نعمان الحكيمتصنَّف اليمن بأنّها من البلدان القاحلة الفقيرة في مواردها المائية، إضافة إلى الخليج العربي أو بما تسمى (الجزيرة العربية)، لأنّها لا تمتلك أنهاراً ولا مصبات مائية، كدول مثل (مصر، السودان، سورية والعراق)، التي تأتيها المياه من أنهارٍ خارج أراضيها، فمصر والسودان تأتيهما المياه من نهر النيل الذي ينبع من بحيرة فيكتوريا وإثيوبيا.. أماسوريا والعراق فمياهما من نهري دجلة والفرات اللذين ينبعا من تركيا ...* والدول القاحلة تعيش ضائقة مائية ولا تعتمد في حياتها إلا على الأمطار والسدود والآبار الجوفية التي بها مخزون لسنين محدودة وسرعان ما ينتهي وهي مشيئة الله في الحياة والخلق عموماً.. لكن الدروس والعبر يجب أن تستقى لتكون مرجعاً مهماً حال النظر إلى هذا المورد الكبير والمهم للغاية.* فاليمن، بلادنا التي نتحدث عنها و التي يعنيها الأمر، كما يعنينا أيضاً أنّها تعيش وضعاً صعباً للغاية، والدراسات العلمية المقدمة من الباحثين والمختصين في هذا المجال تشير إلى خطورة الوضع وإلى جفاف تام في الأعوام المقبلة، ربما قد يكون ذلك في الأعوام القريبة (2015م) أو البعيدة (2020م)، وكلها تنذر بنضوب تام للمياه، إذا لم تتم الاستفادة من مياه الأمطار وبناء السدود الحافظة للمياه، أما لو قارنا وضعنا بدول الخليج العربية، فالوضع يختلف تماماً لأننا على الأقل أحسن حالاً قياساً بتلك الدول الشقيقة المجاورة، لكن هذا التحسن بالنسبة لبلادنا مرهون بزمن محدد.. في حين تحسنهم هم مرهون بالتكنولوجيا والتقنيات الحديثة، والأموال الطائلة التي تسخر لمثل هذه الأمور.. ولذلك نجد أنّ كلفة تحلية المياه في بلدٍ خليجي بمفرده ربما تساوي أضعاف أضعاف، ما نحن فيه من شح وندرة مياه، وذلك لأنّ مياه البحر التي تقطر أو تحلى تكلف كثيراً، في حين لو قورنت بالسدود والآبار وتغذيتها بالأمطار والسيول التي هي حالة بلادنا مثلاً لها .. لو قورنت تلك بهذه لكان الأوفر ما نحن فيه لسببين هما : أنّ هطول الأمطار على بلادنا غزيرة ووفيرة، ولو تم التصرف إزاءها بحكمة وعقلانية كبناء سدود وتوجيه مجاري السيول إلى الحقول القريبة في مصبات السيول، بدل ذهابها إلى البحر.. هذا من جهةٍ أما الجهة الثانية فهي عدم وفرة الموازنات الضخمة لتحلية أو تقطير المياه المالحة من بحارنا، وذلك يعني أننا ي الحالتين نكرر مأساة، لو اعتمدنا على الأولى أو الثانية، لكن الفرق بينهما واضحاً وجلياً وإحدى الطريقين نافعة ـ كما يُقال ـ إنّهما مُرَّتان وأحلاهما الأسهل والأفضل، وتلك هي مياه السماء، التي تنزل إلينا ولا نستفيد منها إلا في أقل القليل!* لذلك عندما نشير إلى عشرات الآلاف من الآبار، سواء المرخصة أم تلك العشوائية التي يقوم بحفرها أناس خارجين على القانون والنظام، إنّما تشكل في مجملها هدراً للثروة وتسريعاً في نضوبها، ومن دون أي تفكير في إيجاد حلول عملية تقربنا من جيراننا، ونعلم أنّ الرأسمال الوطني الذي يهدف إلى المشاركة في استثمار المياه، إنّما ليكون على يده هلاكنا.. وانظروا إلى مدينة تعز التي تعيش أزمة مياه منذ عهد الثورة إلى اليوم، ومع ذلك لم نلمس أو نرى جهة أو مستثمرين قاموا ببناء سدود ضخمة أو خزانات مياه في أعالي الجبال مثل جبل القاهرة، جبل صبر نفسه، ذلك لأنّ المدينة تحيط بها مياه عذبة، ولو تم تسخيره إلى هذه المشاريع، لمكن إيجاد مخزون يومي ينقذ المدينة من أزمتها المتفاقمة.. هذا مجرد مثال : ليس إلا!ومع هذا وذاك.. لابد من التفكير علمياً وعملياً بإيجاد حلول على المدى القريب والبعيد، لأننا أمة تتكاثر سنة بعد أخرى، والبلد قادم على مشاريع استثمارية كبيرة، والمياه إحدى أهم مقوماتها إلى جانب الكهرباء.. فهل يُعقل أن نظل هكذا نندب حظنا العاثر.. أم أنّه يتوجب علينا عمل شيء لهذه الثروة التي قد تفقدان الحياة؟!* إنّها مشكلة المشاكل، ولكن التغاضي عنها هو الكارثة بعينها، لو لم نضع الحلول العملية سريعاً.. وغلا .. فسنكون ((أمة مضحوك عليها.. ولا قيمة لها)).وقد علَّق أحد الظرفاء على وضعنا المائي والمعالجات له قائلاً :((أنت في اليمن)) لا قيمة لك ولا ثمن!).. وهي مزحة ثقيلة وذات مغزى يا أولي الألباب!