عبدالقوي الاشولبمحياه الوقور الخجول وبصوته الهادئ الدافق يخاطبك. ذلكم هو الصحفي الراحل شكيب عوض سعد. صاحب الإحساس المرهف واليراع الرشيق والضمير النقي .. عبر سيرة حياة امتدت إلى ما يقارب أربعة عقود في مجال الصحافة والإعلام. عرفناه خلالها صوتاً أثيرياً عبر حزمة برامجه التي قدمها لسنوات في إذاعة عدن. ثم وجهاً تلفزيونياًَ من خلال العديد من برامجه الشيقة والحوارات الفنية والأدبية مع عدد من الشخصيات. برامج اثرت مكتبة التلفزيون بما احتوت من معلومات عن سيرة الفن والأدب وأعلامها في بلادنا خلال عقود مختلفة.بالإضافة إلى ما كان للراحل العزيز شكيب عوض من بصمات بارزة في مجال العمل الصحفي والنقابي.رحلة حياة عطرة لم نر فيها شكيب قط يبدي قدراً من التناقضات في مواقفه وقناعاته أي أن اخلاص الرجل لمهنته كان بجدارة واحد من أبرز روادها وإعلامها ظل على الثبات طيلة العقود المنصرمة والاحداث العاصفة التي لم يكن شكيب يتجلى أثرها إلا بما يعبر عن نقاء معدنه وقوة إيمانه وصدق مسلكه.بسيط للغاية. تصادفه هنا وهناك يتلمس دروب الطريق في أزقة معبودته مدينته التي أحبها بشغف.انه وبحق العصفور اليماني الأنيق الذي حلق باقتدار في سماء المجد والإبداع لعقود مضت.أذكر قبل عقدين من الزمن. حين أخذ شكيب على عاتقه تهذيب بدايات نزقنا الصحفي أو هي بدايات بكل ما صاحبها من ثغرات واخطاء.كيف كان يأخذ بأيدينا بسحر طباعه المهذبة. حتى أنه عندما كان يشير إلى ما نقدم لا يعبر عن عدم قناعته بهذه المادة أو تلك حتى ولو كان الحال كذلك.إذ غالباً ما يقدم نصحه بأسلوب لا يشعرك معه قط ان مادتك غير صالحة للنشر. لكنه يبدي ملاحظاته مصحوبة بقدر من الثناء والتشجيع الذي يدفعك بطواعية لإبداء الأفضل وتلك هي أستاذية شكيب.لم يكن ميالاً بطبعه للعلاقات المبنية على النفاق والمجاملة ممن يعتبرهم شكيب بصفة عامة أسرته الصحفية. تؤرقه همومهم بل سعى جاهداً في سبيل تحسين أوضاعهم. مثل هذه الروح الحميمة التي ربما أفلت اليوم أو تلاشت هي بلا شك لب الفراغ الذي تركه الرجل إثر رحيله. فأي عقد انفرط برحيل خيرة زملاء المهنة أمثال شكيب عوض وطه حيدر الكعبي أو هو ابن زريق البغدادي بكل ما حفلت رحلة عطائه معنا من معاناة ومكابدة، أو برحيل القلم الرشيق محمد عبدالله حمزة ومحمد البرحي وعصام سعيد سالم وكل تلك القائمة من خيرة الزملاء الذين غيبتهم عنا يد المنون في فترة زمنية لا تتجاوز العام وهم في قمة العطاء.عزاؤنا الوحيد تجاه رحيل أمثال هؤلاء الانقياء ان نشير إلى صفحاتهم البيضاء اوخصالهم الحميدة بكل ما تلخصت به من معاني العفة والقناعة. فكم هي ثوابتنا المهنية شاقة. ثم ألا يذكر غياب الزملاء. بحقيقة كم هي حياتنا البشرية قصيرة؟.
|
مقالات
شكيب الإحساس المرهف.. والضمير النقي
أخبار متعلقة