من أرشيف الثورة اليمنية
يمثل حصار« السبعين يوما» اختبارا حقيقيا للثورة اليمنية والنظام الجمهوري الوليد في اليمن في بداياته الأولى..فقد مثل ملحمة بطولية استبسل فيها رجال الجيش والأمن والمقاومة الشعبية وتوحدت جهودهم الوطنية في صد مؤامرة الملكيين والمرتزقة ضد الدولة والجمهورية، تلك الأحداث والتضحيات الوطنية للرجال الشرفاء يجب تسجيلها اليوم بأحرف من نور . واستحضارها في ذكرى الثورة اليمنية تخليدا لبطولاتهم هو تذكير بمكانة الوطن والثورة والوحدة الوطنية في نفوس الأجيال التي قدمت أرواحها وجادت بأغلى ما تملك من اجل تحقيق تلك المكاسب وحمايتها من بعد.«14أكتوبر» تنشر شهادات وذكريات جديدة عن وقائع ملحمة السبعين يوما والعمليات العسكرية التي دارت رحاها في جبهات مختلفة وشارك فيها أبناء الوطن من شماله إلى جنوبه لفك الحصار عن عاصمة اليمن «صنعاء» ولتثبيت الثورة اليمنية ، وذلك بالاستفادة من وثائق ندوة توثيق تاريخ الثورة اليمنية التي نظمتها مطلع العام الجاري دائرة التوجيه المعنوي.. وللأهمية التاريخية نعيد نشر مقتطفات منها..[c1]خلفية تاريخية[/c]تعرضت العاصمة صنعاء خلال فصول مختلفة من التاريخ إلى الحصار ونهب الممتلكات وخراب البيوت وقتل النفوس البريئة من سكانها سواء في فترات بسط نفوذ الخلافة العثمانية وسلطانها على اليمن، أو من قبل الأئمة الذين تمكنوا من إقناع القبائل الموالية لهم والمعتقدة فيهم بواجب المناصرة لهم وحقهم في الطاعة لهم ولنيل البركة والرضا بمناصرتهم.كما أن التنافس على الحكم بين الأئمة الذين يدعون لأنفسهم بالأحقية علما وقوة وسندا قد جعل العاصمة هدفا لكل طامع وطامح في الحكم من الأئمة يزحف عليها من قبل مناصري أولئك الذين يجدون أنفسهم أولى بالإمامة وأحق بحكم اليمن من الإمام في صنعاء ولا يردهم عن تحقيق طموحاتهم بالقتل والسلب والنهب للآمنين أي رادع ديني أو أخلاقي أو إنساني.. كما حدث الزحف الهمجي على ساكني صنعاء من قبل جحافل القبائل المناصرة للإمام أحمد ثأرا لأبيه من سكان العاصمة ومن كل من شارك أو بايع أو أيد ثورة 1948 أو ناصر الإمامة الجديدة التي أعلنتها ثورة1948/2/17م وبعد فشل هذه الثورة وبمباركة من الإمام احمد لاقتحام العاصمة صنعاء ونهب البيوت والمخازن والمتاجر وخراب البيوت وإفقار وتجويع وإخافة سكانها وإلحاق كل أشكال الإيذاء وصنوف الضرر بهم وإعدام العديد من العلماء والمفكرين والقادة السياسيين والعسكريين بمن فيهم أخو الإمام إبراهيم رئيس المجلس التشريعي للنظام الجديد للثورة .تلك الأحداث هي الأساس أو الخلفية التي نبع منها حصار صنعاء٫ التي سلكها كل الأئمة في إسقاط الإمامة في صنعاء والاستيلاء على الحكم.وملحمة السبعين يوما جاءت بعدما حاصر الإماميون مدينة صنعاء في أعقاب مؤامرة لعملاء الإمامة والاستعمار ضد ثورة سبتمبر المجيدة. [c1]المقدمات السياسية [/c]يقول المناضل العميد احمد علي حسين في ورقة العمل المقدمة إلى ندوة توثيق تاريخ الثورة اليمنية :”أنه لم يكن قيام ثورة 26سبتمبر وليد الصدفة وإنما كان امتدادا وتواصلا لنضال الشعب اليمني ضد حكم آل حميد الدين الكهنوتي المتخلف الذي بدأ منذ العشرينات حركة 1948 مرورا بانقلاب 1955 وصولا إلى الانتفاضات الشعبية ذات الطابع الفلاحي والمظاهرات الطلابية والعمالية في البلاد والتي بمجملها تعبر عن سخطها الشديد واستنكارها ظلم النظام الملكي القائم حينذاك.