الفلسطينيون يقاومون .. والعرب يصرخون والقادة يتفرجون .. هذا المشهد الأليم كان حاضراً أمامي فجر أمس الأول وأنا أقلب بصري على الفضائيات .. صور تصرخ بالدم والنار والدخان .. ومئات الدبابات الصهيونية تحاول اجتياح مدينة لن تنكسر يوماً ولن يسلم أهلها الراية .. غزة مدينة لا تنام ونحن نيام.قبل أكثر من أسبوع كان القصف الجوي ونحن نتفرج .. أشلاء من أجساد الأطفال تتطاير ونحن نتجمهر .. شهداء من خيرة الرجال والنساء يسقطون مضرجين بالدماء ونحن نصرح وقادتنا الطيبون الغيورون على عروبتنا وإسلامنا وفلسطين يتبادلون توجيه التهم إلى بعضهم، ومنهم من ذهب إلى مساواة الجلاد بالضحية، بل إن أحد المسؤولين برأ الجلاد وأتهم الضحية لأنها “تطلق صواريخ”.عبارات غير متداخلة .. وسطور مبعثرة تملكتني وأنا أكتب وعيوني تسكب دماً وليس دموعاً .. لأن المشهد أكبر من أن أكتب حوله وعليه.ولكن ما لم يعرفه بعض القادة أن المقاومة الفلسطينية صامدة وستصمد بإذن الله أمام الطائرات والدبابات والبوارج الإسرائيلية والمذابح الوحشية بحق شعب لا ذنب له إلا أنه يريد الحياة بكرامة وحرية وأن يزرع الزيتون في أمان.بالأمس أبكاني مشهد الأب الذي حمل أطفاله الخمسة وهم شهداء .. في لحظة واحدة أب يفقد خمسة من أبنائه .. واليوم مشهد شعب بكامله يقاوم بأسلحة بدائية وخفيفة آليات ضخمة ومتنوعة وحديثة من الأسلحة.. شعب لم يعد يهمه في الدنيا غير الشهادة أو وطن حرَّ.نفس الشعب ولو تذكرنا وعدنا إلى التاريخ سنقرأ أن أجداده في “عكا” شقيقة غزة التي تحترق وتقاوم اليوم، هزموا نابليون بونابرت وحملته الفرنسية التي تحطمت على أسوار مدينة “عكا” بعد أن احتلت هذه الحملة وجيوشها عواصم عربية فسد حكامها وجنوا عن حمايتها .. كان صموداً أسطورياً تتكرر مشاهده اليوم في غزة .. أطفال ونساء وشيوخ سبقوا الرجال إلى مقاومة المحتل .. المنازل تصرخ ولكن ليس بالبكاء بل بالمقاومة وبكل ما تملك من أدوات المقاومة .. عشرات من القتلى الصهاينة دفعوا وبعدهم المئات سيدفعون ثمن ما ارتكبوا بحق غزة من مذابح لم تستثن أحداً حتى الرضع من الأطفال.أما نحن العرب والمسلمين فعلينا ألا نبرح مكاننا أمام الفضائيات لنشاهد أسطورة شعب فلسطين.وأقسم بالله وكما قال فخامة الرئيس / علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية ذات يوم في مهرجان جماهيري : “لو كانت لليمن حدود مع فلسطين لعبرنا أطفالاً قبل الرجال للجهاد مع إخواننا في فلسطين حتى يعود ميزان العدل إلى مكانه”.إن شعبنا اليمني ومنذ اللحظات الأولى للعدوان الهمجي الصهيوني على شعبنا العربي المسلم في غزة لم يعرف ساعة منام، وهب بكل فئاته للتنديد والشجب عبر مظاهرات ومسيرات عمت كل أنحاء الوطن وقدم الغالي وما يملك من مال ومساعدات لدعم مقاومة شعبنا في غزة .. وكان مشهد الأطفال وهم يقدمون مصاريفهم اليومية مؤثراً ويعبر بكل صدق عن تضامن شعبنا بكل فئاته مع أشقائهم في فلسطين.غزة أيها العرب لن تنكسر .. والتاريخ سيعيد نفسه اليوم فوق أرض غزة .. تاريخ “عكا” وحملة نابليون!!
غزة لن تنكسر
أخبار متعلقة