سميرة الصباحي** مشهد مأساوي يوضح دفن نصف جسد بروفيسورة في جامعة كابول حياً وإعدامها بعد ذلك رميا ً بالرصاص تنفيذا لأمر من وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيئة الصيت في عهد طالبان ، عقابا ً لها بسبب رفضها ارتداء البرقع وتمسكها بحجابها الاسلامي الذي يكشف وجهها وكفيها .. ويبدو في جانب من الصورة بعض أقارب وجيران الضحية الذين أجبرهم رجال ( طالبان ) على حضور هذا المشهد الدموي الذي أدرجته الأمم المتحدة والمنظمات المدافعة عن حقوق الانسان وكرامة المرأة في اطار الجرائم المعادية للإنسانية .. لفظت آخر انفاسها وهي تبتسم .. وكان وجهها وهي تبتسم في لحظة النزع الأخير أجمل من وجوه القتلة الطالبانيين.[c1] ** [/c]كان يوماً مثل أي يوم آخر بالنسبة إلى أم أفغانية شابة.. كان الفارق الوحيد أن ولدها كان محموماً منذ فترة وبحاجة إلى عناية طبيب، ولكن أموراً بسيطة كهذه ليست اليوم بهذه السهولة في أفغانستان تحت سيطرة الطالبان.كانت الأم لوحدها والطبيب في الجهة الأخرى من المدينة.ولم يكن لديها قريب ذكر ليرافقها، ومن شأن طلبها من رجل آخر مرافقتها أن يعرضها لعقوبة قاسية، كما أن ذهابها بنفسها إلى الطبيب يعرضها للجلد.ولانها تحب ولدها، لم يكن لديها أي خيار آخر. فارتدت البرقع الذي يشبه الخيمة، حسبما يقتضي قانون نظام طالبان وانطلقت قاصدة الطبيب حاملة ولدها بين ذراعيها، ما كان عليها أن تفعل غير ذلك.وعندما اقتربت وولدها من السوق شاهدها حارس يافع من عناصر طالبان وحاول إيقافها، وحيث كانت مصممة على إنقاذ ولدها، تجاهلت الأم الحارس آملة أن يتجاهلها هو كذلك ولكنه لم يفعل.فشهر سلاحه وأطلق عليها النار تكراراً سقطت الأم وولدها على الأرض، ولكنهما نجيا لآن أناساً في السوق تدخلوا لإنقاذهما.لم يندم الحارس الطالباني الشاب على فعلته، فقد كان النظام يؤيده بالكامل.. فيما كان رجال الدين في دولة طالبان يخرجون من بطون الكتب القديمة أفكارهم المتشددة التي تمنع خروج المرأة من البيت لوحدها، وإذا اضطرت إلى ذلك فيجب عليها أن تخرج في هيئة رثة.كانت هذه الأم مجرد ضحية أخرى للحرب التي شنها نظام طالبان على المرأة الأفغانية، وهي حر بدأت عندما أحكم طلبة المعاهد الدينية سيطرتهم على كابول.[c1]انتهاكات نظام قمعي[/c]قبل صعود طالبان تمتعت النساء في أفغانستان بحماية القانون وكن يحصلن على حقوقهن بصورة متزايدة في المجتمع الأفغاني فقد حصلت النساء هناك على حق الانتخاب في العشرينات وفي الستينات قضى الدستور بالمساواة بين المرأة والرجل.. كان هناك جو من التسامح والانفتاح إذ بدأت البلاد تتجه نحو الديمقراطية. وقدمت النساء إسهامات هامة في تنمية البلاد في عام 1977م، شكلت النساء نسبة تفوق الـ 15 بالمئة من الهيئة التشريعية العليا في أفغانستان وتظهر التقديرات إنه في أوائل التسعينات كانت نسبة 70% من معلمي المدارس ونسبة 50% من موظفي الحكومة وطلاب الجامعات ونسبة 40% من الأطباء في كابول من النساء. كانت النساء ناشطات في عمل منظمات الإغاثة الإنسانية إلى أن فرض نظام طالبان قيوداً قاسية على قدرتهن على العمل، وكانت الناشطات من النساء يوفرن مصدراً من الموهبة والخبرة سوف تكون هناك حاجة إليه في إعادة بناء أفغانستان ما بعد طالبان.