ولم يكن قيام ثورة سبتمبر أيضا معزولا عن المتغيرات الدولية، والعربية منها بالذات على الرغم من العزلة الرهيبة التي كان قد فرضها النظام الملكي على البلاد».ويشير إلى خطة الملكيين لاحتلال صنعاء فيقول:” كانت خطة عسكرية محكمة لاحتلال صنعاء من قبل الخبراء العسكريين الأجانب وعلى رأسهم الجنرال(كوندا) وهو أمريكي الأصل ومسئول المخابرات المركزية الأمريكية في شبه الجزيرة العربية إضافة إلى خبراء عسكريين آخرين سينفذون الجوانب الرئيسية من الخطة العسكرية وقيادات الوحدات والمهاجمة والتخطيط لها بهدف تضييق الخناق على صنعاء المحاصرة وإجبارها على الاستسلام ومن ثم تصفية قوى الثورة والجمهورية بعد استنزافها عسكريا خاصة وأن القوى الرجعية والإمبريالية قد أقلقها كثيرا حسم الصراع المسلح في الشطر الجنوبي من الوطن لصالح الجبهة القومية في 30نوفمبر1967م».وأوجزت ورقة عمل المناضل حسين خطة الملكيين لاحتلال صنعاء عن طريق”التوسع في فتح معسكرات جديدة بصورة عاجلة لتدريب المزيد من المرتزقة الأجانب والعملاء المحليين المغرر بهم إضافة إلى وجود المعسكرات السابقة في (خميس مشيط) وغيرها وقطع الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية لصنعاء، واحتلال المرتفعات الإستراتيجية المطلة على العاصمة والقيام بالضرب المركز على المعسكرات والمطارات والمؤسسات الاقتصادية، والعمل على دفع القبائل المجاورة لصنعاء الى التمرد على النظام الجمهوري، وقطع التموين عنها وتنفيذ المرتزقة والعملاء لتفجيرات بهدف إقلاق السكينة داخل العاصمة”.[c1]الأسباب والدوافع[/c]ويتحدث المناضل عبد الله غانم أبو غانم عن دوافع وأسباب الحصار على العاصمة صنعاء قائلا :“بعد نكسة حزيران 1967م اتخذ قرار من القيادة المصرية بسحب جميع القوات المصرية المتواجدة في اليمن وبدؤوا الانسحاب على ثلاث مراحل :[c1]المرحلة الأولى :- [/c]انتشار القوات المصرية من المحور الشمالي الشرقي إلى مشارف صنعاء [c1]المرحلة الثانية :- [/c]بدء سحب بعض القوات المصرية إلى الجمهورية العربية المتحدة .[c1]المرحلة الثالثة :-[/c]الانسحاب النهائي للقوات المصرية من اليمن في منتصف أكتوبر 1967م .وقد وضعت خطة في ذلك الوقت على أن القوات اليمنية تحل محل القوات المصرية التي كانت في جحانة وبيت السيد وجبل الصمع والأزرقين وجبل النبي شعيب وحلت فعلا في هذه المواقع فعندما اتضح للقيادة اليمنية أن العدو يعد العدة لمهاجمة القوات اليمنية اتخذت قرار سحب القوات اليمنية من تلك الأماكن إلى مشارف العاصمة وتوزعت في أربعة محاور وتم وضع خطة دفاعية عن العاصمة ، وكان هناك تعاون كبير عندما يحصل ضغط على أي محور ويتم التعاون بين جميع المحاور وكان لسلاح المدرعات الدور الكبير في صد أي هجوم على جميع المحاور بقيادة محمد عبد الخالق/علي قاسم منصر قائد ( كتيبة2 ) مدرع وكذا الكتيبة السادسة مدرع المتواجدة في رسلان كان لها دور كبير بقيادة الأخ /محمد عبدا لله أبو لحوم فهي المغذية لأي موقع يطلب منها التعزيز وخاصة المحور الشمالي” . المناضل محمد سليمان يحيى [c1]اختبار حقيقي للثورة[/c]ويعتقد الدكتور حسن محمد مكي مستشار رئيس الجمهورية رئيس المجلس اليمني للسلم والتضامن أن الحصار الذي تعرضت له صنعاء لمدة سبعين يوما كان بمثابة الاختبار الحقيقي لرجالات الثورة ومفكريها ليعلم من يقف على قدميه ويثبت كثبات نقم وعيبان، ومن ينكص على عقبيه وتخور قواه فيستسلم وتهزم فيه روح الثورة والمقاومة .