بين الاختـيار والاضطـرار
القاهرة / 14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية : بعض الرجال لا يجدون حرجاً في مساعدة زوجاتهم في شؤون البيت ، وآخرون يجدون أنفسهم مضطرين لذلك ، بحكم عمل الزوجة أو مرضها ، لكن الغريب أن يدمن بعض الرجال القيام بدور المرأة في طهي الطعام أو غسيل الملابس ، وليصبح بمرور الوقت رجلاً بدرجة ست بيت.. وفي السطور التالية نتعرف على عدد من التجارب الطريفة لرجال اختاروا أو دفعتهم الظروف للقيام بهذا الدور .محمد عبد العليم “موظف” يقول : منذ بداية زواجي رحت أتعاون مع زوجتي في بعض أعمال المنزل الخفيفة تعبيراً لها عن حبي ، وأن الحياة الأسرية تنجح بالمشاركة والتفاهم ، وازداد هذا التعاون بعد أن حملت بطفلنا الأول وتحذير الأطباء من خطورة الحركة الزائدة والمجهود بسبب سوء وضع الجنين ، وكنت سعيداً بأداء واجباتها حتى أنجبت لكن عندما حاولت التراجع بعد ذلك لم استطع فبعد الولادة ظلت هي ومولودها معاً بحاجة للرعاية ، ووجدتني مضطراً للقيام بكافة الأعمال المنزلية بالإضافة لرعاية الطفل بعد أن حملت مرة ثانية وتفرغت لرعاية الطفلين لأصبح أنا ست البيت المسئول عن بقية الشئون الاخرى.أما الزوج “على. س” فيؤكد أنه تحول إلى ربة منزل بمحض إرادته حيث فقد وظيفته التي كان يعمل بها وفشل في الالتحاق بوظيفة أخرى فقرر هو وزوجته الموظفة أن ينتظر فترة قبل أن يعاود البحث عن وظيفة أخري على أن يجتاز بعض دورات تعليم الكمبيوتر تؤهله لوظيفة جيدة ، وفي هذه الفترة وجد في أعمال المنزل ورعاية الأطفال ما يشغل به أوقات فراغه فداوم على إنجازها ، حتى بعد أن التحق بوظيفة جديدة وأصبح هناك ما يشبه الجدول في تقسيم أعباء المنزل من تجهيز الطعام وغسيل الأواني والملابس وشراء مستلزمات المنزل يلتزم به هو وزوجته دون أدني حرج.ويروي الزوج “حسن كامل” تجربته فيقول : ما حدث كان خطأ مني منذ البداية وعلي أن أتحمل نتائجه ، فقد تقدمت للزواج بها وهي ما زالت طالبة في الجامعة ، فأصرت علي أن تنتهي من دراستها قبل الزواج ، ولكني أقنعتها بأن نتزوج أولاً على أن تكمل دراستها ووعدتها بأن أساعدها في كل أعمال المنزل حتى تتفرغ لذلك ، وبالفعل تزوجنا ، وما أن انتهى شهر العسل حتى تفرغت تماماً بسبب إقتراب موعد الامتحانات فنفذت وعدي لها وقمت بدورها كربة منزل بالإضافة لعملي ، وانتهت الامتحانات واجتازت العام الدراسي بتفوق وعادت للأعمال المنزلية ومرت ثلاثة أشهر - هي عمر الأجازة الصيفية - بسرعة البرق لتبدأ الدراسة مرة أخرى وأعود لعملي كربة منزل لعام دراسي جديد.ويرفض الزوج “سيد مرعي” معيد بجامعة الأزهر أن يطلق عليه لقب ربة منزل ويقول : كانت زوجتي الابنة الوحيدة في أسرة مكونة من الأب والأم وثلاثة أشقاء وعندما تقدمت للزواج بها طلبت تأجيل ذلك ، باعتبارها المسئولة عن شئون بيت أبيها نظراً لمرض والدتها ، فاحترمت تقديرها لأسرتها وزاد إصراري علي الزواج منها ووعدتها بألا أكون عائقاً أمام رعايتها لهم وبالفعل ظلت تقسم وقتها بين منزل الزوجية ومنزل أسرتها ، حتى أنعم الله علينا بنعمة الإنجاب لتبدأ المشكلات تعرف طريقها إلينا ، فهي لا تستطيع اصطحاب طفلنا حتي لا تزعج والدتها المريضة فأصبحت أرعاه كي لا يعوقها عن رعايتها لوالدتها وحتي الآن أقوم بأعمال المنزل ورعاية الطفل ولكن ليس هذا معناه أنني أصبحت ربة منزل ولكنها محاولة للتأقلم مع ظرف معين ، حتي لا نخل بحقوق آبائنا علينا.