في الإسلام قيم تقضي بحماية حقوق النساء والأطفال وفي الواقع لدى الإسلام أحكام خاصة تحدد حقوق المرأة في أمور مثل الزواج، والطلاق، وحقوق الملكية والثابت أن موقف نظام حكم طالبان من الإسلام لا يحظى بتأييد العالم الإسلامي ومع أن ملالي طالبان زعموا أنهم كانوا يتصرفون بما يخدم حراسة الدين ويصون النساء، فالحقيقة هي أن نظام طالبان الحق الفقر بالنساء والبنات وأضر بصحتهن وحرمهن من حقهن في التعليم والعمل وقلص من حقهن في تأدية شعائرهن الدينية.. ولم يكن هناك أي تطابق بين أفكار طالبان والإسلام.[c1]سجل أسود[/c]كان لأفغانستان في ظل حكم طالبان سجل من أسوأ السجلات في العالم في ما خص مراعاة حقوق الإنسان، فقد قمع نظام طالبان بصورة منتظمة كل قطاعات السكان وحرمها حتى من الحقوق الفردية الانسانية الجوهرية، ولكن حرب طالبان على النساء كانت الأشد فظاعة.قام ملالي طالبان بسجن النساء في بيوتهن وتم حرمانهن من تلقي الرعاية الصحية والتعليم، أما المواد الغذائية التي كان يتم إرسالها لمساعدة الناس الذين يعانون المجاعة، فقد كان يسرقها قادتهم، أما النصب الدينية المقامة لديانات أخرى فقد كان يتم هدمها، ويمنع الأولاد من إطلاق طيارات ورقية، أو الغناء او العزف على الموسيقى أو الاستماع إليها، كما تم تحريم التصوير الفوتوغرافي والتلفزيون والسينما.. وكان يتم ضرب فتاة في السابعة من عمرها لارتدائها حذاء أبيض اللون.بدأ بروز عناصر طالبان عام 1994م، وهم نتاج لتعليم ديني متخلف ومتعصب لمعاهد دينية سلفية، وقد تمكن أولئك الطلاب المتعصبون من احتلال العاصمة الأفغانية كابول عام 1996م، تبع ذلك الاحتلال استمرار الحرب الأهلية والفوضى السياسية اللتين دمرتا أفغانستان منذ وصول المجاهدين إلى السلطة .في بادئ الأمر، أمل البعض بأن يوفر رجال طالبان استقراراً للبلاد، ولكن ملالي طالبان سرعان ما فرضوا نظاماً صارماً وقمعياً يستند إلى تفسير خاطئ للشريعة.بدأ الهجوم على أوضاع المرأة فور تسلم رجال الدين في نظام طالبان السلطة في كابول، فاقفلوا الجامعة المخصصة للنساء واجبروا كل امرأة تقريباً على ترك عملها، وقضوا بذلك على مصدر هام للمواهب والخبرة في البلاد.. وأصدر رجال الدين في دولة طالبان فتاوى قضت بمنع كل النساء من تلقي الرعاية الصحية وفرضوا عليهن نظام لباس متزمت جداً، وحدوا من قدرتهن على التنقل في المدينة.ارتكب نظام طالبان أعمال عنف فظيعة ضد النساء، بما في ذلك الاغتصاب والخطف والإكراه على الزواج ولجأت بعض العائلات إلى إرسال بناتها إلى باكستان وإيران وبلدان أخرى ولحمايتهن.أقفل رجال الدين في ذلك النظام عالم العمل أمام النساء الأفغانيات اللاتي اكتوين بنار طالبان فقد اجبرن على ترك أعمالهن كمدرسات وطبيبات وممرضات وموظفات في أعمال مكتبية عندما تسلم الحكم من أطلقوا على أنفسهم اسم طلبة "العلم الشرعي" ولم يعد في وسعهن العمل إلا في ظروف محدودة جداً وضاع مورد هائل على مجتمع في حاجة ماسة إلى مهنيين مدربين.لم يبق لحوالي 50,000 امرأة من اللواتي فقدن أزواجهن أو أقارب آخرين من الذكور خلال الحرب الأهلية الطويلة في أفغانستان أي مصدر للدخل. واضطر الكثير منهن إلى بيع كل ممتلكاتهن والاستجداء في الشوارع بل عملن ما هو أسوأ من ذلك لإطعام عائلاتهن.[c1]الحرمان من التعليم والعناية الصحية:[/c]إن حرمان المرأة من العمل هو اعتداء عليها لهذا اليوم وحرمان المرأة من تلقي العلم هو اعتداء عليها اليوم وغداً.