صباح الخير
يبدو من مؤشرات صعود أسهم النظام الرأسمالي في الولايات المتحدة الأمريكية أنها قد بلغت ذروتها، حيث وصلت إلى أقصى مستوياتها من الارتفاع .. وعلمياً يعني ذلك أنه تبدأ مرحلة الانكسار والهبوط وهذه حقيقة علمية ثابتة لايمكن تجاوزها أو تجاهلها، حيث إننا نرى الإضطرابات التي يشهدها النظام الاقتصادي والمالي الأمريكي من هزات كبيرة يتعرض لها من المنافسة الشديدة والإفلاس و هبوط قيم الأسهم العقارية وأسهم أهم البنوك المصرفية وشركات التأمين العالمية ومحاولة التدخل الحكومي لإنقاذ ما يتعرض له من انهيارات في السوق المالية. وتصريح وزير الخزانة الأمريكية يؤكد صحة تلك الانهيارات والمطالبة بسرعة التدخل الحكومي والذي وصف ذلك التدخل بأنه «عملية انقاذ ووضع حل سريع ومؤقت».بمعنى أنها عملية ترقيعية مؤقتة ولابد من إجراءات لتغيير النظام والقوانين المالية السائدة كونها اصبحت لا تلبي حاجات ومتطلبات التطور والنمو الاقتصادي الراهن .. حيث أصبح النظام المالي الحالي متخلفاً كثيراً وبحاجة إلى التغيير والتطوير مما يؤشر إلى الأزمة القائمة التي تعصف بالنظام الرأسمالي الأمريكي وتشكل تهديداً قوياً لاقتصاديات الشعب والنظام السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة والاقتصاد العالمي عامة، ومما تتطلبه الضرورة محاولة الإنقاذ حتى لاتتحول إلى زلزال يؤدي إلى أنهيار النظام السياسي والاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية، خصوصاً أن تجربة انهيار الاتحاد السوفياتي لاتزال ماثلة امامهم وما آل إليه كنظام سياسي واقتصادي الذي تمر الولايات المتحدة الأمريكية اليوم بمراحل يمكن أن تكون مشابهة لتلك التي مر بها الاتحاد السوفياتي قبيل الانهيار، حيث يأتي هذا بعد انهيار أسطورة القدرات والإمكانيات الأمنية الكبرى لحماية الشعب والأراضي الأمريكية بتلك الترسانة العسكرية والتكنولوجية المتطورة التي تشكل منظومة الدفاع والأمن القومي للولايات المتحدة لأمريكية والتي تم اختراقها بكل بساطة وسهولة في أثناء أحداث 11 سبتمبر 2001م بضرب البرجين التجاريين في القلب الأمريكي وأحدثت إصابات بالغة مادية ونفسية قُتل فيها عدد كبير من الموظفين، حيث لم تتمكن تلك المنظومة الأمنية من تحقيق أهدافها في الحفاظ على سلامة المواطن الأمريكي وأراضيه فكان الاختراق بأسلوب بسيط جداً وليس بذلك الحجم الذي جهزت من أجله المنظومة الدفاعية الأمنية للأمن القومي الأمريكي.. فعدم مقدرة تلك المنظومة على ضبط وحماية الأمن القومي الأمريكي من عمليات بسيطة فكيف لها القيام بالمهام الخاصة بحماية الأمن القومي الأمريكي أمام عمليات كبرى؟ فالفشل أمام العمليات البسيطة يعني بالتأكيد الفشل أمام ماهو أكبر من حيث التعقيد والتقنية والشاطر لايقع في الأخطاء البسيطة كما أن الفشل والخسائر البشرية والمادية للقوات العسكرية الأمريكية في العراق وافغانستان التي تتكبدها يومياً الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من خمس سنوات تمثل أعباء على الاقتصاد الأمريكي بالإضافة إلى غزو الصناعات الصينية المقلدة للأسواق الأمريكية والتي ضربت السوق التجارية الأمريكية وكذلك بروز النمور الآسيوية في السوق الدولية بشكل قوي ومنافس رغم قلة مواردها من المواد الخام التي تتطلبها الحركة الصناعية واعتمادها على نجاحها في عملية تطوير التنمية البشرية وإدارتها بصورة علمية وتنمية متطورة بتحقيق الإرادة والتي مكنتهم من الوصول إلى مستوى عال من المنافسة الصناعية ووصولهم إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى في العالم .. انها فعلاً الحركة الكونية الجديدة التي تشهد التطور والنمو بالاستيعاب والاندماج مع حركة التغيير والتطوير والتجديد.وفي ظل هذا التغيير والتطوير يصبح موضوع البحث عن «الموقع» على منطقتنا العربية «من الإعراب» في غاية الضرورة والأهمية أين يكمن؟ فيمكن أن نكون فاعلين ونتمكن من استيعاب متطلبات الواقع الذي تفرضه ضرورات الحياة الاقتصادية والمعيشية وتفهم حاجتنا في المنطقة العربية وإحداث تغيير وتطوير لواقعنا العربي المستهلك للمنتجات الأجنبية بمختلف مصادرها والذي مازال حتى يومنا هذا «مفعولاً به» بالاعتماد على كل شيء صنع في الخارج بما في ذلك المواد الغذائية الأساسية ولهذا يظل الخارج سيفاً مسلطاً على رقاب أمتنا العربية وبرأسمالنا وثرواتنا العربية المبيعة بابخس الأثمان.نتمنى من القادة والساسة في جميع أقطارنا العربية الاستفادة والاستيعاب والاندماج في هذا الواقع الجديد والذي يحتاج إلى إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاستثمارية وإعادة الاهتمام بالداخل العربي من خلال التركيز على تطوير التنمية البشرية وبناء القواعد الصناعية وتحويل الرأسمال العربي إلى البناء والتطوير في المنطقة العربية لإنعاش الواقع العربي وانتشاله مما هو عليه الآن حيث إن لدينا من المؤهلات الكثير لقيام الصناعات المختلفة التي تجعل منطقتنا العربية في مصاف القوى الصناعية المتنافسة كما هو حال دول الشرق الآسيوي.وحتى لانقف متفرجين في الوقت الذي تهب الرياح لتعصف وتدمر وتغير في مناطق مختلفة من العالم وعند وصولها إلينا ندس رؤوسنا في التراب وبعد الانتهاء نفيق وقد انتهى كل شيء، فنحن نحتاج لبناء ذاتنا والحفاظ على ثرواتنا وأموالنا قبل فوات الآوان إلى الإرادة والإدارة العلمية الصحيحة الواعية القادرة على الإرادة.والله الموفق