سؤال يجيب عليه الخبراء :
القاهرة/ 14اكتوبر/عادل دسوقي : في خريف العمر عندما تطول بالإنسان السنون في بلادنا العربية فإن هذا يعني بالتبعية أن تقل درجة حرارتنا ورغباتنا وربما نصل إلى درجة ما تحت الصفر، وأهم هذه الرغبات وأولها الرغبة الجنسية ، فيكون على الإنسان أن يهجر الدفء والعلاقة الحميمة إلى حيث صقيع الوحدة .لقد ارتبط سن المعاش في بلادنا بلملمة لكل شيء .. بدءا من ملفات ذلك المكتب المهجور وانتهاء بالعواطف التي يتم تكميمها أو على الأقل وضعها في الأرشيف ، حيث تتخذها العناكب أعشاشا .. حينها إن كنت رجلا .. فسيطلقون عليك وصف الرجل البركة وإن كنت سيدة فسيقولون عنك الست الحاجة .. هذا هو واقع المحال على المعاش في مجتمعاتنا ولكن الأسئلة على هذا الوضع كثيرة ، وأهمها هل الجنس صنو للشباب وعدو للشعر الأبيض؟ وهل لابد أن نعامل الكبار كخيل الحكومة فتضربهم برصاص الفجر؟ وهل عندما يفكر الشيخ الكبير في الجنس فإنه حتما يكون مصابا بداء التصابي وقلة الأدب والبجاحة : هل تفرض نفسها بقوة ولكي نجيب على هذه الأسئلة كان لابد من طرحها على أهل العلم والاختصاص .. خلال هذا السطور : يقول د. خالد منتصر استشاري الأمراض التناسلية والعقم بجامعة القاهرة : بالفعل فإن مرحلة سن المعاش لم تحظ باهتمام كاف من مجتمعاتنا على جميع الأصعدة على عكس ما يحدث في المجتمعات المتقدمة التي واجهتها ووضعتها تحت الميكروسكوب وأخضعتها للمعامل .. وقد فعلت ذلك كله حبا في الحياة ورغبة في السعادة حتى آخر نفس .. توصلوا إلى أن الجنس لا تصيبه التجاعيد ولا تقضي عليه السنون . وقد أطلق علماء الصحة الجنسية في العالم هذه الصيحة بعد أن تأكدوا من نتائج أبحاثهم .. فقد قاموا بدراسة تأثير السن بيولوجيا وسيكولوجيا على الأداء والسلوك الجنسي ووجدوا أنه بالنسبة للمرأة لا يعوق السن اهتماماتها الجنسية أو يقلل من حيويتها في هذا الاتجاه وذلك بشرط أن تكون صحتها العامة جيدة وما دامت غير مصابة بأحد الأمراض الخطيرة .. أما عن التغيرات الفسيولوجية المصاحبة لما بعد سن اليأس .. وهو ما يعتبرونه وصفا شنيعا ويطالبون بحذفه من قاموس حياتنا ، فإنها لا تظهر فجأة ولا يكون ظهورها بنفس الأسلوب والكيفية في كل امرأة .. وعن هذه التغيرات تقول د. هبة قطب أستاذة الصحة بكلية طب القصر العيني إنه بالنسبة للثدي فهو لا يزيد في الحجم عند الإثارة الجنسية على الرغم من احتفاظه باستجابته وحساسيته لتلك الإثارة كما هي عند الشابات الصغيرات ، أما بالنسبة للاحمرار الخفيف الذي يظهر على الجلد عند الإثارة أو ما يسمي بـ sex flush فهو لا يحدث بنفس التكرار أو بنفس الشدة كما يحدث لصغيرات السن ولكن هذا التغير أيضا يعد تغيرا شكليا ولا يؤثر بالتالي على الإحساس الجنسي . أما بالنسبة لتوتر وانقباض العضلات المصاحبة لقمة النشوة أو الأود جازمة فإنه يقل نظرا للنقص العادي الذي يحدث في طول العضلة وقوتها كلما تقدم العمر .. وبينما لا تتأثر استجابة البظر على الإطلاق فإن وظيفة المهبل تتأثر عن طريقتين : فتقل