أحــمــــد نـعــمــــــــان
[c1]محمد زكريا[/c]:في الثاني والعشرين من أكتوبر سنة 1909م ، ولد الابن السادس للشيخ محمد نعمان ، في قرية ذبحان في قضاء الحجرية في تعز المتربعة على ذروة جبل شامخ تلامس هامته السماء وتكلله سحب كثيفة بيضاء . في هذه القرية يتوقف عندها التاريخ لكونها سيخرج من معطفها أحد رواد الحرية ، والحركة الوطنية اليمنية إنه الأستاذ أحمد محمد نعمان عاشق الحرية ، كان والده مثل أهل القرية مطالبه من الدنيا يسيرة ، ولكن هذا الرجل المتواضع ، كانت نفسه تمتلئ بالطموحات العريضة وهي أنّ يكون أبناؤه من العلماء ، حتى يشعر بالفخر أمام الآخرين من أبناء قريته . و طويت صفحات الأيام ، والشهور ، والسنين ، وتعاقب الليل والنهار ، وكبر الطفل احمد بن محمد نعمان وبلغ من العمر سبع سنوات . وفجأة ينتزع من عالمه الجميل الوردي إلى عالم الجد ، والتعب ، والنصب . فقد ادخله والده الكُتاب ليتعلم مبادئ القراءة والكتابة ، وحفظ القرآن الكريم .وكان الصبي أحمد محمد نعمان قد ظهرت عليه النجابة وهو صبي تمكن من أنّ يتفوق على أقرانه في الكُتاب في حفظ سور القرآن الكريم ، فقد حفظ القرآن الكريم خلال ثلاث سنوات . وكانت الأقدار تعده أنّ يكون فارسًا لقرية ذبحان ، ولكن فارس ليس يمتطي صهوة الخيل ، ويمتشق السيف البتار ، ولكنه فارس اعتلى سنام العلم والمعرفة ، وصار قلمه سيفه البتار القاطع الذي يبدد ظلمات الجهل الذي طوق قريته حينذاك ، وصار فارس اليمن دون منازع يصارع الاستبداد بمختلف صنوفه وألوانه . وتكون في نفسه الصغيرة الغضة كرهه الشديد للظلم والظالمين . ولقد رأى ولمس ، عمال ، وجنود الإمام يحيى يسومون الناس العذاب الغليظ ، فيفرضون عليهم الإتاوات ، والجبايات المجحفة باسم الإمام . ومن لم يقدر من أهالي القرية على سداد ما عليه من الضرائب ، فقد هلك هو وأهله ، وشردوهم من القرية .كل هذه الصور البائسة والمشاهد المؤلمة طبعت في وجدان الصبي الصغير وأخذت تنمو ، وتتضخم في نفسه الرقيقة ، وكانت معه في حله وترحاله ، وعندما شب أحمد نعمان عن الطوق ، وصار شابًا يافعًا حلق بجناحيه الرقيقين إلى سماء الحرية الصافية والنقية الواسعة ، وظل يحارب ، ويقاوم الظلم ، والجور، والاستبداد ولم تنكسر له قناة حتى بزغت أنوار فجر الحرية على ربوع اليمن .[c1]إخوانه[/c] ونقترب إلى دار بيت والد أحمد نعمان لنتعرف على حياته ، الذي كان يغص بعدد من الأخوان ، والأخوات ، وكان أحمد نعمان السادس من أخوانه في الترتيب ـــ كما قلنا سابقاً ـــ ، ولكنه بات الأول على أخوانه في طلب الدراسة و العلم والمعرفة ، وبعد مراحل في التعليم الديني الطويل صار أحمد نعمان شيخاً جليلاً ، عالماً كبيراً يشار إليه بالبنان في قريته ذبحان وما جاورها . ويذكر الأستاذ أحمد نعمان اسماء أخوانه وأخواته ، فيقول : « كان قبلي عبد الحميد ، علي ، عبد الله ، ونعمان ، أنا السادس من الأطفال الذكور، ومن ورائي أيضًا إناث أذكرهن بالأسماء زبيدة ، فاطمة ، وخديجة ، وزينب» . [c1]شخصية قوية[/c]والحقيقة أنّ الأستاذ أحمد نعمان ، عندما كان يروي عن طفولته وهو في سن السابعة ، كان يكشف عن البذور الأولى التي كونت شخصيته الصلبة والقوية . وفي هذا الصدد ، يقول الأستاذ نعمان : « . . . قضيت سبع سنين ولم يكن هناك أي شيء أعمله . كنت ألعب في الطرقات في القرية مع الأطفال . .. وكان يحدث بيننا وبين أبناء القرى المجاورة تبادل الرجم بالأحجار ، يغلبوننا أو نغلبهم » . والحقيقة أنّ الحياة الخشنة ، والقاسية التي كان يعيشها أبناء قرية ذبحان ، وأبناء قرى اليمن بصورة عامة غرست في نفوسهم الصغيرة تحمل الشدائد, والصبر