ويؤكد الزوج “علي حسن” أنه بحكم طبيعة عمل زوجته في أحد البنوك فانها لا تعود للمنزل إلا في وقت متأخر وهي منهكة ، ولا تقوي على أداء أعمال المنزل فأقوم بها نيابة عنها طواعية وليس رغماً عني بل إنني أجد في ذلك ما يسليني ، مثل أي هواية أخرى يمارسها الإنسان لكسر حاجز الملل الذي يحيط بي أو التخلص من روتين الحياة اليومية ، وهذا أفضل من الجلوس في المقهي أو إضاعة الوقت فيما لا يفيد.وعن رأي الشباب في القيام بدور ربة المنزل يقول محمد الغنيمي “ليسانس آداب” : تعودت الاعتماد على نفسي في إعداد الطعام وغسيل الملابس منذ أن كنت أدرس بالجامعة وأعيش بعيداً عن أسرتي ، وكانت هذه الفترة كافية لأصبح ست بيت ممتازة وعندما أتزوج ربما أشعر بالحنين لأيام العزوبية فأدعو زوجتي على عشاء من صنع يدي أو أساعدها في بعض الأشياء الأخرى من باب الحب ولكن على ألا يتحول ذلك إلي واجب يتحتم علي القيام به.ويرى محمد علي محمد “ضابط أمن خاص” أن معاونة الزوج لزوجته هي نوع من أنواع الدعم النفسي للزوجة ليثبت لها أنها ليست مجرد خادمة في المنزل مهمتها إعداد الطعام وتنظيف البيت فقط وأنه يشاركها في أعمالها.أما إكرامي فتحي “طالب” فيقول: التعاون بين الزوجين ضروري جداً وخاصة لو كانت الزوجة تعمل ، وعن نفسي عندما أتزوج لن أتردد في معاونة زوجتي على تحمل مسئولية المنزل والأطفال والعمل لأن في هذا إجحافاً وظلماً ، فهي مسئولية شاقة ويكفي رعاية الأبناء لذا جعل الله الجنة تحت أقدام الأمهات .[c1]العطاء المتبادل[/c]وعن رأيه في مساعدة الزوج لزوجته في أعمال المنزل يقول د. محمود أبو زيد أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر : الزواج مشاركة بين الزوج والزوجة لبناء أسرة علي أساس سليم ولا شك أن العطاء المتبادل والتعاون من أساسيات نجاح الحياة الأسرية واستقرارها فلكل من الزوجين دور في الحفاظ على الكيان الأسري ، وخاصة بعد أن خرجت المرأة للعمل فأصبح التعاون بين الزوجين ضرورياً ، ولابد أن يعي كلا الطرفين أن هدفهما هو تكوين أسرة ، وهذا لن يتحقق إلا بالجهد المشترك القائم على التفاهم والود.ويضيف د. أبو زيد : ومعاونة الزوج لزوجته في بعض شئون المنزل لا تقلل من مكانته كرجل ، فالزوج يعمل والزوجة كذلك ، ومن هنا أصبحت أعمال المنزل تمثل عبئاً إضافياً على المرأة يجب أن يحمله الزوج معها ، فالحب ليس بالكلمات فقط ، وإنما بالأعمال أيضاً فذلك أدعى إلى تدعيم أواصر العلاقة الزوجية.[c1] وصايا الرسول[/c]وعن رأي الدين في ذلك يقول الشيخ منصور الرفاعي عبيد بوزارة الأوقاف المصرية : إن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو القدوة في كل أعمالنا ، وقد كان يعاون أهله في كل الشئون المنزلية دون تكبر أو تعنت فكان إذا عاد إلي المنزل دخله مبتسماً ، وهناك روايات عديدة تقول بأنه كان يحلب الشاة ، ويرفأ ثيابه..فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الخلق إلي الله تعالى يساعد زوجاته في كل الأعمال المنزلية دون انتـقاص من قـدره كرجـل وكرسول بعـثه الله سبحانه وتعالى بالحق.ويضيف الشيخ الرفاعي والإسلام أوصانا بالتعاون خاصة بين الزوج وزوجته لأن هذا أدعى للتفاهم والحب ودعم الكيان الأسري ، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنه “ما أكرم المرأة إلا كريم ، وما أهانها إلا لئيم” ويقول في حديث آخر “خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي” فالخيرية هنا ناتجة عن مساعدة الرجل ولأهله والزوجة من الأهل ، وهذا يزيد من تماسك العلاقة الزوجية ، ويكشف عن مدي الحب الذي يكنه كل طرف للآخر.