الزميلتان أثمار هاشم وابتسام العسيري مع سكان المنطقة
استطلاع/ أثمار هاشم - تصوير/ ابتسام العسيريمخنق، ومشهور، والحجار، وادي مرخة مناطق حدودية تمتد مابين محافظتي عدن ولحج وتخلو من أي مظهر عمراني ويعيش سكانها في تجمعات سكانية صغيرة سقفها زرقة السماء الواسعة وتطأ أقدامهم رمالاً صحراوية حارة، منازلهم لا تعدو أكثر من أربعة أعمدة خشبية يغطي سقفها ونصف جوانبها من القماش أو الطرابيل النايلون وفي أحسن الأحوال تكون منازلهم عبارة عن شجرة جافة كثيرة الفروع.هؤلاء الناس الذين يعتبرون من مواطني الجمهورية اليمنية يعيشون ظروفاً غاية في الصعوبة حيث يصعب الحديث عنها أو وصفها لأن من يسمع أو يقرأ ليس كمن يشاهد بأم عينه فلا زال سكان تلك المناطق يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة الطبيعية إذ لا يصلهم الماء سوى مرة في الأسبوع عبر بوزة من صندوق النظافة بمحافظة عدن، وعدا ذلك فإنهم قد يظلون عطشى في هذا الحر ما يدفعهم في بعض الأحيان إلى الخروج وإيقاف السيارات المارة بالشارع العام بحثاً عن الماء.
الفريق أثناء نزوله في وادي مرخة
فريق صحيفة 14 أكتوبر زار هذه المناطق:برفقة جمعية الفردوس وعدد من فاعلي الخير حيث استمع إلى شكاوى الناس ومعاناتهم وبدوره يضعها أمام الجهات المسؤولة في المحافظة والدولة والحكومة لوضع المعالجات لها سريعاً لكون من يعيش في هذه المناطق هم يمنيون حيث قالتا الحاجتان شمعة وسرور نحن رعاة أغنام نعيش على ما تدره علينا أغنامنا فهي مصدر دخلنا الوحيد وقد نقضي عدة أيام بدون طعام وعندما يستبد بنا الجوع نأكل من أوراق الشجر أما الماء فيأتي مرة واحدة في الأسبوع فقط. وفي بعض الأحيان لا تتوقف البوزة في منطقتنا لتزويدنا بالماء.وأضافتا:لا نستطيع أن نذهب للعيش في المناطق الحضرية أو في منطقة البريقة لأنه لا مكان يأوينا هناك، كما أن الانتقال يتطلب مالاً لا نملكه ونريد من الدولة أن تهتم بنا وتحسن أوضاعنا، فنحن هنا منسيون ولا أحد يسأل عن احتياجاتنا.
بئر منطقة مشهور
بعد ذلك انتقلنا إلى منطقة أخرى بعد أن أعطيناهم بعض قناني الماء فتوجهنا إلى منطقة مشهور التي تحوي عدداً كبيراً من السكان يصل إلى حوالي (60) شخصاً أغلبهم من النساء والأطفال الذين تحلقوا حول الباص الذي كان ينقلنا وكان من بين اولئك الأشخاص امرأة مسنة أثقل الهم كاهلها كانت تحمل بإحدى يديها إناء للماء أنهمرت الدموع من عينيها وهي تقف أمامنا وتشتكي والعبرة تخنق صوتها أنها بدون ماء منذ عدة أيام وأن العطش يستبد بها في هذا الجو الحار.[c1]نقص في المياه[/c]الأخ/ محمد صالح عوض الذي يعتبر مسؤولاً عن منطقة مشهور وسكانها قال: هناك نقص كبير في المياه التي تصلنا عن طريق البوزة التي يصبها لنا صندوق النظافة بعدن مرة في الأسبوع.لذلك فإن بعض سكان المنطقة والذين تسمح لهم الظروف يذهبون لشراء الماء أما أغلبية السكان فيلجؤون للتنقل من مكان إلى آخر بحثاً عن الماء أو إيقاف السيارات المارة.وتابع قائلاً: نحن ناس لا نريد سلطة أو منصب مسؤول في الدولة كل ما نريده هو توفير الماء لنا والذي أن تم أطفال ونساء يحلمون بالدواء
أطفال بدون شهادات ميلاد
توفيره لنا حتى في بئر صغيرة فإنه سيكفينا ونتمكن كذلك من توفيره لسكان المناطق القريبة منا.. مستنكراً اهتمام السلطة باللاجئين الصومال الذي وصفهم بأنهم أفضل حالاً من سكان منطقة مشهور والمناطق المجاورة لها الذين لا يحظون بأي اهتمام من قبل الدولة.ولأننا لم نكن مسؤولين أو أصحاب قرار فيما يخص مطالب هؤلاء الناس اضطررنا إلى مغادرتهم ونحن نشعر بالأسف على الحال الذي هم عليه.