على المكاره ، والجرأة على اختراق حواجز الصعاب ، . كل هذه الصفات الصلبة التي ذكرناها ، كان يتحلى بها أحمد نعمان النابعة من بيئته الوعرة ، وحياته الصعبة . وكيفما كان الأمر ، فطبيعة حياة القرية هيأته وشكلته ليتصدى لكافة ألوان الظلم بكل صلابة ، وعزم , وكل تلك الأسباب حركت في نفسه روح التململ , والتمرد ، والثورة فأخذت تنمو وتكبر شيئاً فشيئاً في وجدانه . وعندما اتسعت مداركه العلمية ، تغيرت مفاهيمه للأعراف والعادات والتقاليد ، والأفكار الجامدة ، والخامدة والتي كانت سائدة في قريته بصفة خاصة واليمن بصفة عامة وتكشفت أمام عينيه بأنّ بلاده التي كانت تسمى ( العربية السعيدة ) تعيش في دياجير الظلام الموحش ، وتحكم في ظل إمام مستبد عزلها عن شتى صور الحياة، والتطور والتقدم وأنها صارت في ذيل ركب الحضارة بعد أنّ كانت تقود ركب الحضارة الإنسانية في التاريخ البعيد .[c1]أسرة بيت نعمان[/c]والحقيقة أنه من العوامل المباشرة وغير المباشرة التي أثرت ، وكوّنت شخصية الأستاذ أحمد نعمان في مشوار حياته الأولى ـــ أيضًا ـــ هو أنّ أسرته ، كانت لها مكانة مرموقة ، ومشهورة في قرية ذبحان . فقد كان جده نعمان الجد الأكبر للأسرة من الشيوخ المشهورين في قرية ذبحان في أواخر حكم العثمانيين لليمن . وتولى أعمام أحمد نعمان مناصب خطيرة ومهمة في عهد السلطنة العثمانية في اليمن بمنطقة الحجرية ، وكان عمه أحمد نعمان (( بك )) قد التقى بالسلطان العثماني محمد رشاد في الآستانة ، ومنحه الأخير لقب (( بك )) . وفي هذا الصدد ، يقول : « وقد كان هذا الجد ( يقصد نعمان ) يعتبر عمدة (( ذبحان ) ، ويسمى هناك الشيخ نعمان . وقد أنجب أولادًا هم أبي ، وأعمامي ، تولوا السلطة في هذه المنطقة كلها . وعرفت أسرة بيت نعمان بأنهم مشايخ قضاء الحجرية . وكان أبرزهم عمي أحمد نعمان (( بك )) لأنه اتصل بالأستانة ، وذهب مع مشايخ اليمن إلى السلطان محمد رشاد ومنح لقب (( بك )) .« ويذكر الأستاذ أحمد نعمان بأنه على الرغم من الشهرة العريضة التي اكتسبها جده ووالده وأعمامه في ذبحان ، وقضاء الحجرية ، كانت حياتهم يسيرة ، ومتواضعة كحياة أهل القرية البسطاء ولم ينغمسوا في الترف والنعيم ، والبذخ ، كما يظن الآخرون . وفي هذا الشأن، يقول : « . . . لكن الأسرة كانت تعيش في بساطة ، فلا تجدون فرقا بينها وبين الآخرين ، والعيشة عيشة شظف ، مثلاً نتناول في الصباح قطعة من العيش ( الخبز ) ، ونذهب إلى الكُتاب » . والحقيقة أنّ تولي أعمامه مسئولية السلطة في قضاء الحجرية في عهد العثمانيين ، جر عليهم سخط ، وغضب الإمام يحيى بعد أنّ تولى مقاليد الحكم في اليمن بعد خروجهم منه سنة 1918م بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى. [c1]صور من الحكم الإمامي[/c]وكيفما كان الأمر ، وكان من الطبيعي أنّ يولد في نفس النعمان في باكورة حياته الاعتزاز، والكرامة بالنفس لكون أعمامه كانوا من الشخصيات البارزة في قضاء الحجرية ، فلم يرض بالضيم لنفسه أو لغيره ، واتسعت وتعمقت أفكاره وآراؤه ، عندما ، كان يرى ظلم نظام الإمام في كل مكان من قريته . فالنعمان يشاهد ويملس ، كيف كان الجنود يصلون الناس السعير، ويتفننون في تعذيبهم ، مما كان يدفع الكثير من الفلاحين أنّ يفروا من أراضيهم لعدم قدرتهم على دفع الجبايات والإتاوات ، وكانت هناك هجرة شبه جماعية البعض يذهب إلى عدن ، والبعض الأخر يرحل إلى خارج اليمن. كانت حياة الناس عذاباً متصلاً في ظل نظام حكم إمامي بشع . وفي هذا الصدد ، يقول النعمان : « . . . الفلاح الذي يزرع أرضه عليه أنّ يدفع للحكومة عُشر ما ينتج من الثمار . هذا من الناحية النظرية . ولكن في الواقع أصبح الفلاح يدفع كل ما يحصل عليه ، وفوق ما يحصل عليه . أحيانا ً يبيع أرشه ليوفي مطالب الحكومة . هذا شيء ، ثم من وراء هذا كانت وسيلة جباية الضرائب من الرعية قاسية « . ويروي الأستاذ أحمد نعمان ، كيف كان جنود الإمام ؟ . يعيشون على نفقة الفلاحين الفقراء حتى يتم تسديد مستحقاتهم من الجبايات والإتاوات ، فيقول « . . . كانوا ( أي جنود الإمام ) عند الفلاح حتى يذهب إلى الحاكم ويسدد مطالب الحكومة ثم يأتي بوصل يعترف له بأنه سدد ما عليه . عندئذ يذهب الجنود من عنده » . و من جراء الضرائب والإتاوات الثقيلة التي أثقلت كاهل اليمنيين أضطر الكثير والكثير جداً منهم الهجرة خارج اليمن . وفي هذا الصدد ، يقول الأستاذ أحمد نعمان : « هاجر اليمنيون بكثرة إلى الخارج إلى الحبشة ، وإلى السودان ، وإلى أمريكا وغيرها من البلدان . وكان الإنكليز في عدن يستوردون الأيدي العاملة اليمنية لأنها رخيصة ، ولا تعرف حقوق العمل ، ولا شروطه . بل كان اليمنيون يفرحون عندما يحصلون على هذا الدخل الذي لا يخطر على بالهم » . [c1]في الِمعلامة[/c] والحقيقة أنّ الكُتاب في القرية أو القرى اليمنية كانت لها الفضل الكبير بأنّ خرج من معطفها الكثير من رواد حركة الأحرار اليمنيين ، فقد غرست البذور الأولى للعلوم والمعرفة في عقولهم ، ونفوسهم التواقة والمتعطشة لبزوغ فجر الحرية . وعلى أكتافهم تحملوا مسئولية الدفاع عن حقوق المظلومين أمثال رائد الحركة الوطنية الأستاذ أحمد نعمان ، ورائد الحرية الشهيد الزبيري وغيرهما من رواد الحركة الوطنية اليمنية الذين أناروا طريق الحرية في أصعب ، وأعقد الأوقات ، وأحلك الظروف في عهد الإمام يحيى . حقيقة لقد وصف الأستاذ أحمد نعمان حياة الكُتاب وصفاً قاتمًا . وكيف كان الكثير من الصبيان أو النشء يفرون من الكُتاب ليس تهربًا من العلم ولكن فرارًا من القمع الذي كان يسود الكُتاب على يد المعلم والذي يظن الأخير أنّ الضرب والقسوة هما أفضل وسيلة لتعليمهم أشبه بالسلطات الإمامية التي ترى أنّ أفضل وسيلة لتكميم أفواه الناس ، والخضوع المطلق للإمام وسلطاته المستبدة هي استخدام القوة المفرطة ، وإلقاء الناس في غياهب السجون المظلمة . [c1]مشاهد حزينة[/c] ومن المشاهد البائسة ، الحزينة التي التقطها لنا الأستاذ أحمد نعمان عن الكُتاب ( المِعلامة ) . أنّ الصبيان كانوا يدرسون في الكُتاب طوال النهار، وبطونهم خاوية. وعندما يتعطف عليهم الفقيه ، يمنحهم نصف لقمة (الخبز) أو ( الكّدمة ) ـــ وهي نوع من أنواع الخبز ، كان مشهوراً في تلك الفترة في اليمن ـــ . فكانوا يلتهمونه بشراهة . ومن الصور الطريفة والحزينة في آن واحد. عندما روى الأستاذ نعمان كيف كان هو أو أخوانه يتضورون جوعًا أثناء تناول وجبة العشاء فيقول : « وبعد الانتهاء من صلاة العشاء ندخل في ليلِ ِ مظلم ننتظر العشاء . ويأتي العشاء وهو وجبات من الأطعمة ... يسمونها (( الفتة )) وهي خبز بالمرق . نتحلق في حلقات ... فيأخذ كل واحد لقمتين أو ثلاثاً حسب شطارته . والمسكين يأكل لقمة واحدة ... ثم يذهب لينام على الطوى » . وما أكثر الصور البائسة والحزينة والقاتمة التي رواها الأستاذ أحمد نعمان في مسيرة حياته .