المقولة الشهيرة التي يرددها كل مسؤول صغير أو كبير في اليمن هي أن الأوطان تبنى بأبنائها .. لكن معظم هؤلاء يقولونها تحت تأثير التنويم الاجتماعي قريب الشبه بالتنويم المغناطيسي، أما في الصحو وفي الجانب العملي فكل واحد من هؤلاء لا يسمح لأكبر “مخ” أن يسهم في بناء وطنه .. وفي الوقت الذي يجد فيه أن عليه أن يستغل منصبه أو وظيفته العامة كفرصة لكي يكبر ويثرى ويهدم، تجده يشعر أن ذلك يقتضي إبعاد “الأمخاخ” واختيار البلداء والطائعين.فنان تشكيلي قليل الموهبة يعين في وظيفة تعنى بتطوير هذا الفن، أول ما يبدأ به هو تهميش أصحاب المواهب لأنه يشعر أنهم خطرون وسيكبرون .. لذلك ليس في اليمن دور لهذا الفن والسبب أن المبدعين مقموعون.الوزير يختار مساعديه من بين المستكينين وذوي الخضوع لكي يبقى هو المسيطر ويستبعد الأذكياء ولا يرشحهم لشغل وظائف مهمة .. وفي الأخير لا إنتاج ولا بناء أوطان.المدير العام يجمع حوله الضعفاء ويستبعد الأقوياء لأنهم في نظره خطرون ولابد من استبعادهم حتى لا “يزقوا المهمة”، وبذلك يحرم الوطن من بناة الوطن.رئيس الهيئة يحيط نفسه بالفاسدين .. لأنه يريد ممارسة الفساد، وبالتالي يستبعد النزهاء وأصحاب الأيدي النظيفة، وهو بذلك يحرم الوطن من القدرات الإدارية التي تسهم في بناء الوطن.شيخ يمنح رواتب وسيارات ومرافقين .. ويستخدم كل هذه المنح للتعبير عن مكانة ونفوذ، من خلالهما يمارس البلطجة ويمارس سلوكاً مخزياً ويضعف هيبة الدولة .. وعندما يمرض بالزكام تصرف له منحة علاجية إلى أرقى مشفى في الدول الغربية، لماذا؟ لأنه يقدم خدمة آنية “صوت انتخابي” بينما يهمل ويحتقر شاعر مهذب ويموت حتف أنفه وهو الذي صدح بالقصائد الوطنية التي تفعل فعلها في الناس لعشرات السنين.والمهم يا جماعة .. علينا أن نراجع أنفسنا، وأن نتنبه إلى أن هذه النظرية مدمرة، إن الوزارة أو الهيئة أو المجلس الفلاني أو حتى أي إدارة دنيا لا تكبر إلا باحترام الكبار .. وأن ما نقوم به الآن هو تدمير للوطن ولبناة الوطن.
أخبار متعلقة