ويقول :”لم نجد لمثل هؤلاء بين صفوف الثوار والمقاومة مثيلا وإن وجد فقد لا يذكر وقد يكونوا واقعين تحت تأثير الإعلام المعادي الذي تبثه الدوائر الرجعية العربية والعالمية والذين انسحبوا إلى خارج الوطن والى بعض المحافظات، وبعد اندحار فلول الملكيين عاد هؤلاء إلى صفوف الثورة وقدموا عطاء متميزا لصالح النظام الجمهوري”.وتطرق مكي في ورقة عمله للندوة إلى بداية الحصار بعد الخروج المفاجئ للرئيس الراحل السلال من سدة الرئاسة بقوله :” تكالبت القوى الرجعية - حينها- ورأت أن خروج الجيش المصري من اليمن بعد اتفاقية الخرطوم بين مصر والسعودية تشكل فرصة ثمينة للقضاء على النظام الجمهوري وعودة أسرة حميد الدين ونظامها المتخلف إلى الحكم مرة ثانية”.وأضاف مكي قائلاًرجال القوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها المدرعة والصاعقة والمظلات والمدفعية والمشاة ورجال المقاومة الشعبية كانوا لهم بالمرصاد وبالتعاون مع المدنيين من أبناء صنعاء الشرفاء الذين كانوا سندا وعونا للمدافعين عن العاصمة صنعاء..وكان للمناضل الكبير الفريق حسن العمري دور في الصمود والمقاومة وكانت اجتماعات رئاسة الوزراء تكاد تكون يومية لإطلاع الجماهير على كل المستجدات على الساحة وشحذ الهمم في الصمود والاستبسال فكان العمري يجوب الشوارع بنفسه ويقود فصائل المقاومة الشعبية في أكثر من جبهة من جبهات القتال داخل العاصمة وخارجها لرفع المعنويات”.وأشار إلى دور الأشقاء في دول مصر والجزائر وسوريا العظيم في دعم الصمود وتحقيق الانتصار على الرجعية ومساهماتهم إلى جانب النظام الجمهوري فقد قدم الشريف بالقاسم وخطب في الجماهير بميدان التحرير ليؤكد دعم الجزائر وسلم شيكا بمبلغ مليون دولار لمواجهة العجز المالي وتوفير السلع الأساسية والذخائر.وأرجعت ورقة العمل عناصر نجاح ملحمة السبعين يوما من وجهة نظر المناضل حسن مكي إلى”صمود وبسالة القوات المسلحة والمقاومة الشعبية، فكان الجندي لا يهمه كم يقبض في الشهر بقدر ما يهمه الانتصار على الرغم من ضآلة ما كان يتقاضاه الفرد ، وكذلك شخصية الفريق حسن العمري وحزمه وشجاعته..ودور الإذاعة والموقف البطولي للعاملين فيها من كوادر وطنية مخلصة والتي كانت أحد أسباب ودعائم النصر بما قامت به من رفع المعنويات ودحض لأكاذيب الإعلام المعادي..بالإضافة إلى الدعم المادي والمعنوي لمصر الكنانة وسوريا والجزائر والعراق والاتحاد السوفيتي والصين”.[c1]المكانة التاريخية [/c]يقول المناضل علي محمد هاشم نائب رئيس هيئة الأركان رئيس عمليات المقاومة أثناء ملحمة السبعين “إن الأهمية التاريخية لملحمة السبعين يوما والتي يدرك الكثير من رجالنا أهميتها مثلت الخط الفاصل بين الملكية والجمهورية والنصر النهائي للنظام الجمهوري واستمرار الثورة التي حققت آخر انتصاراتها بالوحدة المباركة ودخلت مرحلة الثورة الدائمة للتعمير والتأهيل والتطوير وما كان لهذه الانجازات أن تتم لولا صمود السبعين يوما منذ نهاية شهر نوفمبر1967 وحتى فتح طريق صنعاء الحديدة في فبراير1968 سبعون يوما من الحصار والمعارك والانتصار حتى فشلت الملكية وانتصر الشعب.