[c1]في زبيد[/c]وبعد ثلاث سنوات في الكُتاب حفظ الصبي أحمد نعمان القرآن الكريم ، وانتقل بعدها إلى (( مكتب )) أفتتحه العثمانيون وهو أشبه بمدرسة ، مستواه التعليمي أعلى من الكتاتيب أو الكُتاب ، تعلم فيه القراءة ، ومبادئ الحساب . ومثلما كان الفقيه في الكتاب غليظ القلب على التلاميذ ، كان أيضاً ( الخوجة) أي مدرس المكتب العثماني خالياً ِ من الرحمة والأحاسيس والمشاعر . ومثلما أظهر الصبي أحمد نعمان في الكتاب تفوقه ، حقق أيضاً تفوقه في المكتب العثماني أو المدرسة العثمانية بين أقرانه . ولم تتوقف طموحات الصبي أحمد نعمان عند المكتب العثماني . فقد كانت نفسه متشوقة ، ومتعطشة، ومتلهفة إلى دراسة العلوم الشرعية وفروعها المختلفة في مدينة زبيد مدينة العلم والعلماء ، والفقه والفقهاء والتي كانت في يوم من الأيام دُرة مدائن العلم . وكيفما كان الأمر، فقد فكر وقرر الأستاذ أحمد نعمان الرحيل إلى زبيد ليكون عالماً من علماء اليمن أو على اقل تقدير عالماً من علماء قرية ذبحان في الحجرية بتعز . ولم تمض سنوات قليلة حتى نال الأجازة العلمية من علماء وجامع الأشاعر ، والجامع الكبير في زبيد. وعندما أنهى دراسته العلمية هناك ، استقبل في قريته ذبحان بحفاوة بالغة، وصار عالماً من علماء قرية ذبحان يأتي أهلها إليه من كل حدب وصوب يطلبون الخير على يديه . وفي هذا الشأن ، يقول الأستاذ نعمان : « رجعت ( أي من مدينة زبيد ) عالماً من العلماء لألبس العمامة ، والقميص المكمم، والعصا بيدي. وأصبحت أعقد الحلقات » . ويذكر الأستاذ نعمان كيف أنّ الجهل ، كان مسيطرًا على عقول ونفوس أهل قريته ، فيقول : « وكان الناس يأتون إلى عقيدة ، وحسن ظن. منهم من يطلب الدعوة الصالحة ، ومنهم من يطلب النفحة . والمرأة الوالدة التي يصاب أبنها بحمى يأتون إلىّ لأكتب لأبنها تميمة » . [c1]الحرب اليمنية الإنجليزية[/c]وتمضي الأحداث السياسية سريعة ومتلاحقة في اليمن . فقد اندلعت الحرب بين السلطة الإمامية والسلطات الإنجليزية في عدن سنة 1927م ، وتمكن الإنجليز بسهولة من هزيمة الجيش ألإمامي المظفر ، والاستيلاء على الضالع . وكان من نتائج هزيمة الإمامة يحيى في هذه الحرب أنّ سقطت هيبته أمام رعيته اليمنيين ، وأظهرت مدى تخبطه وضعفه في مواجهة القوى الخارجية مما جعل الإمام يقوي من قبضته على الناس ، وخاصة الذين تحوم حولهم شبهات التمرد على نظامه . وكيفما كان الأمر ، فقد أماطت هزيمة الإمام وهو وجيشه المظفر اللثام عن الحقيقة المرة للأستاذ نعمان وغيره من رواد الحركة الوطنية بأنّ اليمن غارق في مستنقع الجهل والتخلف حتى أذنيه . ويروي الأستاذ نعمان بعضًاً من وقائع الحرب اليمنية الإنجليزية التي تدل بوضوح على مدى العجز والجهل الذي أصاب السلطات الإمامية. كان الإمام يأمر الناس عندما يرون الطائرات الإنجليزية المغيرة أنّ يتلو سورة ( الفيل ) في المساجد . ويذكر الأستاذ نعمان في معرض حديثه عن عدن ، بأنّ أخاه ، كان متفتحاً لكونه كان يعيش فيها . وكانت عدن نافذة اليمن على العالم . وكان اليمنيون من أبناء قرية ذبحان أو غيرها من قرى اليمن في عدن يقرؤون الجرائد ، والمجلات المختلفة مما وسع مداركهم الثقافية ، وأدركوا البون الواسع والشاسع بين بلادهم التي تعيش في نفق مظلم والعالم الآخر الذي يصافح الحرية . كل تلك الأمور الذي عاصرها الأستاذ نعمان كونت في عقله نفسه ضرورة خروج اليمن من ضيق التخلف إلى سعة التقدم والازدهار .[c1]يا شباب اليمن[/c] في يوم من الأيام ، قدم من عدن إلى قرية ذبحان بقضاء الحجرية مدرس شاب اسمه محمد أحمد حيدرة والذي سيكون له تأثير عميق على حياة الأستاذ نعمان . كان هذا المدرس شاباً يتحلى بثقافة متفتحة ، كان يدرس التلاميذ الجغرافيا ، والتاريخ ، وأعطى لتلاميذه معلومات جديدة ومثيرة عن أمهم الأرض ، والشمس ، فكان ، يقول له أنّ الكرة كروية ، وأنّ الشمس ثابتة والأرض هي التي تدور . وعندما عرف الأستاذ أحمد نعمان أنّ محمد حيدرة يعزف على العود أقام الدنيا ولم يقعدها . ويقول الأستاذ نعمان أنه شن حملة شعواء