عن مدينة: (تشبه نفسها.. ولا يشبهها غيرها)
“عدن”.. مدينة عتيدة.. يصعب خداعها كما يصعب طمس ذاكرتها المليئة بالأحداث والصور، والذكريات المحفورة في جدار عتيد.. هو الآخر، وهو الآخر أكبر من أن يطمس أو يضاع.ببساطة لأنها عدن وهي لا تحتاج إلى سبب آخر أو مؤثرات زائدة على “كونها” وعلى “كينونتها” الملحة وقل إن شئت المالحة بلون العسل وطعم الفستق المحمص!!لأنها “عدن” مدينة لا تخدع ولا يخدع أهلها لأن بحرها يأبى ذلك. ومن يمكنه أن يخدع بحراً أو يقصم ظهر جبل محزم بالصهاريج؟!الذين مروا من هنا يدركون ذلك تماماً: أن هذه المدينة “لا تؤمم” بحال من الأحوال.وقد أممت التأميم يوماً، كما أممت من أرادوا تأميمها وعادت كما كانت دائماً.. عدن.والذين يراهنون.. بالأمس أو اليوم أو غداً.. على طمس ذاكرتها أو التفريض مجدداً، على عقلها وقلبها وفكرها وإرادتها والتفكير بالنيابة عن يمنيتها وأهلها، وتوجيهها بما تشتهي رياحهم العابرة، فإنهم لا يجيدون قراءة عدن من الغلاف إلى الغلاف!هذه المدينة: لا تؤمم، ولن تؤمم مجدداً.روحها تأبى ذلك، انتماؤها التاريخي/ الزماني والجغرافي/ المكاني يحول دون طحن هويتها.. أو إسكات بحرها اللاهج بأمواج يمنية تداعب خصلات شعرها الذهبي.. عند ساحلها الذهبي.ولأنها “عدن” ظل ويظل “ثغر اليمن” بساماً، على طول وعرض هذا الزمان .. وهذه الدنيا المتكسرة عند أقدام التاريخ وثغور الكون.التحالف مع عدن للمستقبل وللوطن ولخير ورفاه أبناء هذه المدينة وأحفادهم، هو وحده الممكن مصالحة معها، والسير معاً إلى “ما ينفع الناس ويمكث في الأرض”. ولن يفلح غير ذلك معها.هذه البلدة .. المدينة.. الثغر.. البحر.. الجبل.. الناس، وكل شيء فيها تأبى ويأبى أن يتملكها عابر سبيل، قال يوماً تحت سقفها، أو استظل بطيبة قلبها وبراءة أهلها من لهيب الشمس وحر الظهيرة، ولكنه أمم أحلامها فلفظته بعيداً عن صحوها العنيد وقلبها المسبوك من بحر وجبل!عدن مدينة نحبها .. أحبها وأحن إليها ملء دمي. وطالما همست في أذني، وغرست في ضميري صوتها السواحلي المخضب بلون العيدروس وصلوات الذاكرين “أحب من مني”!![c1]---------------* كاتب يمني [/c]