لقد أوقف نظام طالبان عملياً تعليم البنات فمنذ عام 1998م منعت البنات ممن بلغن الثامنة من العمر من الالتحاق بالمدارس، وفي حين تم التغاضي عن التعلم في البيوت أحياناً، فأنه غالباً ما كان يجري قمعه فقبل عام من سقوط ذلك النظام الكهنوتي البغيض قام جلاوزة طالبان بسجن وطرد من البلاد معلمة أجنبية وعاملة إغاثة أجنبية لانهما قامتا بتشجيع النساء على العمل من منازلهن وعلى تدريس بناتهن منزلياً فقد كان عملاً كهذا يشكل تحدياً لقرار رجال الدين بمنع الفتيات من الدراسة في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية وجامعة كابول وغيرها من معاهد تعليم وتدريب النساء التي أغلقها نظام طالبان الأسود.نتيجة هذه التدابير تسبب نظام طالبان في ان تواصل المرأة الغرق في الفقر والحرمان وألا تحظى نساء الغد بأي من المهارات التي يحتجنها للعيش في مجتمع عصري.في ظل حكم طالبان لم تمنح النساء ما يذكر من تلقي الرعاية الصحية والعناية الطبية وهو ما أدى إلى تعريض صحة النساء وبالتالي أسرهن للخطر.في معظم المستشفيات لم يسمح نظام طالبان للأطباء الذكور ان يفحصوا المرضى من النساء إلا إذا كن بلباسهن الكامل الأمر الذي حال دون إمكانية تشخيص المرض ووصف العلاج بصورة صحيحة.أدت هذه الأنظمة التي وضعها رجال الدين في دولة طالبان إلى انعدام العناية الطبية الوافية للنساء وأسهمت في زيادة معاناتهن وارتفاع معدل الوفيات بينهن وكان لدى أفغانستان تحت حكم طالبان ثاني أسوأ معدل لوفيات الأمهات أثناء الولادة إذ قضت حوالي 16 من أصل كل 100 امرأة نحبها أثناء الولادة.كان نقص العناية الطبية للنساء يعني أيضاً نقصاً في العناية الطبية للأطفال وارتفاعاً في معدل الوفيات بينهم ففي ظل نظام طالبان كان يوجد في أفغانستان احد أعلى معدلات وفيات الرضع والأطفال واستناداً إلى صندوق الأمم المتحدة الدولي لرعاية الطفولة (اليونيسيف) كان يتوفى 165 طفلاً من أصل كل ألف قبل بلوغهم السنة من العمر، وزاد من الأضرار بالصحة ان رجال طالبان مزقوا الصور الإعلامية التي تسهم في توعية المواطنين بالقضايا المتعلقة بالعناية الصحية كما أتلفوا سائر الوسائل التي توفر مثل هذه المعلومات وترك هذا الأمر الكثير من النساء في مجتمع يعاني قدراً هائلاً من الأمية دون معلومات أساسية تتعلق بالعناية الصحية.في مايو 2001م داهم رجال طالبان واقفلوا مؤقتاً مستشفى في كابول يعمل بتمويل خارجي، لأن العاملين فيه من رجال ونساء يختلطون في قاعات الطعام وغرف العمليات .. ومن الجدير بالذكر ان نسبة حوالي 70 بالمئة من الخدمات الصحية كانت تؤمنها منظمات إغاثة دولية، الأمر الذي قدم دليلاً إضافياً على عدم اكتراث نظام طالبان بمصالح الشعب الأفغاني.فرض رجال طالبان أيضاً وجوب طلاء زجاج نوافذ المنازل للحيلولة دون إمكانية ان يرى من هم في الخارج النساء داخل منازلهن الأمر الذي زاد في عزلة النساء اللاتي كن في وقت من الأوقات يعشن حياة منتجة، واسهم في ازدياد المشاكل النفسية.وذكر أطباء عملوا لدى منظمات تعنى بحقوق الإنسان وجود معدلات مرتفعة من الاكتئاب والانتحار بين النساء الأفغانيات خلال حكم طالبان، وابلغ طبيب أوروبي عن عدة حالات من إصابة البلعوم بحروق نتيجة ابتلاع النساء لسائل الاسيد الموجود في البطاريات او للمنظفات المنزلية، وهي طريقة للانتحار غير مكلفة، وان كانت موجعة.[c1]قيود على التنقل[/c]في مناطق المدن فرض رجال طالبان بصورة صارمة نظام لباس أوجب على النساء ارتداء البرقع، وهو لباس فضفاض يشبه الخيمة ترتديه المرأة فوق ثيابها العادية ويغطيها من قمة الرأس حتى أخمص القدمين، وذكر صحفي انجليزي من أصل أفغاني ان قماش البرقع سميك جداً بحيث يجعل التنفس صعباً على من ترتديه كما أن الجزء الذي يغطي العينين والمؤلف من شبكة سميكة تتيح الرؤية لمرتدية البرقع تحد من تلك الرؤية لدرجة أنه يجعل من عبور الشارع أمراً صعباً.