على الأستاذ حيدرة وكان من نتيجة ذلك أنّ « سفروه( سافر) إلى عدن ، ورجع الأولاد إلى المدرسة . وابتدأت النشاطات في المدرسة من رياضة ، وكشافة ، وأناشيد . حتى الحكومة كانت تقرر لهم الأناشيد. وكان الأستاذ حيدرة ، قد أتاهم بنشيد ، يقول فيها : الوطن ، الوطن ، يا شباب اليمن ، ما له من ثمن ، غير أرواحنا » . وعلى الرغم من رحيل المعلم حيدرة عن قرية ذبحان إلاّ أنه وضع بصمات مشرقة زلزلت الكثير من المفاهيم التقليدية والجامدة التي كان يعتنقها ويؤمن بها الأستاذ نعمان مما يدفعه إلى إعادة المعلم حيدرة إلى القرية مرة أخرى ، ويشد من أزره .[c1]مؤثرات ثقافية جديدة[/c] ويروي الأستاذ أحمد نعمان بصراحة متناهية أنه بعد تفكير ، وتأمل عميقين ، شعر بينه وبين نفسه بأنه مسرور من الذي فعله الأستاذ حيدرة . والحقيقة أنّ الأستاذ نعمان هبت عليه رياح التغيير أو بعبارة أخرى مؤثرات ثقافية جديدة أثرت في رؤيته للحياة بصورة عامة ، والحياة السياسية بصورة خاصة . وفي هذا الصدد ، يقول الأستاذ نعمان : « أصبح المقصود عندي هو التطلع ومعرفة الجديد ، تعلم الجغرافية ، والتاريخ وغير ذلك . وحين بدأت ، وقع في يدي كتاب طبائع الاستبداد لعبد الرحمن الكواكبي ، وكتاب هدي الرسول لمحمد أبو زيد . وكنت قد انتقلت من كتب الفقه إلى مرحلة السُنة إلى الفكر الإسلامي الخالص . الدراسة الأولى كانت دراسة إسلامية ولكن محشوة بالخرافة . فانتقلنا إلى مرحلة الديانة الإسلامية المجردة من الخرافة» . ويمضي في حديثه : « وجاء كتاب طبائع الاستبداد ، وكتاب هدي الرسول ، وإذا بنا ننتقل إلى الحكم والسياسة إلى طبائع الاستبداد وطبائع المستبد . المستبد هو الذي يريد أن يضع قدمه على أفواه الملايين ... «.وعندما أدرك الأستاذ أحمد خطأه الفادح في حق الأستاذ حيدرة عمل على أعادته ، وأعد له منزلا لائقاً ، وحشد له التلاميذ » وأطلق لهم الحرية . وقام هو « بتدريس اللغة العربية بأسلوب حديث » .[c1]مصر عبد الناصر فوق الشبهات ![/c] والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل رياح التغيير الثقافي أو التيارات الثقافية التي هبت على الأستاذ نعمان هي من العوامل الرئيسة التي غيرت من رؤيته للأوضاع السياسية في اليمن أمّ هناك أسباب أخرى ؟ . والحق يقال ، أنّ الأستاذ نعمان ، كانت روحه الوثابة والقلقة ، والمتمردة . هي الأرض الخصبة التي على استعداد كامل لتقبل بذور المعارضة الحقيقية و الوقوف في وجه الاستبداد أيًا كان شكله أو لونه . وعندما صافحت عيناه الحياة الثقافية الجديدة زادت من قوة وصلابة روحه ونفسه في الصمود والتصدي للظلم والظالمين . وهذه الميزة في الأستاذ أحمد سنجدها دائماً معه لا تفارقه ولذلك عندما ظهر له أنّ بعض الانتهازيين يريدون أنّ يستفيدوا من ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة لأغراضهم الخاصة تصدى لهم بكل صلابة وقوة . والحقيقة أنّ الأستاذ نعمان كان يرى أنّ مصلحة اليمن فوق أي اعتبار ولذلك نجده يدخل في خصام شديد مع القيادة السياسية في الجمهورية العربية المتحدة ( مصر ) حينذاك وعلى رأسهم الرئيس جمال عبد الناصر مما دفع الأخير أنّ يزج به في السجن الحربي بمصر بسبب صراحته وجرأته على تصرفات القيادة المصرية في أثناء حرب اليمن والتي كان يرى الأستاذ نعمان أنّ مصر عبد الناصر يجب ويتوجب أنّ تكون فوق الشبهات . وكان دائمًا مؤمنًا الأستاذ نعمان بأنّ المسألة اليمنية لن يحلها سوى أبنائها ولهذا السبب أو الأسباب دخل في خصومات حادة مع كبار المسئولين المصريين ومن بينهم الرئيس أنور السادات الذي كان المسئول عن ملف اليمن , وكان وقتها رئيسًا