الحكام لنيل رضى الشارع وضمان اصطفافه خلف الرؤى التي تستطيع جذبه إليها, وليس اعتصامات ومسيرات لا يمتلك أي منهما ضمان عدم اختراقها بالمندسين وصناع الشغب بالمقابل بمآلاتها.سائلين الله حفظ الوطن وأبنائه ..... آمين.