مع ان البرقع كان معروفاً قبل طالبان، فان استعماله لم يكن مفروضاً وكما في أمكنة أخرى في العالم الإسلامي وفي أوروبا والولايات المتحدة تستخدم النساء البرقع كخيار ديني أو شخصي، ولكن في أفغانستان فرض رجال طالبان ارتداء البرقع قسراً بواسطة التهديد والغرامات المالية والضرب.وحتى الكشف بصورة عرضية عن القدمين أو الكاحلين كان جريمة تعاقب المرأة بسببه عقاباً شديداً، وهناك امرأة اصيبت بدوار شديد لدى ركوبها السيارة لم يسمح لها بنزع البرقع..عند دفع ثمن المواد الغذائية في السوق لم يكن يجوز للمرأة ان تكشف عن يدها عندما تسلم المال للبائع أو عندما تتسلم منه السلع التي اشترتها وحتى البنات اللائي يبلغن الثامنة والتاسعة من العمر كان يفترض فيهن ارتداء البرقع.لم يكن البرقع مجرد عبء مادي ونفسي مفروض على المرأة الأفغانية ولكنه عبء اقتصادي أيضاً. فالكثير من النساء لا يستطعن تحمل نفقات شراء البرقع وفي بعض الحالات، تشترك نساء حي بكامله في استخدام برقع واحد وعلى بعضهن انتظار عدة أيام ليحل دورهن في الخروج من المنزل أما النساء المعوقات اللاتي يحتجن إلى عصا أو وسيلة أخرى لمساعدتهن على المشي فان فرض البرقع يجعلهن تلازمن المنزل إذا لم يستطعن تغطية العكاز أو وسيلة المساعدة على المشي بالبرقع ، أو إذا لم يستطعن استخدام وسيلة المشي هذه بفاعلية أثناء ارتدائهن البرقع.تلازمت القيود المفروضة على اللباس مع قيود أخرى على التزين .. فالتبرج وطلاء الأظافر كانا ممنوعين كما أن ارتداء الجوارب البيضاء ممنوع، وممنوع ايضاً انتعال الأحذية التي يصدر عنها صوت لدى المشي إذ كان يفترض بالنساء أن يمشين بسكون.وحتى عندما كانت المرأة تتقيد بالقواعد التي فرضها رجال طالبان على اللباس، ليبقى تنقلهن مقيداً بشدة، فلم يكن يحق للمرأة الخروج من المنزل إلا إذا كانت برفقة قريب ذكر، وإلا تعرضت للضرب من قبل رجال طالبان، ولم يكن يجوز للمرأة استخدام سيارات الأجرة إلا برفقة قريب ذكر، وكان سائق سيارة الأجرة يخاطر بفقدان رخصة القيادة إذا سمح لامرأة لا يرافقها قريب ذكر بركوب سيارته. ولم يكن يجوز للنساء سوى استخدام حافلات خاصة بهن، وتكون نوافذ تلك الحافلات مغطاة بغطاء سميك يحول دون رؤيتهن من الخارج.تلقت امرأة ضبطت برفقة رجل غير قريب لها عقوبة مئة جلدة في ملعب رياضي احتشدت مدرجاته بالمشاهدين كانت تلك المرأة محظوظة.فلو أنها كانت متزوجة وضبطت مع رجل غير قريب لها، لكانت عقوبتها الرجم بالحجارة حتى الموت.. كما تعرضت البروفسورة رجاء بشدي للاعدام بعد دفن جسدها حياً، لانها رفضت إرتداء البرقع ، واصرت على لبس حجابها الذي يكشف وجهها، ولفظت آخر انفاسها وهي تبتسم .. وكان وجهها وهي تبتسم في لحظة النزع الأخير أجمل من وجوه القتلة الطالبانيين[c1]انتهاك الحقوق الاساسية:[/c]ادعى نظام طالبان انه حاول بناء مجتمع يكون فيه للمرأة دور آمن وكريم، إلا أن الوقائع أظهرت العكس، فقد جردت النساء من كرامتهن تحت حكم طالبان، وحرمن من قدرتهن على مساعدة عائلاتهن، حرمت الفتيات من العناية الصحية الأساسية ومن أي أثر للتعليم .. لقد حرمن حتى من التمتع بطفولتهن تحت نظام سرق منهن الأغاني واللعب، والدمى، إذ أصدر ملالي طالبان فتاوى وتعاليم قضت بتحريم كل هذه الأمور.