سبتمبر في رحاب مدينة عدن
يثبت التاريخ في جميع مراحله أن اليمن ظل كياناً وشعباً واحداً على مدى العصور، وان وحدته هي المبتدأ والأصل، أما الانشطار والتمزق الذي شهدته بعض مراحل التاريخ فلم يكن إلا حالة استثنائية فوقية منبتة الجذور وعديمة السند، فرضتها مطامع القوى الاستعمارية، وسايرتها بعض قوى الحكم لمصالح خاصة وضيقة، فيما ظل اليمن والشعب اليمني نسيجاً واحداً يتمتع بكل صفات الانسجام والتوحد الوجداني والثقافي والحضاري والجغرافي ؛ يشهد على ذلك ويؤكده تاريخ الممالك والحضارات اليمنية منذ خمسة آلاف سنة قبل الميلاد، منذ عهد يمان بن قحطان، الذي سميت اليمن باسمه، مرورا بدول وعصور سبأ والتبابعة وحمير وصولا إلى العهد الإسلامي ثم إلى ما بعد الحكم العثماني. هذه المقدمة التي تختصر تاريخاً طويلاً جداً من الأحداث والمراحل والعهود، استدعاها تصفحي لوثيقة تاريخية مهمة هي صحيفة خاصة باسم “26 سبتمبر” أصدرتها جريدتا “14 أكتوبر” و”الثوري” بمناسبة العيد الثامن لثورة 26 سبتمبر.. كان ذلك في 26 سبتمبر 1970م أي قبل 20 عاماً من إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 1990م، وقبل 39 عاماً من الآن، عندما قررت الصحيفتان الرئيسيتان في جنوب الوطن آنذاك الاحتجاب واستبدال إصدارهما بصحيفة خاصة موحدة تحمل اسم الحلقة الأولى من الثورة اليمنية.[c1]واحدية الوطن والشعب[/c]إن أي تصفح لذلك الإصدار الخاص يبين بجلاء تام حقيقة واحدية اليمن والشعب اليمني، ويؤكد أن ما شاب التاريخ اليمني، بقديمه وحديثه، من عهود تفكك وتشرذم وتشطير لم يمس تلك الحقيقة بأي قدر من الضرر، ولم يرسخ ذرة واحدة من التشطير في نفوس أبناء الشعب اليمني ومناضليه. وما يلفت النظر أن تلك الصحيفة عبرت عن واحدية اليمن وشعبها وواحدية النضال اليمني، في سبيل الانعتاق من حكم الإمامة والاستعمار، بشكل عفوي تام دون أن تحتاج لقول ذلك بشكل مباشر، فذلك لم يكن موضوع أي من كتابها، بل كان معطى بديهياً وحقيقة معاشة لا تحتاج إلى إثبات متعمد أو لقول تقريري.وكاد إصدار “26 سبتمبر” الخاص أن يخلو حتى من كلمة “الشطر” الشمالي أو الجنوبي، وتحدث في كل ما احتواه عن اليمن باعتبارها كياناً ووجوداً واحداً، وكذلك عن الشعب اليمني.. ووردت كلمتا “شمال” و”جنوب” في جميع المواد المنشورة باعتبارهما إشارة إلى اتجاه جغرافي في الوطن، وليس كياناً سياسياً؛ ولذلك لم تستخدم الصحيفة تعبير “اليمن الشمالي” أو “اليمن الجنوبي”، وحرصت على القول “شمال اليمن” و”جنوب اليمن”، واطلقت في بعض الاحيان اسم اقليم اليمن اشارة لليمن كله، ووصفت ثورة 26 بـ “حركة سبتمبر الام”. [c1]من محتويات الصحيفة[/c]تضمن الجزء الذي وجدته من إصدار “26 سبتمبر” الخاص عدداً من المواد الصحفية المتميزة. وبرز في أعلى الصفحة الأولى منه «مانشيت» عريض يقول: “الشعب اليمني يحتفل اليوم بذكرى 26 سبتمبر الثامنة”، وتحته عنوان آخر: “أكبر مسيرة شعبية تشهدها بلادنا.. أمس” .. واحتوت هذه الصفحة على افتتاحية الصحيفة وتقرير خبري طويل، فيما تزينت بقية الصفحات بمقالات مهمة لعدد من المفكرين والكتاب المناضلين، منهم عمر الجاوي وسعيد الجناحي وفؤاد عبده نعمان. [c1]في الافتتاحية[/c]الافتتاحية التي تم تذييلها بتوقيع “هيئة