صبـاح الخـير
من المتفق عليه في كل الدراسات والبحوث الاستراتيجية وغير الاستراتيجية, العربية والعجمية, الهندية والصينية، المحلية والمستوردة أن النساء هن المستحوذات على مهنة التسوق في كل أصقاع الأرض، فالنساء شئن أم بين أصبحن "الصفحة البيضاء" التي تتزاحم الأقلام والكاميرات للرسم عليها صورة نمطية لارتباط المرأة بالتسوق وهوسهن بالشراء والفرجة.ولكن يبدو أن النساء أعدن النظر في حساباتهن وأصبحت لهن قناعة وآراء وأفكار متعلقة بالأسلوب العصري للتسوق.والنساء هن نصف المجتمع، وبالتالي فان تغير نمط الحياة سيساهم في رصد تغيير نمط حياتهن. فالوعي قد انتشر في المجتمعات بأهمية التعرف إلى السلع والمنتجات والخدمات المعروضة من خلال التلفزيون والبروشورات والصفحات الإعلانية، وعقد مقارنات بين موديل وآخر، خاصة أن السوق يجذب سلعاً من كل لون وشكل وبلد، إلى حد التخمة.ونسمع يومياً حديثاً عن غزو بأنواعه المختلفة، فيقولون غزت الماركة أكس السوق، وبالتالي اندحرت الماركة أو المنتج سين.ولمواجهة ذلك اتجهت دول لحماية منتجاتها ليس عن طريق المنع بالقانون، ولكن بالثقافة والوعي والانتماء. وهذه كلها ترتبط بقناعة الشعوب بأهمية دعم المنتج الوطني. وهناك دول استطاعت التخلص من "عقدة الخواجة" التي سيطرت على العقول فترة طويلة نسبياً.وأذكر قصة ملهمة معبرة تترجم هذه المعاني، وتقول القصة إن زوجة أحد السفراء العرب في طوكيو كانت تتسوق في أحد المراكز التجارية الرئيسية ولكن السيدة العربية أكتشفت أثناء تبضعها جمهوراً كبيراً من المتسوقين يحملقون بعيون دهشة لما تشتريه السيدة العربية.ولكن يبدو أن زوجة السفير لم تعر العيون الدهشة والنظرات المتسائلة أي اهتمام، بل واصلت تبضعها من السلع المفضلة لديها. ولكن تحت وطأة النظرات المستغربة ارتبكت السيدة العربية واتجهت إلى أحد الموظفين متسائلة عن سر الاندهاش الذي تراه في عيون اليابانيين. هل ارتكبت جرماً يستدعي الفضول والنظرات الدهشة.؟وجاءها الجواب عميقاً، إذ قال الموظف إن المنتجات التي انتقتها السيدة هي منتجات أمريكية.. ونحن نضعها في رفوف العرض فقط لوجود اتفاقيات بين البلدين تحتم ذلك.واستطرد قائلاًً: أما الشعب الياباني فقد قال كلمته الفصل رافضاً شراء أي منتجات غير وطنية إلا في حالة الضرورة القصوى وهي نادرة.وهنا بادرت السيدة العربية بإعادة المنتجات إلى رفوفها وسط تصفيق حاد من الحضور الذين سرعان ما تغيرت نظراتهم بعد هذه المبادرة منها وامتلأت عيونهم بالشكر والتقدير.ومن هذه القصة يمكن استخلاص عدة دروس أساسية حول أهمية إيمان المستهلك بالمنتج المحلي ودعمه الكامل لهذا المنتج إضافة إلى ثبات قناعة المستهلك بعدم اللهاث خلف شعارات براقة.