لا نناقش النائب دعيج الشمري حول ردوده على تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك المتعلقة بخطر جماعة الإخوان المسلمين على أمن مصر, فهذا عائد لموقفه الملتزم بالحركة, والمرتبط بوجودها, بل نلفت إلى »إخوان« الكويت الذين يختبئون تحت مسمى الحركة الدستورية برلمانيا, ومسمى جمعية الإصلاح مدنيا, والذين يتجاوزون في أنشطتهم النظرية حدود البلاد, ويتدخلون في شؤون داخلية لأناس آخرين لا نرى أن علاقتهم بهم تفوق علاقة رؤسائهم وزعمائهم وحكوماتهم.الرئيس مبارك عندما يؤكد على خطر جماعة الإخوان على أمن مصر, وإن صعود تيارهم من شأنه عزل البلاد عن العالم فإنه يتحدث عن وضعية داخلية مصرية لا نظن أن أحدا آخر, خارج هذه الوضعية, له علاقة بها, اللهم إلا إذا كان هذا »الأحد« وهو هنا الكويتي الخارجي, يريد تثبيت عالمية حركة الإخوان, ووحدانية قيادتها الموجبة للخضوع, وصاحبة الحق في رسم الموقف السياسي الذي يجب على الأتباع السير في مضماره.هنا يثبت أن حركة الإخوان المسلمين عندنا ليست حركة وطنية مستقلة, ولا حركة دينية خالصة, بل حركة سياسية تابعة تعمل على الالتزام بمواقف خارجية ليس من الضروري أن تتطابق مصالحها (المواقف) مع المصالح الوطنية الكويتية. وهذا الباب يفتح أبوابا أخرى على أهداف الحركة في الكويت, والتي يمكن اعتبارها أنها أهداف موصولة بمشروع اسلاموي عالمي يسعى إلى الحكم والسيطرة على المجتمع وإقصاء كل المعارضين لهذا المشروع بصرف النظر عن انتمائهم الديني.وليت الرئيس مبارك قال ما قاله من زمان طويل, على الأقل لتجنيب مجتمعاتنا مخاطر الوقوع في الخدعة السياسية للجماعات الاسلاموية, ولكانت جماعة مثل»حماس« قابعة في ظلال, أو ظلام التكوين حتى يومنا هذا, ولم تتمكن من الوصول إلى سلطة الحكم في نظام الحكم الذاتي الفلسطيني... حركة »الإخوان« وما تفرع عنها من حركات, وما أفرزته من اجتهادات ربطت الإرهاب بالجهاد, واستخدام القوة باختصار الوصول إلى الهدف السياسي... هذه الحركة لا تصلح للحكم, وهي تسعى إليه بلهاث مجهد, ولا تصلح حتى في الحضور السياسي كونها حركة إلغائية تكفر الآخر المختلف وتستبيح دمه. وكلام الرئيس مبارك هذا جاء بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس, بعد أن أخذ »الإخوان« في مصر فرصهم السياسية, بما فيها فرص التحايل القانوني الشكلي من اجل خوض معركة الانتخابات العامة والترشح بقوائم لخوضها والفوز بما أمكن من المقاعد النيابية.لقد استقوت حركة الإخوان في مصر بسبب هذه الرخاوة القانونية, وكان من المفروض أن يكون وضعها السياسي في مقدار حجمها وبموجب خارطة سياسية تتوزعها بالتساوي حركات الشأن العام وأحزاب المجتمع المدني, وهي خارطة تماثل تلك التي اعتمدها عاهل المغرب الراحل الملك الحسن الثاني, وأسفرت عن وجود قوى لا تطغى فيها واحدة على أخرى إلا بأفضلية العمل العام وتقوى المصالح العامة.حركات الإسلام السياسي ليست أحزابا بالمعنى الواقعي للكلمة, بل هي تيارات تحسن استخدام النفوذ, والتقرب من الحاكم, ووضع الخطط اللاحقة التي تسمح, فيها بعد, بالانقضاض عليه واستلابه سلطته وحقوقه. ومن المؤسف القول إن حركة الإخوان وهي طليعة حركات الإسلام السياسي وسببها, قد تم الاستعانة برجالها, في مرحلة من المراحل, وانصرف بعض الدول على تكبير هؤلاء الرجال وتسمينهم وعندما كبروا وتضاعفت أحجامهم انقضوا على من أحسن إليهم وحولوا واقعه السياسي إلى جحيم.وقبل حديث الرئيس مبارك لقيت حركة الإخوان مجاملات الساحة المصرية, وهي المجاملات التي أثرت علينا نحن هنا في الكويت وفي المنطقة الإقليمية.(الإخوان) خطر على أمن مصر, كما قال الرئيس مبارك, وعلى الشعب المصري أن يدرك هذه الناحية وان يعيها بعمق, فهؤلاء ليسوا حكاما, ولم يسبق لهم أن دخلوا بلدا إلا وأفسدوه. ويذكر الجميع أن المملكة العربية السعودية التي عطفت على جماعة الإخوان بعد بطش عبدالناصر بها, وآوتها في ديارها, واحتضنت رجالها قد عانت الكثير من هذه الجماعة, فقد آذتها, رغم الإحسان, وأطلقت في عقول أبنائها وشبابها بذور التطرف والعنف واللاوسطية.وفي الكويت لا تزال المعاناة من هذه الجماعة مستمرة وتتجلى في محاولات مصادرة المجتمع المدني, واحتكار النفوذ في الجهاز الرسمي للدولة, والسعي الدائم لاستصدار القوانين الظلامية المتزمتة المسؤولة عن تخلفنا وتخلف مجتمعنا, ونشر ثقافة التمييز بين أبناء الدين الواحد على خلفية الالتزام الحزبي بدعوة الجماعة أو عدمه.في السابق أدرك السلطان قابوس, ورئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان مخاطر هذه الحركة, فسارعا إلى لجم قادتها, وتحجيم حركتها, ومنعها من العدوان على المجتمع المدني باسم الدين, ومن مصادرة حركة هذا المجتمع المندفعة بحماسة نحو التقدم والارتقاء.مرة ثانية نتساءل: إذا كان الرئيس المصري حسني مبارك معني برعاية مجتمعه وحماية شعبه, وتوفير الأمن الوطني لمصر بالتحذير من خطورة حركة الإخوان, فما دخل إخوان الكويت في هذه القضية, اللهم إلا إذا كانت تحذيرات مبارك تطالهم وتتجاوز إخوان مصر إليهم.* نقلا عن صحيفة (السياسة )الكويتية
إخوان مصر.. إخوان الكويت !!
أخبار متعلقة