تحرير 14 اكتوبر” و “هيئة تحرير الثوري» أكدت أن ثورة 26 سبتمبر أكسبت النضال اليمني طوراً جديداً، ووضعت الثورة اليمنية امام العديد من المهام التاريخية، وتطرقت إلى التحديات التي كانت تواجه الثورة آنذاك، وشددت على ضرورة مواصلة النضال لحمايتها وتحقيق اهدافها.. وجاء في تلك الافتتاحية ما يلي: “ اليوم تدخل حركة 26 سبتمبر عامها التاسع، وبدخولها العام التاسع تكون قضية الثورة اليمنية امام طور جديد من المهام اليومية والتاريخية. إن احتفال جماهير اليمن بهذه الذكرى المجيدة يعبر تعبيراً صادقاً عن إيمانها بأهداف ومبادئ 26 سبتمبر.. وان سقوط النظام الاقطاعي الكهنوتي في الشمال على ايدي طلائعه الوطنية قد جعل الامبرياليين وحلفاءهم في الداخل والخارج يشعرون بخطورة هذه النقلة المهمة ، التي شكلت رد فعل ايجابي لمؤامرات الرجعيين والامبرياليين في الجزيرة العربية. وهكذا فان 26 سبتمبر قد اكسبت نضال الشعب اليمني طوراً جديداً من نضاله الوطني من اجل الوصول الى المجتمع الافضل. واليوم وبعد مرور ثماني سنوات على حركة 26 سبتمبر، فان الاقليم اليمني يشهد الآن صداماً حاداً بين الجماهير اليمنية وقواه الوطنية الديمقراطية من جهة، والامبريالية العالمية وحلفائها من جهة أخرى.إننا في الوقت الذي نحتفل فيه بهذه الذكرى، نؤكد ايماننا ان الجماهير اليمنية وطلائعها الثورية المنظمة، امام مخاطر جسيمة تستهدف فيه القوى الرجعية والامبريالية اعادة اليمن الى منطقة النفوذ الاستعماري. وأمام هذا فان قوى الثورة والتقدم في اقليم اليمن امام طريقين: مواصلة النضال أو الاستسلام لاعداء الشعب”. [c1]التقرير الخبري[/c]قدم التقرير الخبري الذي نشر في الصفحة الأولى تغطية شاملة للمسيرة الشعبية الضخمة والمهرجان الكبير اللذين اقامهما التنظيم السياسي للجبهة القومية عصر اليوم السابق 25 سبتمبر 1970م في مدينة عدن احياءً للذكرى الثامنة لثورة 26 سبتمبر. واوضح التقرير أن المسيرة تقدمها كل من عبد الله الخامري عضو اللجنة التنفيذية وزير الثقافة والإرشاد، وأنيس حسن يحيى وزير الاقتصاد والصناعة آنذاك، وعدد من اعضاء القيادة العامة بالتنظيم السياسي. واستعرض التقرير بعض ما جاء في الكلمات التي ألقيت في المهرجان من قبل المناضلين: عبد الله الخامري، وعبد القادر امين رئيس اتحاد عمال الجمهورية، وعبد القادر اسماعيل مندوب الاتحاد العام لعمال اليمن، وممثل الاتحاد الوطني لطلبة اليمن، وآخرين. وحسبما جاء في التقرير فقد دعت الكلمات الملقاة القوى الوطنية إلى أن تلتقي على صعيد جبهوي لمواجهة التآمرات ضد الثورة اليمنية وحماية النظام الجمهوري، وأكدت ضرورة استخلاص الدروس والعبر من ثورة 26 سبتمبر للاستفادة منها في مسيرة استكمال نصر الثورة اليمنية وتحقيق اهدافها. وأشار الخامري في كلمته إلى واحدية النضال اليمني قائلاً: «انه وفي الوقت الذي يتزايد فيه نشاط القوى المعادية على امتداد الساحة، وقفت الجماهير اليمنية بعفوية ضد اعدائها داعمة النظام الجمهوري بالتضحيات الجسيمة.. و كلنا يعرف اشتراك قبائل ردفان وجماعات كبيرة من سائر مناطق الجنوب وعلى وجه التحديد المحافظة الثانية”. [c1]إنقاذ الشعب[/c]خصص الإصدار الخاص لصحيفتي “14 أكتوبر” و”الثوري” صفحة كاملة لنشر مقال ضاف عن