[c1]الحصار وخطة المواجهة[/c]أصبحت صنعاء في النصف الأول من نوفمبر 1967 جبهة داخلية متماسكة متفاهمة ترفع شعار(الجمهورية أو الموت) أمام أعدائها ترددها في الشوارع والمواقع ميكروفونات إدارة الشؤون العامة والتوجيه المعنوي للقوات المسلحة بحماس شد الجميع إليه وعبر الأثير تنقله إذاعة صنعاء إلى كل العالم وتحركت القيادة الجديدة إلى فتح مخازن الأسلحة ووزعت الذخائر على الوحدات وتم تسليح القوات المسلحة والمقاومة وبدأ التدريب الميداني في ساحات المدارس والوحدت وتحركت القيادة السياسية صوب العرب تؤكد الرغبة في السلام وتطلب العون من الإخوة في إيقاف هذا التآمر وتشهد العالم على عدالة القضية، وأن الشعب اليمني لا يطلب سوى امتلاك زمام أموره وخلق العلاقات الطيبة وحسن الجوار مع كل الإخوة والأصدقاء وكان التواجد الصيني والسوري في العاصمة صنعاء عاملا معنويا مشهودا ومثمرا. وجرى بعد ذلك الترتيب بعودة الفريق حسن العمري عضوا في المجلس الجمهوري بدلا عن الأستاذ احمد محمد نعمان وقائدا عاما للقوات المسلحة كما كلف برئاسة الحكومة بعد استقالة الأستاذ محسن العيني.إعادة قوات الصاعقة والمظلات والمدرعات ولواء النصر من طريق الحديدة - صنعاء إلى منطقة بني مطر لمواجهة المخطط الملكي الهادف إلى إسقاط صنعاء.[c1]توزيع القوات المسلحة حول العاصمة للدفاع عنها.[/c]قوات المدفعية والمشاة والمدرعات وطلاب كلية الشرطة لحماية مطار الرحبة والمطار الجنوبي والأزرقين.قوات الكلية الحربية وبعض الضباط والمشاة والمدرعات وكتيبة من لواء النصر لحماية نقم وبراش.مجموعة من المدفعية وسلاح المهندسين واللواء العاشر مع بعض الأسلحة المساعدة للحماية بين الحفاء والنهدين ومرتفعات عصر.[c1]الموقف العام[/c]المناضل محمد علي حسين النهمي الذي شغل رئيس العمليات الحربية في الجيش سابقا (1967) يتناول وضع القوات المسلحة والأمن خلال حرب السبعين يوما عام1967م بقوله:كانت قوات الملكية والمرتزقة تعتقد أن القوات الجمهورية في وضعها بعد انسحاب القوات المصرية ستكون لقمة سائغة وأنها ستقضي عليها في أقرب وقت ممكن..وما أن بدأ الهجوم على العاصمة صنعاء وأمطرت العاصمة بوابل كثيف من قنابل المدفعية حتى اشتدت عزيمة القوات المسلحة والشعب ووقفوا وقفة رجل واحد للدفاع عن العاصمة صنعاء عاصمة الجمهورية العربية اليمنية آنذاك”.ويستدرك قائلا:” انسحبت القوات المصرية وتركت فراغا كبيرا في القيادة العسكرية اليمنية سواء من الناحية العسكرية وإمكانياتها وقواتها البشرية أو من الناحية المادية..وكانت القوات اليمنية قليلة العدد والعتاد وموزعة على مواقع متباعدة عن بعضها البعض يصعب إمدادها والسيطرة عليها لصعوبة ووعورة الطرق.ويشير النهمي في ورقة العمل إلى خطة العدو بالهجوم على العاصمة صنعاء من عدة اتجاهات،ويقول : وضع أحد المرتزقة الأمريكيين الجنرال (كواندي) خطة الهجوم ذات وجهين.