مسنة تبكي لعدم وجود ماء تشربه
محطتنا الأخيرة كانت في وادي مرخة التي يعاني سكانها من الأمراض المختلفة حتى أن إحدى النسوة سألتنا إن كنا نحمل معنا أي دواء يخفف آلامها التي تعاني منها، فيما كان أحد الأطفال يعاني من كسر في إحدى ساقيه وقد أخبرتنا والدته أنه كلما التأم كسر في مكان استجد كسر آخر في مكان آخر، هناك علمنا أن هؤلاء الناس لا يحملون شهادة ميلاد ولا يقومون بالختان لذكورهم وأنه بالرغم من عزلتهم وبؤسهم وافتقارهم للتغذية السليمة أو لماء الشرب فأنها يفاجئك أن تعلم بأنهم يحملون بطائق قيد انتخابية وأن قلة قليلة منهم يستلمون مبالغ مالية من صندوق الرعاية الاجتماعية فيما الأغلبية منهم لا يستلمون، ولكن ما لفت نظرنا هناك أن الأستاذ سعيد الذي كان برفقتنا والذي اعتاد زيارة تلك المناطق مرتين بالأسبوع أخذ على عاتقه مهمة تعليم أطفال وادي مرخة مبادئ القراءة والكتابة متخذين من ظل أحد الأشجار الجافة مكاناً للتعليم.الأستاذ/ سعيد هكذا يسميه الجميع يعمل مدرساً وإماماً وخطيباً لأحد مساجد محافظة عدن حدثنا عن علاقته بهؤلاء الناس قائلاً:
الحجة شمعة تشكوى إهمال الدولة لهم
بدأت علاقتي بهم قبل نحو أربع سنوات عندما كنت أقوم برحلة مع أفراد عائلتي واستوقفتني مجموعة من الأطفال في وقت متأخر من الليل وأنا أقود سيارتي وطلبوا مني أن أعطيهم ماء للشرب ففعلت ذلك وكنت أشعر بالقلق على هؤلاء الأطفال الذين يقفون في ساعة متأخرة لطلب الماء وعندما سألتهم عن السبب عرفت أنهم لا يجدون ماء للشرب فقمت بالتحدث مع بعض فاعلي الخير الذين ابدوا استعدادهم لمساعدة هؤلاء الناس كما قمت بالتواصل مع محافظة عدن فقام صندوق النظافة وتحسين المدينة بتقديم مساعدته المتمثلة في إيصال بوزة ماء مرة بالأسبوع إلى هذه المناطق وحالياً يتم حفر بئر في تلك المنطقة كتزويد السكان بالماء التي يتوقع أن يتم الانتهاء منها قريباً.[c1]جمعية ومعونات بسيطة[/c]من جانبها قالت الأخت/ سميرة نصر رئيسة جمعية الفردوس أنه سبق للجمعية أن زارت تلك المناطق وقدمت بعض المعونات العينية لهؤلاء الناس وحالياً تعمل الجمعية على وضع خطط لمحاولة إيجاد السبل اللازمة لتقديم الدعم والمساعدة لهؤلاء الناس وخاصة مياه الشرب موضحة أن تقديم الدعم لسكان تلك المناطق يحتاج إلى إمكانيات كبيرة تفوق قدرة الجمعية وبالرغم من ذلك فإننا سنحرص على إيجاد طريقة لمساعدة هؤلاء الناس.
ساق امرأة مصابة بمرض غريب
وأضافت نصر: أن الاضطرابات التي شهدها المجلس المحلي في مديرية البريقة حالت دون إيجاد حلول لأولئك الناس، لذا فإننا نجدها هنا فرصة لتوجيه نداء للخيرين لمساعدة هؤلاء الناس وبتوفير أبسط مقومات الحياة لهم.[c1]منسيون حتى الآن[/c]
الفريق داخل أحد المساكن
من المؤسف حقاً - بعد ما يزيد على أربعة عقود من استقلال المناطق الجنوبية ومضي عقدين من الزمن على الوحدة اليمنية أنه لا زال هناك أناس منسيون من قبل السلطة أو أنها تتناساهم عمداً ولا تتذكرهم إلا في الانتخابات، وتكثر ادعاءات المسؤولين بأنهم يقومون بتقديم الخدمات للمواطنين وإنفاق الملايين في مشاريع أو موازنات لم يحدث أن استفاد منها سكان تلك المناطق الذين يعيشون خارج الزمن، فعلى ماذا ومن تصرف تلك الملايين؟ وإلى متى سيظل أولئك الناس يعانون من تجاهل السلطات المسؤولة؟! ومن ينتشلهم من تلك الوضعية التي يعيشون فيها؟!