لمجلس الأمة المصري والذي لم يكن يعرف عن عوامل اليمن الطبيعية والبشرية شيئاً فضلا عن تاريخها . والحقيقة أنّ روح الأستاذ نعمان لم تكن متمردة من أجل التمرد ، وإنما كانت متمردة من أجل إرساء دعائم الحق ، والعدالة، والحرية في تراب اليمن العزيز . [c1]شمعة مضيئة[/c] وفي سنة 1935 م تقريبًا ، أسس الأستاذ نعمان مدرسة الحجرية ، وكانت هذه المدرسة بمثابة شمعة مضيئة في ظلام ليل اليمن الدامس . فقد كانت تدرس المواد التعليمة الحديثة من جغرافية ، تاريخ ، و حساب ولم تمضِ شهور قليلة حتى اشتهرت المدرسة في قرية ذبحان والقرى المجاورة لها واقبل التلاميذ عليها من كل مكان . وترامت شهرتها أو قل إذا شئت خطورتها إلى مسامع سلطات الإمام يحيى الاستبدادية فحامت حولها الشكوك من قِبل سلطات الإمام بأنها تخرب عقول الصغار ، وتدمر نفوسهم ، وتخرجها عن جادة الصواب ، وللقضاء على هذه المدرسة . أرسلوا الأمير القاسم بن الإمام يحيى حميد الدين ليطلع على حقيقة أوضاع المنهج التعليمي للمدرسة الحجرية . وكانت من نتائج زيارة الأمير القاسم ، أنّ تم طرد الأستاذ حيدرة القادم من عدن ـــ و الذي تحدثنا عنه ـــ والذي بذر بذور المنهج التعليمي الحديث في مدرسة الحجرية أو بعبارة أخرى فتح آفاقاً واسعة وجديدة في أذهان التلاميذ في قضاء الحجرية بتعز . وفي هذا الشأن ، يقول الأستاذ أحمد نعمان : « وذهب ( أي الأمير القاسم ) إلى الإمام الذي أمر بسحب الأستاذ حيدرة فأخرجوه حالاً ، وأتوا بمعلمين آخرين إلى المدرسة ، بعد هذا الحادث سحبت نفسي وقررت أنّ أذهب إلى الحج . وكانت بعثة مصرية ، قد جاءت إلى اليمن زارت بعض مناطق اليمن ، ووصلت إلى المدرسة ، وأعجبت بها وكتبت عنها. سمعوا التلاميذ يخطبون ويدردشون وأعجبوا بهم » . ونستخلص من ذلك أنّ الأستاذ نعمان وجد أنه أفضل وسيلة لمحاربة سلطات الأمام يحيى القمعية هو التعليم ، فهو أمضى سلاح وهو الذي سينقل اليمن من التخلف إلى التقدم في مختلف نواحي الحياة والجدير بالذكر أنّ الأستاذ نعمان أسس مدرسة بلقيس في مدينة الشيخ عثمان بعدن . وكيفما كان الأمر ، فقد ركز النعمان جهوده في تأسيس المدارس التي تفتح آفاق واسعة ورحبة للتلاميذ من خلال الدروس العلمية الحديثة وبذلك يصبح الجيل الجديد قادرًا على تحمل المسئولية في قيادة البلاد إلى بر الازدهار ، والرخاء ، والخير ، والتقدم ، وقبل هذا كله نشر أنوار فجر الحرية في سماء اليمن . [c1]في الأزهر الشريف[/c]و قرر الأستاذ أحمد نعمان بعد الأنتهاء من أداء شعائر الحج أنّ يلقي عصا الترحال في مصر أم الدنيا لينهل من ثقافتها الرائعة ، و معارفها الكثيرة ، وعلومها الحديثة . فحاول الدخول في جامعة فاروق الأول ( القاهرة حاليًا ) ولكن رفض طلبه بسبب عدم وجود الشهادات العلمية التي تؤهله للقبول بها . وتوجه بعد ذلك إلى الأزهر الشريف للحصول على الشهادة العلمية منها , ويحكي الأستاذ نعمان كيف امتحن في الأزهر ، فيقول : « ذهبت إلى الأزهر . استقبلت هناك وامتحنوني . وكان الامتحان قراءة آيات من القرآن . أخذت أقرأ ، ولما قرأت دهشوا . وقالوا ما شاء الله بارك الله فيك . قالوا لي : هل تعرف اللغة العربية ، والنحو ! . قلت لهم : أعرف ولكن ليس مثلكم . فقالوا لي : يجب أنّ تنتسب حالاً ، وسجلوا أسمي ودخلت الأزهر » . [c1]مع جريدة الشورى[/c] وانطلق الأستاذ نعمان كالفرس في ميدان الصحافة ، وظهرت مواهب قلمه في صفحات جريدة « الشورى » لصاحبها ورئيس تحريرها الصحفي الفلسطيني الكبير أبو الحسن محمد علي الطاهر والذي أسسها في يافا بفلسطين سنة 1924م . وفي مكتب « الشورى » التقى بعدد غير قليل من الكتاب والأدباء