الوجه الأول الضرب السريع المكثف على مواقع إستراتيجية حيوية بصنعاء كالإذاعة والقيادة العامة ورئاسة الأركان وقصر السلاح ومحطة الكهرباء وغيرها.والثاني إرسال مجموعات مشاة لاحتلال المناطق المرتفعة، مع قطع الاتصالات بين الوحدات الجمهوري وتشتيت قواها. تدمير المراكز الاقتصادية مثل قصر السلاح ومخازن التموين الرئيسية لحرمان الجانب الجمهورية منها، عزل القوات العسكرية المتمركزة خارج العاصمة صنعاء والتقليل من فعاليتها ومنعها من دعم القوات المحاصرة.وتبين معلومات الورقة أن العدو كان لديه من الأسلحة والعتاد الأنواع الكثيرة منها مدفعية عيار 105مم و 155مم طويل المدى مدافع 75مم هاون أمريكي 120مم وانجليزي 81مم رشاشات عيار55بوصة وثلاثين بوصة وألغام متنوعة مضادة للدبابات وللأفراد صنع أمريكي وانجليزي. إضافة إلى الدعم المالي.وتذكر الورقة كيفية تمركز العدو في جبل عيبان وظفار يوم 8/ 12/ 1967 حيث تعرضت للضرب العشوائي بدون تمييز للمواقع العسكرية والتجمعات المدنية وقواتنا كانت مسيطرة على مواقعها الدفاعية فقد عجزت القوات الملكية من احتلال أي موقع دفاعي لا بالقوة ولا بالإغراء المادي من الذهب وكان لقواتنا الجوية السيطرة الكاملة لحماية المواقع الدفاعية.[c1]المحور الغربي الشمالي[/c]المناضل احمد صالح الصوفي الذي التحق قبل الثورة بالجيش وكان برتبة عريف في البرانية بقيادة صالح بن ناجي الرويشان أمير البيضاء وذلك في عام 1959 وحارب ضمن جيش نظامي محلي في الصومعة محافظة البيضاء وناطع ونعمان وحريب وذلك ضد الاستعمار والسلاطين حتى قيام الثورة عام 1962.يتحدث في ورقة عمل قدمها عن جبهة القتال في المحور الغربي الشمالي وتحديدا مهمة استعادة مدينة حريب التي سقطت في يد الملكية وشريف بيحان والاستعمار.ويقول :« اتجهت حملة من طريق رداع بقيادة وزير الإعلام الأحمدي وقتل الوزير في أبلح وفشلت الحملة وانضم الذين معه إلى صفوف الملكية ما عدا سرية مدفعية وسلاح متوسط بقيادة المقداد انضموا إلينا واستمرينا في التقدم وانضم إلينا الشيخ أحمد ناصر الظفري التي كانت أبلح حدودهم القبلية وواصلنا التقدم بقيادة الشيخ احمد عبدربه العواضي وكل من جونة عبدربه العواضي وصالح المجاهد ومحمد عبده نعمان وجبر بن جبر وناصر الأحرق ومحمد أحمد العواضي وأحمد سالم”.ويسترجع المناضل الصوفي أحداث بعض المعارك لدحر الحصار عن صنعاء قائلا”كانت الكتيبة الثالثة من لواء الوحدة بقيادة الرائد علي صلاح آنذاك تدافع عن حجة المحاصرة ودعيت إلى اجتماع في قيادة لواء الوحدة بعصر وبرئاسة الفريق حسن العمري والمناضل عبد السلام صبره والشيخ عبدالله بن حسين الاحمر والمقدم مجاهد أبو شوارب وكلفنا بذلك وقادة الوحدات قاموا بدعمنا بالذخائر وعبد السلام صبره استعد لتموين الجيش الشعبي بقيادة أبو شوارب والأحمر وقمنا بتنفيذ الخطة وفتحنا الحصار وزودنا الأخ الرائد علي عبدالله صالح آنذاك بالأفراد وحمود عاطف بالجيش الشعبي الذي صمد صمود الأبطال في حصار حجة وتاريخه يعتبر الثاني بعد حصار صنعاء”.