نظرة الإسلام إلى تعليم الفتاة
لحج / متابعة / اقبال علي احمدلايخفى على احد ان المرأة هي نصف المجتمع وهي بذاتها من جاءت بالنصف الآخر، اذن هي المجتمع كله ، ومن هنا تظهر تعاليم الاسلام السامية في تعاملها مع المرأة بمنتهى العدل والانصاف وحفظت لها حقوقها الكاملة بل وحذرت من مغبة التهاون والتساهل في ادائها لحقوقها المشروعة، وحق التعليم للمرأة مما ينبغي ان لانكثر الجدل فيه او حتى التشكيك في مضامينه كونه يرتكز على اساس شرعي يحمل معه المصلحة العامة للرجل والمرأة على حد سواء ففي الحديث الذي رواه مسلم »العلم فريضة على كل مسلم« هنا ابلغ من ان نطالب في اضافة لفظة المسلمة في نهاية الحديث ونتحجر عند فهم مقاصد هذا الحديث الشريف الذي يفيد بان لفظ المسلم يشمل الذكر والانثى من المسلمين بناء على مبدأ المساواة وعملا بمقاصد الحديث النبوي وعندما نتكلم عن تعليم الفتاة فاننا ننبه الى مراعاة اولويات المرحلة التي نعيشها في عالمنا اليوم والتي لاتعترف بالامية رجالا كانوا او نساء، وانما تعترف بسلك المتعلمين ذكورا واناثا كونهم وحدهم مجتمعين متعلمين يسهمون في رفد الحياة الاقتصادية والاجتماعية بمواهبهم العلمية وقدراتهم الاقتصادية وحتى لاتكون المرأة عبئا على الرجل في حياته العملية بسبب الامية التي تعيشها فلابد ان تنال حقها في التعليم عند ذلك حتى تكون مؤهلة لخوض غمار الحياة بشخصيتها العلمية المؤهلة في اي مجال من مجالات الحياة بما يناسب طبيعتها ومكانتها وهذا ما يجب ان يدركه المجتمع ازاء هذه القضية مذللا كل الصعوبات والعوائق التي قد يكون من شأنها حرمان الفتاة من التعليم ووأدها في حفر الجهل فلقد قالوا "اذا علمت ولدا واحدا فقد علمت فردا فقط، واذا علمت فتاة واحدة فقد علمت جيلا باكمله ".[c1]دعوة الاسلام إلى تعليم الفتاة[/c]اكرم الاسلام المرأة اكراما عظيما واوجب لها كافة الحقوق التشريعية والمدنية والفكرية لتتمتع المرأة بهذه الحقوق التي سلبت منها في كل العصور الماضية اضافة الى حفظ الاسلام للنفس البشرية ايا كانت ذكرا او انثى وحرم وأد البنات ودفنهن بدواعي دفع الجهل والفقر بل قدم الانثى على الرجل في القرآن الكريم فقال »يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور« (الشورى / 49) اكراما لها واعترافا بفضلها.وفي اطار الاداء التكاملي للمجتمع المسلم شدد الاسلام على التعليم بشكله العام دون اقتصاره على شخص بعينه حيث ساوى بين الجميع ففي الحديث »النساء شقائق الرجال« (رواه الامام احمد وابو داوود والترمذي) . ومن هنا بدا جليا حق المرأة في التعليم المتكامل واللامحدود بما يتناسب مع طبيعتها ويتماشى مع احكام الشريعة الغراء حيث حث النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه بقوله : »لاتمنعوا إماء الله مساجد الله« رواه البخاري. والمساجد من الاماكن التي تتزود فيها المرأة بالمعارف والعلوم التي تعود عليها بالنفع والفائدة لنفسها واسرتها ومجتمعها، فالحكمة تقتضي انك اذا علمت رجلا فانك تعلم فردا واذا علمت امرأة فانك تعلم مجتمعا باسره.فالاسلام هو دين العدل والانصاف الذي يحكم بالمساواة في الحقوق والواجبات لجميع افراد المجتمع لذلك يقول عليه الصلاة والسلام " العلم فريضة على كل مسلم" ولفظ مسلم اسم جنس يشمل الذكر والانثى حيث يقتضي الحديث ان العلم فريضة دينية ووطنية واجبة الاداء والامتثال.