الكبار مصريين وعرباً ومنهم أمير البيان شكيب أرسلان الذي توثقت به علاقته لدرجة أنّ الأخير طلب من الأستاذ نعمان وهو في سويسرا أنّ يسافر إليه ليعلم أبنائه اللغة العربية ولكن حالت الظروف دون ذلك . وكيفما كان الأمر ، فقد كسب الأستاذ نعمان ثقة وتقدير الصحفي الفلسطيني الطاهر . وكتب الأستاذ نعمان على صفحات « الشورى » الأوضاع اليمنية الصعبة والقاسية التي تعيشها من جراء حكم سلطة الإمام الاستبدادية , ولكن لم يذيل مقالاته باسمه ، فقد ظنت سلطات الإمام أنّ الذي يكتب هذه المقالات عن اليمن هو الصحفي أبو الحسن الطاهر . ويروي الأستاذ أحمد نعمان قصته مع جريدة « الشورى » ، فيقول : « ومنذ ذلك الوقت بدأت أكتب القصص عن أوضاع اليمن ، فيقوم أبو الحسن بنشرها في جريدته . وعُرف في اليمن بأنه هو الذي ينشر هذه القصص ، وفرحت أنا بذلك لأنه يجنبني وأسرتي عقاب الإمام ومسئوليه في المنطقة « . « وصار الأستاذ نعمان من المحررين الرئيسيين الذين يعتمد عليهم أبو الحسن الطاهر في الأشراف على كتابة مقالات ، وعناوين الجريدة. وعلى أية حال ، نال الأستاذ نعمان نال إجازة الأزهر الشريف .[c1]مع رفيق النضال[/c]وفي مصر جاء الشاعر رائد الحرية الشهيد محمد محمود الزبيري وهناك التقى الأستاذ نعمان واللذين رأيا أنّ الأوضاع السياسية تسير من سيئ إلى أسوأ يوماً بعد يوم . وأكبر الظن أنّ الأستاذ نعمان ، والشاعر الزبيري ، قد عزما أنّ يرسيا في اليمن مبادئ الحرية وإخراج اليمن من عزلتها الخانقة ، وأنّ تأخذ بأسباب الرقي والتقدم . وعلى الرغم من أهمية اللقاء بين الأستاذ نعمان ، والشاعر الشهيد محمود الزبيري في مصر إلاّ أنّ صفحات المذكرات تصمت عن الحديث عن تلك الفترة الهامة من تاريخهما أو بعبارة أخرى عن البدايات الأولى في نضالهما في الحركة الوطنية . ومن المحتمل ، أنّ لقاء الأستاذ نعمان والزبيري في مصر ، كان القاعدة الأولى والصلبة التي انطلقا منهما لإخراج اليمن من النفق المظلم إلى الآفاق الرحبة من التطور ، والتقدم . ومن اللافت للنظر ، أنّ الشاعر الزبيري لم يأت ذكره على صفحات جريدة « الشورى « أو بعبارة أخرى لم يذكر الأستاذ نعمان من قريب أو بعيد أنّ محمود الزبيري التقى بصاحبها ورئيس تحريرها أبو الحسن الطاهر ، وكتب في صفحاتها على الرغم من أنّ الزبيري كان شاعرًا مجيدًا ، وكاتبًا كبيرًا ، وأديباً بارعاً . وكيفما كان الأمر ، فإنه من الأرجح أنّ الأستاذ نعمان، والزبيري، قد قررا أنّ يوقظا اليمن من سُباته العميق ، وينفضا عنه غبار الجهل ، والكسل ، والخمول . وكانا ( دون شك ) يدركان خطورة ما هما قادمان عليه ولكن كان الهدف مقدساً وأسمى ، ولا بد من التضحيات من أجله بكل غالِ ونفيس . والجدير بالذكر أنه كان لهما دور فعال ومهم في تأسيس حزب الأحرار في عدن سنة 1944 م ، والجمعية الكبرى سنة 1946 م ، وتأسيس كذلك جريدة « صوت اليمن « المعبرة عن آلام وآمال اليمنيين ، والتخلص من نيران نظام الإمامة . [c1]الصراع الخفي[/c]في سنة 1938م تولى ولي العهد أحمد ـــ حينذاك ـــ إمارة تعز الذي سيصير إماماً في سنة 1948 م ، بعد مقتل والده الإمام يحيى وفشل الحركة الدستورية . والحقيقة كان هناك صراع خفي مع أخيه السيف عبد الله . وكان الأخير ، قد تمكن من إصدار جريدة « الحكمة اليمانية » سنة 1938 م في صنعاء والتي ضمت أقلاماً شابة ترغب في الإصلاح والتحديث . والحقيقة كان هناك تنافس شديد بينه وبين سيف الإسلام عبد الله بن يحيى على جذب الأدباء ، والكتاب ، والمثقفين إلى جانبهما ، وكان كل منهما يحاول أنّ يظهرا أنهما يشجعان التطور ، والتقدم . ولقد أكلت الغيرة قلب ولي