[c1]بطولة منقطعة النظير[/c]ويقول المناضل حسين صالح الخولاني في شهادته عن ملحمة السبعين يوما :« بالنسبة لوضع القوات الملكية فكان مخيفا لنا حيث تجمع قادتهم حول العاصمة وتم توزيعهم على النحو التالي : 1 - المحور الشرقي بقيادة / قاسم منصر 2 - المحور الغربي بقيادة / احمد بن الحسين حميد الدين 3 - المحور الشمالي بقيادة / علي بن إبراهيم حميد الدين 4 - المحور الجنوبي بقيادة / محمد بن الحسين حميد الدين و ناجي الغادر و قاسم سقل.. ومع كل محور عدد من الخبراء العسكريين الأجانب المرتزقة للعمل على المدفعية الثقيلة والمعقدة , وكانت توقعات القوة المعادية نتيجة للقصف الشديد بالمدفعية طويلة المدى من عيار( 155 م ) و (105 م) و (120 م) على صنعاء انهيار معنويات قواتنا جراء الجوع والخوف وشدة الحصار إلا أن الصمود والثبات لقواتنا ومواطنينا خيب آمال قادة الملكيين وجنرالاتهم المرتزقة وقواتهم التي يزيد عددها على أربعين ألف شخص أمام قواتنا التي لا تتجاوز أربعة آلاف مقاتل بمن فيهم المقاومة والجيش الشعبي”.[c1]وقائع الكتيبة الأولى [/c]من ناحيته يقول العميد محمد اليناعي :«كانت جميع القوات تتحلى بمعنويات عالية جدا وكانوا ا لا يهابون الموت برغم قلة الإمكانيات وعرقلة الطلبات من البعض في صنعاء إلا أننا اجتزنا تلك المرحلة بصبر وتضحية كبيرة وصمت وكنا لا ننتظر شكرا من احد حتى جاء يوم النصر الكبير».ويتحدث عن دور كتيبته في تأمين موقع تبت العرة (شمال العاصمة ) بقوله : “لو حصل -لا سمح الله - احتلال لتبة العرة لتم احتلال جميع المواقع المحيطة بها من جميع الجهات وهذا بشهادة الجميع ولكن كان الدفاع من قبل كتيبة لواء النصر دفاعا مستميتا ولم ينجروا إلى الإغراءات التي كانت تعرض عليهم من المرتزقة ومن يعاونهم فكان الرفض التام ودحرهم وهزيمتهم شر هزيمة... حيث تسلمت أمر احتلال العرة من المقدم حسين المسوري قائد سلاح المشاة في 6 /12 /1967م”. [c1]جبهة الأزرقين[/c] يتحدث إلى (14أكتوبر) المناضل العميد احمد علي حسين عن دوره في ملحمة السبعين يوما ضمن قوات الجيش فيقول”كنت في موقع الأزرقين وهو أبعد موقع عن صنعاء، فحركة السبعين حركة وطنية شارك فيها كل أبناء الوطن شمالا وجنوبا شرقا وغربا ومن كل فئات الشعب وكانت تعتبر من المعارك المقدسة ولولا هذا التحالف الوطني الواسع والكبير لما حققنا الانتصار”. ويضيف قائلا: “عند استشهاد الزميل احمد عبد الوهاب الانسي قائد نقطة الأزرقين تحملت المسؤولية مكانه كقائد فرقة الموقع في 20/يناير /1968م وتحملت عبء القيادة وقمت بالهجمات المضادة والدفاع بالتعاون مع المواقع المجاورة حتى تم فك الحصار في مارس، فقبل نهاية مارس قمنا بمهاجمة موقع الملكيين بالتعاون مع الشيخ عبدا لله بن حسين الأحمر ومجاهد أبو شوارب القادمين من عمران حتى فككنا طريق صنعاء - صعدة وهنا انتهت العمليات العسكرية في مواقع همدان..لقد كان القتال مع الملكيين مستمرا وكنا مدعومين من قبل المقاومة الشعبية من الطلاب والعمال والتجار ومن كل فئات المجتمع اليمني الكل أسهم في فك الحصار ولكن ينبغي التأكيد أيضا على الدور الرئيسي الذي تحملته القوات المسلحة والأمن في ملحمة السبعين”.