في عام 1996م صدر في العاصمة الأردنية عمان إعلان عن منظمة الصحة العالمية شارك فيه عدد من علماء الدين، وقالوا فيه ان الشريعة الإسلامية والحديث النبوي الشريف شددا بقوة على حق التعليم للفتيات، كما هو الحال بالنسبة للرجال، إضافة إلى حق كسب الرزق والمساهمة في الحياة العامة.والواقع ان سياسات التمييز التي اتبعتها حكومة طالبان انتهكت العديد من المبادئ الاساسية التي نص عليها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وتشمل حرية التعبير والاجتماع والتجمع، وحق العمل وحق التعليم وحرية الانتقال، وحق الحصول على العناية الصحية، علاوة على ذلك، وكما لاحظته لجنة مراقبة احترام حقوق الإنسان فان التمييز الذي تعرضت له النساء الأفغانيات في عهد طالبان كان بمثابة عملية تراكمية وطاغية لدرجة انها كانت تهدد فعلياً حياة العديد من النساء الأفغانيات ولا يبرر التاريخ ولا القوانين الاجتماعية في أفغانستان هذا الهجوم على دور المرأة كما زعم نظام طالبان.لم تكن القيود التي فرضتها حكومة طالبان على النساء متوافقة مع الواقع في دول إسلامية عديدة، ففي اندونيسيا وباكستان وبنجلادش وتركيا شغلت سيدة منصب رئاسة الجمهورية ومنصب رئاسة الوزراء.وهناك نساء يعملن كوزراء في حكومات دول عربية عديدة وفي دول إسلامية أخرى. علاوة على ذلك تتمتع النساء بحق التصويت في دول إسلامية عديدة، وتشغل النساء في معظم مناطق العالم الإسلامي وظائف لا حصر لها كطبيبات ومعلمات وصحفيات وقضاة وسيدات أعمال ودبلوماسيات وغير ذلك من المهن.ولا ريب في أن وجود عدد كبير ومتزايد من الطالبات في أي بلد يؤمن استمرار مساهمة النساء بشكل مؤثر في تنمية مجتمعاتهن في السنوات القادمة، ففي المملكة العربية السعودية مثلاً أكثر من نصف عدد الطلاب الجامعيين هم من الإناث، ورغم اختلاف المجتمعات الإسلامية فيما بينها حول وضع المرأة والأدوار التي يجب ان تلعبها فان الدين الإسلامي يحترم النساء ويصون القيم الإنسانية، أما نظام طالبان فلم يكن يحترم لا النساء ولا الإنسانية.لقد نتج عن السنوات الطويلة من الحروب وعدم الاستقرار في أفغانستان تهجير أعداد كبيرة من الناس داخل البلاد وإلى الدول المجاورة، هناك حوالي 1,1 مليون مهجر داخل البلاد بينما هرب منها حوالي 3,5 مليون شخص إلى باكستان 1,5 مليون إلى إيران ومئات الآلاف انتشروا عبر المناطق الحدودية علاوة على ذلك ساهمت سرقة رجال طالبان للمساعدات الغذائية التي تقدمها منظمات الإغاثة في زيادة عدد السكان الذين سعوا إلى اللجوء خارج البلاد، وتشكل النساء والأطفال في أفغانستان الأغلبية العظمى من أعداد اللاجئين الذين يعتمدون على المساعدات الدولية.خلال حكم طالبان اجتهد المجتمع المدني والناشطون الذين اعتمدوا على المجتمع في أفغانستان من أجل إعادة بناء مجتمعهم في مخيمات اللاجئين استعداداً لذلك اليوم الذي يستطيعون فيه استعادة وإعادة بناء دولتهم، وقد لعبت المرأة دوراً مهماً ـ وبصورة سرية ـ في هذه الجهود في كل من مخيمات اللاجئين في داخل المجتمعات المختلفة في أفغانستان.تقول سيما والي، وهي امرأة أفغانية تدير مؤسسة لا ربحية باسم النساء اللاجئات في التنمية: لقد أثبت هؤلاء الرجال والنساء قدرات قيادية ومهارات مهمة، انهم يشكلون أملنا لأفغانستان.بإمكان الأفغانيين فقط تحديد طبيعة مستقبل بلادهم ويجب أن تمنح النساء الأفغانيات حق اختيار أدوارهن في مستقبل بلادهن.واليوم، بعد تحرير افغانستان من سيطرة طالبان بدأت المرأة تسترجع مركزها الشرعي في المجتمع الأفغاني ـ المركز الذي تختاره لنفسها هي وعائلتها.
|
فكر
حرب طالبان ضد المرأة
أخبار متعلقة