صباح الخير
سالم الفراصان يعمد المستعمر البريطاني الى تجاهل وتحريف تاريخ مدينة عدن والى تدمير وتعطيل جملة من الآثار التاريخية فيها طوال فترة الاحتلال، فهذا لاشك في انه امر متوقع له اسبابه ودواعيه وبواعثه الاستعمارية المعروفة للجميع.لكن ان يتواصل مشهد الاساءة لتاريخ وآثار هذه المدينة العتيقة الى مابعد رحيل المستعمر، ويستمر الى اليوم، فهذا ما لم يتوقعه احد، او يتخيل حصوله خصوصا اذا كان من يتبنى ويقف وراء هذا السلوك الجاهل جهات اختصاصية وغير اختصاصية تنتمي الى هذا الوطن وتدعي انها تقوم على خدمته.ففي الامس القريب وبعد ان اغلقت لتخضع للتدمير والالغاء على مرأى ومسمع وصمت الجميع قلاع وممرات واسوار تاريخية قديمة على جبل حقات وجبل حديد واعمال التكسير والبناء غير المخطط حول واسفل قلعة صيرة. بعد هذا وفي اثنائه تم بناء مشروع هدم وتدمير خمسة سدود تاريخية هامة في هضبة عدن الكبرى (جبل التعكر) بحجة ترميمها وذلك بعد ان اوكل هذا العمل الى مقاول انفار، والذي باشر في استئصال سدود تاريخية هي عبارة عن تحف فنية هندسية نحتت احجارها وربطت بالرصاص المذاب ومادة البومس (الجبس) المعالج بطريقة لم يجر الكشف عنها حتى الآن، لتحل محلها جسور خرسانية اسمنتية جامدة لاصلة لها بما كان قائما هناك ورغم التنبيه حينها من خطورة هذا العمل عبر وسائل وبيانات نشرت في الصحف منها ماهو صادر عن جمعية حماية الآثار والشواطئ والمتنفسات، الا ان هذا الجهد لم يثمر شيئا بسبب محدودية الاستجابة، وانعزال الجهات الآثارية الرسمية المختصة، وهو الامر الذي قاد الى ما نحن عليه اليوم، فبدلا من ان تجري محاكمة وادانة المتسببين، واعادة الامور إلى ما كانت عليه تحت اشراف بنائين آثاريين مختصين تنبري جهة غير اختصاصية لتصر على ان تبقى اللعنة فوق رؤوسنا الى اجل غير مسمى، وذلك من خلال المضي بمسلسل مصادرة وطمس وتشويه تاريخ وآثار مدينة عدن (كريتر) والذي جاء متمثلا في التصريح الذي اعادت نشره صحيفة 14 اكتوبر يوم الاثنين 20 فبراير / 2006م العدد (13319) نقلا عن وكالة انباء سبأ والذي يشير الى التصريح الى «ان صندوق تشجيع الانتاج الزراعي والسمكي وافق على تمويل اعادة ترميم السدين اللذين يندرجان ضمن عشرة سدود يرجع تاريخها الى (1873م) موضحا - اي صاحب التصريح - مكتب الزراعة والري في المحافظة بان «المكتب استكمل اعمال ترميم وصيانة خمسة سدود اخرى تقع في مرتفعات صهاريج عدن».فالتصريح يعفينا عن الذهاب خلف بيان جهل عما يتحدث عنه، وهو جهل لن يقتصر هذه المرة على استئصال هوية وملامح ماتبقى من سدود على هضبة عدن الكبرى، ولكنه ذهب الى ابعد من ذلك بان حدد عمر هذه السدود بان ذكر انها ترجع الى (1873م) لينسب بناءها الى الاستعمار البريطاني وهذا يعني ان الامر لايقتصر على تدمير آثار مدينة عدن بل والى ابعاد اي صلة لها بتاريخ المدينة ، والغريب ان يصدر هذا الحكم من جهة لاعلاقة لها لا بالتاريخ ولا بالآثار ولاحتى بمعرفته او قراءته .فهل سنواصل مثقفين ومهتمين ومؤرخين وآثاريين السكوت عن هكذا تمادٍ أليس حرياً بنا ان نرفض على الاقل ان تأتي فتوى في واحدة من اهم آثار عدن من قبل جهة لاعلاقة لها بالتاريخ والآثار.بل أليس حرياً بنا ان نبدي شيئا من الاحترام لمحيطنا الذي نعيش فيه وذلك عن طريق معرفته اولا. ام ان اللامبالاة والتراخي قد اخذ منا مأخذا لانستطيع معه ان ننتصر لصدق التاريخ..!