ثورة 26سبتمبر كتبه فؤاد عبده نعمان تحت عنوان “26 سبتمبر أنقذت الشعب اليمني من كابوس الإمامة وطغيانها”. وأبان الكاتب في مقاله الأهمية الكبيرة التي مثلتها ثورة 26 سبتمبر في التاريخ اليمني والعربي عموماً، وتحدث عن التضحيات الكبيرة التي بذلت في سبيل انتصار الثورة والدفاع عنها. وحيّا نعمان ذكرى الثورة قائلا: “تحتفل الجماهير اليمنية شمالاً وجنوباً، يشاركها الشعب العربي على امتداد الأرض العربية بالذكرى الثامنة لحركة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة، وهي الذكرى الطافحة المليئة بالبهجة والسرور والتي تستقبلها جماهيرنا اليمنية بلهفة وشغف شديدين”.وأضاف: «إن الذكرى الثامنة للثورة تأتي والشعب اليمني قد خطا خطوات إلى الأمام، وكنس التخلف الجاثم على بلاده بكل أشكاله، وأحرز الكثير من الانتصارات والانجازات في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والعسكرية”. وأكد المقال أن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر جاءت “لتنقذ الشعب اليمني وتنتشله من أوضاعه المتردية تحت الحكم الإمامي المتعفن الذي جثم على اليمن أعواماً عديدة» وقال: « إن الشعب اليمني خرج بكل فئاته يساند الثورة ويؤيدها بقيادة العناصر الوطنية الشريفة». وأردف: «إن حركة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة التي أطاحت بالحكم الإمامي الثيوقراطي (الكهنوتي) الذي ظل يستغل ويستنزف خيرات الشعب اليمني ويتحكم في مقدراته ويمارس ضده أبشع الأساليب الجهنمية الجائرة، ما هي إلا امتداد لكل حركة أو ثورة يكتب لها النجاح وتنال حريتها، حيث حاربت الوجود الإمامي الملكي وكتب لها النجاح بعد أن سقط ألوف الشهداء من أبناء الشعب”. واستعرض الكاتب أهم الحركات والثورات والانتفاضات التي قامت ضد حكم الأئمة قبل ثورة 26 سبتمبر، وقدم نبذة قصيرة عن كل واحدة منها، واعتبر أن تلك الحركات لم تنجح لأنها تفتقد إلى الإيديولوجية والتكتيك، بخلاف ثورة سبتمبر، وقال في ذلك: “إن بداية أية حركة أو انتفاضة إذا لم تقم على خط مرسوم إيديولوجيا ًوتكتيكياً لا تبلغ إلى مستوى الانتصار، وذلك لعدم وجود المساندة الجماهيرية المادية والمعنوية، ثم عدم التحام الانتفاضة شعبياً بطبقات الفلاحين والعمال.. وهذا نتيجة الضغط والاقتتال والتخلف وغيره من العوامل.. فكان إذا وجد شخص وطني متألم من حكم الإمامة يريد أن ينتفض على الحكم سرعان ما يُكشف ويُعدم.. لأنه كان لا يوجد من يدفع بالانتفاضة إلى النجاح، نتيجة التخلف وحكم الديكتاتورية الإمامي الباغي”. ثم قدم فؤاد نعمان وصفه لثورة 26 سبتمبر فقال: «إنها جاءت طافحة بالغضب الشديد ومزودة بالعزيمة تحت قيادة كوادر وطنية من أبناء اليمن لم ترهبهم القوى الإمامية.. حيث التفت حول الحركة كافة قطاعات الشعب وعلى رأسها قوى العمال والفلاحين والبرجوازية الصغيرة.. وشهدت اليمن اكبر حركة ثورية في تاريخها.. حيث هدمت القصور الإمامية وكسرت القيود وقضت على الإمامة وقذفت ببقاياها إلى خارج الحدود واستولت على السلطة وكتب لها النجاح الدائم”. وعرج المقال في جزئه اللاحق إلى التحديات والمخاطر التي واجهت ثورة 26 سبتمبر عقب انتصارها وخلال سنواتها الأولى في مواجهة فلول الإماميين والمرتزقة والحرب التي