العهد أحمد عندما أصدر السيف عبد الله جريدة « الحكمة اليمانية » ـــ كما قلنا سابقا ً ـــ . وفي هذا الصدد ، يقول الدكتور سيد مصطفى سالم : «... ظل موقف السيف عبد الله من المجلة موقف المتبني لها ليظهر بالمظهر المتحرر أمام الأحرار والمثقفين ، وجرهم إلى صفه المنافس لأخيه سيف الإسلام أحمد ... » . وفي موضع آخر ، يقول سيد سالم : « ففي الوقت الذي تحمس فيه السيف عبد الله لإصدار (( الحكمة )) ، والتقرب من الشباب والمثقفين في صنعاء ، كان السيف أحمد يستقطب أيضًا في تعز الأدباء ، والشعراء ، والمثقفين ، الذين كانوا يجدون فيه ـــ أو يأملون فيه على الأقل حينذاك ـــ وجه المستقبل الأفضل , فقد حاول هناك أنّ يجعل من نفسه حارساً ومشجعاً للأدباء ، والمفكرين ، فأوى إلى مقامه ( أي ديوانه ) الكثير من اللامعين مثل الموشكي ، والحضراني ، والفسيل ، والشامي ، والأستاذ نعمان ، والزبيري ، والمعلمي ، والعنسي وغيرهم ، ولذلك لم يعارض ظهور المجلة ، بل تمنى لو صدرت بتعز » . ولقد انتهت قصة التنافس الحاد بينهما بصورة مأساوية عندما حاول سيف الإسلام عبد الله الإطاحة بالإمام أحمد من سدة الحكم ، ولكنه فشلت محاولته ، وقتل بيد سيف أخيه أحمد ، وعرفت تلك الحركة بالحركة الانقلابية سنة 1955 م . [c1]عدن وثورة 48 م[/c]ويواصل الأستاذ نعمان حديث في مذكراته عن الإمام أحمد أنه لم يكن حفيًا ، وصادقا بإدخال إصلاحات جادة في اليمن لتكون في مصاف الدول العربية المتحضرة مثل مصر ، العراق ، وسوريا . وكان يخفي حقيقته البشعة قناع من الزيف ، والأباطيل ، والدكتاتورية . وفي الوقت الذي كان الناس يشكون الأمرين من الفقر ، والفاقة بسبب شحة الأمطار ، وحصار السواحل اليمنية جراء الحرب العالمية الثانية ، كانت الضرائب تلاحقهم وتثقل كاهلهم مما كانت تزيد من آلامهم . وفي هذا الصدد ، يقول الأستاذ نعمان : « . . . كان بعض زملائي مثل الزبيري ، وزيد الموشكي وغيرهما يشكون نفس الشكوى لأنهم يشعرون مع الناس بكل هذا . فبدأ الإمام يرتاب على الرغم من أنه كان يوجد بينه وبيننا ود ومجاملات وإعجاب . ولكن حينما تأتي فكرة إصلاح ، كان ينفر منها نفورًا كبيرًا ، ينفر من أية فكرة إصلاحية أو من إبداء رأي . ويبدو أنّ الأستاذ نعمان ، والزبيري، وزيد الموشكي وغيرهم رأوا أنّ محاولة التغيير في اليمن على يد ولي العهد أحمد باتت غير مجدية ولذلك قرروا الفرار إلى عدن التي كانت نافذة اليمن على العالم . والمتوهجة بشتى التيارات الثقافية المختلفة . ومن هذه المدينة الساحرة الساحلية المتحكمة بمدخل جنوب البحر الأحمر ، رفع الأحرار اليمنيين الأستاذ نعمان ، والزبيري ، وغيرهما لواء التجديد والتغير والثورة في وجه سلطات الإمام يحيى الاستبدادية . وشكل الأستاذ نعمان ، والزبيري « حزب الأحرار اليمنيون » وبعدها « الجمعية اليمنية الكبرى» ، وأصدرا مجلة « صوت اليمن « . وكانت تلك الأمور من الأسباب الرئيسة في التمهيد للحركة الدستورية سنة 48م في اليمن . وما عرضناه عن قصة حياة الأستاذ نعمان رائد الحركة الوطنية غيض من فيض و قليل من كثير الذي ضحى بكل غالِ ِ ونفيس لتكون بلاده اليمن في مقدمة الأمم مثلما كانت في مقدمة الأمم في فجر أنوار الحضارة الإنسانية.[c1]الهوامش :[/c] مذكرات أحمد محمد نعمان ، مراجعة وتحرير : الدكتور علي محمد زيد، الطبعة الأولى 2003م ، مكتبة مدبولي 6 ميدان طلعت حرب ـــ القاهرةـــ . دكتور سيد مصطفى سالم ؛ مجلة « الحكمة » اليمانية 1938 ـــ 1941 : جمع المقالات : علي أحمد أبو الرجال ، الطبعة الأولى 1425 هـ / 2004م ، وزارة الثقافة والسياحة ـــ صنعاء ـــ الجمهورية اليمنية .