أضواء
هذه الأيام وبعد أن ظهر في الإعلام زواج السبعيني على ابنة العشر سنوات ، أعلنت هيئة حقوق الإنسان السعودية أنها ستتبنى هذه القضية ، وأنها ستحارب لمنع هذا الزوج أو بيع تلك الطفلة للسبعيني مقابل أن يقبض والدها 30 ألف ريال ، ولكن هل القضية هنا فردية ، أي أب تاجر بابنته في غفلة عن المجتمع والقانون ، لهذا تريد “هيئة حقوق الإنسان مطاردته قانونيا ، ليتم معاقبته هو والزوج السبعيني؟قانونيا لا تستطيع “هيئة حقوق الإنسان” فعل شيء ، ولن تنظر أي محكمة في أي منطقة في هذه القضية ، لأنه لا يوجد في وزارة العدل عمر معين لزواج السعوديين ، ولو سألت “الهيئة” أي قاض في أي محكمة سيقال لها : “زواج السبعيني من طفلة العشر سنوات صحيح شرعا” ، مع وجود فرصة لهذه الطفلة بعد بلوغها أن تبدي رأيها في هذا الزواج ، بمعنى أنه يمكن لها طلب الخلع ، والخلع يعني أن ترد له ما قبضه والدها من أموال ثمن بيعها للسبعيني.ثمة أمر آخر على “هيئة حقوق الإنسان” الانتباه له ، قبل أن تخوض حربها في هذه القضية ، وهذا الأمر الذي في اعتقادي أخطر من أنه لا يوجد قانون يجرم الأب والسبعيني ، أن جل المجتمع السعودي وإن بدا غاضبا حين يسمع مثل هذه القصص ، إلا أن غضبه ليس أصيلا وصادقا ، فهناك وفي اللاوعي أمور تجعل غضبه لا يتعدى ثورة للحظات ثم ينسى الأمر ، لأن هذا الأمر بالنسبة له ليس قضية تستحق أن يعاد النظر فيها.هذا الأمر يمكن “لهيئة حقوق الإنسان” أن تجده في وزارة التربية والتعليم ، وهي المؤسسة التي تؤسس للفرد ضميره وما هو أخلاقي ولا يثير غضبه وما هو لا أخلاقي ويثير غضبه ، قبل أن تعلمه القراءة والكتابة .فالمراقب لعمل مؤسسة التعليم عندما يقرأ “سجل المعلومات الشاملة للطالبة خلال مراحل التعليم العام” ، سيكتشف كيف تم تأسيس فكرة ، أو جعل “زواج أو بيع الطفلة لرجل سبعيني” أخلاقيا يقبلها جل المجتمع .في ذاك السجل وبعد أن يكتب اسم الطالبة رباعيا وجنسيتها ، والمؤسسة التربوية التي التحقت بها الطالبة قبل المرحلة الابتدائية “أي الحضانة والروضة” ، سيصدمك سطر كتب فيه “الحالة الاجتماعية : متزوجة / غير متزوجة / أرملة . عدد الأطفال إن وجد”.ما الذي يعنيه هذا السطر الذي على المعلمة والفتاة وأسرتها أن يقرؤوه ؟وما الذي تريد أن تقوله المؤسسة المناط بها تأسيس مقدسات وأخلاقيات الفرد قبل أن تعلمه القراءة والكتابة ؟إنه باختصار يقول : أن تكون الطفلة متزوجة أو مطلقة أو أرملة ، أمر أخلاقي ولا يثير الغضب ، وأن على أفراد المجتمع تقبل هذه الفكرة .ولأن مؤسسة التعليم تقدمه في إطار أخلاقي كان من الطبيعي ألا تفعل وزارة العدل شيئا أمام هذه القضية ، فوزارة العدل تضع عقوبات ترى أنها تحقق العدل لأمور يراها المجتمع لا أخلاقية .وحين تضع مؤسسة التعليم هذا السطر لكل طالبات أولى ابتدائي ومعلمات ومديرات مدراس الابتدائي ، هي تعلن وبدون قصد أنها تقف في صف ذاك الأب وذاك الزوج السبعيني ، وأن ما يقوم به الأب عمل يقبله المجتمع أخلاقيا ، لأن لا أحد وضعه في خانة اللاأخلاقي .أخيرا .. أتمنى من “هيئة حقوق الإنسان” ألا تنظر للقضية على أنها عمل فردي ، وأن تحفر في ضمير المجتمع لترى ما هو أخلاقي وما هو لا أخلاقي ، لتحدد من أين تبدأ حتى لا تخسر حربها في هذه القضية ؟أتمنى أيضا أن نتأمل هذا السؤال : ما مفهوم الاغتصاب لديك ، هل يعني أن يمارس سبعيني الجنس مع طفلة عمرها عشر سنوات دون موافقة والد هذه الطفلة ، أم هو وإن وافق ولي أمرها ، يظل اغتصابا وانتهاكا لإنسانية تلك الطفلة ، ويستحق هذا الأب قبل السبعيني العقاب بغض النظر من هو الأب والسبعيني ، هل هو أنت أو قريب لك أم لا يمت لك بصلة قرابة ؟[c1]* موقع “العربية. نت”[/c]