ان الشريعة الاسلامية في شموليتها لامور الدين والدنيا اوجدت للفتاة مساحة كبيرة داخل المجتمع حتى تؤدي دورها بشكل مرسوم ومخطط له عن طريق الركيزة العلمية التي تحصلت عليها الفتاة في خضم حياتها واول نشأتها ومن هنا جاءت اسماء بنت يزيد الانصارية الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يارسول الله : ذهب الرجال بحديثك كله فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله وقد استجاب الرسول صلى الله عليه وسلم لدعوتهن وبادر الى تعليمهن وهذا الاثر موجود في الصحيحين .. هذا الهدي الكريم الذي تعامل به النبي صلى الله عليه وسلم مع النساء خلف لنا ارثا كبيرا كاسرا لقاعدة اخذ العلوم من الرجال دون غيرهم من النساء، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يرجعون الى السيدة عائشة رضي الله عنها لطلب رأيها في مسائل الدين ومن هنا كان لكثير من النساء بصمة واضحة في التاريخ الاسلامي من حيث سعة علمهن واتساع افقهن، كل ذلك كان نتاجا واضحا لمدلولات الاحاديث النبوية التي من ضمنها "ايما رجل كانت عنده جارية فعلمها فاحسن تعليمها وادبها فاحسن تأديبها ثم اعتقها وزوجها دخل الجنة " رواه البخاري.بل جاء الاسلام لكسر كل حواجز الحياء والانزواء والرهبة التي تحصل عند المرأة في طلبها للعلم حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم »نعم النساء نساء الانصار لم يمنعهن الحياء ان يتفقهن في الدين« رواه البخاري.ان كثيرا من ائمة المذاهب والمحققين في الفقه الاسلامي وممن كان لهم باع طويل في اثراء المكتبة الاسلامية بعديد المؤلفات في كل فنون العلم، كان منهم من تتلمذ على ايدي النساء حفظوا عنهن العلوم واعترفا لهن بالفضل بينوا لنا ان لاحرج في الدين فاذا ما اخذ الرجل عن المرأة كما تأخذ المرأة عن الرجل في العلوم الشرعية وغيرها ومن هؤلاء الامام الشافعي صاحب المذهب وامام المحدثين الحافظ البخاري جامع الصحيحين رضي الله عنهم اجمعين وهذا المثال للتمثل لا للحصر.اننا كأمة ملتزمة بمبادئ الاسلام يجب ان نسلم بهذه المسلمات التي جاء بها الدين وان احقية التعليم للجميع لافرق في خطاب الامر بالتعليم بين الرجل والمرأة وليس هناك اي تحديد او توصيف في الامر بالعلم لفئة من الفئات او للرجال دون النساء بل لابد هنا من ابراز ادوار امهات المؤمنين والصحابيات والتابعيات في نصر الدعوة ونشر الدين فكما انه كان هناك رجال حول الرسول، فهناك كذلك نساء حول الرسول، ولايتسع المجال لذكر هؤلاء.ان اولويات المرحلة تقتضي علينا جميعا الالتزام باوامر الدين لا أقل من ذلك ولا اكثر في السير نحو تعليم الفتاة ونبذ الجهل عملا بقوله تعالى : »فلاتكونن من الجاهلين« (الانعام : 35) وقوله تعالى : »قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون انما يتذكر اولو الالباب« (الزمر:9).ومن هذا المنطلق السامي في مراعاة الاسلام لحق المرأة في التعليم جاء الدستور اليمني والقوانين النافذة لتثبيت هذه الحقوق وتوثيقها وتلزم الجهات ذات العلاقة في رسم الخطوط العريضة نحو زيادة التوعية باهمية تعليم الفتاة وتوفير المتطلبات والاحتياجات الضرورية لمسيرة الفتاة التعليمية.الجدير بالذكر ان الجمهورية اليمنية انضمت الى عدة اتفاقيات دولية بخصوص حقوق المرأة ومن هذه الاتفاقيات اتفاقية (سيداو) التي انضمت اليها في 30 ايار / مايو 1984م التي تتعلق بضرورة اتخاذ الدولة جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة حتى تكفل للمرأة حقوقا مساوية لاخيها الرجل في ميدان التعليم مع تهيئة الظروف والمناخ المناسبين للوصول الى الدراسات والدرجات العلمية في المؤسسات التعليمية للفتاة.ان تعليم الفتاة مسؤولية مشتركة بين كل قطاعات المجتمع ولابد ان تضطلع المرشدة الدينية بواجبها انطلاقا من واجبها الديني والوطني الذي يرتكز على القناعة الشخصية الاكيدة باهمية تعليم الفتاة للفرد والاسرة والمجتمع، وهذا مايجب مراعاته والعملل به انطلاقا من دعوة الاسلام لتعليم الفتاة وحثه الاكيد على هذا الموضوع.