[c1]جبهة التحرير [/c]أما المناضل محمد سليمان يحي فيتحدث قائلا”نحن من جبهة التحرير والتنظيم الشعبي كنا في عدن ثم تحركنا إلى تعز وكانت لنا قيادة هناك والقائد هو سالم اسلم حيث دعونا إلى هناك تمهيدا للانتقال إلى نقيل جبل يسلح (جنوب صنعاء) بعد أن اجتمعوا بنا في تعز فاتجهنا إلى محافظة اب وهناك تحركت القبائل كل مجموعة إلى جهة حيث تحركنا نحن إلى نقيل يسلح وكل واحد منا يحمل سلاحه الشخصي فعند وصولنا إلى النقيل واجهتنا الأسلحة ولا حظنا الضرب علينا من كل جانب”.ويسترجع المناضل يحيى أنه كان ضمن المقاومة الشعبية عند جبل نقيل يسلح حيث كان لديه سلاح آلي نوع شميزر وأخذ يواجه المرتزقة وأعوانهم هناك حيث المواجهات هناك لم تهدأ إلا بعدما تم فتح الطريق من جبل نقيل يسلح بعد سقوط الكثير من الشهداء.[c1]الموقف الدولي[/c]المناضل حمود محمد بيدر في ورقته التي قدمها إلى ندوة توثيق الثورة اليمنية تناول في معرض حديثه عودته إلى الوطن في أول نوفمبر1967 بقوله :” وصلنا إلى مدينة الحديدة على الطائرة القادمة من القاهرة ومعنا القاضي عبد الرحمن الارياني والأستاذ محسن العيني وعدد من أعضاء الحكومة المعتقلة وعدد من القادة السياسيين والعسكريين الذين أجبروا على البقاء في القاهرة ودمشق وبيروت”.وتطرق المناضل بيدر إلى إعلان إذاعة صنعاء بعد منتصف الليل بإقالة المشير عبدالله السلال من منصبه .. اتصلت بالملحق العسكري الروسي العقيد نزار وف وطلبت مقابلته في سكنه بقاع العلفي ووافق فتحركت إلى منزل الملحق العسكري الروسي ومعي الأخ يحيى المتوكل والطيار محمد الديلمي كونهما درسا في روسيا ويجيدان هذه اللغة وفي منزل الملحق الروسي وجدنا في انتظارنا السفير الروسي كذلك رحما نوف وكان حديثنا مركزاً على نقطتين مهمتين هما أن الحركة كانت ضرورية وحتمية لإنقاذ الثورة والجمهورية اليمنية من الانهيار وأن قيادة الحركة على رأسها القائم بأعمال رئاسة الجمهورية المناضل القاضي عبد الرحمن الارياني، وأنه لا تغيير في السياسة اليمنية الخارجية وإن اليمن تمر بمرحلة صعبة ومعقدة كون حليف اليمن(مصر) قد انسحب كليا من اليمن على أثر نكسة يونيو التي سببها احتلال إسرائيل للأراضي العربية في سيناء والضفة الغربية والجولان وغزة بينما كان حليف عدونا من القوى الظلامية والرجعية والمرتزقة الأجانب الدوليين يقدمون لهم كل الدعم والمساندة من اجل إسقاط النظام الجمهوري”.. والنقطة الثانية هي«إننا كحركة تحرر وطني حاربنا الرجعية والاستعمار في وقت واحد ولن نسمح بعودة عقارب الساعة إلى الوراء وكما وقف الاتحاد السوفيتي مع حركات التحرر الوطني في العالم ومع العالم العربي في نضاله العادل ضد الاستعمار والصهيونية ومع الثورة اليمنية منذ اندلاعها فإن بلادنا اليوم في أشد الحاجة إلى المساعدة العسكرية السوفيتية فيما يخص مجال تشكيل القوة الجوية وإمداد الأسلحة والذخائر المختلفة”.وتشير المعلومات الذي كتبها المناضل بيدر في ورقة عمله إلى أنه “في 7نوفمبر عام1967 بدأت طلائع الجسر الجوي السوفيتي تصل تباعا إلى مطار الرحبة الدولي وهي محملة بمختلف المعدات العسكرية ومنها وصول طائرات ميج 17مقاتلة وطائرات اليوشن 28قاذفة مع بنزين الطائرات والزيوت والأسلحة والذخيرة اللازمة، وفي هذه الأثناء ارتفعت معنويات جنودنا في مختلف المواقع وبدأت تقوم بالإغارة على مواقع المرتزقة الأجانب والملكيين وغنمت الكثير من معدات العدو وأسرت الكثير من أفرادهم”.