محمد صادق ديابفي صباح أحد الأيام من عام 2004 ظهر تمثال حورية البحر المنصوب على صخرة مطلة على مرفأ كوبنهاجن بالدنمارك بحجاب على الرأس، وقد كتبت عليه عبارة: «تركيا في الاتحاد الأوروبي». وقضية الحجاب في المجتمع التركي أوشكت أن تختزل كل تركيا وتصبح رمزا لها، فمنذ أن أسس كمال أتاتورك الدولة التركية الحديثة حرص على قطع علاقاتها مع ماضي الدولة العثمانية بكل ما احتواه ذلك الماضي من ملامح، حتى الطربوش ـ الاختراع التركي ـ الذي ظل لمئات السنين رمزا للدولة العثمانية ناله التغيير، وحلت محله القبعة، فمنع على الرجال استخدامه، كما منعت المرأة من ارتداء «الشرشف» ـ الغطاء التقليدي للمرأة في تركيا ـ الذي يغطي سائر أجزاء الجسم ما عدا العينين. واستمر المنع للحجاب في المدارس والجامعات وقاعات المحاكم والإدارات الحكومية، وإن كانت الكاتبة والروائية التركية يليف شافاك تشير في مقال نشر لها بصحيفة «الاقتصادية» قبل أسابيع إلى أن استطلاعاً للرأي أجري أخيرا في تركيا أظهر أن ما يقرب من 60 في المائة من النساء في تركيا يغطين رؤوسهن خارج منازلهن، وإن كانت الكاتبة لا ترى أن كل من تضع غطاء الرأس في تركيا تضعه لأسباب دينية.وتثير مسألة الحجاب في تركيا اليوم الكثير من الجدل بين العلمانيين الذين يلتزمون بالخط الذي رسمه أتاتورك للجمهورية التركية قبل 80 سنة، وبين المطالبين بالمزيد من حرية المرأة الدينية كحقها في الحجاب، خاصة أن أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم أقرب إلى وجهة النظر المؤيدة لمثل هذا التوجه، ففي زواج نجل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لم يظهر من العروس سوى الوجه واليدين، لكن الجدل الأكبر يرتبط اليوم بحجاب قرينة وزير الخارجية التركي عبد الله غل في سياق انتخاب زوجها المتوقع رئيساً للجمهورية، ففي الوقت الذي لا يتصور فيه العلمانيون وصول امرأة محجبة إلى القصر الرئاسي تمضي السيدة خير النساء غل إلى ابتكار شكل جديد لحجابها يرضي الكل؛ من الأكثر انفتاحا إلى المحافظين؛ كما يقول المصمم الشهير اتيل كوتو غلو، الذي أسندت إليه مهمة تصميم ثياب وحجاب زوجة الرئيس القادم.. فهل سيفض مصمم الأزياء حالة الاشتباك في تركيا بين الحجاب والسياسة؟![c1]* نقلاً عن/ صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية[/c]
الحجاب والسياسة
أخبار متعلقة