شنوها ضد الجمهورية آنذاك، وقال: “ إلا أن الشعب اليمني بجيشه الوطني وشبابه وقواه الوطنية وقف وقفة رجل واحد يتصدى للمؤامرات ورد الصاع صاعين ووقف في وجه المخططات الهادفة إلى القضاء عليه وعلى ثورته، وصمد جباراً عنيداً لا يتقهقر، وواصل المقاومة بالسلاح وحقق النصر”. وفي تأكيد جلي على البعد القومي لثورة 26 سبتمبر والثورة اليمنية بكاملها، أورد الكاتب فقرة طويلة في مقاله للتذكير بالأوضاع القاسية التي يعيشها الشعب الفلسطيني. واختتم فؤاد عبده نعمان المقال بحديث عن ثورة 14 أكتوبر والتحديات التي كانت تواجهها آنذاك، واقتران ذكراها بذكرى ثورة 26 سبتمبر، فقال: “وشعبنا في الجنوب الذي اسقط أعتى حكم استعماري سلاطيني لازال يواجه المؤامرات الرجعية الاستعمارية.. إلا انه لم يكن عاجزا عن الدفاع عن ثورته وحماية مكاسبها وانجازاتها على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية الخ.. بقدر ما هو على أهبة الاستعداد للوقوف بصلابة في وجوه المتآمرين الحاقدين على ثورته،، وإذ نحن اليوم نحتفل بذكرى سبتمبر فإننا بعدها نستقبل الذكرى الثالثة للاستقلال الذي نالته بلادنا، والذكرى السابعة لقيام ثورة 14 أكتوبر المجيدة.. فهنيئاً لشعبنا اليمني بذكراه”. [c1]حصار السبعين[/c]أما الكاتب والمثقف والمناضل الكبير الفقيد عمر الجاوي فقد كتب مقالاً عن ملحمة السبعين يوما تحت عنوان “فك الحصار.. وصمود الشعب في صنعاء” قدم فيه رؤية تحليلية عميقة لطبيعة المؤامرات التي حيكت ضد الثورة والجمهورية عقب انتصار السادس والعشرين من سبتمبر، وأبان العوامل التي أدت لانتصار الشعب اليمني على تلك المؤامرات ودحر أكبرها ممثلة في حصار السبعين. وأكد الأستاذ الجاوي في مقاله أن ثورة 26 سبتمبر ورغم التحديات والمخاطر الكبيرة التي واجهتها إلا أنها استطاعت الصمود والانتصار، وحافظت على مكاسبها، مشيرا إلى أن تلك المكاسب “ليست فقط في بناء المصانع والطرق والمدارس ولا حتى في ظهور الأشكال الجديدة من التنظيمات الشعبية النقابية فحسب، وإنما، وهذا المهم، في ارتباط الجماهير وإصرارها على إحياء الثورة وإعادة وجه الجمهورية الناصع”. وقال إن حرب السبعين يوما لم تكن “إلا توضيحا لفكرة ارتباط الجماهير بثورتهم وتجسيدا لمكاسب السادس والعشرين من سبتمبر”. وبعد أن استعرض الجاوي بعضا من المخططات التي حيكت ضد ثورة سبتمبر، تحدث عن صمود الشعب اليمني ونضاله الموحد دفاعا عن الثورة والجمهورية قائلا: “نتيجة للانتصارات التي أحرزها الشعب في حربه ضد الاستعمار البريطاني تحركت الجماهير في المدن وطالبت بإعطائها السلاح لحماية الجمهورية ولقد تشكلت لجان الشباب في صنعاء منذ أغسطس 1967 كحركة في مواجهة العدو.. الأمر الذي جعل العدو يبدأ في استعمال سلاحه الآخر لإخماد حركة الجماهير وإرجاع الإماميين بفرض الحصار على صنعاء”.وأضاف: “بقيت مكاسب 26 سبتمبر تصارع العدو المتفوق مدة سبعين يوما وتحدد هذه المكاسب بوجود فرق من الجيش والأمن من جيل 26 سبتمبر مع انخراط الجماهير المناضلة في المقاومة الشعبية، سواء داخل صنعاء أم خارجها، وفي الوقت الذي امتدت فيه هذه المكاسب العظيمة في المنطقة اليمنية كلها بعد الثلاثين من نوفمبر 1967م. لم يصارع الوطنيون اليمنيون المرتزقة الأكثر عدة وعددا إلا بهذه المكاسب، واهتزت صنعاء وعدن ووقفت الجماهير وقفة واحدة في وجه العدو”.