مرونة جدار المهبل مما يؤدي لتمدد أقل لهذا الجدار أثناء الإثارة الجنسية وبعدها عند الجماع وأيضا عن طريق البلل أو ما يسمي الشحيم الذي يحدث عادة في جدار المهبل نتيجة الإفرازات التي تحدث عند الإثارة الجنسية لاستقبال القضيب وهذه الإفرازات تبدأ بطيئة عما كانت عليه في الشباب مما يؤدي إلى بعض الجفاف في جدار المهبل وقد يسبب ذلك بعض المشاكل لكن هذه المشاكل من الممكن التغلب عليها بتناول جرعات من هورمون الاستروجين أو باستعمال بعض الكريمات والجيل ، وإن كان بعض العلماء قد توصلوا إلى عدة نتائج لها أهمية خاصة في السيدات الناشطات جنسيا فيما بعد سن اليأس .. يعانين بنسب أقل من هذا الانكماش والجفاف لوجود زيادة في نسبة الهورمونات المبطنة لجدار المهبل والتي تفرزه الغدة النخامية والتي تؤثر بدورها على هرمونات الأنوثة . [c1]يأس الرجال ![/c] يقول د.عادل راشد نوح أستاذ الخصوبة والعقم بجامعة الإسكندرية إن الأمر يختلف بالنسبة للرجل .. فالقدرة على الإخصاب عند الرجل بلا نهاية وليس لها سقف محدد يعمر أو سن لأن الرجل من الممكن أن يكون أبا حتى وإن احتفل بعيد ميلاده المائة وعلى الرغم من أن إنتاج الحيوانات المنوية يقل بعض الشيء بعد سن الأربعين فإنه من الممكن أن يستمر حتى التسعينات وبينما يتأثر هورمون التستوسيترون ( الهرمون الذكري ) وينخفض ببطء بعد سن الستين إلا أنا لا نفاجأ بهبوط حاد في الهورمونات الذكرية مثلما يحدث بالنسبة للهرمونات الأنثوية . ويضيف : ومن هذا المنطلق نستطيع أن نجزم أنه لا يوجد سن يأس عند الرجال ولكن يمكن استبدال هذا المفهوم ببعض الأعراض التي تؤثر في خصوبة الرجل ومنها الضعف والإجهاد وقلة الرغبة الجنسية والتوتر وهذه الأعراض تنعكس على القدرة الجنسية فيأخذ القضيب وقتا أطول في عملية الانتصاب ويميل هذا الانتصاب إلى أن يكون أقل صلابة عما قبل وتقل كمية السائل المنوي وكذلك قوة القذف . وتشير بعض الدراسات التي أجريت في هذا الشأن خاصة دراسة جورج وويلر التي وجدت أن معظم الرجال الذين شملتهم العينة ما بين سن السادسة والستين حتى وصلوا إلى عمر الحادية والسبعين لم تظهر عليهم أعراض فقد الشهية الجنسية وكذلك كن النساء في حالة استقرار جنسي طيلة هذه الفترة أيضا . وخلصت دراسات أخرى إلى أن الجنس مثله مثل ركوب الدراجة متى تعلمته فلن تنساه إلى الأبد هذه هي وجه النظر الغربية في الجنس بعد المعاش ولذلك فالشيوخ والعجائز هناك يصرخون بأنهم لن يقعوا أسرى متاهة استعمله أو أفقده .. في إشارة إلى أن عدم استخدام أعضائهم الجنسية لمدة طويلة يؤدي إلى انكماشها وضمورها تماما كما توضع قدم في الجبس لمدة طويلة ... و قامت في الغرب حركات احتجاج واسعة ضد بيوت المسنين والتي لا تسمح بغرف تجمع بين أزواج منهم وكانت هذه الصرخات الاحتجاجية تنادي بشعار بيوت المسنين ليست سجونا للمسنين . ويعد ذلك أسلم الحلول وأفضلها من وجهة نظرهم لكي يتغلبوا على الوحدة القاتلة •• فكيف نتحول في مجتمعاتنا العربية من مجرد ممارسة الحياة إلى فن أن تعيش؟