وتحت عنوان جانبي “كيف تم الصمود؟” قال المناضل عمر الجاوي: أن الانتصارات التي حققها الشعب باستكمال الاستقلال السياسي لليمن في 30 نوفمبر زادت من اتساع نشاط الجماهير وطموحها إلى حمل السلاح والدفاع عن الجمهورية. وأوضح: “لقد تم الحصار مباشرة في أسبوع مهرجانات الاستقلال في محاولة لتفريغه من محتواه وضربه ضربة نهائية قبل أن يتمكن من أن يشكل قوة على نطاق الأرض اليمنية”. ثم شرح الجاوي بعضاً من أسرار القدرة الشعبية على الصمود والانتصار موضحا أن المقاومة الشعبية “غيرت ميزان القوى على النطاق الشعبي بالتزامها الدقيق بمبادئ 26 سبتمبر وعلى رأسها الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية والعنصرية والقبلية”. وأضاف: “ واتجهت حركة الجماهير في اليمن كلها إلى صنعاء العاصمة لتسند كل من يحمل السلاح فيها حتى النصر”.ورأى الجاوي أن قضية صمود الجماهير لم تتحدد بحمل السلاح والقتال، “بقدر ما كانت هذه القضية إحدى المظاهر الأساسية، إنما تحددت أيضا بصمود السكان في ظل الإرهاب والتجويع ورعب الدعاية”. ولفت إلى أن المقاومة اتخذت أكثر من أسلوب وطابع، فإضافة إلى حمل السلاح والتنسيق مع الجيش، والتمركز في المواقع، لعبت عمليات الحراسة والإسعاف والعمل الدعائي وغيرها من الأساليب النضالية دوراً مؤثراً في دعم صمود الجماهير. وأردف : « لقد قلبت القوى الجديدة كل الموازين التقليدية العسكرية في المنطقة.. وإذا قال الأقدمون أن (حدة) مفتاح صنعاء، وان من يحتلها يحتل العاصمة، هذا صحيح جدا قبل 26 سبتمبر، أما بعدها بخمس سنوات فقد تغير الموقف تماما.. لقد بقي الجلاد محمد بن الحسين 40 يوماً في (حدة) ولم يفتح صنعاء وطُرد منها”.واختتم المغفور له المفكر والمناضل عمر الجاوي مقاله بجملة أورد فيها بتكثيف شديد خلاصة مقاله، فقال: “إن تجربة السبعين يوما أثبتت بما لا يقبل الشك انه من الصعب القضاء على مكاسب ثورة 26 سبتمبر، لأنها كامنة في نفس الجماهير”. [c1]من شهداء الثورة[/c]تحت توقيع “سعيد” وهو الكاتب والمناضل الوحدوي الكبير سعيد الجناحي، تضمن إصدار “26 سبتمبر” الصادر عن صحيفتي “14 أكتوبر” و”الثوري” تخصيص صفحة بعنوان “من الأرشيف.. شهداء الثورة” تم فيها تقديم سيرة ذاتية مكثفة عن بعض شهداء الثورة اليمنية الواحدة. وتزينت الصفحة بسيرة عطرة ملؤها البطولة والفداء وبصور نضرة لكل من الشهداء الخالدين: المساعد قائد سعيد صالح الذي ولد في يافع واستشهد ببطولة وهو يدافع عن الجمهورية في رازح في 19 ابريل 1964م، والملازم عبدالرحمن الجرموزي الذي ولد في صنعاء عام 1945م واستشهد أيضا وهو يقاتل ببسالة في معارك الدفاع عن الثورة في رازح في 17 ابريل 1964م، والملازم أول احمد عبد الوهاب الآنسي الذي ولد في قرية النادرة ولاقى ربه شهيداً بطلاً وهو يدافع عن الثورة والشعب في معركة “الازرقين- همدان” في 12 فبراير 1968م. الرحمة والاجلال والخلود للراحلين المناضلين الذين شاركوا في إصدار وتحرير ذلك الإصدار المتميز “26 سبتمبر”، والأمنيات بالصحة والسعادة وطول العمر ومزيد العطاء للأحياء منهم وعلى وجه الخصوص المناضل الوحدوي سعيد الجناحي أطال الله في عمره